شويكار لـ «الشرق الأوسط»: تكريمي الحقيقي أن أرى مصر في أفضل حال

رفضت تكريمها بمهرجان الإسكندرية واعترفت بأن سيرتها الذاتية لا تصلح لعمل درامي

الفنانة شويكار خلال حفل تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي قبل أعوام («الشرق الأوسط»)
TT

هي إحدى نجمات زمن الفن الجميل، برزت أوائل الستينات عندما قدمها المخرج المصري الكبير فطين عبد الوهاب لأول مرة وفتح أمامها أبواب السينما والمسرح، ولكنها بخفة ظلها وحضورها الطاغي استطاعت أن تحجز لها مقعدا وسط النجوم في فضاء السينما والمسرح، وأصبحت الفنانة شويكار في فترة وجيزة ظاهرة فنية غير عادية، وفتح لها أسلوبها الخاص قلوب المشاهدين، ولكنها لا تزال تخطف الأبصار بثقافتها وأدبها واحترامها للمواعيد لتضرب مثلا يحتذي في الالتزام والانضباط لنجوم حاليين لم يصلوا لما وصلت هي إليه.. «الشرق الأوسط» التقت الفنانة شويكار وتحدثت معها عن ظروف حياتها الآن وعلاقتها بنجوم الزمن الجميل، واختلاف أجواء السينما والمسرح بين اليوم والأمس وكيف ترى نجوم السينما في مصر الآن.. وهنا نص الحوار:

* لماذا ابتعدت عن الفن والسينما لفترة طويلة؟

- لا.. لم أنقطع عن الفن، فأنا موجودة، ولكن بعد فترة زمنية من العمل وبكبر السن، بدأت العروض تقل، وهذا شيء طبيعي، وانصرف الكتاب عن الاهتمام بأدواري حاليا، لأن مثل هذه السن بعيدة عن محور أو مركز الأحداث داخل العمل، فكان كل ما يعرض علي لا يحترم تاريخي الفني، فكنت أرفض هذه العروض احتراما لتاريخي واسمي الفني.

* هل معنى هذا أن الفن في مصر لا يحترم الفنان عندما يتقدم به العمر؟

- في كثير من الأحيان لا يكون هناك احترام لتاريخ أي فنان من حيث الاهتمام به، فلا نحاول أن نقدم له ما يوازي تاريخه الطويل ويجعله لا يحتاج لتقديم أعمال رديئة لا يرضى عنها كي يستطيع أن يعيش فقط، وكذلك الكتاب الذين يظلمون هذا الفنان ويضعونه في دائرة صغيرة وغير محورية لا تتناسب مع تاريخه الفني، ولا يوجد أي اهتمام بالعمل سوى لتلميع البطل والبطلة فقط، وهذا خطأ كبير وعيب أن نركز كل جهود المسلسل أو العمل كي يخدم البطل أو البطلة، فلا بد من وجود أدوار محورية يقوم عليها العمل الدرامي بعيدا عن البطل أو البطلة، لذلك رفضت أكثر من أربعين مسلسلا في عام واحد، لأني أحترم اسمي وتاريخي الفني، وكذلك احترامي كإنسانة، فالمسألة ليست ماديات فقط؛ ففي الخليج مثلا يحترمون كبار الفنانين ويقدرونهم، وهذا ما يحب أن يحدث في مصر.

* من المسؤول عن الاهتمام بالفنانين الكبار؟

- نقابتا المهن التمثيلية والسينمائية لا بد أن تتحدا حتى تحافظا على رموز السينما المصرية وحق الأداء العلني لكي لا يضطر الفنان الكبير في هذا السن أن ينزل ويعمل في عمل لا يرضى عنه، فمعاش الفنان في النقابة نحو 400 جنيه فقط!! فلا بد من المحافظة على كرامة الفنان، لأنه الواجهة المشرفة لأي بلد، ففي الخارج يقولون أنت من بلد الممثل فلان، فهم يعبرون عن الفنان أكثر مما يقولون أنت من بلد الرئيس فلان؛ بل يتحدثون عن ممثل كبير مشهور يكون واجهة لهذه الدولة أكثر من رئيس الدولة نفسها.

