مروان خوري: خائف على لبنان.. والأغنية الشعبية تسير في طريق «شوارعي»

قال لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الأخير ظلم بسبب إهمال الشركة المنتجة

الفنان اللبناني مروان خوري
TT

يطلق على المطرب اللبناني «مروان خوري» الكثير من الألقاب من جانب جمهوره المتذوق لفنه، أبرزها «ملك الرومانسية» و«الفنان الشامل»، كونه حالة فنية خاصة رسمت لنفسها طريقا مختلفا وتخصص في اللون الرومانسي.

وفي حواره مع «الشرق الأوسط» بالقاهرة التي يحل عليها ضيفا، يتحدث عن ألبومه «راجعين» الذي لم يحظَ بإقبال جماهيري، كما تطرق لقلة حفلاته في مصر، مؤكدا أنه يكفيه أنه قام بالغناء على مسرح الأوبرا المصرية.

وكشف خوري عن أنه يفكر في عمل مشروع غنائي يتناول ثورات الربيع العربي، ولكنه سيتمهل لتقييم الحدث ككل ثم يقدم عملا فنيا يناسب التغيير الذي حدث، مؤكدا أن الموسيقى لا بد أن تتأثر بالأحداث، كما أنه يريد أن يواكب هذا التغيير على المستوى الشخصي من خلال كلماته وألحانه.. وفيما يلي نص الحوار:

* لماذا لم يحقق ألبومك الأخير «راجعين» الذي أصدرته العام الماضي النجاح المرجو منه؟

- أرى أن الألبوم ظلم، رغم أنه يحتوي على مواد جديدة على الجمهور وموسيقى مختلفة عما قدمت من قبل، ولكن الألبوم نجح من الناحية الجماهيرية بدليل نجاحه وانتشاره على الإنترنت خاصة موقع «يوتيوب»، ولكنه لم يحقق الإيرادات والنجاح في سوق الكاسيت. ويرجع ذلك بسبب الشركة التي كنت متعاقدا معها على تسويق الألبوم حيث لم تقم بعملها بشكل جيد، وليس هذا الألبوم فقط الذي ظلم في الدعاية، ولكن ألبوم «أنا والليل» أيضا ظلم في دعايته، وكنت أتمنى أن يصل الألبوم إلى أكبر شريحة من الجمهور، وخاصة الجمهور المصري.

* لماذا لم تقُم أنت بعمل الدعاية على نفقتك الخاصة لإنقاذ الموقف بعد تكراره في الألبوم السابق «أنا والليل»؟

- أعترف بأن لدي تقصيرا في هذه النقطة، فكنت لا أملك الخبرة الكافية في مجال الدعاية، ولكني سأعوض هذا التقصير في ألبوماتي القادمة وسأقوم بالدعاية بنفسي وأحاول تعلم ذلك، وبمساعدة أشخاص آخرين ولكن تحت إشرافي، ولن أعتمد على شركة لتتولى هذا الموضوع مرة أخرى، وسأعمل بشكل خاص على السوق المصرية فهي يهمني كثيرا الوجود فيها.

* أنت قليل الوجود على الساحة المصرية وخاصة في الحفلات التجارية، ما سبب ذلك؟

- هذا تقصير من المتعهدين والمشرفين على إقامة الحفلات، رغم أنني من أوائل المطربين العرب الذين يوجدون في الحفلات المهمة كدعوات وزارة الثقافة ودعوات التلفزيون المصري، ويكفي أنني قمت بالغناء على الأوبرا المصرية التي غنى عليها عباقرة الفن وأعتبر نفسي محظوظا لذلك، وأنا متفائل بأن الفترة المقبلة ستشهد وجودا لي في حفلات في مصر ولكن بعد استقرار الحالة الأمنية.

