الفنانون العرب يغنون الأغنية الخليجية بسبب «المال»

أمل حجازي: لا أرى عيبا في ذلك.. وعد السعودية: الشعراء التجار ابتدعوا «اللهجة البيضاء»

TT

في الفترة الأخيرة تحول الغناء باللهجة الخليجية إلى موضة عند الفنانين غير الخليجيين، الأمر الذي خلّف جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والفنية، خاصة أن البعض من هؤلاء الفنانين يطرح ألبومات كاملة بهذه اللهجة، بينما يحرص البعض الآخر على أن يضم أي ألبوم جديد له، أغنية أو أغنيتين أو حتى أكثر باللهجة الخليجية تحت حجة التنويع، هذا عدا عن فنان يطرح أغنية مستقلة (سنغل) من هنا، وآخر يصور فيديو كليب من هناك.

لماذا يغني الفنان غير الخليجي الأغنية الخليجية؟ سؤال قد يجده البعض عاديا ولكن من خلال ما يقال وما ينشر، وما يثار في الإعلام وعلى لسان بعض الفنانين، فإن السؤال نفسه يتحول إلى اتهام خاصة عندما يأتي الجواب «الدافع واحد: هو الكسب المادي لا أكثر ولا أقل»، لأن اللهجة الخليجية صعبة جدا وقليلون جدا هم المطربون غير الخليجيين الذين غنوها بشكل صحيح. وفي المقابل ثمة من يتجاوز السبب المادي إلى أسباب أخرى مختلفة، منها رغبة بعض الشعراء بالترويج لأنفسهم من خلال نشر أشعارهم بأصوات مطربين معروفين، سعي الفنان لتحقيق الانتشار والدليل أن نبيل شعيل وحسين الجسمي وسواهما من فناني الخليج غنوا بغير لهجتهم، النقص في عدد الأصوات النسائية الخليجية، بل ويعتبر أنه سواء كان الهدف المال أم الشهرة أم الجمهور، فجميعها أهداف مشروعة ومن حق أي فنان أن يطور نفسه، يدعّم قاعدته الشعبية، وأن يجني المال، شأنه شأن أي إنسان عادي، لأن صوته هو مصدر الرزق الوحيد عنده ومن حقه طلب المال مقابل أي عمل فني يؤديه بصوته.

بسبب نشأتها، زواجها وأقامتها في الخليج، تعتبر الفنانة ديانا حداد في طليعة الفنانات اللبنانيات اللواتي قدمن الأغنية الخليجية وبرعن في غنائها، «لا أريد أن أمتدح تجربتي بالغناء باللهجة الخليجية، ولكن هناك إجماع على أنني أفضل فنانة غنّت هذه اللهجة حتى بين الفنانات الخليجيات، وغناؤها، شكل تحديا عندي، لأنني عندما فعلت ذلك لم تكن توجد على الساحة سوى الفنانتين أحلام ونوال الكويتية، لكن اليوم تحول الغناء الخليجي إلى موجة والكل يريد أن يغني الخليجي. لكن وفي كل الأحوال، الناس واعون ويميزون بين فنان وآخر، لأن من لا يجيد أداء الأغنية الخليجية بشكل صحيح ولا يتقن اللهجة والإيقاع الخليجي، لا يستطيع إيصال إحساسه إلى الجمهور، وبالتالي هو لن يتمكن من تحقيق النجاح على الإطلاق. ومع احترامي لجميع الفنانات اللبنانيات اللواتي غنين اللون الخليجي، فإنني أجد أن يارا هي الأفضل بينهن. صحيح أن ميريام فارس (مهضومة)، لكن يارا أتقنت الغناء الخليجي وغنت بطريقة صحيحة أعمال سواها من الفنانين، وهذا الأمر يُحسب لها، لأنني أعتبر أن الغناء أعمال الفنانين خليجيين أهم من تأدية الفنان لأغنية خليجية خاصة به، وأنا أديت أغنيات لمحمد عبده، طلال مداح، أبو بكر سالم، حسين الجسمي، راشد الماجد وسواهم، وكلها أسماء معروفة، وغناء أعمالهم نقطة إيجابية في مسيرة الفنان». الفنانة أمل حجازي، لا ترى عيبا في أن يغني الفنان اللهجة الخليجية، بهدف الكسب مال «نحن نحرص على الاختيار الأغنية الجميلة بأي لهجة كانت، خليجية، مصرية أم لبنانية، لكي ننجح، ننتشر ونكسب المال، لأن أي فنان يسعى من خلال عمله في الفن، إلى اختيار الأعمال الجيدة، لتحقيق الاستمرارية والكسب المادي. ولكن في الفترة الأخيرة تحول الغناء باللهجة الخليجية إلى موضة عند معظم المطربين، خاصة عند الذين يحيون حفلات الأعراس في دول الخليج، بعدما أصبحت الحفلات العامة شبه معدومة في الدول العربية التي تعيش أزمات. الفن مهنة الفنان وهو لا يستطيع أن يمتهن مهنة أخرى، فالفنانة مثلا لا يمكنها أن تعمل بائعة في محل أو سكرتيرة في مكتب، بل هي تعيش من وراء عملها في الفن، وهذا لا يعتبر خطأ بل العيب أن يقوم الفنان من أجل المال، بأفعال تسيء إلى اسمه وسمعته، أو أن يختبئ وراء الفن للتستر على أشياء أخرى، خاصة أننا نسمع كثيرا عن فنانات لا يشاركن في الحفلات، ولكنهن يملكن أموالا طائلة لا تأكلها النيران».

