إيمان البحر درويش: لن أسمح لـ«الإخوان» بالتدخل في ما يخص الموسيقى.. ولو طلبوا مقابلتي سأرفض

قال لـ «الشرق الأوسط»: اعتذرت عن عدم الاحتفال فنيا بثورة 25 يناير لأنها لا تزال مستمرة

إيمان البحر درويش («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن الفنان إيمان البحر درويش، نقيب المهن الموسيقية في مصر، عن رفضه تقديم احتفالات فنية في الذكرى الأولى للثورة المصرية يوم 25 يناير الحالي في ميدان التحرير، مسرح عمليات المظاهرات التي أدت إلى سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، مؤكدا في حواره مع «الشرق الأوسط» أنه لن يحتفل بميلاد الثورة المصرية إلا بعد أن تنفذ جميع مطالبها المشروعة.

كما نفى نيته الذهاب أو الالتقاء بجماعة الإخوان المسلمين، التي حصدت مؤخرا النسبة الكبرى من مقاعد البرلمان، كما فعل نقيب المهن السينمائية الفنان أشرف عبد الغفور، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذا الموقف يأتي رغم أنه يعلم أن الإخوان يحترمونه ويثقون فيه بدرجة كبيرة.

وأكد درويش خلال حواره مع «الشرق الأوسط» من القاهرة أنه ما زال مضطهدا من وسائل الإعلام، خصوصا الفضائيات التي منعت عرض أغنيته «ثورة التحدي»، معتبرا ذلك محاولة لتجنبه لوضوح آرائه، موضحا أنه يقدم فنا لا يوجد مثله في العالم العربي، حيث ينفرد باختيار موضوعات أغنياته، وهو ما تعلمه من جده الفنان سيد درويش. كما تطرق أيضا إلى الحديث عن أمور كثيرة تخص نقابة المهن الموسيقية وتوليه منصب النقيب قبل أشهر قليلة. وهذا نص الحوار:

لماذا اعتذرت عن الاحتفال بثورة 25 يناير القادم، بعد الإعداد لهذا الحفل؟

- لعدم وجود تغيير حقيقي، بالإضافة إلى أن الثورة ما زالت مستمرة ولم تحقق كل مطالبها حتى الآن، وأعتذر بشدة لأهالي الشهداء، فأنا لن أحتفل بهذه الثورة إلا عندما تكتمل، لأنني اكتشفت مؤخرا بأنه يوجد ثغرات في القانون ومن الممكن أن تصدر أحكام بالبراءة على رموز النظام السابق الذين يحاكمون الآن بعد أن أفسدوا الحياة في مصر، لذلك قررت أن أؤجل احتفالي بأعظم ثورة في التاريخ لحين القصاص لأهالي الشهداء.

لكن من الممكن أن تكون قد أجّلت الحفل خوفا مما يقال عن حدوث انفلات أمني أو استكمال للثورة في هذا اليوم.

- إطلاقا، فأنا قمت بالإعداد لحفل الثورة مع ثوار ميدان التحرير، والمكان سوف يكون مؤمنا بشكل جيد من الثوار بعيدا عن الأمن أو قوات الجيش، واعتذاري كان بعيدا تماما عن هذه الفكرة، على الرغم من أنني عندما قمت بعرض الحفل على بعض المطربين المتفق عليهم من قبل الثوار أبدوا قلقهم من الاحتفال في هذا اليوم، ولكني قمت بطمأنتهم وقلت لهم إن الرجال الذين قاموا بالثورة في 25 يناير هم الذين سوف يقومون بتأمين هذا الحفل. وهذا القلق كان نتيجة التعامل مع أهالي الشهداء.

ماذا تقصد بالمطربين «المتفق عليهم من قبل الثوار»؟

- أقصد المطربين الذين نزلوا أيام الثورة إلى ميدان التحرير وغنوا مع الثوار، والمعروف عنهم آراؤهم الواضحة من الثورة من أول يوم، وهذا ليس بعيب، حيث إنه لا يجب أن أقوم بإحضار مطربين لا يقبلهم الثوار وبالتالي أسبب إحراجا شديدا للمطرب، والثوار من حقهم أن يرفضوا أي مطرب يرون أنه لا يمثلهم ولا يريدون أن يكون معهم في هذا الاحتفال.

