سينما

المخرج ستيفن سبيلبرغ خلال تصوير فيلم «حصان حرب»
TT

* لقطة أولى.. نجاح في فنجان

* إحدى الكتابات التعليقية الأخيرة ذكرت أن فيلما معينا فاز بجوائز عدة مهرجانات، وذكرت اسم اثنتين أو ثلاث منها. لا ضرر. الفيلم عُرض في هذه المهرجانات وخرج بجوائز وشهادات. لكن هل يكترث أحد لمعرفة أي مهرجانات هذه التي نتحدّث عنها؟

لقد انتهت مؤخرا أعمال مهرجان وهران السينمائي المقام في الجزائر، وقبل أن يسيء الفهم أحد علي القول إنني لم أحضره لكي أكون شاهدا على مدى نجاحه، لكني أصدّق ما كُتب عن دورته الحالية من أنها كانت أفضل دوراته من ناحية، ولم تخل من الأخطاء التنظيمية والإدارية من ناحية أخرى. وقبله كانت هناك مهرجانات عربية شتى داخل وخارج العالم العربي وكلها على العين والرأس، ولا يهم إذا كانت صغيرة ذات ميزانية محدودة أم كبيرة ذات ميزانية تعجز عنها معظم مهرجانات العالم. ما يهم هو إذا ما كانت فعليا صحيحة. ما المقصود بها؟ كيف تتجه؟ من يديرها وما هو فعله السينمائي ومفهومه؟ ما هو اختصاص المهرجان ومدى نجاحه في هذا الاختصاص؟ ما هي غاياته وهل يحققها؟ هل له آيديولوجية سينمائية بحتة يدافع عنها أم أن الأفلام التي تعرض فيه تلتقي وتفترق لبضعة أيام بصرف النظر عن جودتها وإجاداتها؟

الغالب هو الثاني. إذا ما استثنينا حفنة من المهرجانات العربية، فإن الغالبية تقام لأنها تلبي حاجات خاصة وعامة لا تكفي لإقامة مهرجان من أجلها. بالتالي، لا يمكن لجوائزها أن تعني الكثير. في الحقيقة، الجوائز الممنوحة في معظم المهرجانات العربية (كبيرة وصغيرة) لا تعني الكثير خارجها. الجائزة هي ترجمة مادية للجهد والموهبة الفنيين، وهذا رائع، لكن قيمة هذه المادة مختلف عليها خارج إطار المهرجانات الثلاثة الكبرى: برلين وكان وفينيسيا، وخارج المناسبات السينمائية الرئيسية الثلاث حول العالم: بافتا والأوسكار والغولدن غلوبس. هذا ليس رأيا ولا اختيارا شخصيا، بل واقع. هل نضحك على أنفسنا مؤكدين أن الجائزة الممنوحة في هذا المهرجان أو ذاك لها أهمية خارج نطاق المهرجان نفسه وعلاقته بالجوار المباشر؟ هذا بالنسبة للمهرجانات الكبيرة. فكيف الحال بمعظم المهرجانات الصغيرة التي تخرج كنباتات فطرية من دون تأثير؟

وهذا ما يدلف بنا إلى موضوع الفيلم الفائز نفسه. إذا كان جيدا بالفعل فإنه أكبر من المهرجان الصغير الذي فاز فيه، وإذا لم يكن جيدا، فإن فوزه أكبر منه هو. إلام يقودنا كل ذلك؟ إلى فوضى من المعايير والتسميات، التي يجب أن نضع حدا لها لكي نرى الواقع الفعلي لما نسميه بالسينما العربية.

* قال لـ «الشرق الأوسط»: الغاية هي إيجاد أفضل قصة تستطيع أن تقدمها للمشاهد

* هناك فيلم من إنتاج أو إخراج أو إشراف ستيفن سبيلبرغ طوال أيام السنة. سينما أو تلفزيون. هو منتج، كاتب، مخرج، ممثل، موظف، صاحب شركات، صاحب مركز معلومات ووثائق، مساعد مخرج، مخرج وحدة ثانية، مونتير، مصور ولديه أصابع في التصوير والمؤثرات والموسيقى والمونتاج والتقنيات الأخرى. موقع IMDbPro يضع لائحة بعدد الأفلام التي أنتجها أو قام بدور المنتج المنفذ لها فإذا بها 148. عدد أفلامه كاتبا (ولو أن معظمها من ضمن إنتاجاته) 22 ومخرجا 49 و«شغيلا» في حقول عدة 14 وممثلا في 11 فيلم ومونتيرا لتسعة أفلام، ومخرج وحدة ثانية لأربعة.. والقائمة تطول.

هذا يعني أن هناك فيلما واحدا على الأقل يعرض في كل شهر من أشهر السنة، عمل سبيلبرغ عليه بشكل أو بآخر.