* ولماذا تقدمت باعتذار عن تكريمك في مهرجان الإسكندرية الذي يقام حاليا؟

- أنا أعتقد أن هذا الوقت ليس وقتا لتكريم الفنانات، ولكنه وقت العمل من أجل أن نعبر هذه المرحلة الحرجة، والجو العام في مصر لا يسمح بالتحدث في أي مهرجانات أو تكريمات، وإذا كان مهرجان القاهرة السينمائي الذي يمثل أكبر مهرجان لن يقام هذا العام، فلماذا نقيم نحن مهرجان الإسكندرية الأقل أهمية بالنسبة للمهرجانات الأخرى الآن وفي هذه الظروف، كما إنني ما زلت احتفظ بالعديد من الجوائز، ولست في حاجة إلى جائزة أخرى أو تكريم، ولكن تكريمي الحقيقي في أن أرى مصر في أفضل حال.

* لماذا تعارضين فكرة إقامة مهرجان الإسكندرية في الوقت الراهن؟

- أنا ضد إقامة المهرجان الآن، حيث إننا يمكن أن نستغل هذا الوقت من خلال عمل اجتماعات مع المنتجين وبحث المشكلات التي تحدث الآن للدراما المصرية، وتسخير ميزانية هذا المهرجان في عمل درامي جيد، أو في حل مشكلات المنتجين مع الأعمال الدرامية بعد الثورة، أو في الأوضاع السائدة في مصر الآن، أو البحث عن سيناريو جيد لكي يقدم الآن، فهناك الكثير في مجال الفن يحتاج إلى ثورة من أجل تصحيح الأوضاع، وإلا سنظل كما كنا.

* بمناسبة الحديث عن السيناريوهات الجديدة، ما آخر أخبار العمل الدرامي «أهل الهوى»؟

- الحقيقية أخباره انقطعت بعد ثورة «25 يناير (كانون الثاني)»، ولكن قبل الثورة قمت بقراءة 15 حلقة منه للكاتب محفوظ عبد الرحمن، وهذا العمل كان من المفترض أن تقوم بإنتاجه جهة حكومية، ولكن الآن لا أعرف عنه شيئا، ولكن لو عاد المشروع مرة أخرى فسوف أشارك فيه، لأنه عمل درامي جيد ويقدم فكرة جيدة للمشاهد، وأتمنى أن أشارك فيه.

* ما الأعمال الفنية التي تندمين على المشاركة فيها؟

- لم أندم على الإطلاق على أي عمل فني شاركت فيه، لأني لا أقوم بأي عمل إلا وأنا راضية عنه تماما، ولم أقم بأي عمل ضد رغبتي، لأننا في ذلك الوقت كان لنا أسلوب جديد في التمثيل وطريقة أداء مختلفة وخفة دم غائبة في هذا الوقت، فكنا نعمل بأخلاقنا، وهذه الأخلاق تتماشى مع أخلاق العمل وقراءتي وثقافتي الفنية، فكل هذه التوليفة تجعل الفنان يركز جيدا في اختيار أعماله ويتقنها بعناية.

* ماذا عن فيلم «كلمني شكرا» للمخرج خالد يوسف الذي شاركت فيه، هل كان الدور بحجم تاريخك الكبير؟

- أنا كنت أريد أن أعمل مع الشباب، كما أن الدور أعجبني ولم يكن سيئا على الإطلاق، وأنا أعشق خالد يوسف، وكنت أريد أن أقوم بأي دور في عمل من إخراجه، وأنا معجبة بطريقته في التفكير، وكذلك أفلامه جيدة وناجحة، ومن الممكن أن أعمل معه أفلاما أخرى إذا عرض علي ذلك.

* القراءة والثقافة من الأمور المهمة لأي فنان، ولكن الآن نرى العديد من الفنانين لا يهتمون بمثل هذه الأمور؟

- القراءة مهمة جدا وهي أمر حتمي للفنان، فهو لا يقرأ السيناريو فقط، ولكن يجب عليه الاستفادة مما كتب من قبل؛ فنجيب محفوظ ويوسف إدريس كل منهما قدم أعمالا كبيرة، فمن ذا الذي لا يقرأها ويستفيد بما قدمه هؤلاء العباقرة من فن جيد، فمن يرد أن يبدع في عمله، عليه أن يقرأ لهم الكثير، كما يجب على الفنان أن ينال قسطا من الثقافة العامة كي يستفيد بها في عمله، وأنا أتحدث عن نفسي وليس لي دخل بغيري، فأنا أحب القراءة باللغة الفرنسية والعربية، وأعتقد أنها شكلت شيئا جيدا في شخصيتي الفنية.

