جولة في سينما العالم

TT

الاهتمام بالسينما التسجيلية يزداد من مهرجان إلى مهرجان، وبعد أن كان الكثير من المهرجانات لا تكترث بالأفلام التسجيلية إلا في مرات متباعدة، صار وجود هذه الأفلام لازما في معظمها. مهرجان لوس أنجليس الذي ينطلق هذا الأسبوع يوفر برنامجا خاصا من الأفلام غير الروائية من بينها فيلم بعنوان «سلام دَنك» حول فريق نسائي يلعب كرة السلة في الجامعة الأميركية في بغداد.

المشكلة التي يواجهها الناقد في الأفلام التسجيلية هي أنه لا يستطيع تخمين العناصر التي تشكل المادة. للإفصاح، الفيلم الروائي يعطيك قبل حضوره صبغة مخرجه وصبغة موضوعه وفكرة عنه من خلال حكايته وممثليه. أما الفيلم التسجيلي (أو الفيلم الوثائقي، وكل منهما في التفصيل يختلف عن الآخر) فلا يمكن معرفة الكثير عنه مسبقا. معظم ما نشاهده هو مثل لعبة النرد (الطاولة) تربح أنت أو يربح من تلاعبه. إذا ربحت فمعنى ذلك هو أن الفيلم أعجبك، أما إذا ربح الفيلم فمعناه أنه أهدر وقتك على موضوع ربما بدا مهما، لكن الفيلم لم يحتوِ على ما يكفي من العناصر الجيدة.

حين يتم تلخيص فيلم «سلام دَنك» على النحو الذي أوردته أو النحو الذي أورده الفيلم، فإن ما لديك هو أمل في أن يثير الفيلم إعجابك بسبب هذا الموضوع، خصوصا أنك تعلم أن الغرب يعلم أن فرق الرياضة النسائية عندنا محدودة ومعدودة وغالبا غير موجودة. لكن كيف سيأتي الفيلم؟ هل المخرج استغل الموضوع أو كان بالفعل مهتما بالبحث فيه جديا؟ هل ستخرج من الصالة تفرك عينيك من كثرة ما اهتزت الكاميرا وترنحت باسم الواقعية؟ هذا أمر تخوضه لكي تعرفه بينما في الفيلم الروائي تعلم معظم ما ستتوقعه.

طبعا، بعض النقاد العرب يغالي في تقدير الأفلام التسجيلية. هي لا شك مهمة كنوع لكنها ليست سينما بديلة في أي حال، وفيها الجيد والرديء يمشيان معا يدا بيد. لكن ما يعجب هذا البعض من النقاد هو أن الفيلم التسجيلي يتيح له الحديث مطولا عن الموضوع لا عن السينما. هو محرج إذا ما كان الفيلم روائيا لأن نقده يفرض عليه معرفة فنية تتعامل وشروط السينما، أما مع الفيلم الوثائقي فالموضوع يطغى. يصبح مناسبة للحديث عن القضية والسياسة والاقتصاد والزراعة والعدالة المفقودة والظلم الطاغي.. إلخ، أمر غريب. أليس كذلك؟