صبري فواز لـ«الشرق الأوسط»: فيلم «كف القمر» مظلوم بسبب تأخر عرضه

قال إن جمهور السينما يحتاج أحيانا إلى هدنة بعيدا عن الأحداث التي نعيشها

TT

أعاد المخرج المصري خالد يوسف تقديمه مرة أخرى على الشاشة، وأصبح يبشر بمولد نجم مرحلة قادمة، بل متوقع أن يكون هو بطل فيلمه القادم حيث اعتاد جمهور يوسف رهانه على من يقدمه. إنه صبري فواز الممثل والمخرج والمؤلف المسرحي، الذي سبق وألف وأخرج عدة أعمال مسرحية، كما شارك في الكثير من الأعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية المصرية.

وفي حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» يتحدث صبري فواز حول فيلمه الجديد «كف القمر» الموجود حاليا بدور العرض، وتأثير الثورة المصرية على العروض السينمائية، وكذلك انخفاض أجور البعض إلى النصف تقريبا، قائلا إن الإنتاج أصبح بعد الثورة ضعيفا، والكل خائف من أن يغامر في عمل ليس متأكدا من نجاحه بشكل مناسب ومُرضٍ بالنسبة له.

ويعمل فواز حاليا على مشروع إقامة «مهرجان إيزيس النيل»، ومشروع مسرحي آخر، إضافة إلى انتهائه مؤخرا من تصوير مسلسل «أشجار النار». وإلى تفاصيل الحوار.

* لماذا لم يكن هناك إقبال جماهيري على فيلم «كف القمر» الذي شاركت فيه؟

- الفيلم جاء في لحظة ملتهبة، فيها الأكشن والواقع أكثر كثيرا من الدراما، لذلك لم يأخذ حقه في العرض، وأرى أنه ظلم في العرض لأنه لو عرض في موعده الذي كان محددا له في عام 2010 لحظي بإقبال جماهيري أكثر بكثير، بل وسيكون أيقونة الثورة التي توقعت حدوث الثورة، بدليل أن أحداثه قريبة مما عشناه الفترة الماضية. والفيلم فيه جهد كبير ومميز على مستوى الإخراج والتصوير والتمثيل.

* أليس من الممكن أن تكون الإسقاطات السياسية الكثيرة في العمل هي سبب عدم نجاح الفيلم جماهيريا؟

- لا أعتقد ذلك لأن العمل ليس به إسقاطات سياسية كثيرة، ولكنه حالة إنسانية مليئة بالشجن والجمال والإحساس، وأرى أنه عمل إنساني من الدرجة الأولى، وكذلك المخرج خالد يوسف منذ زمن لم يقدم عملا بهذا الزخم الإنساني والتلاحم، وأتوقع أن ينجح أكثر في الفترة القادمة، وسيكون أرشيفا جيدا جدا في مكتبة السينما، مثل فيلم الأرض الذي لم يحظَ بمشاهدة كبيرة عند عرضه ولكنه من أهم الأفلام في مكتبة السينما.

* لكن أليس بغريب أن يحقق فيلم مثل «شارع الهرم» أعلى الإيرادات في موسم عيد الفطر وفيلم «كف القمر» لم يحققها؟

- بالعكس. هذا شيء طبيعي؛ الجمهور ذهب لفيلم «شارع الهرم» لأنه يريد أخذ هدنة وأن يستريح قليلا من كمّ الأحداث التي نعيشها. وهذه ظاهرة طبيعية جدا، ولكن لا يجب أن نسخر من هذه الظاهرة لأنه من الطبيعي أن يوجد فيلم مثل «شارع الهرم» وفيلم مثل «كف القمر» بجانب فيلم آخر تجاري، فهذه هي المعادلة الصحيحة التي يجب أن تكون في دار العرض من حيث تنوع الأفلام فيها، فثورة 25 يناير ستفتح الحرية في اختيار الموضوعات التي لم نتطرق إليها من قبل، وسوف ينتهي عصر النجم الأوحد والرئيس الأوحد، والذي لا يعترف بذلك يكون شخصا «معيبا».