ليس أن الكثرة تغلب النوعية. وهناك نوعيات ومستويات مختلفة بلا ريب. سبيلبرغ قد يكون اسما رنانا، بل هو بالفعل كذلك، لكن النتائج تتفاوت خصوصا كمخرج، بين أفلام رائعة من بينها «تقرير الأقلية» و«ذكاء اصطناعي» و«ميونخ» و«إمبراطورية الشمس» و(فيلمه الأول تماما «مبارزة») وبين أفلام بمستويات متفاوتة بينها «جوز» و«جيروسيك بارك» و«إنديانا جونز» و«اقبض علي إذا استطعت» وصولا إلى حفنة لم تحقق المنشود على أي صعيد «هوك» و«دائما» و«1942» من بين أخرى. وهذا كله من زاوية نقدية بحتة، إذ إن الجمهور أكثر قبولا لهذه المستويات، معتبرا أن معظمها رائع، والقليل منها دون ذلك.

لكن حتى مع اعتبار أن المسألة ليست كمية بل نوعية، لا يمكن إلا والإعجاب بهذه الحركة النشطة التي لا تتوقف. بتلك الآلة التي تضخ نشاطات في كل اتجاه، ثم تنطلق لتحقيق فيلمين متعاقبين «مغامرات تان تان» و«حصان حرب»، كلاهما معروض في الفترة الحالية.

و كان لـ«الشرق الأوسط» لقاء مع سبيلبيرغ فيما يلي نصه:

* كيف ولماذا المثابرة على هذا النحو؟ هل هناك أرقام قياسية تنوي تحقيقها؟ ربما حققتها فعلا.

- (يبتسم) أعمل في السينما وأعتبر نفسي أعيش السينما في كل ثانية من حياتي. وأنا لست الوحيد في ذلك، ربما من المحظوظين الذين يستطيعون فعل هذا، لكني لست الوحيد. طالما أنا في هذه المهنة، طالما عندي رغبة في أن أمارس الشيء الوحيد الذي أحب ممارسته أكثر من سواه: السينما.

* على ذلك، لو عدنا إلى مطلع السبعينات، هل كنت قادرا على تخمين دورك الحالي أو ما وصلت إليه؟

- بالطبع لا. آنذاك كنت مخرجا جديدا يقف على ناصية سبقه إليها صف طويل من السينمائيين الأكثر استحقاقا. الآن الناصية ملك صف جديد آخر من الطموحين ينظرون إلى من سبقهم مستخلصين أو متأثرين. ما كنت أملكه طبعا هو الطموح. كان الطموح كبيرا. كيف تحقق؟ هذا أمر متعدد الأوجه، لكنها لم تكن رحلة صعبة. بقدر ما طموح المرء كبير بقدر ما يتطلب الأمر المزيد من الصعوبات، في مطلع الأمر على الأقل.

* إذا عدت للوراء؛ ماذا تقول لستيفن سبيلبرغ الشاب من نطاق معرفتك بما حققته للآن؟ هل من نصيحة؟

- لو عدت إلى الوراء، لقلت له: كيف تريد أن تنجب سبعة أولاد وتكون مخرجا نشطا في الوقت ذاته؟ (يضحك). أنا محظوظ جدا جدا، لذلك لا شيء يمكن لي أن أقوله لستيفن الصغير. ربما لو كنت أعلم ما ينتظرني لما أقدمت على كل هذا. إنه مخيف أن يعرف المرء وهو في العشرينات من عمره مدى الحواجز والصعوبات والعراقيل التي ستواجهه. مدى الإرهاق الذي سيصيبه إذا ما اختار هذا الطريق. بل أكثر من ذلك، إذا ما كان محظوظا ونجح في هذا الطريق. الحظ ليس نتيجة منفردة. قد يمنحك الظرف الكثير من الإمكانيات، لكن التنفيذ ليس كبس أزرار.

* لكن هناك اختيارات. لمن ينظر إلى عملك من بعيد يراك تعمل على أكثر من مشروع في الوقت نفسه.

- لكن هذا ليس صحيحا، أنا لا أستطيع العمل على أكثر من مشروع في وقت واحد. يبدو الأمر كما لو أنني أعمل على ثلاثة مشاريع معا، لكن هذا ليس صحيحا.. ما واثق منه أنه لو علمت كم العمل الذي بانتظاري لما تقدمت. للزمت الفراش.

