آثار الحكيم: لن أرتدي الحجاب حتى لو قدمت برنامجا دينيا

أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنها اعتزلت التمثيل لأنه لم يعد هناك فن

TT

على الرغم من شعبيتها، ورصيدها الفني الذي يجعلها واحدة من نجوم الصف الأول، فاجأت الفنانة آثار الحكيم جماهيرها مؤخرا بقرار اعتزالها الفن نهائيا، مؤكدة في حوار مع «الشرق الأوسط» عدم تراجعها عن هذا القرار. وتطرق الحوار لأسباب اتخاذها هذا القرار الصعب، خصوصا في توقيت يشهد صعودا قويا ومفاجئا للتيارات الإسلامية على سطح الخريطة السياسية، وسط مخاوف جمة من أن تنعكس أفكارهم وآراؤهم السلبية على مستقبل الفنون والأدب وتصيبه في مقتل. كما تطرق لجعبة تجربتها المتميزة عبر 40 عملا سينمائيا ونحو 70 عملا دراميا، وكيف دخلت في منطقة القطيعة على خلفية هذا القرار، وهي أعمال تنوعت فيها أدوارها مع كوكبة من صفوة النجوم، بينهم فريد شوقي، وأحمد زكي، وعادل إمام، ويحيي الفخراني، وحسين فهمي وغيرهم، في أعمال لا يزال لها بريقها مثل «زيزينيا» و«ليالي الحليمة»، و«ترويض الشرسة» وغيرها. وفي ما يلي نص الحوار..

* كيف اتخذت قرار الاعتزال؟

- هذه الخطوة كانت متأرجحة بالنسبة لي منذ سنوات، وأخيرا استطعت أن أتخذ هذا القرار، حيث إنني لم أعد أستمتع بالعمل الفني كما كنت من قبل، فكل العوامل الموجودة الآن لم تكن مناسبة أن أكمل مشواري التمثيلي في الحقل الفني، فأنا أعمل ممثلة لكي أستمتع، وهذه هوايتي المفضلة عندما أدخل البلاتوه؛ ولكن لست أنا الوحيدة الموجودة في العمل، فيوجد فريق عمل آخر مكون من منتج وممثلين ومخرجين وعمال.. فأصبحت المنظومة مختلفة عما كانت في الماضي، فالبعض أصبح يتعامل مع الفن باعتباره «سبوبة» وليس نظاما وفنا، فلا أستطيع أن أعمل في هذا الجو.

* لماذا اتخذت هذا القرار الآن وليس قبل ذلك؟

- منذ 10 سنوات تعرض علي سيناريوهات، وقبل أن أقوم بقراءتها كنت أتمنى أن أجدها سيئة للإسراع باتخاذ القرار، وهذا يرجع إلى معاناتي من سوء المعاملة، وأبرزها في المواعيد غير المنضبطة، حيث لا أحد يهتم بالمواعيد الآن، لدرجة أنني كنت أحضر قبل عمال النظافة، فأصبح الفن بالنسبة للبعض «هاخد كام» وسوف يستمر هذا في المستقبل، لذلك قررت اعتزال الفن الآن، وأيضا العمل الذي يستغرق تصويره 11 شهرا يتم اختزاله في 4 أشهر فقط، وهذا لا يعني أنني من مدرسة قديمة، ولكني من مدرسة صحيحة تحترم الفن وتريد إتقان العمل، فأنا أرى الآن أن المنتج هو سيد العمل وليس المخرج كما كان من قبل.

* هل هروب شركات الإنتاج منك أحد أسباب الاعتزال؟

- لا.. شعرت أنني أصبحت عبئا ونغمة من نغمات النشاز بالنسبة لشركات الإنتاج، فالتدقيق في المواعيد والنظام عندهم شيء مختلف، حتى المخرج نفسه من الممكن أن يحذف العديد من المشاهد لضيق الوقت، أو لأنه يريد مشاهدة مباراة كره قدم، وهذا حدث بالفعل في أكثر من عمل شاركت فيه، ويكون المشهد شديد الأهمية للعمل، فأصبحت في حالة من النكد والإرهاق في كل يوم يمر علي في التصوير.