كما توافق حجازي على أن الأغنية الخليجية تتميز بخصوصية في اللهجة، تجعل الكثير من الفنانين عرضة للانتقادات، بسبب عدم إتقانهم لها «منذ أن (ضربت) أغنية (صدفة) للفنانة يارا، لم تحظَ أي أغنية خليجية بنجاح مماثل، من بين كل الأغنيات الخليجية التي قدمها فنانون لبنانيون. شخصيا لم أبحث ولم يعرض علي أغنية خليجية، دخلت قلبي وأحببتها، بل غنيّت اللهجة البيضاء من خلال (حبيبي نفسي تفهمني) التي حققت انتشارا واسعا في الخليج وربما يتضمن ألبومي الجديد، أغنية بهذه اللهجة».

الفنانة مادلين مطر تستنكر مجرد السؤال عن الهدف المادي الذي يسعى إليه الفنان بغنائه اللهجة الخليجية «أولا، أليس الفن هو المهنة التي يعتاش منها الفنان، ثانيا، نحن نغني الأغنية الخليجية لأننا نحبها ولا نفعل ذلك لأسباب مادية بحتة، لأن الأغنية التي لا تعجبنا لا نقبل بها. أنا شخصيا يعجبني الشعر الخليجي، وعندما غنيت (أشغلك) فإنني اخترتها بنفسي، ودفعت من جيبي الخاص ثمن كلامها ولحنها وبدل تسجيلها، دون أن أفكر في المال الذي يمكن أن يعود علي من ورائها».

في المقابل تعترف مطر بعدم إتقان الفنان اللبناني للهجة الخليجية «عادة يكون معنا في الاستوديو من يوجهنا ويدربنا على النطق السليم، ومع أننا لا ننجح في ذلك مائة في المائة، فإن الأغنية الخليجية التي نغنّيها تنجح عند الجمهور الخليجي لأنه يحبنا، بل حتى إنه يتقبلني مع أخطائي عندما أغني أعمال غيري من المطربين، وهذا ليس عيبا، وأنا أريد أن أسأل هل أتقن نبيل شعيل اللهجة اللبنانية عندما غنى (حبك حبيبي)! هو لم يلفظ كلامها بلهجة لبنانية الصحيحة، وعلى الرغم من ذلك أحببناه وتقبلناه، تماما كما تقبلنا الفنان الإسباني خوليو اغليزياس عندما غنى باللهجة الفرنسية، مع أنه لا ينطق مخارج الحروف بشكل صحيح. بالنسبة إلينا، كفنانات لبنانيات، فإن الانتقادات بحقنا تصدر عن الفنانات الخليجيات، خاصة إذا حققت الفنانة اللبنانية نجاحا أكثر من الفنانة الخليجية، لأنها تفكر أنها أخذت من دربها، ولذلك فإن مقياس النجاح عندي هو الناس وليس الفنان».

