سينما

وودي ألن خلال تصوير فيلمه الأخير
TT

* جولة في سينما العالم

* نقد متكامل يواكب النقد عموما النشاطات والفعاليات الثقافية على اختلاف أنواعها ومشاربها. وبالتالي هو ليس مادة قائمة في حد ذاتها عارية من الأسس. فالفعل يتسبب في رد الفعل وليس العكس. وكل فعل يتكون من عدة عناصر، وبالتالي فإن رد الفعل عليها أن تستجيب لبعض هذه العناصر أو لجميعها.

نموذجيا، من مسؤولية الناقد التفاعل علما ومعرفة وبالتالي نقدا، مع كل عناصر العمل المنقود. مثلا، هل من الممكن الاكتفاء بنقد البناء الروائي لأي من أعمال إحسان عبد القدوس أو نجيب محفوظ؟ هل من الممكن الاكتفاء بالقراءة الذاتية لجبران خليل جبران أو مي زيادة؟ هل يصح نقد الأوزان واللسانيات في الشعر العربي القديم وحده؟ وهل المادة المرسومة هي عبارة عن إبداع مجزأ يقدم الناقد على تناول جزئياته حسب علمه ومداركه فيتحدث عن اللون ويترك الموضوع، أو عن الأسلوب ويترك التقنيات؟

سينمائيا، هل من الممكن التعرض بالحديث لفيلم «أفاتار» من حيث ما يطرحه من مواقف سياسية (كما فعل العديد من الذين كتبوا النقد)، فقط، أم من نواحي العمل بأسره مما يشمل حتى المسائل التقنية وحقول التصاميم الإنتاجية والفنية خصوصا أن الفيلم إنجاز كبير في هذا الحقول؟

ما أود الوصول إليه هنا هو أن العمل، أي عمل، متعدد الشرائح والطبقات والجوانب بحيث لا يمكن للناقد إلا أن يستجيب بسواسية لها جميعا. رواية «بين القصرين» لنجيب محفوظ مثلا لا يمكن أن يُكتب عن بعض جوانبها أو طبقاتها، عمودية كانت أو أفقية، وإغفال الجوانب الأخرى. إنها تتطلب إدراكا كثيفا بملكية الكتابة ثم بملكيتها عند نجيب محفوظ.. بالواقع ثم بالواقع كما يرسمه ويراه نجيب محفوظ.. بالشخصية المصرية وبالشخصية المصرية عند نجيب محفوظ.. ثم بأسلوبه اللغوي والفني الخاص كما بالإلمام بالفترة التي يتناولها.. كل هذا وما يتفرع عن أي فعل إبداعي من قضايا ومسائل لا يمكن للعمل أن يتم من دونها، وبالتالي لا يمكن للنقد المتكامل أن يتم من دونها أيضا.

* ترشيحات جمعية المخرجين الأميركيين تشي بالنيات المبيتة

* مؤشرات مهمة في موسم الجوائز

* كل شيء يتمحور حول الأوسكار الأميركي نصف عدد أشهر السنة. مهرجان «بالم سبرينغ» أقام حفلة وُصفت بأنها «بروفة مسبقة لحفلة الأوسكار»، وهو المهرجان الذي يعرض العدد الأكبر من الأفلام الأجنبية التي توجهت للاشتراك في سباق الأوسكار. «البافتا» البريطانية باتت بدورها نوعا من رمي الكرات في اتجاه ملعب أكاديمية العلوم والفنون السينمائية في لوس أنجليس، الأكاديمية المشرفة على حفلة الأوسكار. الـ«غولدن غلوب»، لها تاريخ سجل حضورا متزايدا لعدد الأفلام والشخصيات التي انتقلت من فوزها في هذه المسابقة إلى الفوز بالأوسكار ذاته.

لكن كل هذه المناسبات، وسواها، ليست أكثر تنبؤا من جوائز تنطلق بدورها قبل حفلة الأوسكار وتشي بالنيات المبيتة للمقترعين. ذلك لأن المؤسسات التي تمنحها هي مؤسسات المهن السينمائية التي ينتمي إليها معظم الستة آلاف عضو الذين يصوتون للأوسكار. وهي مؤسسات وجمعيات الكتاب، المخرجين، المصورين، الممثلين، المنتجين على الأخص.

