هشام سليم: مسلسلاتي على كل القنوات الفضائية.. وأرفض تخفيض أجري

قال لـ«الشرق الأوسط»: أتمنى أن تعود مصر إلى أخلاق ميدان التحرير من جديد

الفنان المصري هشام سليم («الشرق الأوسط»)
TT

بعد مرور 40 عاما على عمله في الحقل الفني، رفض الفنان هشام سليم تخفيض أجره بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) في ظل الأزمات التي يمر بها التلفزيون المصري، معتبرا نفسه نجما تلفزيونيا تباع مسلسلاته على كل القنوات الفضائية، ومنتقدا عدم تعامل التلفزيون مع جميع الفنانين بنفس المنطق.

وفي حواره مع «الشرق الأوسط» في القاهرة تطرق إلى أوضاع مصر بعد الثورة، وأكثر الأمور التي أزعجته بعدها، كما يعطي بعض الحلول من وجهة نظره للخروج مما تعانيه مصر حاليا والوصول إلى مستقبل واضح المعالم، قائلا إن الثورة أعادت إلى المصري أخلاقه، ولكن سرعان ما انخفض المنحنى الأخلاقي بعد تحقيق الهدف وإسقاط النظام.. وهنا نص الحوار..

* ما رأيك في أوضاع مصر بعد ثورة 25 يناير؟

- غير واضحة وغير مطمئنة، هناك بلبلة كبيرة في الشارع المصري، وكثير من الأشخاص المسؤولين وغير المسؤولين يتحدثون بلا جدوى أو فائدة، ولا توجد حلول واضحة ولا يوجد مسؤول يريد أن يؤيد أو ينفي أي حدث يشتعل في الشارع المصري أو على الساحات الإعلامية، المفروض أن كل كلام يخرج يكون من متحدث رسمي في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد، لكن السائد هو كلام الصحف والبرامج، ولن نفعل شيئا للثورة، ولن نحقق أهدافها إلا قبل 5 سنوات.

* ما أكثر الأمور التي أزعجتك بعد الثورة؟

- الجدال الكثير أصبح السمة السائدة في جميع الأوساط، فمثلا قضية تعديل الدستور أولا أم إجراء الانتخابات الرئاسية، كيف يكون هناك انتخابات بلا دستور؟ هل من المعقول أن نسير على الدستور القديم ونضبط فيه بعض البنود؟.. أشعر أن الوضع غير مدروس، كل شيء كان يجب أن يتغير ابتداء من المصالح الحكومية والوزارات، فهي ملئيه بالفساد.. لقد أقلنا الكبار وتركنا الصغار.

* من وجهة نظرك.. ما الحل؟

- هناك بعض الحلول، وعلى سبيل المثال، إن الموظفين فوق سن الـ50 في أغلب المصالح الحكومية والوزارات عليهم أن يجلسوا في بيوتهم ويأخذوا مرتباتهم ونستبدل بهم شبابا على قدر من المسؤولية والوعي لما نمر به اليوم، ونضع نظاما جديدا مبنيا على أسس علمية، ولا نترك النظام القديم «المخوخ». فيجب أن يحدث تطهير وبناء، فلو حدث التطهير من دون بناء، فسنظل طوال حياتنا نقول: نحن الذين بنينا الهرم، يجب أن ننسى الهرم وندرك ماذا نبني في المستقبل حتى نصل إلى الحضارة الجديدة. كما يجب أن لا ننتظر كل هذا الوقت على أشخاص فاسدين لمحاكمتهم وننظم كل جمعة مليونية جديدة لتنفيذ المطالب، فهذا يدخل الشك في القلوب، فكيف نرضى بأن يقال إن مبارك وزوجته سوف يتنازلان للشعب المصري عن ممتلكاتهما، هل بعد كل ما ظهر لنا تظل «ممتلكاتهما» هذا كلام «مايع».

* أين دورك كفنان في هذا الحراك الوطني؟

- لم أتعود التدخل في أمر ما وأقول أنا موجود، وإن لم يدعني أحد لأقول رأيي؛ فأعتبر فرض وجودي شيئا مشينا ومعيبا. وأعتقد أنه كان من المفترض على قيادات الجيش توجيه الدعوة إلى الشخصيات المعنية إلى مائدة الحوار، كل في اختصاصه، للحوار وتبادل الآراء.

* صرحت بأن أسعد أوقات عشتها كانت أيام الثورة من يوم 25 يناير إلى يوم 11 فبراير (شباط) لماذا؟

- في هذه الفترة رأيت مصر جديدة، أو بالأحرى مصر عادت إلى أصلها، حيث ظهرت شخصية المصري الحقيقية قبل أن نعيش في عصور الفساد، وفي فترة الثورة عاد الحب بين الناس، وفي الشارع أصبح هناك وحدة وتكاتف نحو هدف واحد لإسقاط النظام، وعندما تحقق بدأت الأخلاق تنهار من جديد، لذا أتمنى أن تعود مصر إلى أخلاق ميدان التحرير من جديد.

* في رأيك.. لماذا هبط المنحنى الأخلاقي بسرعة بعد الثورة؟

- لأننا لا نملك القاعدة السليمة من الاحترام للآخر لكي نجلس ونتناقش بموضوعية. في يوم رأيت مقطعا من حوار بين اثنين محترمين في التلفزيون، وواحدا يقول للثاني «اسكت يا حمار»، القاعدة غير موجودة لا في الشارع ولا في التعلم ولا في الأسرة.. إذن كيف نطالب بالتقدم والتحسين؟ علينا أن نكتسب الذوق وتعلم كيفية مناقشة الآخر، والتعلم من الثورات السابقة في دول أخرى، فلا يوجد شيء يأتي ببساطة.