لكن كيف ترد دارين حدشيتي على من يعتبرون أن غناء الفنانات غير الخليجيات باللهجة الخليجية تقف وراءه دوافع مادية بحتة؟ «هذا الرأي لا ينطبق أبدا على تجربتي، لأنني لم أدخل الخليج من أجل المال، بل لأنني فنانة تغني لكل الناس وبكل اللهجات، مع الإشارة إلى أنني أحرص على أن تكون معظم أغنيات ألبوماتي باللهجة اللبنانية. عندما أغني في الخليج، فأنا أفعل ذلك لأنني أحب أن أكون قريبة من الشعب الخليجي ومن لهجته، أما جمع المال فلا يهمني على الإطلاق. كل فنانة لها هدف معين من خلال الغناء، فأنا غنيت للكويت، مصر، العراق، الإمارات، السعودية وسوريا لأنني أحب شعوب هذه الدول».

الفنانة أماني السويسي التي قدمت ألبوما كاملا باللهجة الخليجية، تعتبر أن الأغنية الخليجية متميزة ليس على مستوى اللهجة فقط، بل أيضا على مستوى الكلمة المعروفة برقيّها ونظافتها «كثيرات هن الفنانات اللواتي يتقن اللهجة وفي مقدمتهن ذكرى باعتراف الخليجيين أنفسهم، كما أن يارا متميزة في هذا اللون. لكن لا يجوز لأي فنان أن يغني أغنيات أكبر من طاقته وقدراته، لأن الكثيرين ممن غنوا اللهجة الخليجية بطريقة غير صحيحة، كانوا عرضة للسخرية من الخليجيين في مجالسهم الخاصة، وهذا ما جعلني أتأخر في تقديم هذا اللون، لأنني فضلت أن أتمكن من اللهجة قبل أدائها، ولكي أكون واثقة من نفسي عندما أقدم على خطوة مماثلة».

الفنانة السعودية وعد التي تقيم في لبنان، لها جواب واضح وصريح ومباشر حول هذا السؤال، وتؤكد أن ما تقوله الآن، قالته سابقا وستظل تقوله، لأنها لا تخاف ولا تخجل من أحد «لو لم تكن هناك فائدة مادية من وراء الأغنية الخليجية، لما كان أحد اهتم بها من الفنانات غير الخليجيات، ولكن هذا لا يمنع الاعتراف بأن أغنياتنا الخليجية جميلة، شاء من شاء وأبى من أبى. ولكن بالنسبة إليهن، هي صعبة وستبقى كذلك، ولولا ازدهار الفضائيات العربية لما كانت وصلت إلى الناس وحققت الانتشار. نحن كخليجيين نغني منذ زمن بعيد، ولكن الأغنية الخليجية لم تصل إلى الناس سوى أخيرا، مثلا أغنية (ليلة ليلة) عمرها عشرات السنوات، وعلى الرغم من ذلك عرفها كل الجمهور العربي ولا أعتقد أنه يعرف سواها».

هل هذا يعني بالنسبة إليها، أن المغنيات غير الخليجيات لا يتقن الغناء الخليجي؟، تجيب وعد «أبدا! كثيرات هن اللواتي يتقن لهجتنا، وفي مقدمتهن وأفضلهن الفنانة الراحلة ذكرى، لأنه غنتها كما نغنيها نحن الخليجيات، مع أن الأخريات أدينها بطريقة جميلة، فالفنانة يارا تعجبني عندما تغني باللهجة الخليجية، ولكن ليس في كل أغانيها، وأنا أقول هذا الرأي كمستمعة تتمتع بأذن موسيقية. في المقابل هناك فنانات شوهن وأسأن إلى الأغنية الخليجية، ومن يشاهد أعمالهن في الفيديو كليب، يظن أنه يشاهد فيلما لا يجوز مشاهدته إلا عند الذين تجاوزوا سن الثامنة عشرة، وهذا ليس مقبولا، لأننا لسنا كذلك».

كما ترى وعد أن بعض الشعراء - التجار، ابتدعوا كلمات ليست موجودة في اللهجة الخليجية وأطلقوا عليها تسمية «اللهجة البيضاء» مع أنه لا يوجد شيء اسمه اللهجة البيضاء بل كلام سعودي أو كويتي أو إماراتي.