«كيف لك أن تكون نجما وشخصا متواضعا في الوقت نفسه؟»

جون كيوزاك يؤدي شخصية إدغار آلان بو

TT

في حساب الممثل جون كيوزاك ستون فيلما من عام 1983 إلى اليوم. آخر هذه الأفلام «The Raven» الذي يفتتح عالميا هذه الأيام بتوقعات كبيرة، وفيه يؤدي كيوزاك شخصية المؤلف البوليسي والشاعر إدغار آلان بو الذي اشتهر بعد وفاته (وُجد ميتا على الرصيف فقيرا وبتأثير الإدمان والمرض) أكثر مما واتته الشهرة حيا، والذي استمدت السينما من أعماله عشرات الأفلام. في الحقيقة عدد الأفلام المقتبسة عنه أو التي تأتي على ذكره كسيرة حياة جزئية أو كاملة بلغ في آخر تعداد 192 فيلما، بينها فيلم أردني الإخراج (لمحيي الدين قندور) دار بالكامل عن شخص بو. وهناك ستة أفلام في مراحل مختلفة من الإنتاج مسحوبة من أعماله التي من بينها «قناع الموت الأحمر» و«موريلا» و«القلب الدال» و«تهاوي منزل آشر» و«الغراب»، التي هي من بين الأكثر ظهورا في الاقتباسات السينمائية، وآخرها الفيلم الذي يتولى بطولته كيوزاك ويخرجه جيمس ماكتيغ.

أن يكون بو أكثر شهرة من جون كيوزاك فهذا جائز، ولو أنه غير مؤكد. المسألة نسبية حتى بالنسبة للممثل الجاد والموهوب الذي منع نفسه من الانجذاب صوب الأدوار البطولية الخارقة على غرار أتراب له مثل جوني دب وروبرت داوني جونيور. شارك في الكثير من الأفلام الناجحة مثل «صيف مجنون» و«المحتالون» و«دفع الصفيح» و«2012»، لكنه لعب أيضا في أفلام تحسب على المستقل والمختلف مثل «رصاص فوق برودواي» و«ظلال وسحاب» (كلاهما لوودي ألن) و«Grosse Point Blank» العنيف و«أن تكون جون مالكوفتيش».

* ما تاريخ علاقتك بإدغار آلان بو كقارئ أو كمتابع لأدبه؟ هل هو تاريخ بعيد؟

- قرأته في صفوف الدراسة. كنت شابا صغيرا حين أدركت قيمته الحقيقية في الأدب وفي التراث الأميركيين. وحين تنظر إليه اليوم تجده الأب الروحي لكل ما تلاه من حكايات تشويق داكنة أو روحانية، كما الأب الروحي للتحري الخاص.

* سبق أغاثا كريستي وآرثر كونان دويل...؟

- نعم. إنه تشارلي تشابلن الأدب. وحين عدت إليه لاحقا وقرأته أكثر أدركت كم كان متميزا بكتابته. كان «سيدا» في عمله وترك تأثيره في أكثر من اتجاه.

* لكن الفيلم ليس قصة حياته.

- صحيح. نسرد هنا قصة خيالية يدخلها ليكون بطلا لأحد أعماله. إنه فيلم فانتازي يصبح فيها بو جزءا من خياله. وهذا يتيح له أن يقدم نفسه. لديك حياته وكتاباته ورسائله، ثم نراه مطلوبا لكي يشترك في فك ألغاز ناتجة عن واحدة من رواياته. كل هذا من دون أن نشكل كلمة نهائية أو محددة في حياته أو حوله. بو أراد أن يكون مقروءا أكثر، أن تؤلف رواياته ما ألفته لاحقا من انتشار. ليس لأنها لم تكن منتشرة في وقته، لكن الشهرة واتته بالفعل لاحقا عقب موته.

* بو كان شخصية تميل إلى التعقيد. حياته السوداوية أثرت عليه وحكاياته وشخصياته سوداوية أيضا. كيف تعاملت مع هذا الجانب؟

- هذا صحيح. لم تكن حياة سهلة، فحين كان صغيرا فقد والده وتبناه أب ثري لكنه حرمه من الثراء إذا لم ينصَع لتوجيهاته. بو كما تعلم كان مدمن كحول، بل كان يحمل مفهوما عنصريا في بعض الحالات، وشخصياته وأجواؤه داكنة بالفعل. كان في السادسة والعشرين حين تزوج فتاة في الثالثة عشرة من عمرها. لم يكن الأمر فضيحة آنذاك كما هو اليوم، لكن هذا يعكس توهانه. لا أعتقد أنه كان مشغولا بالجنس أو النساء، لكن تأثير وفاة زوجته كان بدوره كبيرا عليه. لذلك غلبت على أعماله ذلك الطابع الداكن.

