في ذكرى الثورة.. عبد الحليم حافظ صوت مصر الدافئ

استطاع أن يغزو ويحرك مشاعر الملايين الذين حفظوا أغانيه عن ظهر قلب

TT

من مصادفات القدر والمفارقات العجيبة اجتماع حدثين لشخصين كانا مثار جدل للكثيرين من العامة قبل الخاصة، وشائعات لم تنتهِ طول فترة حياتهما وحتى بعد وفاتهما، فتاريخ ميلاد «العندليب» عبد الحليم حافظ هو نفس تاريخ وفاة «السندريلا» سعاد حسني، التي ربطت بينهما قصة حب عنيفة تكللت بزواج عرفي دام لمدة ست سنوات.

فلا يخفى على أحد بأن الفنان يعيش طول حياته وهو يبحث عن خصوصيته المفقودة، مكرسا بعضا من قوته لنفي الشائعات التي تطاله بشكل عام، وحماية حياته من تحوله لمسرح رأي عام من شأنه أن يحول بينه وبين معجبيه.

وفي جميع الأحوال لم ينفك أن يرتبط اسم السندريلا باسم العندليب، الذي عدّه الكتاب والإعلاميون من أثرى المواد الإعلامية سواء على الصعيد المصري أو العربي بشكل عام، لا سيما وأنه لم يكن مجرد مطرب.

فالعندليب كان المثال الحقيقي للفنان الصادق المتفاني والإنسان قبل كل ذلك، فقد كان مثال العطاء والإيمان اللامتناهي لفنه وجمهوره، ويعرف ذلك الكثيرون ممن عاصروه أو عرفوا ذلك من خلال سيرته الذاتية التي جسدها الفنان الراحل أحمد زكي في فيلم «حليم».

حليم النحيل، صاحب الصوت الدافئ المفعم بالحب والحرمان، استطاع أن يغزو ويحرك مشاعر الملايين الذين حفظوا أغانيه عن ظهر قلب منذ أول مرة غنى فيها، كان قد ولد عام 1929 بمصر وتحديدا بقرية الحلوات، لينشأ يتيما بعد وفاة والده الذي كانت قد سبقته أمه من قبل.

ولم تكن أغاني عبد الحليم سوى انعكاسات لحياته، وترجمة صادقة لأحاسيسه ولمن حوله، إلا أن أداءه المميز لأغنياته التي تغنى به العشاق على مر الأزمان كان لها الأثر الأكبر في مسيرته الفنية، التي كانت تعبيرا واضحا لحياته العاطفية وصحته التي أخذت تتدهور في أواخر حياته، إلى جانب نظرته المتشائمة تجاه مرضه الذي رافقه منذ نعومة أظافره.

والمتابع لأعمال حليم منذ ظهوره باستطاعته أن يتأكد من ذلك، حيث يلاحظ أن عددا كبيرا من أغانيه في بداية حياته كانت تحوي نبرة تفاؤل مثل «الليل أنوار وسمر»، «نسيم الفجرية»، «ريح دمعك»، «أقبل الصباح»، والكثير من الأغاني الفرحة، لكن مع تفاقم مرضه لاحظ أن نبرة الفرح والتفاؤل أخذت تتلاشى شيئا فشيئا إلى أن وقع مغشيا عليه على خشبة المسرح وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج ومن ثم نقله لمدينة الضباب لندن.

ولا تزال أعماله الفنية التي قدمها من خلال مسيرته التي قاربت ربع قرن وبعد 34 عاما من وفاته تلاقي قبولا ورواجا لدى الأجيال الجديدة، التي تعتبر أعماله وأداءه مصدر إلهام للكثير من الفنانين في الوقت الحالي.

ولا نغفل علاقة حليم وأغانيه بالثورة المصرية التي قادها الزعيم جمال عبد الناصر، والتي كنت حاضرة بقوة لتلهب حماسة الشعب المصري في ثورة 25 يناير من هذا العام، التي استعادها الشباب لإشعال أجواء ميدان التحرير مثل «أحلف بسماها وبترابها»، «حكاية شعب» «وبالدم».

ولا يستطيع أن ينسى العالم العربي بشكل عام والمصري بشكل خاص جنازة الراحل عبد الحليم حافظ الذي توفي في 30 مارس (آذار) عام 1977 في لندن عن عمر يناهز 48 عاما، حيث بلغ عدد المشاركين في تشييع جثمانه أكثر مليوني شخص، وكان الحلم الذي يداعب مخيلته أن يمثل فيلما لا يغني أو يؤدي فيه دور مطرب يستعرض فيه صوته.