* يعتقد البعض أن الأوضاع الحالية بمصر لا تبشر بهذا وأنها تسوء من وقت لآخر.

- من قال ذلك؟ فنحن في أحسن حال. أنا متفائل جدا، وغير متفق على أن الأوضاع في أسوأ حال، نحن في أيام عزة وشرف، وليس غريبا أن يكون لدينا خوف.. لدينا شهداء وسيظل لدينا شهداء حتى نكمل ما بدأناه، لكن العيب عند الناس الذين يركزون على الرعب والخوف فقط. نحن في حالة تنظيف للجسد، فمن الطبيعي أن يكون هناك ألم ولا بد أن نعيشه.

* لكن هذه المرة مختلفة عن أي حدث سابق في مصر.

- بصراحة هذا هو جمال ثورة 25 يناير، وهو أنه ليس لها مثيل من قبل، فأصبح يوجد، من خلال هذه الثورة، نوع آخر من المعاملة البشرية في الحياة.. بدأ يكون هناك نموذج في الحياة يقول هذا لا يعجبني وصدري مفتوح للموت، وأيضا في كل ميادين العالم أصبح هناك مكان اسمه «التحرير»، فهو الذي أعاد لجام الأرض إلى شعوبها وليس لحكامها، فنحن قمنا بثورة ويوجد لها توابع.

* أين أنت كفنان من انتخابات البرلمان الجارية حاليا، خصوصا وأن هناك من يخشى صعود التيارات الإسلامية كالإخوان؟

- أهلا وسهلا بأي أشخاص أو أي تيار أو أي حزب سواء كانوا من الإخوان أو السلفيين أو الليبراليين، فلا اعتراض على أي شيء ما دام يوجد ميدان اسمه «التحرير». ما لن يعجبنا فسوف نقف ضده، وأنا غير قلق من شخص أو أي اسم، وأرى أنه ما دام هناك مصر وأن هناك تغيرا في المناصب وأن يتم حساب من يقومون على تولي شؤون الشعب، فأنا مطمئن على ذلك.

* هل ستعمل مع الإخوان المسلمين لو قرروا الدخول في مجال التمثيل؟

- بالطبع أعمل مع أي جهة، فأنا أعمل «مشخصاتي»، فلماذا اعترض؟ لدي قناعاتي وهي أن يكون الدور قريبا من شخصيتي ويكون هناك جديد فيه، وما دام هذا موجودا فأقبل فورا أي دور من أي جهة.

* لماذا تقول إنك «مشخصاتي» والبعض يكره هذه الكلمة من الفنانين؟

- لأنهم لا يعرفون معناها، فالمشخصاتي هو الذي يعيش الشخصية ويتقنها وينتقل إلى غيرها، لذلك فأنا مشخصاتي وأعتز بذلك، فمنذ بداياتي في مسلسل الوسية مرورا بليالي الحلمية إلى آخره.. فلا توجد شخصية تشبه الأخرى، وهذا هو فن المشخصاتي الذي أتحدث عنه.

* جيلك خالد الصاوي وخالد صالح وأنتم من مدرسة واحدة، وهم سبقوك كثيرا، فلماذا حدث هذا؟

- نعم.. نحن من مدرسة واحدة، مدرسة المسرح، وعلى الرغم من أنهم موجودون على الساحة بقوة لكنهم أيضا تأخروا كثيرا في الوصول إلى هذه المكانة، ولكني أجتهد وأشتغل وأعمل ولا أقصر، إلا إن الإعلام هو الذي يحدد من يكون هكذا، ولكني لم أُظلم، فأنا اشتغلت في المسرح وفي التلفزيون والسينما وموجود. أرى أنه ليس عندنا كشافون يستطيعون أن يختاروا المواهب الجديدة، وخائف عليهم أن يتأخروا مثلي في أخذ حقهم في وقته، وأرى أن المخرج خالد يوسف عنده القدرة على اكتشاف مواهب جديدة وتقديم ناس جدد مثلما قدم عمرو سعد وعمرو عبد الجليل، وأنا شخصيا من هؤلاء الذين قدمهم خالد يوسف.