* هل من الممكن أن يكون لونك الرومانسي هو الذي يحجب عنك الدعوة إلى حفلات تجارية؟

- أنا متخصص في اللون الرومانسي، ولكن أتنوع في أغنياتي، ولدي أغنيات تناسب هذه الحفلات وهي أغنيات راقصة فيها موسيقى عالية، والذي يحضر الحفلات التي أقيمها خارج مصر يعرف ذلك جيدا، فحفلاتي ليست ترفيهية فقط، وإنما فيها جو حميمي بيني وبين الجمهور، بالإضافة إلى ذلك فإنني لم أقبل كل الحفلات التي تعرض عليّ، وبالتحديد الكازينوهات الليلية وأيضا حفلات العرس التي لا أميل إليها كغيري، مع احترامي لكل المطربين.

* لماذا لم تقرر الغناء باللهجة المصرية مرة أخرى للوصول إلى الجمهور المصري؟

- لا أنكر أنني أسعى للغناء باللهجة المصرية، وهذا مشروع حتمي وسيأتي عاجلا أو آجلا ولكني أريد أن أقدمها بشكل يعبر عني ويكون فيها شيء مميز وفيه إضافة إلى رصيدي، ولكني حتى الآن لم يعرض علي كلمات تجعلني أخطو هذه الخطوة دون أي تردد، لأن الشعب المصري شعب ذواق.

* لماذا قمت بكتابة وتلحين كل أغنيات ألبومك «راجعين»؟

- ما دامت لدي كافة الأدوات وكل الإمكانيات لكي أقوم بكتابة أعمال جيدة فلا مانع من أن أكتب ألبوما واثنين وثلاثة، ولماذا ألجأ إلى أحد؟ على الرغم من أنني لن أرفض التعامل مع أي ملحن أو مؤلف في حالة وجود لحن وكلمة جيدة، فأنا تعاملت مع الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي في أغنية «دواير» وكان عملا رائعا، ولكني وافقت عندما وجدت الأغنية تناسبني وتناسب اللون الذي أقدمه.

* أصدرت أول ألبوم غنائي سنة 1987 بعنوان «كاسك حبيبي»، ورصيدك من الألبومات حتى الآن 4 ألبومات فقط، لماذا لم تكثر من إصداراتك الغنائية؟

- ألبوم «كاسك حبيبي» لا أعتبره ألبوما غنائيا لأنني قمت بتسجيله بطريقة غير احترافية، والألبوم يتضمن أربع أغنيات فقط، لذا فأنا أعتبره «ميني ألبوم» وليس ألبوما كاملا، وعلى الرغم من ذلك فقد تمت إذاعة هذه الأغنيات على الإذاعات اللبنانية، وما أحب توضيحه أن الأمر بالنسبة لي ليس بكثرة الألبومات ولكنه بالعمل الجيد حتى لو كانت الأعمال قليلة.

* هل تفكر في إعادة توزيع هذه الأغنيات مرة أخرى؟

- بالطبع أفكر في إعادة هذه الأغنيات مرة أخرى وليست هذه الأغنيات فقط، وإنما كل أغنيات المطربين الذين تغنوا بكلماتي وألحاني فسأقدمها بشكل مختلف على المسرح وليس في ألبوم خاص.

* المعروف أنك في كلماتك تدلل المرأة في جميع كلماتك لماذا أقبلت على تقديم أغنية بعنوان «خاينة»؟

- أغنية «خاينة» لا تقلل من احترامي للمرأة، فالمرأة بشر تخطئ مثلها مثل الرجل، وحتى في تقديمي للأغنية كان فيه نوع من «الطبطبة» بعض الشيء حيث إنني حريص على احترام المرأة حتى إن قمت بنقدها، بالإضافة إلى أن الشاعر الكبير نزار قباني الذي عظّم المرأة قدم أيضا أغاني تنقدها بشدة فوضعها في جميع المراتب الغنائية، بالإضافة إلى أني قدمت في ألبوم «راجعين» أغنية بعنوان «وطي صوتك» والتي أنتقد فيها المرأة بشكل فيه نوع من الهدوء.