* لماذا لم تحاولي أن تسيّري أمورك لكي تكوني موجودة على الساحة مثل كثير من الفنانات؟

- لم أنظر إلى الفن كمصدر رزق أو «أكل عيش»، ثم إنني لو لم أقدم شيئا له قيمة حقيقية وفيه رسائل عديدة أفضل البعد والحفاظ على تاريخي، فلدي رصيد من الأعمال، وعلى الرغم من أنها قليلة بعض الشيء فإنها تحسب لتاريخي، وتعاملت مع عمالقة التمثيل؛ فقد قدمت نحو 40 فيلما سينمائيا ونحو 70 عملا دراميا؛ ولكني أفكر الآن تعويضا عن عدم وجودي على الشاشة الاتجاه إلى تقديم البرامج، وبالفعل عرض علي الكثير من العروض ورفضتها جميعا لأنها تقوم على الوقيعة والنميمة.

* لماذا لم تتجهي إلى الإنتاج حتى تنقذي نفسك من هذه المضايقات التي تحدث لك؟

- ما زال لدي العديد من طاقات الإبداع، ولو وجد موضوع استفزني وقوي جدا فمن الممكن أن أتجه إلى الإنتاج، على الرغم من أن العملية الإنتاجية أصبحت مكلفة جدا وباهظة، ومن المحتمل الرجوع إلى التمثيل؛ وهذا احتمال ضئيل، لأننا لم نعد نجيد الكتابة بشكل جيد، فأصبح المؤلف ينتهي من العمل الذي يستغرق سنة في شهور.

* شاركت العديد من النجوم مثل عادل إمام وحسين فهمي ويحيي الفخراني.. وهم مستمرون في العمل بقوة على الساحة.. فلماذا لم تستمري مثلهم؟

- أعترف أن عندي جزء تقصير حيث إنني لا أجيد الحياة الاجتماعية حتى على المستوى الشخصي، لكنهم يجيدون هذه الحياة، فكلما كبرت تقل اهتماماتي عن ذي قبل، وأعترف أنني «بيتية» جدا وأحب الحياة داخل المنزل، فنحن نتقابل فقط في الرسميات والمناسبات الرسمية كالمهرجانات الكبرى لكي تلتقط لنا الصور الجماعية، كذلك أنا سعيدة ولست حزينة لأنني لم أعد موجودة أو سوف أترك الفن لأنني الآن بدأت أتعمق في الدين، وهذا الأبرز والأهم بالنسبة لي الآن.

* معنى ذلك أنه من الممكن أن ترتدي الحجاب كما تردد؟

- منذ 15 سنة ويتردد هذا الكلام، فكلما أذهب إلى أي ندوات دينية أو غيرها تطلق هذه الشائعات، وهذا ربط تقليدي لاختفائي في بعض الفترات، وكذلك فنانات جيلي اللاتي تحجبن بكثرة؛ ولكني لن أفكر في ارتداء الحجاب، واعتزالي بعيد عن هذه الفكرة.

* هل أنت مع عمل الفنانات المحجبات في العمل الفني بعد قراءاتك في الدين؟

- الحجاب قلص من أدوار الفنانات اللاتي تحجبن وتحددت أدوارهن بشكل كبير، ولكنه أصبح أمرا واقعا. إن الفنانات المحجبات يعملن في الفن، وهذه حرية شخصية، وقضية الحجاب أكبر بكثير مما يتحدثون عنه، وجميعنا لسنا ملائكة، فنحن نصيب ونخطئ، ولكن الحجاب ليس صك الدخول إلى الجنة، ولكنه من مظاهر الدين.

* لماذا لم تفكري في ارتداء الحجاب؟

- الدين فيه آلاف من الأوامر التي أمرنا بها الله سبحانه وتعالى، فلماذا نحن نختزل الدين في نقطة وحيدة، مع أن هناك نقاطا مهمة كثيرة يمكن أن ننظر إليها، حتى الله سبحانه وتعالى ينظر إلى ما في القلوب ويحاسب به، فلماذا نتحدث فقط عن هذه النقطة ونترك الكثير من الأوامر الأخرى؟!