السبب في تميز جوائزها هو أن أعضاء كل جمعية هم أعضاء في الأوسكار أيضا، وحين تعلن جمعية ما عن مرشحيها فإن ذلك التصويت على هؤلاء المرشحين، ولاحقا على الفائز من بينهم، سيتكرر حين يأتي الأمر إلى مسابقة الأوسكار ذاتها.

* نوستالجيا في مطلع هذا الأسبوع قامت جمعية المخرجين بالإعلان عن مرشحيها لجوائزها الخاصة، فإذا بالقائمة تتألف من وودي ألن، ديفيد فينشر، ميشال ازانيفيشوس، ألكسندر باين، ومارتن سكورسيزي، ولتشعل بالتالي حملة توقعات من قبل المتابعين بأن معظم هؤلاء هم من سيزينون قائمة الأوسكار في مسابقة أفضل مخرج التي ستعلن في غضون أسابيع قليلة.

ويعد وودي ألن المخرج الوحيد بين المذكورين الذي أمّن لجمهوره فيلما كوميديا. فهو نال ترشيح جمعية المخرجين الأميركيين عن فيلمه «منتصف الليل في باريس» الذي يتحدث عن رجل يتوجه مع خطيبته في رحلة سياحية إلى باريس وبصحبتهما عائلتها التي دفعت فواتير الرحلة. هناك، وهربا من خامة اجتماعية معينة، يمضي ليلا في أزقة المدينة القديمة ليجد نفسه، على حين غرة، وقد أصبح في الفترة الواقعة بعد الحرب العالمية الأولى وقبل الحرب العالمية الثانية.. الفترة التي عايشها فنانون أوروبيون كثيرون من بينهم بابلو بيكاسو، سلفادور دالي، لوي بونييل، تي إس إيليوت، وسواهم. الفكرة جيدة، وعلى الرغم من شغل ألن الدائم حول حبكة عاطفية لا تتغير (ما يبدو حبا بين اثنين يتبدى عن جاذبية كل منهما لشخص آخر)، فإن عربة الزمن التي تأخذ الفيلم إلى رحاب عالم آخر تنقذ الفيلم بأسره.

هذا الفيلم، وإلى حد ما، يشابه فيلمين آخرين في التوجه نفسه، كلا منهما لمخرج مرشح لهذه الجائزة التي تنبع قيمتها من أن مخرجين هم الذين يقترعون فيها، وليس أي آخر. فـ«منتصف الليل في باريس» بالحنين إلى الأمس يلتقي، وحنين فيلم مارتن سكورسيزي «هيوغو»، وحنين الفرنسي ميشال ازانيفيشوس في «الفنان».

هذان الفيلمان يسعيان، كل بطريقة مختلفة، إلى تعميق وجداننا صوب السينما في أول بزوغها. «هيوغو» يأخذ ناصية الحديث عن المخرج الفرنسي جورج ميلييس ودوره وتأثيره من خلال قصة تقود إلى إعادة اكتشافه في أحداث تقع في الثلاثينات من القرن الماضي، و«الفنان» يقوم على تقديم شخصية خيالية لممثل دهمه العصر الناطق للسينما فلم يعد يستطيع مجاراته وانتهى معتزلا ومنسيا، تماما - لا بد من التذكير - حال المخرج ميلييس.

المخرجان الآخران المرشحان لنيل جائزة «جمعية المخرجين» هما ألكسندر باين عن فيلمه «الأحفاد» وديفيد فينشر عن «الفتاة ذات الوشم التنين»: باين يقدم نموذجا للفيلم المستقل القادر على الوصول إلى جماهيرية كبيرة (ولو أن هذا لا يعني أنه وصل بالفعل) وفينشر يستفيد من موقعه كمخرج معروف («سبعة»، «شبكة اجتماعية»، إلخ..) لتحقيق فيلم بوليسي عن عالم موحش يحسه ويعتبر أنه يعيشه أيضا.