* ماذا تعني لك حكاية «الغراب» ذاتها؟

- الغراب رمز ميثالوجي في عمله، وهو طير له وجود في التراث والثقافات المختلفة. لكن عند بو هو رمز لطائر يستطيع أن يعيش فوق وتحت الواقع ويرى ويعلم الدواخل وما تحت الأرض.

* حدثتني عن علاقتك بالروائي بو، لكن ماذا عن علاقتك بالشعر عموما؟ هل كتبت شعرا؟

- نعم، فعلت. لكنني لن أظهره لأحد على الإطلاق. أولا لأنه ليس جيدا، وثانيا لأني لا أعتبر نفسي شاعرا. تستطيع أن تقرأ بو وتستطيع أن تقرأ أوكتافيو باز أو سواهما وتحاول أن تتعلم، لكنّ هناك شيئا آخر غير إتقان العبارات أو تقليد الأساليب. هذا الشيء هو الذي يمنح الشاعر حق ممارسة الشعر.

* كيف تجد موقعك اليوم بين الممثلين.. كيف تفسر الشهرة؟

- طبعا أمثل الأفلام وأتمنى أن يقبل الناس عليها جميعا. هذا شيء واضح، لكني جئت من عائلة لا تتفق كثيرا والمدح المباشر. تفضل عناصر وقيما أخرى على الشهرة.

* مثل ماذا تحديدا؟

- أعني كيف لك أن تكون نجما وفي الوقت ذاته متواضعا؟ لدي الرغبة في كليهما، ولا أدري كيف السبيل للتوفيق بينهما. نعم، أريد أن أنقل ما عندي إلى الناس عن طريق التمثيل وأريد النجاح بكل تأكيد، لكن الشهرة لها ضرائب تدفعها إذا ما أردت لوجهك أن يغزو كل مكان. أتساءل أحيانا ما إذا كان من حق الممثل أن يفرض وجوده على الجمهور، وحين أفكر في ذلك تجدني أفضل التمثيل على الشهرة. أقبل على الدخول في المشاريع ثم ترك القرار للجمهور.

* لكنك درست الكيكبوكسينغ (ملاكمة الرفس) قبل نحو عشرين سنة، أليس كذلك؟

- بلى.

* هل كنت بصدد اختيار أفلام أكشن ومغامرات من تلك التي كان يقوم بها حينها ممثلون معروفون؟

- لقد درست الكيكبوكسينغ على يد محترف ومعلم ممتاز اسمه بني أرغواديز، لكن ذلك كان بسبب تمثيلي فيلم «غروس بوينت بلانك» تحديدا، بل وظهر معي في بعض مشاهد الفيلم. كان ذلك أساسا لغاية تمثيل الفيلم الذي لم يكن فيلما من نوع أفلام فان دام أو تشاك نوريس، بل كان استخدام هذا الفن القتالي محدودا بمشاهد معينة، لكني كنت جادا. هذا لا يمنع من تعلم هذه الرياضة. لقد أخذت درسا يوم أمس.

* ما الذي تعلمته من هذا الفن القتالي؟

- تعلمت أنك حين تواجه خصما فإنك تريد التغلب على خصمين آخرين يكمنان في داخلك: الأول أن تتحول إلى قاتل، والثاني أن تتحول إلى جبان. تريد أن تبقى بعيدا عن الحالتين.

* هل ستمارس هذه الرياضة في فيلمك المقبل «الأرض المتجمدة»؟

- لا. تصوير هذا الفيلم انتهى بالفعل وليست فيه مشاهد قتال من هذا النوع.

* جولة في سينما العالم

* لم يعد أحد يكتب خصيصا للسينما، أو هكذا يبدو الأمر. فإذا ما حدث ذلك فإن النتيجة هي فيلم من نوع «بنطلون جولييت» أو «حظ سعيد» أو «رد فعل»، وهي بعض الأفلام المصرية المعروضة حاليا في القاهرة. أما الكثير من الأعمال الجديدة فنجده مقتبسا من ألعاب فيديو (مستمدة من مصادر عدة) كما الحال في «سفينة حرب» أو من مجلات الكوميكس، كالفيلم المقبل «المنتقمون»، أو من شخصيات حقيقية مدموجة بالخيال («شيرلوك هولمز: ظلال الغموض» و«الغراب»)، وهذه الأفلام معروضة حاليا (أو على وشك البدء بعرضها بالنسبة لـ«المنتقمون») في كل عواصم الخليج والشرق الأوسط.

* الموزع وصاحب الصالات السينمائي ماريو حداد لخص حال التوزيع في المنطقة العربية في جلسة امتدت لساعات مباشرة بعد انتهاء مهرجان الخليج السينمائي بأنه جيد لكنه محدد المواقع، قائلا: «هناك اليوم سوق كبيرة أساسية في المنطقة هي سوق الإمارات، ثم الأسواق المحيطة بها كالكويت والبحرين وقطر. ثم هناك نشاط ملحوظ في بيروت وعمان، وعودة نشاط إلى صالات القاهرة».