لكنك نقيب المهن الموسيقية ومن حقك أن تدافع عن أي فنان حتى ولو كان مخطئا.

- بالطبع، فلو لجأ إلي أي فنان سوف أقف بجواره وأدافع عنه، لكنهم لم يلجأوا إلي لكي أدافع عنهم أو أصحح صورتهم، وأنا قادر على تصحيح هذه الصورة ولدي القدرة على ذلك، فالناس تثق بي وتعرف آرائي جيدا، وبصفتي نقيبا حرا فلا يملي أحد علي أي شروط، وأنا كذلك قادر على أن أدافع عنهم من الإخوان المسلمين والسلفيين. ومن وجهة نظري على المطربين الذين أخطأوا في حق الثوار بإبداء آراء ضدهم أن يفعلوا أشياء تحسن من صورتهم.

ماذا تقصد بـ«الدفاع عنهم من الإخوان المسلمين والسلفيين»؟

- بمعنى أن الإخوان والسلفيين يعرفونني جيدا من خلال تاريخي الفني وكذلك اختياراتي، وأنا فنان لم أغير من مواقفي سواء قبل الثورة أو بعد الثورة، مع العلم أني لن أسمح لأحد منهم بأن يتدخل في أي شيء يخص الموسيقى كوني نقيبا للمهن الموسيقية، وأنا مع التخصص بحيث يكون لكل شيء تخصصه، ولا يجوز أن يفتي أي شخص في ما لا يعرفه، وأنا مع أن أذهب إلى أهل التخصص، وإذا دخل الموضوع أمورا دينية فسألجأ إلى التخصص في الدين.

هل معنى ذلك أنك من الممكن أن تذهب إلى الإخوان كما فعل نقيب المهن السينمائية أشرف عبد الغفور؟

- لم ولن يحدث أن أذهب إليهم، ولو طلبوا مقابلتي سأرفض، مع احترامي الكامل لنقيب المهن السينمائية الفنان أشرف عبد الغفور، فمن المؤكد أن لديه أسبابه ومبرراته التي جعلته يذهب إليهم، وهو الأجدر بتوضيح تلك الأسباب.

هل يزعجك أن يقال عنك إنك من الإخوان المسلمين كما أشيع عنك وقت انتخابات النقابة؟

- أعلم أن الإخوان يحترمونني ويثقون بي جدا، وبالفعل تم اتهامي أثناء خوضي انتخابات النقابة بأنني أنتمي إلى الإخوان المسلمين كنوع من التشويه لي، ولكنه ليس عيبا بالطبع أن أكون من الإخوان، ولكني رجل وسطي ومعتدل، وأنا أمشي على نهج الإمام الشافعي، ولن يزعجني بالطبع أن يقال عني هذا، ولكن كون أني أتحدث في الدين بشكل جيد وأعرف ديني جيدا هذا لا يعطي الحق لأحد أن يقوم بتصنيفي، ولا أعتقد أن الاحترام والأدب في التعامل أصبحا وسيلة للانضمام إلى جهة واحدة، فأنا أمثل نقابة المهن الموسيقية والأمانة تجبرني أن أكون رقيبا وصارما على كل ما يصدر إلى الجمهور بعيدا عن العرى وخدش الحياء.

لكن العري الذي تتحدث عنه لا يزال مستمرا على القنوات الفضائية.