* أنت من أكثر المشتغلين بالتقنيات.. أفلام سابقة لك مهدت لتقدم كبير في المؤثرات والمعالجات التقنية، لكن في الوقت الذي تقدم فيه «مغامرات تان تان» المبني على الدمج بين التمثيل البشري والـ«أنيماشن»، هناك لفتة من البعض للسينما الصامتة؟ لو اختفى الصوت في السينما، ماذا تفعل؟

- ألتقط توم هانكس ونبدأ من جديد. هو وروبرت داوني جونيور أفضل مواهب تمثيلية تستطيع التعبير عن نفسها بلا صوت. لا أمانع في إعادة السينما الصامتة إلى وجداننا، لكن علينا أن نتذكر أن التقنيات هي وسيلة لغاية، والغاية هي إيجاد أفضل قصة تستطيع أن تقدمها للمشاهد. حين قدمت «جيروسيك بارك» لم يرد أحد الحديث عن الفيلم. كلهم أرادوا الحديث عن التقنية: واو.. لديك كومبيوتر صنع حركة ممثليك. هذا في البداية، بعد ذلك حين أخذ الناس يشاهدونه، أدركوا أن الغاية هي في القصة ذاتها. الفيلم لديه ما يرويه ولا يستخدم التقنية كهدف بحد ذاته. هذا ما سعيت إليه في «مغامرات تان تان»، مدركا أن الجمهور سيتجاوز الطريقة التي تم بها صنع الفيلم ليستمتع بما هو الفيلم فعليا.

* «مغامرات تان تان» نتيجة رغبة تعود إلى عام 1981، حين كنت تصور الجزء الأول من «إنديانا جونز».. لماذا انتظرت طويلا؟

حين قرأت «تان تان» أول مرة لم يكن لدي أولاد. كنت ما زلت ولدا بدوري (يضحك) ثم صار عندي سبعة، وراقبت وأدركت إعجابهم بالمغامرات التي جمعت كل ما صدر منها. حقيقة أنها بقيت في بالي، وحقيقة أن أولادي الذين يمثلون جيلين من عام 1985 وإلى اليوم جعلني أوقن أن الوقت قد حان لتقديم هذا الفيلم.

* الفيلم قائم على تمثيل بشري يتم إصباغه وتحويله إلى شخصيات كرتونية؛ ماذا لو بقي تمثيلا بشريا؟

- ما تذكره هو أهم مزاياه التقنية. طبعا كان يمكن القيام بإبقاء التمثيل البشري قائما، لكن الفيلم سيأتي مختلفا. هناك تقنيات جديدة تمكننا من صنع الفيلم على هذا النحو، وقد سعينا إلى امتلاكها. لكن التمثيل لا يتأثر. الجهد الأدائي يبقى كما هو. الوجوه هي ذاتها. التعابير العاطفية لم تتغير. والصعوبة ربما مضاعفة، عليك أن تحتفظ بردات الفعل والعواطف والتعابير متناسقة من مشهد لآخر، لأنك قد تفتقدها عندما تقدم على تحويل الممثلين إلى شخصيات كرتونية. هذا ليس سهلا تطبيقه ولو بدا غير ذلك حين الحديث عنه.

* هناك «حصان حرب» الذي يختلف كليا؛ ما الذي تحاول قوله حين تنتقل من فيلم مثل «مغامرات تان تان» إلى دراما مثل «حصان حرب»؟

- كل شيء نتحدث فيه أنت وأنا. القدرة على التنويع والقدرة على إنجاز أفضل ما هو متوفر من قصص والحفاظ على حبنا للسينما. «حصان حرب» مختلف تماما عن «مغامرات تان تان» كاختلاف «أميستاد» أو «اللون بنفسجي» عن «غزاة التابوت الضائع» أو «لقاءات قريبة من النوع الثالث». لكن في كل أفلامي أبحث عن القصة الأصلح لأن تكون فيلما بصرف النظر عن نوع هذا الفيلم.

* بين الأفلام

* The Darkest Hour إخراج: كريس غوراك أدوار أولى: إميل هيرش، أوليفيا ثيرلبي، ماكس منغيلا، راتشل تايلور النوع: خيالي علمي (نهاية الأرض) إنتاج: الولايات المتحدة/ روسيا - 2011 كريس غوراك من بين عدد من المخرجين المقبلين من مهن سينمائية تكمن في الخلفية. بعضهم من المؤثرات الخاصة، وبعضهم من الإدارات الإنتاجية، وبعضهم الثالث من عملهم كمصممي مشاهد، وهذه كانت مهنة غوراك في أفلام مثل «نادي القتال» لديفيد فينشر، «روزوود» لجون سينغلتون، و«تقرير الأقلية» لستيفن سبيلبرغ. ولا أحد يستطيع أن يقول شيئا عن عمله في هذه الأفلام المذكورة على الأقل. لكن هناك الكثير مما يمكن قوله عن هذا الجهد المهتز تحت وطأة موضوعه الذي يدور حول غزو (آخر وآخر وآخر) فضائي من قوى تحتاج إلى الطاقة الكهربائية لكي تعيش. يبدو أن بعض مدننا العربية ليست وحدها التي تنقطع فيها الكهرباء! ليس فقط أن المادة المقترحة علينا هنا كقصة لا تختلف عن تلك المواد القصصية التي شاهدناها مرارا وتكرارا من قبل، إلا من حيث الأسماء والأماكن (موسكو عوض لوس أنجليس أو نيويورك)، بل هناك حقيقة أن الفيلم يشترك مع سواه في أنه يطرح المعضلة، التي ربما تكون مثيرة للاهتمام من الوهلة الأولى، ثم يتركها وهي تحاول أن تقف على قدميها لتسقط من جديد في كل مرة. ذلك مرده السيناريو الذي يقوم على فكرة، وليس لديه ما هو أبعد من ذلك بكثير.