هذا على الصعيد الإيجابي، أما على الصعيد السلبي فيجد أن هناك مشكلة متجددة، قائلا: «كلما تم الحديث عن تشجيع السينمات المحلية يبدأون بالموزع وصاحب السينما. يا عمي، لِم لا يبدأون من القاعدة؟».

في ذلك الرأي عودة إلى ما ذكرته في الكثير من المرات حول ضرورة قيام الموزعين وأصحاب صالات السينما بتشجيع السينمات الناشئة والمختلفة، لكن ماريو حداد يرى العكس، فيقول: «عندما يصبح لهذه السينما جمهور يرغب في مشاهدتها فإن شاشاتنا حاضرة».

* لا أحد يقول إن شركات التوزيع هي جمعيات خيرية، لكن كيف يمكن لهذا الجمهور أن ينشأ إذا لم تبادر شركات السينما بتخصيص صالة واحدة فقط لعرض الفيلم النوعي محليا كان أو عالميا؟

- لكن ماذا نفعل إذا لم يأتِ الجمهور لمشاهدة هذه الأفلام؟ لقد جربنا في بيروت والحضور متفاوت، لكن هناك جمهور، لذلك التجربة إلى الآن ناجحة. لكن لا تطالبني بتطبيقها حيث الإقبال سيكون قليلا.

* من ناحية أخرى، يكشف السيد ماريو الذي له باع يمتد إلى أربعة عقود، أن هناك نحو 25 فيلما لبنانيا ينتظر العرض، قائلا: «لو أردت عرض فيلم لبناني كل أسبوع أو أسبوعين لاستطعت. لكن ذلك سيكون في غير صالح السينما اللبنانية. الكثرة تضر السوق، وعلينا أن نختار».

أحد الأفلام التي تنتظر العروض بفارغ الصبر «آخر فالانتاين في بيروت» لسليم الترك، الذي كان عرضه عرضا خاصا في «كان» الماضي (شأنه في ذلك شأن فيلم «تورا بورا» للكويتي وليد العوضي، الذي عرض أيضا في المناسبة ذاتها)، الذي هو أول فيلم عربي بثلاثة أبعاد. أعجب هذا الناقد، لكنّ نقادا آخرين شاهدوه بنصف إعجاب.

* فيلم الأسبوع

* «سفينة حربية»

*كم سمكة ماتت خلال الغزو الفضائي؟

*إخراج: بيتر بيرغ الممثلون: أدوار أولى: تايلور كيتش، ليام نيسون، بروكلين دكر، ريحانا، تادانوبو أسانو النوع: حربي تقييم الناقد: (2*) (من خمسة) حين تصطدم سفن الفضاء الضخمة بالبحر بعنف، وحين تنفجر بشكل مروع.. كم سمكة تموت نتيجة ذلك؟ وجدت نفسي متسائلا حتى من قبل رؤية سمكة قرش تمر بجوار السفينة الآتية من عمق الفضاء متفحصة ذلك الكيان الضخم الذي حط فوق الماء وتحته، ثم أخذ يطلق قذائفه ضد السفن الحربية التي يديرها البشر. ولم يكن هذا هو التساؤل الوحيد. هناك مثلا: «لماذا مهما حاول هذا الفيلم أن يتألق ومهما حشد من العناصر الإنتاجية والتأثيرية فإنه لن يرتفع عن مستوى نجمتين (تعنيان عملا متوسط القيمة)؟

الجواب يأتي باكرا. في ربع الساعة الأول نواكب تلك الحكاية المحفوظة سلفا، التي قوامها أن الشاب الوسيم هوبر (تايلور كيتش) سوف يفوز في نهاية الفيلم بالمنصب وبالمعارك وبالفتاة التي يأمل الفوز بها. وعندما تتراءى لك النهاية من الدقائق الأولى فإن الفيلم لا يستطيع أن يرتفع كثيرا بعد ذلك.

البداية على هوبر وشقيقه (ألكسندر سكارسغارد) في حانة قبل دقائق قليلة من منتصف الليل. هوبر بلا عمل وبلا مستقبل، وفجأة تدخل الحانة فتاة ترتدي القصير من فوق ومن تحت اسمها سام (ريحانا) تطلب وجبة بوريتو، لكن الخادم يخبرها أن المطبخ مغلق. هوبر مأخوذ بها لدرجة أنه يعدها بأن يحضر لها بوريتو من مكان آخر بعد خمس دقائق، كل ذلك مقابل التعرف إليها. ينطلق إلى المطعم المقابل ويجده مغلقا. الآن هذه هي الأولويات: سيصعد سطح المطعم (ماذا كان سيفعل لو أن فوق المطعم بناية؟) وسيمزق أرضية السقف ثم يتدلى من السقف إلى أرض المطعم. يأخذ بوريتو. يضعها في المايكروويف ثم يحاول حملها عائدا من حيث أتى، لكنه يقع في أيدي رجال الأمن.