* كم سيناريو كتب خصيصا للفنانة شويكار؟

- أنا الممثلة الأولى التي تم كتابة روايات خاصة بها، وكانت أبرز هذه الروايات «حواء الساعة 12»، و«سيدتي الجميلة». وكان السبب في ذلك، شعبيتي الكبيرة التي ظهرت عندما بدأت، وكانت في هذا الوقت موضة وحالة خاصة ومختلفة، وكان المشاهدون يقطعون التذاكر لكي يروا أعمالي، فقد كنت نجمة شباك يحب أن يراها الجمهور.

* هل شعرت باختلاف بين العمل هذه الأيام والعمل أيام زمن الفن الجميل؟

- على الرغم من أن البلاتوه واحد في أي زمن، فإن السلوك هو الذي تغير، فأصبح أسرع، والناس أصبحت عصبية أكثر من زمان، وكذلك أغلب الفنانين متشابهون في أشكالهم، فبعضهم يشبه الآخر، ولا يختلف إلا أداء الفنان. أما من حيث الشكل الخارجي أو اللبس أو طريقة الكلام، فكلهم متشابهون من وجهة نظري، وما يفرق بينهم هو الموهبة والأداء الجيد من فنان لآخر. أما زمان، فكان لكل ممثل شخصية معينة، وكلام معين، ولبس مختلف، وطريقة معينة تلمسها، وكان كل فنان مختلفا عن الآخر رغم أنهم كلهم كانوا نجوما كبارا جدا.

* هل طريقة الحديث والملابس هما الاختلاف الوحيد؟

- ليس فقط ذلك.. لكن كنا من جيل «اربطوا الحزام».. «الحيطان ليها ودان»، ونحن تربينا على هذه المقولة، وكان أغلب جيلي يتعامل مع هذه المقولة، وأنا على المستوى الشخصي أتعامل بها، وكان ذلك كارثة وخطأ كبيرا أننا تعلمنا على هذه المقولة، حيث إننا فضلنا رابطين الحزام لحد ما وسطنا اتقطع، ومش بنقدر نتكلم ولا نتنفس.

* هل تقصدين أنكم كنتم لا تتحدثون في السياسة؟

- أنا لا أفهم في السياسة، ولا أتكلم فيها، ولا أحب أن أتكلم فيها. ولكن كنا رابطين الحزام في كل شيء، وكنا مشغولين بحياتنا الخاصة وحفلاتنا في بيوتنا، ولم نكن نهتم بالكلام في أي شيء خارجي. لذلك، فلا أقصد السياسة بوجه خاص، ولكن أنا محظوظة بدخولي العمل الفني بشكل جيد وظهوري بهذا الشكل، فهذا سهل علي كثيرا، فأنا لم أكن محتاجة لأن أتحدث في السياسة أو شيء آخر حتى أكمل مسيرتي الفنية.

* برأيك، لماذا قلت الأعمال المسرحية الجيدة في الوقت الراهن؟

- الفنانون أصبحوا بعيدين عن المسرح؛ فنحن ليس لدينا فنانون يحبون المسرح في الوقت الراهن، ففي الماضي عندما قمنا بعمل مسرحيات كنا نعشق المسرح ونعطي له كل مجهودنا، أما الآن، فلم أجد هذا الاهتمام من الفنانين بالعمل في المسرح، على الرغم من وجود فنانين كوميديين جيدين في الوقت الحال، ومن الممكن أن يقوموا بأدوار مسرحية جيدة، ولكن نتيجة لعدم الاهتمام بالمسرح، لا نشاهد أعمالا مسرحية قوية.

* هل كانت تربطك علاقات صداقة بنجوم الزمن الجميل؟

- كل الفنانين الذين تعاملت معهم كانت علاقتي بهم جيدة جدا، ولكن أكثرهم قرابة مني هي الفنانة ميرفت أمين رغم أنها ظهرت بعدي بنحو 10 سنوات. وبشكل عام، لم تكن هناك صداقة كبيرة أو حقيقية في هذا الوقت، فأنا كنت أتعامل مع الفن كوظيفة؛ أقوم بدوري وعملي، ثم أذهب إلى بيتي وأقوم بدوري كأي زوجة، فلم أهتم كثيرا أن أقيم صداقات حميمة أو أن أقيم علاقات خارج نطاق العمل الذي أقوم به.