إنه عن صديقين أميركيين شابين (هيرش ومنغيلا) حطا في موسكو للترويج لموقعهما الجديد ليكتشفا أن شخصا سويسريا سطا على الفكرة وسبقهما إلى استغلالها. للترويح عن النفس يدخلان ملهى ليليا ويتعرفان هناك على النصف الآخر (ثيرلبي وتايلور) الفتاتين الأميركيتين اللتين جاءتا للسياحة. هذا التعرف يسبق وصول «سياح» آخرين بقليل، لكنهم سياح بلا كاميرات ولا وقت يقضونه في الزيارات الاجتماعية، بل لديهم أجندة: قتل أهل الأرض والاستيلاء على الحرارة الكهربائية بالكامل. من حظ الأميركيين أنهم كانوا قريبين مما يمكن اعتباره ملجأ، مدركين أن هناك كارثة تقع على السطح وأنه من الأفضل الاختباء تحت الأرض. بعد أيام حين يخرجون للسطح يكتشفون الكارثة التي حلت بموسكو. باقي الفيلم عن كيف سيستطيع هؤلاء الخروج من هذه الورطة والبقاء أحياء، وفي أعقابهم تلك الوحوش غير المنظورة.

في النصف الثاني سينضم شبان روس إلى هذا الفريق الصغير مؤلف من مراهقين. فجأة إنقاذ العالم سوف يتم على أيدي الجيل المقبل، وهو ما يثير القلق أكثر من سواه.

لكن ما يتيحه هذا الفيلم الساقط تحت وبال فبركته، هو كونه الفيلم الثاني الذي تقع بعض أحداثه في موسكو، ويحتوي على تدمير كبير يحل بالمدينة.

* شباك التذاكر

* 1 (1) Mission: Impossible - Ghost Protocol: $29,436,090 (2*) ثابت | توم كروز في معركته ضد الأعداء تجمع للآن نحو 500 مليون دولار عالميا 2 (3) Sherlock Holmes: A Game of Shadows: $22,095,200 (2*) تقدم | شرلوك هولمز كما يؤديه روبرت داوني جونيور على طريقته 3 (4) Alvin and the Chipmunks: Chip - wrecked: $17,888,205 * تراجع | رسوم متحركة من بطولة قنافذ وسناجب فوق جزيرة مقطوعة 4 (-) War Horse: $16,940, 532 (3*) جديد | فيلم ستيفن سبيلبرغ الجديد يحط ضعيفا في مركز متوسط 5 (2) The Girl With the Dragon Tattoo: $16,440,246 (4*) تراجع | فيلم ديفيد فينشر البوليسي مع كريغ دانيالز بلا مخالب 6 (-) We Bought a Zoo: $14,731,166 (3*) جديد | دراما من بطولة مات دامون وسكارلت جوهانسن تحط في موقع متأخر 7 (5) The Adventures of Tintin: $12,743,257 (2*) تراجع | فيلم أنيماشن طريقة سبيلبرغ لم يحقق بدوره النجاح المأمول 8 (6) New Year›s Eve: $6,710,044 (2*) تراجع | بعد جولة سريعة فيلم ميشيل فايفر في انحدار 9 (9) The Darkest Hour: $4,163,241 ثابت | أداء ضعيف لهذا الخيال العلمي الشبابي 10 (12) The Descendants: $3,396,129 (4*) تقدم | يعاود فيلم جورج كلوني دخول القائمة بعناد.

_ موسم الجوائز

* 5 أفلام مرشحة لـ«أوسكار المؤثرات»

* أعلنت الأفلام التي ستتنافس على جائزة أوسكار أفضل المؤثرات الخاصة، والملاحظ بينها أن ثلاثة منها هي من بين أكثر الأفلام إيرادا؛ إذ جمعت فيما بينها أكثر من بليون دولار عالميا، وهي:

«هاري بوتر والمقدسات المميتة - 2»، «ترانسفورمرز - 3» و«قراصنة الكاريبي - 4».

أما الفيلمان الآخران فهما «مهمة مستحيلة - البروتوكول الشبح» و«هيوغو» (أفضلها) وهو الوحيد الذي لا ينتمي إلى سلسلة.