إذا قبلنا بهذه الشطحة الفانتازية التي بلا ضوابط عقلية لن يكون غريبا تصديق أن آلات قتالية ضخمة انطلقت من العالم الفضائي البعيد وحطت بالقرب من هونولولو وأخذت تدمر ما يواجهها. طبعا ما بين ليلة وضحاها انضم هوبر إلى البحرية وأصبح ضابطا. لا يزال أرعن في تصرفاته ومشاكسا في مواجهاته، إلا أن هذا لا يوقف طموحاته للبرهنة عن صلاحيته للأدميرال شاين (نيسون) لأن الفتاة التي أحب من «البصبصة» الأولى هي ابنته! المعركة التي تستمر لمعظم الفيلم تقع بين تلك السفن الفضائية الكبرى وبين البحريتين الأميركية واليابانية المشتركتين - آنذاك - في تدريبات مشتركة. وكل شيء هنا أيضا يعمل حسب «كتاب التقاليد»: البطل يواجه يابانيا في عداوة، والعداوة لاحقا تتحول إلى صداقة والتحام مصير، فكلاهما بات مسؤولا عن حماية الأرض من خطر الدمار الشامل الآتي من الفضاء. سفن الدمار الفضائية لديها أسلحة مثيرة مثل كرات معدنية تستطيع أن تمزق كل ما يعترضها من صخور ومعادن وبواخر، ولديها قذائف تدك داخل السفينة قبل أن تنفجر.. ونقطة ضعفها الشمس، ولو أن نقطة الضعف هذه تستخدم لصالح أهل الأرض مرة واحدة.

في النهاية هو فيلم خيالي – علمي، مشكلته أنه لا يتيح لا الخيال ولا العلم أن يلعب دوره جيدا. فالأول محكوم بالكليشيهات والثاني لا وجود له مطلقا.

شباك التذاكر يتراجع «تايتانك» بالأبعاد الثلاثة إلى المركز الثامن هذا الأسبوع، ما يدل على أن الجمهور لم يستطع التغلب على فكرة أنه شاهد الفيلم بالبعدين قبل 16 سنة ولا داعي لمشاهدته مرة أخرى وبسعر تذاكر أعلى. فيلم آخر سقط من علوّ شاهق «مرآة مرآة» من بطولة نيكول كيدمان.

1 (-) Think Like A Man: $32,803,344 (2*) 2 (-) The Lucky One: $22,805,760 (1*) 3 (1) The Hunger Games: $14,772 (3*) 4 (-) Chimpanzee: $10,205,057 (2*) 5 (2) The Three Stooges: $9,287,262 (2*) 6 (3) The Cabin in the Woods: $7,740,992 (3*) 7 (5) American Reunion: $5,321,033 (1*) 8 (4) Titanic: $5,191,006 (4*) 9 (8) 21 Jump Street: $4,082,640 (2*) 10 (7) Mirror Mirror: $6,847,924 (2*)

* الأفلام الجديدة هذا الأسبوع هي:

* المنتقمون The Avengers قطط أفريقية (تسجيلي) African Cats الغراب (عن إدغار آلان بو) The Raven الناسك (إسباني بالإنجليزية) The Monk خمس سنوات خطبة (كوميدي رومانسي) Five Years Engagment

* سنوات السينما

* 1921 | الحلقة الثالثة: تشابلن ينتقل إلى الطويل

* أول فيلم طويل أخرجه تشابلن ومثله هو «الفتى» من إنتاج ذلك العام. وهو فيلم قاده النجم تشابلن لكنه صنع نجما من ممثل في السابعة من العمر هو جاكي كوغن الذي استمر في المهنة من ذلك الحين وحتى وفاته سنة 1948. لكن في حين أن هذه السنة هي انتصار جديد لتشابلن بسبب فيلمه الذي لاقى نجاحا تجاريا، إلا أنها كانت وبالا على الكوميدي الآخر روسكو فاتي أرباكل الذي اتهم باغتصابه فتاة صغيرة خلال حفلة توقيعه عقدا بثلاثة ملايين دولار آنذاك. ومع أن المحكمة لم تُدِنه فإن مستقبله كله انتهى عمليا بسبب ذلك.

أيضا هو العام الذي جرب فيه د.و. غريفيث إدخال الصوت إلى السينما، وذلك قبل ستة أعوام من قيام السينما بالنطق رسميا.