- الآن مصر غير مستقرة ولا يوجد رئيس جمهورية، وبالتالي فالأمور الآن لا أستطيع أن أتحكم بها، لكن حينما تستقر الأوضاع السياسية داخل مصر سأتخذ أعنف الإجراءات القانونية ضد من يروّج لذلك، وأنا سأتدخل في كل شيء يخص الموسيقى، فعلى سبيل المثال الرقابة تعطي التصريح للفنان، وأنا بصفتي رقيبا ومتخصصا في الموسيقى أجد أن هذا التصريح من الممكن أن يكون فيه شيء من الترويج بشكل غير مباشر لهذا الابتذال حتى ولو بالكلمات، وهذا ليس عيبا على الرقابة لأن الرقابة ليست متخصصة، وليس عندها التكتيك في الموسيقى واللحن، وسوف أتدخل بعد ذلك حتى في شكل عرض الفيديو كليب نفسه، ولكني لن أقول إن الفنانة لا بد أن تظهر بالحجاب لكي تغني، فالشيء الوحيد الذي لا أتدخل فيه هو الشكل الغنائي للمطرب.

أنت من أكثر الفنانين الذين غنوا أغاني وطنية.. أين هذه الأغاني الآن؟

- لا أعرف السبب حتى الآن، ولكني أرى أنني مضطهد من الإعلام وأرى أن الإعلام ما زال يدار كما كان يدار في النظام السابق، وأنه يوجد رؤوس أموال من الموجودين في طره تقوم بإدارة قنوات فضائية، وهذه القنوات تخاف أن تكلمني لتطلب مني التحدث فيها لأن آرائي واضحة، ولكني سوف أظهر هذه الآراء في ألبومي القادم «ثورة التحدي».

كيف تكون مضطهدا وقد أصبحت في مصر حرية أكبر حجما من الماضي؟

- طرحت أغنية بعنوان «ثورة التحدي» وقمت بتوزيعها على جميع القنوات الفضائية، ولا أنكر أن كلمات الأغنية فيها صراحة شديدة لكل الوضع الذي نعيشه الآن، حيث إن الأغنية بها كل ما يحدث الآن من انتهاكات، ولم تُذَع إلا مرتين على قناة غير مصرية، والقنوات الأخرى لم تُذَع فيها ولا مرة، فهذا أعتبره نوعا من الاضطهاد ومحاولة لتجنب وجودي لوضوح آرائي، وأنا لو كنت فنانا في بلد آخر لأشادوا بفني إشادة بالغة، فأنا أقدم فنا لا يوجد مثله في العالم العربي، فأنا منفرد في اختيار الموضوعات وتعلمت ذلك من سيد درويش الذي أفتخر أنني حفيده.

هل توقعت أن تكون نقيبا للمهن الموسيقية؟

- لا، لم أتوقع ولم أحلم ولم أفكر في أن أكون نقيبا في يوم من الأيام، ولم أزُر النقابة قبل أن أكون نقيبا، وأعتبر هذه مسؤولية ضخمة وأمانة على عاتقي، وأتمنى أن أخلص فيها، وأتمنى أن أنشر الموسيقى في كل أنحاء مصر، وهذه هي خطتي القادمة.

ماذا عن بصمتك كنقيب خلال الشهور الماضية؟

- تسلمت النقابة وهي خاوية تماما من أي شيء، ويوجد الكثير من المخالفات على النقيب السابق، التي يجري التحقيق فيها الآن، وأحاول جمع تبرعات من الفنانين للإنفاق على النقابة، وقد استجاب كثيرون لي، كما أحاول الآن أن أقدم المنح التي لم تكن موجودة في النقابة من قبل، والآن أجهز لحفلات خاصة لتمويل صندوق المعاشات، حيث قمت بإرسال الدعوة إلى كل مطربي مصر، وجاءني بالفعل رد من بعض منهم بالموافقة على المشاركة مثل محمد فؤاد وإيهاب توفيق ومحمد حماقي، وعلى العكس هناك من رفض مثل شيرين عبد الوهاب، كما لم يأتِني رد حتى الآن من عمرو دياب وأنغام.

هل ستأخذ موقفا من الذين رفضوا المشاركة في مثل هذه الحفلات؟

- مطلقا، فهذا موقف إنساني، وهم لهم كل الحرية في المشاركة أو عدم المشاركة.