* من الذي سمع بخبر اعتزالك وانزعج وحاول الاتصال بك لكي تعدلي عن هذا القرار؟

- «ناس كثيرة» جدا انزعجوا من قرار اعتزالي؛ ولكن الذي هزني وأوجع قلبي هو ردود الفعل التي جاءتني من بعض زملائي في الوسط، ولا أريد أن أذكر أسماءهم، ولكن من الممكن أن أتذكر مكالمة المطربة أنوشكا التي لم تكن تخطر لي على بال، كانت مكتئبة جدا عندما سمعت الخبر، وكنت غير متوقعة أن تكلمني لهذا الأمر، وكذلك جاءتني مكالمات من بعض الصحافيين يحاولون أن يقنعوني أن أعدل عن قراري، ولكن فات الأوان.

* من الفنانة التي لو قررت الاعتزال من الممكن أن تصيبك بالاكتئاب أو حالة من الغضب؟

- الفنانة منى زكي لو فكرت في الاعتزال سأغضب جدا، فأنا ألوم عليها أنها مقلة في وجودها على الساحة فهي خسارة كبيرة لأنها قدوة حقيقية لجيل، وكذلك يوجد العديد من الفنانين أيضا قدوة، ولا يمكن أن يفكروا في هذه الخطوة.

* ما هي شكل علاقاتك بزملائك في الوسط الفني؟

- علاقتنا ببعض أننا نلتقي في الأفراح والمآتم لتلتقط لنا الصور معا، وهذه هي العلاقة الواضحة فمتى شاهدنا أو قرأنا أن الزعيم عادل إمام أنه قام بعمل حفلة لزملائه؟ على عكس ما كان يحدث في الماضي، كان هناك كل يوم تجمع عند فنان معين في منزله، وكانت العلاقات وطيدة، ولا أنسى أن الفنان الراحل أحمد زكي كان صديقا مخلصا لكل الموجودين على الساحة في هذه الفترة، فعندما تعرضت شريهان إلى أزمتها مع شخص يدعي الرواس ذهب إليها وظل بجوارها حتى انتهت أزمتها، أما الآن فأنا على علاقة جيدة من وقت إلى آخر مع الفنانة معالي زايد وسماح أنور.

* فنانات جيلك موجودات الآن ومتصدرات المشهد الفني بأدوار بطولة مثل يسرا وليلى علوي وإلهام شاهين.. لماذا لم تكوني مثلهن الآن؟

- كل منا عنده اختياراته منذ الصغر، وهي تختلف من شخص لآخر، فأنا لا يهمني أن أقدم عملا كل رمضان، ولا أوجود على الساحة إلا بعمل مميز، وأنا لا أحب الوجود في الأضواء أو في البرامج أو على أغلفة المجلات دون أي عمل أو حدث، مع احترامي للجميع من هؤلاء، فكل منهم عنده خطته في العمل.

* تتحدثين في الدين بطلاقة.. لماذا لم تتجهي إلى البرامج الدينية؟

- بالفعل عرض علي أن أقدم برنامجا دينيا وطلب مني أن أتحجب، ولكني رفضت ذلك لأنني لو وافقت على تقديم هذه البرامج سأقدمها من وجهة نظري بعيدا عن الزيف، كما يفعل بعض المذيعات، فهن على الشاشة غير محجبات، وفي الحياة العامة يظهرن بحجاب، فأنا أحب البعد عن النفاق والكذب وأنا ضد النقاب بشكل قاطع لأنه أمن قومي.

