«تحقيق» يحول العمل التلفزيوني إلى «نافذة» لقضايا الناس بأسلوب استقصائي

حاز جائزة «الموركس دور» كأفضل برنامج وثائقيات في العالم العربي

كلود
TT

لم يكن مفاجئا أن ينال برنامج «تحقيق» الذي تعرضه قناة «إم تي في» اللبنانية، جائزة «الموركس دور» عن أفضل برنامج وثائقي في العالم العربي. فهو الأول على قائمة البرامج التلفزيونية في القناة، ولديه جمهوره العريض الذي ينتظره كل ليلة جمعة ليشاهد بـ«الصوت والصورة» كل ما يخفيه المجتمع اللبناني والعربي من قصص وحكايات لا يجرؤ أي برنامج آخر على كشفها، و«يفضح» ما هو مستور من قضايا وملفات تعتم عليها السلطات عن قصد أو من دون قصد، في محاولة من فريق العمل الإضاءة على أكبر قدر من المشكلات التي يعاني منها المجتمع العربي واللبناني بأسلوب تحقيقي مباشر وواقعي.

البرنامج الذي تعده وتقدمه الإعلامية كلود أبو ناضر الهندي، يوسع «بيكاره» ليشمل بلدانا عربية وأجنبية في محاولة منه لاكتشافها إن كان سياحيا أو بما يتعلق من قضايا اجتماعية «فاقعة» فيها. فالأفكار التي يطرحها فريق العمل تشمل الكثير من البلدان العربية، إضافة إلى التركيز على ما هو لبناني ومحلي بطريقة مختلفة وبرؤية إعلامية تقوم على تقنيات «البحث الاستقصائي».

البرنامج انطلق عام 1997 واستمر إلى حين إغلاق القناة في عام 2002 في زمن الوصاية «السورية» على لبنان وممارستها الرقابة «القاهرة» على وسائل الإعلام فيه. عودة البرنامج كانت بمثابة انتصار إعلامي مع بداية عام 2009 لقناة «إم تي في»، إذ حقق منذ ذاك الوقت أعلى نسبة مشاهدة. الهندي بدأت مسيرتها التلفزيونية في «إم تي في» وعادت إليها. تملك خبرة في مجال الإعداد والتقديم التلفزيوني والإذاعي، إضافة إلى الكتابة الصحافية. عملت في قنوات عدة من بينها قناة «العربية» حيث أعدت وقدمت برنامج «مهمة خاصة»، وترأست قسم الأخبار في إذاعة «صوت لبنان» وكتبت في مجلة «نون» و«الماغازين» باللغة الفرنسية. تقول الهندي إن «الجرأة (الاستثنائية) في طرح المواضيع والملفات وعدم وجود أي سقف ولا خطوط حمراء في العمل هي عوامل اجتمعت لتعطي للعمل نجاحا مختلفا». وقد عمل البرنامج على طرح قضية الدعارة في لبنان بجرأة موثقة بالكاميرا، ولا تزال الأسئلة كثيرة حول هذه الحلقة التي دفعت قوى الأمن إلى أن تفكر بطرق جديدة لردع هذه الظاهرة من الانتشار، إضافة إلى حلقات متعلقة بالعنف الأسري وضد النساء حيث تم عرض حالات قاسية حركت ملف العنف الأسري في مجلس النواب، وأيضا فتح ملفات أمنية متعلقة بالشركات المزورة التي تساهم. الهندي أكدت أن العمل هو استقصائي، أي أنه يجمع المعلومات ويستقصي عن حقيقتها ويعرضها بلا أي «توليفات» أو تغيير بوقائعها، مشيرة إلى أن اهتمامات البرنامج هي ذات وجه اجتماعي لكنها ضمنيا «تحكي سياسة» على طريقة الاستقصاء وليس «التوك شو». ويتطرق البرنامج إلى قضايا حقوق الإنسان وملفات البيئة والفساد الإداري والمشكلات الأمنية، مشددة على أن الطريقة التي يقدم بها العمل هي طريقة «ميدانية» بحتة، إذ يخرج فريق العمل مباشرة إلى «الميدان» ليلتقطوا الأخبار والمعلومات ويقدموها بلا أي تفسير «فليس دورنا أن نفسر بل أن نعرض ونقدم المشكلة بكل جوانبها وزواياها إلى المشاهد ليفهم ماذا يحصل ويجري بالخفاء عنه ومن أجل مصلحته أولا» وفق ما تقول، مؤكدة أن «العمل هو للمواطن ولمصلحته ومصلحة المجتمع ككل. وليس دورنا وعظيا أو شيئا من هذا القبيل، فلسنا اختصاصيين في الإصلاح بل نحن نعرض المشكلة بطريقة مهنية وصحافية واضحة تاركين تداعيات الأمر من اختصاص المعنيين في المتابعة والحل»، شارحة أن فريق العمل ينطلق على مدة أيام في استقصاء المعلومات وتوثيقها بالصوت والصورة وليس عبر مقابلات فقط بل عبر مشاهد وصور واقعية «تحكي» قصة الموضوع من «ألفه إلى يائه» من دون أن يضطر المتلقي بالشعور بأنه في برنامج عادي، يعتمد ريبورتاجات خفيفة وسريعة وكلها حشو في الكلام، مشددة على أن العمل الاستقصائي كلما كانت المعلومات مكثفة فيه وواضحة وسلسة وواقعية ومعبرا عنها بالصور واللقطات الجريئة، حقق هدفه في توجيه الرأي العام إلى مشكلاته ومعرفتها بحقائقها ومصادرها، مضيفة أن «الإصرار على قول الحقيقة وبجرأة تامة هو من يحفزنا على التعاطي مع القضايا بطريقة مميزة وقاسية في كثير من الأحيان نظرا إلى حساسية الملفات التي نتطرق إليها في حلقات البرنامج»، موضحة أن القاعدة الذهبية في البرنامج هي «حرية الرأي» فلا جرأة من دون رأي حر. وأشارت الهندي إلى أن البرنامج صار منبرا للمواطنين الذين أصبح لهم خط ساخن تتابعه مع فريق عملها عبر القناة.