* أعلنت موقفا من التلفزيون، حيث رفضت تخفيض أجرك بعد الثورة نظرا للظروف التي يمر بها اليوم؟

- تردد أن التخفيض بسبب الظروف التي يمر بها التلفزيون المصري من أزمات، وأن هناك مسلسلات رمضانية ستتوقف وأخرى ستلغى أو تخفض أجور ممثليها. ثم ظهر بعد ذلك من يقول إن كل الأعمال ينطبق عليها هذا الكلام، ما عدا مسلسل الفنان عادل إمام، لأنه لا يستطيع فسخ العقد، والمعروف أن عادل إمام تقاضى 30 مليونا، رغم أن التلفزيون من قبل تعاقد مع فنانين ثم فسخ التعاقد، وآخرها الفنانة لبنى عبد العزيز. فلماذا هذه السنة يتمسك بهذا العقد؟ وكيف يطالب الناس كلهم بتخفيض أجورهم ويأتي عند أكبر ممثل يأخذ أجرا في مصر ويقول لن ألغي ولن أخفض؟ وغير ذلك أنا نجم تلفزيوني ومسلسلاتي تباع على كل القنوات الفضائية وغيري يأخذ 30 مليونا و10 ملايين، وأنا لا أتحصل على ثلث ذلك المبلغ، وللعلم أنا أقل فنان يتقاضى أجرا في الوسط الفني.

* ما حقيقة وضعك في قائمة سوداء لدى النظام القائم على التلفزيون في فترة سابقة؟

- كان صفوت الشريف وزيرا للإعلام عندما كنا نمثل الجزء الثاني من مسلسل «ليالي الحلمية»، وظل التصوير مستمرا 9 أشهر، واستمر في عيد الفطر، فجاء إلى الاستوديو ليشكرنا على مجهودنا، فطلبت منة بدل الكلام والشكر العمل على إزالة المشكلات التي تؤدي إلى هذا التعب، فنظر إلي وقال: «أنا جاي أقولك كل سنة وأنت طيب، وأنت تقولي صلح أخطاءك؟»، فكنت في القائمة السوداء من وقتها.

* ماذا تمثل الأسماء التالية في حياتك العملية أو الشخصية: فاتن حمامة - يوسف شاهين - أسامة أنور عكاشة؟

- فاتن حمامة أعتبرها أمي وحبيبتي، وأول من فتحت عيني عليها في التمثيل، فهي إنسانة ملتزمة تعلمت منها الكثير، تأتي قبل موعدها بساعتين وهي مستعدة للشخصية، كنت في الثالثة عشرة ومثلت معها دور ابنها في فيلم «إمبراطورية ميم». أما المخرج يوسف شاهين فهو من أجمل المخرجين الذين عملت معهم، وتعبت معه، فهو متعب جدا في الشغل، وفي آخر أيامه تقابلنا في إحدى المناسبات وقال لي أنت ممثل جيد جدا، وهذا الكلام من شاهين يعتبر شهادة جميلة في حقي. أما الكاتب أسامة أنور عكاشة، فقد عملت معه كثيرا وكان له دور كبير في مشواري الفني، كان كاتبا أستمتع به، وكان عنده جرأة وشجاعة عندما يجد شيئا غير صحيح وهذا نادر في مصر.

* احكِ لنا عن والدك صالح سليم بعيدا عن أضواء كرة القدم؟

- كان أبا رائعا، وكثيرون يعتقدون أنه داخل البيت يعيش كلاعب كرة، ولكنه شخصية بسيطة، كان يفرح بنا عندما نفعل شيئا صحيحا ويغضب منا في الخطأ ويحاول تصحيحه. وعندما كبرنا أصبح صديقنا، ولن أنسى رأيه بعد العرض الخاص لفيلم «إمبراطورية ميم» في استوديو «الأهرام»، قال لي: «بطّل سجاير يا بتاع الخدامين»، كان تعليقه على الفيلم يوضح لي مدى إعجابه بدوري في هذه السن الصغيرة، كان تعليقا لذيذا وعرفت أنه سعيد.

* ما حقيقة وجود خلاف بين والدك والرئيس السابق حسني مبارك؟

- لم يكن خلافا بالمعنى المفهوم، ولكن حدث شيء لم يعجب الرئيس من والدي، وهي النكتة التي انتشرت بعد حضور مبارك إحدى المباريات وجلوس والدي بجواره، فقيل: «من الذي يجلس بجوار صالح سليم»، وعندما وصلت للرئاسة تضايق منها جدا، والذي يرى تاريخ حسني مبارك يجد أنه عندما يعلو شأن أحد يجب أن يختفي وتعتم عليه الأضواء، ولكن والدي على مدار 18 سنة كان مستمتعا بشهرته، وحسني مبارك كان يعرف أنه لو عادى صالح سليم، فإن الشعب المصري سينقلب عليه، ليس فقط من مشجعي الأهلي بل والزمالك أيضا.

* هل توجد أعمال جديدة لك قريبا؟

- في الوقت الحالي لا.. كان هناك عملان أحدهما توقف مع بداية الثورة، والآخر طلب مني خفض الأجر فرفضت. وهناك مجموعة أعمال أتمنى أن أجد نفسي في واحد منها.