* لكنك لست وجها جديدا، فأنت ممثل قديم.

- أنا لا أتحدث عن ذلك، بل أقصد طرح الممثل أمام المشاهدين بشكل مختلف عما هو معروف عنه، وهذا هو الجديد. وكذلك الإنتاج أصبح بعد الثورة ضعيفا، والكل خائف من أن يغامر في عمل ليس متأكدا من نجاحه بشكل مناسب ومُرضٍ بالنسبة له.

* لماذا لم تفكر في الكتابة للدراما التلفزيونية أو السينما؟

- بالفعل أفكر بشكل قوي أن أقدم هذا، ولكنني أنتظر أن أستقر على فكرة حتى أقدمها، والآن أنا مشغول بمشروع هو إقامة «مهرجان إيزيس النيل» الذي يقام على سطح النيل في عيد شم النسيم (الربيع) وقدمته منذ زمن في عيد لوزارة السياحة ولم ينفذ، وهو مطروح على أجندات الوزارة. وأتمنى تقديمه، وهذا حلمي. وأيضا لدي مشروع مسرحي.. كما انتهيت مؤخرا من تصوير مسلسل «أشجار النار».

* بصفتك عضوا فيه.. ماذا قدم مجلس نقابة المهن التمثيلية الجديد حتى الآن؟

- قدم المجلس المشروع العلاجي الذي لقي ترحيبا من جميع المجلس والأعضاء للحفاظ على الفنانين، وخصص خطا (هاتفيا) ساخنا يعمل 24 ساعة يوميا، ورفع سقف (مخصصات) العلاج، وهذا المشروع أوشكنا كمجلس على الانتهاء منه، ونعمل الآن على مشروع دار المسنين، وأيضا نتفاوض مع جميع شركات الإنتاج للوصول إلى تفاهم بيننا وبين النقابة. وأنا أتحدث من منطلق عضو وليس الفنان صبري فواز، فأنا لا أخلط الأوراق بعضها ببعض ولا أجامل أي شركة على حساب النقابة.

* أنت ممن يحضرون مع المتظاهرين في ميدان التحرير رغم استياء كثير من الناس من هذا الأمر في الفترة الأخيرة.

- أعلم ذلك جيدا.. أعلم أن هناك كثيرا من الناس أصبحوا يشعرون بالاستياء ممن هم موجودون في التحرير حاليا، وهذا بسبب الإعلام الذي يسيء كل يوم إلى الثورة، فهم يحاولون إرباك المجتمع وأن يمرر إحساسا بالخوف وعدم الأمان من المتظاهرين أو من عملية التظاهر، ولكن الأمر مختلف.. فالموجودون في ميدان التحرير لديهم مطالب مشروعة، ويجب أن يُنظر إليهم بعناية، وأنا معهم، فلا بد من وجود دستور الآن، وأنا معهم في هذا الحق، دون أن أنتمي إلى أي حزب أو تيار.

* لماذا لم تترجم هذا بالانضمام إلى أي حزب أو تيار سياسي؟

- غير مقتنع باتجاهاتهم أو أفكارهم. وعندما حاولت أن أنضم إلى أي تيار وجدت أن كل واحد منهم لديه أفكار ممكن أن أتفق معه عليها ولكن لديه أيضا أشياء غير مقتنع ولا أتفق فيها معهم، وهم لا يريدون هذا الاختلاف، وأنا لا أريد ذلك، فأنا أريد الاتزان في التعامل.