* مستبعدون

* المسألة، في أبعادها، ليست في إطار من تم ترشيحهم فقط، بل من تم استبعادهم أيضا، لأنه إذا ما كان المرشحون لجائزة جمعية المخرجين هم، بالتالي، الأقرب لترشيح مسابقة أفضل مخرج في الأوسكار المقبل، فإن أولئك المستبعدين هم الأقرب، بالتالي، للاستبعاد من الأوسكار ذاته. هذا يدعو للتذكير بأنه في مرة واحدة فقط حدث أن تم فوز مخرج ما بجائزة الجمعية لكنه خسر الترشيحات الأوسكارية في المقابل. هذه المرة كانت عندما نال رون هوارد سنة 1995 جائزة المخرجين عن «أبوللو 13»، لكن ترشيحات الأوسكار تجاوزته تماما. والجدير الثاني بالذكر هنا هو أن أربعة من المخرجين المرشحين لجائزة جمعية المخرجين موضوعون على قائمة مسابقة «غولدن غلوب» لأفضل مخرج، وهؤلاء هم ازانيفيشوس، سكورسيزي، ألن، وباين. أما فينشر فليس واردا على قائمة الـ«غولدن غلوب». بدلا له هناك المخرج جورج كلوني عن فيلمه «منتصف شهر مارس».

لكن مرة أخرى، من هم بعض المخرجين الذين قدموا أفلاما لافتة وتم استبعادهم من قبل زملائهم في المهنة؟ الاسم الأول الذي قد يخطر على البال قبل سواه هو ستيفن سبيلبرغ الذي حشد فيلمين جديدين له في شهر واحد هما «مغامرات تان تان» و«حصان حرب»، وإذا ما كان الأول فعل خدع ورسوم كومبيوتر، مما لن يمنحه حظوة بين موزعي الجوائز عموما، فإن الثاني كان مطروحا بقوة وإن لم يكن على نحو شامل. كلينت ايستوود في الوضع نفسه، ففيلمه «ج. إدغار» وجد مؤيدين ومعارضين وربما معارضين أكثر من مؤيدين، خصوصا في الولايات المتحدة (سيبقى وضعه مطروحا في جوائز أخرى).

كذلك تم تجاوز الفيلم الرائع لترنس مالك «شجرة الحياة» الذي هو فعل من الصعب تخيل أسبابه. لكن عدم ترشيحه دلالة على أن المطروح في عرف غالب المقترعين ربط التنفيذ بالقدرة على الاستيعاب، وفيلم مالك، كما عرفناه، أعمق من أن يُستوعب على ما يبدو.

* بين الأفلام

* (Wuthering Heights) (4*) بريطانيا - 2011 إخراج: أندريا أرنولد (Andrea Arnold) ممثلون رئيسيون: كايا سكودلاريو، جيمس هاوسون، لي شو النوع: اقتباس أدبي كثيرة هي الاقتباسات التي أقدمت عليها السينما منذ أيامها الصامتة وحتى اليوم لرواية إميلي برونتي القاسية «وذرينغ هايتس»، بما في ذلك الاقتباس المصري الممتاز سنة 1956 الذي قام به كمال الشيخ تحت عنوان «الغريب». معيار الامتياز ليس نسبة للأمانة في نقل الوقائع كما وردت في الرواية، بل في منح الرواية على الشاشة شخصية سينمائية وهوية منفصلة تجسد الأصل الأدبي وتتحرر منه في وقت واحد. هذا أيضا ما نراه في فيلم المخرجة أندريا أرنولد الجيد في معظمه.