* ماذا عن الفنانة سعاد حسني، هل تعرفت عليها عن قرب؟

- طبعا أعرفها جيدا كزميلة في الوسط، ولكن سعاد حسني لم يكن لديها أصدقاء من الوسط الفني، فكانت في حالها جدا، وذلك يرجع إلى عدم ثقتها في أحد، لكن هي داخل البلاتوه كانت جميلة جدا وممثلة رائعة وتتعامل بلطف مع كل الناس، ولكن خارج البلاتوه كانت واحدة تانية خالص.

* كيف بدأت حكايتك مع الفنان فؤاد المهندس؟

- أنا لم أكن أعرفه قبل أن أعمل في الفن، ولكني تعرفت عليه عندما بدأت أعمل في المسرح، فتعاملت مع شخصية دمها خفيف جدا وبتضحك كتير، وبالنسبة لي، هذا أهم شيء في الرجل، وبالفعل، حدث بيننا تواصل غريب من أول تعامل، وبعدها بعام طلب يدي للزواج، وبالفعل، والحمد لله تزوجنا، وهو فنان محترم وإنسان محترم، فكان محترما على المستوى الشخصي كما كان على المستوى الفني.

* وكيف حدث الانفصال بينكما بعد هذه السنوات الطويلة؟

- حتى الوقت الحالي، لا أعلم كيف تم هذا أو لماذا تطلقنا، ولكن هي قسمة ونصيب.. فجأة حدثت بيننا خلافات ولم نستطع أنا نتعامل معها، ولذلك أصبحنا غير قادرين على العيش مع بعضنا أو نكمل المشوار مع بعض.

* وكيف كانت بداية تعاملك مع الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب؟

- محمد عبد الوهاب كان معجب جدا.. بشغلي أنا وفؤاد المهندس، وكان كل يوم يتفرج على عمل من أعمالنا، وكان يتصل بنا ويهنئنا على هذه الأعمال، وكانت هناك أغنية في مسرحية «أنا وهو» اسمها «حضرتنا عظمتنا»، فاقترحت على فؤاد أن يكلم عبد الوهاب لكي يلحن هذه الأغنية، فرد علي وقال: لا هو مش هيوافق. ولكن عندما اتصلنا بعبد الوهاب وافق ورحب بشدة، فهو شخص بسيط جدا، ويحب شغله جدا، ويخلص له في المقام الأول، وهذا هو سبب نجاحه الكبير.. ومن هنا بدأ التعامل معه.

* هل شاهدت مسلسل «الشحرورة» الذي يحكي قصة الفنانة صباح وتم عرضه في رمضان الماضي؟

- طبعا شاهدته.. ولكن يا ساتر يا رب على الممثلة التي قامت بدور صباح كانت تكره الواحد في حياته، فصباح شيء كبير جدا، وهذه ليست قصة صباح الحقيقية، وهذا العمل أغفل أجزاء كثيرة من حياة صباح؛ كقصصها مع الوزراء والسفراء، وكذلك حياتها في لبنان ومصر، وأين تاريخ هذه البلاد في ذلك الوقت؟ فهل كل حياة الفنانة صباح أنها كانت تتزوج وتتطلق فقط؟ وأكيد صباح غير راضية تماما عن هذا العمل.. كذلك جاء مسلسل ليلى مراد ضعيفا ولا يعبر عن هذه الفنانة الكبيرة، فقد كانت الممثلة التي قامت بدورها «مسخة» ولم تكن تشبهها في شيء، أما المسلسل الذي كان جيدا من وجهة نظري فهو مسلسل «أسمهان» من حيث الفنانة التي قامت بدورها، فقد كان رائعا شكلا ومضمونا وإخراجا، وجاء معبرا عن هذه الفنانة الكبيرة فعلا.

* هل تفكرين في كتابة سيرتك الذاتية الآن؟

- لا.. أنا ليس عندي سيرة ذاتية وليس عندي ما أكتبه، فأنا كنت ممثلة فقط، وبعيدا عن التمثيل، لم يكن عندي أسرار أو مغامرات تكتب في سيرة ذاتية، لذلك، فأنا ضد أن أكتب سيرتي الذاتية، وسيرتي الشخصية لا تصلح لعمل درامي، لأنني لم أعش مع أب يضربني أو كانت لدي أسرار كبيرة بعيدة عن كوني ممثلة، وليس في حياتي الشخصية شيء يمكن أن يكون دراما ناجحة.