* قدمت أغنية لوطنك في ألبومك الأخير بعنوان «مش خايف على لبنان»، فهل بالفعل أنت غير قلق على لبنان كما في عنوان الأغنية؟

- تتحدث الأغنية عن الخوف على القيم، وبالتأكيد أنا خائف على لبنان في ظل الظروف الراهنة في العالم العربي، خاصة أننا عشنا 35 عاما في الحرب وما زلنا متأثرين بها حتى الآن، ونخشى أن تعود الحرب مرة أخرى، وأنا غير متفائل من الوضع الآن ولكني آمل خيرا، فنحن عرضة لتداخلات كثيرة وأقربها أننا مجاورون لسوريا، فلبنان عانى كثيرا من قبل من التدخلات الخارجية والاستيطان الإسرائيلي ووضعنا في لبنان ضعيف جدا ولن يقدر أن يساعدنا غير أنفسنا، ولكن الخوف من الرجوع إلى الحرب هو الذي يجعل الجميع يفكر مرارا وتكرارا في حدوث حرب أهلية، وأتمنى أن يبعدها الله عن أي مجتمع عربي، فكل الشعوب العربية لديها مطامع خارجية وأسهل شيء أن يشعلوا الفتنة الداخلية.

* ماذا عن أوبريت «بكرا» الذي قمت بالمشاركة فيه مؤخرا؟

- بكل بساطة تمت دعوتي للمشاركة فيه ولبيت الدعوة بعد أن تعرفت على الأسماء المشاركة في الأوبريت ومن كتبه، حيث كانت كلماته لماجدة الرومي التي أعرفها جيدا وتعاونا من قبل، وألحان وتوزيع جان ماري رياشي، وهذا جعلني لا أدقق في أي شروط أو أي تعديل على لحن أو كلمة أو أي شيء أو حتى مدة ظهوري فيه، فأنا لم أعمل أي نوع من المراقبة على الرغم من أنني في النهاية ملحن ومؤلف، وكذلك أن عائد الأوبريت سيعود إلى رعاية الأطفال في العالم العربي، فأنا ذهبت إلى قطر ووضعت صوتي على اللحن والكلمة وعدت إلى بيروت.

* ماذا عن رد فعلك عندما انسحبت المطربة ماجدة الرومي من الأوبريت؟

- ليس لي علاقة بالموضوع فأنا وافقت على المشروع من البداية، ولكن أعتقد أنها اختلفت مع المنظمين أو القائمين على الأوبريت نتيجة لبعض الشروط والتفاصيل. ولكن كانت علاقتها بالقائمين على العمل إنسانية من الدرجة الأولى.

* هل تفكر بعمل مشروع غنائي خاص لثورات الربيع العربي؟

- نعم أفكر بالفعل في عمل هذا المشروع ولكن ليس الآن، فأنا لا أريد البدء في أي مشروع وسط المعركة، بل سأتمهل لتقييم الحدث بشكل دقيق فيما بعد وسأقدم عملا فنيا يناسب هذا الحدث العظيم، فأرى أن الموسيقى لا بد أن تتأثر بالأحداث وأريد أن أواكب هذا التغيير على المستوى الشخصي من خلال كلماتي وألحاني، وأعتبر أن ألبوم «راجعين» هو بداية لتغيير في الموسيقى الخاصة بي التي قدمتها من قبل.

* ما مسؤوليتك أنت تجاه هذا التغيير؟

- دوري لا ينفصل عن السياسي على الرغم من أنني لم أتحدث في السياسة، ولكن لدي مسؤولية أكثر بالتغيير في الموسيقى وتقديم ألوان جديدة وتجديد الأفكار والحفاظ على الأغنية والانتساب إلى الحاضر والماضي في نفس الوقت وأن تحمل معاني إنسانية عاطفية تشبه هذا العصر، ومن الممكن أن يكون هذا التغيير في الوقت القريب ولكن من الممكن أن يكون على مدار سنوات، وأنا أحاول حتى في التعاون مع الفنانين أن «أغربل» كل فترة تعاوني معهم وأنتقي منهم المناسب لي.