إنها الحكاية الكاشفة عن مجتمع قام على بنية أفراد قرأوا الحياة من زوايا عنصرية. وعن حب لم يُتح له أن يتبلور في اتجاه صحي فسقط كل من تعامل معه إلى حضيض من المشاعر المرة. الرواية هي الوحيدة التي وضعتها إميلي برونتي (نشرت سنة 1847) وكتبتها قبل عدة سنوات لكن، على ما يبدو، لم تجد قبولا بين الناشرين حتى ذلك العام الذي نشرت فيه. وهي تقوم تحديدا على وضع ثلاثي. نعم هناك شخصيات أخرى، لكن الوضع المذكور هو الثابت والمتواصل: كاثي (سكودلاريو) تحب هيثكليف (هاوسون) الذي يبادلها الحب لكن أخاها هيدلي (شو) يكن له البغضاء. المخرجة ليست بحاجة للإفصاح كثيرا عن خلفيات الوضع: هيثكليف غريب كان والد كاثي وهيدلي عاد به من رحلة عمل ومنحه الرعاية كأحد أفراد العائلة. كاثي أحبته وهيدلي غار منه حين اعتبر أن وجوده أثر على استئثاره بحب أبيه. لكن بالطبع اللون والعنصر يلعبان الدور الأول. في الرواية هيثكليف غجري.. في الفيلم هو أسود (من جمايكا) وكان يمكن له أن يكون عربيا من الجزائر أو أفريقيا من تشاد أو لاتينيا من كولومبيا. أكثر من ذلك، كان يمكن له أن يكون إنجليزيا أبيض البشرة. المهم في الرواية والفيلم معا هو أن الجزء الآخر من الحقد ناتج عن التفاوت الطبقي. عائلة إيرنشو تملك الأرض والبناء (المسمى بوذرينغ هايتس) ولو أنها ليست عائلة ثرية. هيثكليف لا يملك شيئا. المراد قوله في هذا الإطار هو أن القصور البشري سيجد دائما تبريرا لكره الآخر حين يخفق هو في التصالح مع ذاته. إذا أضفنا إلى هذا قضية اللون، فإن حجم الرغبة في التفريق يعلو مستفيدا من حجة أخرى.

تبتعد المخرجة أرنولد عن الناصية الأدبية، تلك التي تستلهم معطيات العمل الكلاسيكية، ومثل أبطالها تماما، تغوص في الوحل منذ البداية.. ترمي نظرتها إلى ذلك المجتمع من دون مسحات جمالية أو تبريرية أو تعاطفية. الأمور كما هي على الشاشة: المساحة الطبيعية موحشة. الجمال محدود جدا والكاميرا محمولة ومعايشة للبيئة.. والفيلم لا يحاول أن يرسم حول المشهد أي إمارات غير واقعية. ذلك يمنح الرواية، لمن قرأها، إضافة محسوبة. الرواية تمسكت بأهداب الأسلوب الأدبي الذي كان شائعا آنذاك، وكانت من أسمائه شارلوت برونتي، الأخت الأشهر لإميلي، ولو أن المضمون كان جريئا ومختلفا لدرجة أن الحكاية وجدت منتقدين كثيرين في الوسط الأدبي. الفيلم يتجاوز الرواية من هذه الناحية، ويضفي عليها الصورة التي تناسب مضمونها وتناسب الواقع المحيط بها أكثر مما فعله أي فيلم تم اقتباسه من قبل. أكثر من ذلك، يُلغي سلطتها الأدبية ويستبدل سلطة الصورة بها.

* شباك التذاكر

* البعض يفضله مرعبا 1 (-) The Devil Inside: $33.732.515 (1*) جديد - فيلم رعب كما يكشف عنوانه من دون موهبة 2 (1) Mission: Impossible- Ghost Protocol: $19.868.059 (2*) تراجع - فيلم توم كروز الرابع في السلسة جمع للآن 170 مليون دولار 3 (2) Sherlock Holmes: A game of Shadows: $13.689.321 (2*) تراجع - روبرت داوني في شخصية هولمز 4 (4) The Girl With the Dargon Tattoo: $11.364.714 (4*) ثبات - فيلم ديفيد فينشر البوليسي مع دانيال كريغ 5 (3) Alvin and the Chipmunks: Chip-wrecked: $9.496.913 (1*) تراجع - أنيميشن للصغار من دون جهد الكبار 6 (5) War Horse: $8.603.976 (3*) تراجع - فيلم ستيفن سبيلبرغ الدرامي عن صبي وحصانه 7 (6) We Bought a Zoo: $8.305.004 (2*) تراجع - دراما عاطفية واجتماعية من بطولة مع مات دامون وسكارليت جوهانسون 8 (7) The Adventures of Tin Tin: $6.727.740 (2*) تراجع - الفيلم الآخر لسبيلبرغ حقق نجاحا محدودا بدوره 9 (17) Tinker Tailor Soldier Spy: $5.676.288 (4*) تقدم - من المركز السابع عشر مباشرة.. جاسوسي جيد مع غاري أولدمان 10 (8) New Year›s Eve: $3.265.073(2*) تراجع - كوميديا عاطفية مع ميشيل فايفر بدأ جيدا ثم انحدر