* الجماعات الإسلامية أصبحت تسيطر على المشهد السياسي وتقترب من السلطة الآن في مصر.. هل لديك مخاوف مثل العديد من الفنانين من حدوث ذلك؟

- لا ليس عندي أي مشاكل من الجماعات الإسلامية؛ ولكن هي مشكلة متراكمة عند البعض منذ زمن ولكن الآن الأمر مختلف، فكل من الطرفين سيحاول النزول إلى البعض الآخر في التفكير لوجود حل وسط ولغة حوار مشتركة، رغما عن الاثنين، والاختلاف شيء مميز حيث سيكون هناك حوار حول هذه الاختلافات، وكذلك الجماعات الإسلامية لو فكرت في دخول الفن فسوف تعمل أعمالا فنية لهدف الربح وسوف يفكرون جيدا في هذه الأعمال التي يقدمونها بعيدا عما يقال في دعاية انتخابيه، أما إذا قاموا بعمل أعمال مباشرة وغير مميزة فلن تلقى إقبالا، وبالتالي لن يكون هناك ربح، وأنا لا أمانع التعاون معهم في حالة وجود عمل جيد وهادف.

* ألم ينتبك القلق من تدخلهم في الصناعة الفنية وأن يحدوا من بعض المواضيع الجريئة؟

- لا لست قلقة.. بالعكس، أعتقد أنهم سوف يكون عندهم تعامل في كل شيء سواء في أشياء اجتماعية أو اقتصادية أو دينية، فصعب أن يفرض أحد رأيه على الآخر، وأعتقد أنهم سيحاولون التحاور بهدف الوصول إلى حل مُرضٍ، حتى مع الليبراليين سوف فسيحاولون أن يصلوا معهم إلى حل وسط، والجماعات الإسلامية تعتمد على التجارة.

* معنى ذلك أن اعتزالك ليس له علاقة بوجود الجماعات الإسلامية بقوة على الساحة السياسية الآن؟

- إطلاقا، قرار اعتزالي بعيد تماما عن هذه الجزئية، فعندما اعترضت على ظهور الراقصة دينا بملابس جريئة في مشهد لي في مسلسل «فريسكا» الذي عرض منذ أعوام اتهموني أنني من الإخوان المسلمين.

* ولماذا تتدخلين في ملابس فنانة معك في المسلسل وهذه حرية شخصية وأنت من المؤمنين بالحرية الشخصية؟

- في مشاهدها الخاصة بها ترتدي كما تشاء؛ ولكن في مشاهدي لا أريد ذلك لأنني لدي عادات وتقاليد مجتمع معتدل وأنا أؤمن بها، وهذا ليس له علاقة بالحرية الشخصية، لأن هذا المشهد من الممكن أن لا يقبله المشاهدون، فلا أحب أن أكون موجودة في مشهد يغضب الناس نتيجة هذه الملابس.

* أنت مع إنتاج أعمال عن ثورة 25 يناير (كانون الثاني) الآن؟

- حتى الآن لم ننتج أعمالا تليق بحرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) فكيف ننتج أعمالا عن ثورة 25 يناير، أميركا ما زالت تنتج أعمالا عن الحرب العالمية الأولى، وأيضا يرجع إلى أن حال الفن كما هو عليه ولم يتغير أي شيء، ولم يظهر أي تغيير بعد الثورة عما كان قبلها.

* هل تذهبين إلى دور العرض السينمائي وتشاهدين الأفلام السينمائية؟

- أشاهد كل أعمال أحمد حلمي وأحمد مكي، فهما اثنان يتمتعان بذكاء ولديهما وجهة نظر في أعمالهما تتسم بالرقي والعمق، بالإضافة إلى أنني أحب مشاهدة أفلام منى زكي، لأنها نجمة جيلها، وأرى أن منة شلبي موهوبة ولكنها ضحية ظروفها، وغادة عادل مجتهدة، وأيضا ياسمين عبد العزيز، ومي عز الدين اختلفت عن بداياتها الرومانسية، فلا يصح أن تقدم أعمالا لا تناسبها كأدوار الرقص، ويعجبني كثيرا اجتهادات تامر حسني فهو يتعلم ويسمع على عكس محمد سعد فهو تتغلب عليه النرجسية والغرور ولا يستمع لأحد.