* تزور مصر الآن لتسجيل إحدى حلقات برنامج تلفزيوني.. ألم تقلق من المجيء إلى مصر في ظل الظروف الراهنة؟

- بالطبع لم أقلق فأنا أعيش في لبنان ونحن معتادون على ذلك، وما يريده الله سوف يكون، وقد لبيت الدعوة على الفور، وأرى أن الأمور تتضخم في الإعلام أكثر من الواقع فالأحداث في مصر تبدو عنيفة ولكني أراها سلمية، فالمشهد عن قرب أوضح بكثير من السمع، ولكني أتمنى أن يحمي الله مصر ويبعد عنها الحرب الأهلية فهذا دمار شامل، وأرى أنها لم تتعرض لهزات أمنية كبيرة، فتركيبة الشعب المصري تستطيع أن تحل هذه الأزمة بصورة سلمية.

* حينما تغني أغنيات مطربي الزمن الجميل من المصريين تقوم بالغناء لمحمد عبد الوهاب فقط، فلماذا؟

- أنا بالفعل لا أغني لأي مطرب وهذا ليس غرورا مني أو عدم ثقة في نفسي، ولكني أرى أن غنائي لأي مطرب من كبار معلمينا كأم كلثوم أو عبد الوهاب أو عبد الحليم حافظ أو فيروز، ليس فرد عضلات كما يفعل البعض، فلا بد أن أحسب الخطوة بدقة، فحينما أغني لهؤلاء العظماء أجد صعوبة في تقديم هذه الأغنيات لأن من غناها قدم أفضل ما عنده، واختياري لعبد الوهاب هو ارتياح نفسي وداخلي ويأتي لعشقي له، وأيضا أحب أن أغني لمحمد فوزي وألحان بليغ حمدي فأنا أرتاح للجو الطربي وأفكر في تقديمه.

* تردد أنك بصدد تعاون بينك وبين المصرية شيرين عبد الوهاب فما حقيقة هذا الأمر؟

- لا يوجد أي تعاون بشكل رسمي مع شيرين ولكن تحدثنا بشكل شفهي، وأعتقد أن هناك نية فقط وليس أكثر ولا أقل، على الرغم من أنني جاد جدا في هذا المشروع لأنني بالفعل أعشق صوتها وأرحب بالعمل معها. وحاليا أنا بصدد التجهيز لأغنيات للمطربة اللبنانية كارول سماحة، التي أرتاح في العمل معها، كما أنني بصدد تجهيز أغنية سنجل سأطلقها في الأسواق قريبا.

* تقوم الآن بتجهيز أغنيتين للبناني فارس كرم وأنت بعيد كل البعد عن منطقته في الغناء، فكيف كان التعاون معه؟

- أنا كملحن أقدم عدة ألوان مختلفة على الرغم من بعدها عن لوني الرومانسي كمطرب، وأنا قدمت أغنية بعنوان «عشقاني» لفارس كرم محاولا أن أقترب إلى منطقته وأن آتي إليه، وهذه الأغنية قدمت فارس بشكل مختلف على الرغم من أنه لم يعطِها حقها في الدعاية أو يدعمها بشكل جيد، وأنا الآن أجهز لأغنيتين سيقدمان فارس بشكل مختلف عما قدمه من قبل.

* ما رأيك في الغناء الشعبي الذي أصبح مسيطرا على الجو العام؟

- أرى أنه ليس غناء شعبيا على الإطلاق؛ فهذا غناء يسمى من وجهة نظري غناء «شوارعية»، فالشعبي مثل الذي قام بغنائه الراحل كارم محمود، وبعض أغنيات أحمد عدوية، وأنا لا أعرف لماذا الشعبي يسير «في سكة غريبة» وخاصة في لبنان، فالأغنية الشعبية من أجمل الأغنيات، لأنها أغنية بسيطة تعبر عن البسطاء والأحاسيس الواقعية ولكنها أصبحت «ملطشة» الآن.

* أين مروان خوري من الجوائز؟

- الجوائز التي حصلت عليها قليلة بعض الشيء وليست كثيرة، وقد منعت عن أخذ جوائز، لأن أغلبها تكون مدعومة أو مسيرة بشكل معين، كما أنني لا أهوى جمع الجوائز.