فنانون سعوديون يجددون مطالبهم بضرورة إنشاء دور سينما

على هامش مهرجان السينما الأوروبية السادس

جانب من مهرجان السينما الأوروبية السادس في جدة
TT

على هامش فعاليات مهرجان السينما الأوروبية السادس، الذي كان قد بدأ في الحادي والعشرين من الشهر الماضي 2012 بالقسم الثقافي والتجاري التابع للقنصلية الإيطالية العامة بجدة، أبدى مجموعة من الفنانين السعوديون والحضور استياءهم من غياب اللغة العربية في ترجمة الأعمال المعروضة، واقتصار عرضها على فئة معينة من المجتمع، مجددين مطالبهم بإنشاء دور سينمائية.

ويشارك في هذا المهرجان الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي تسع دول أوروبية وهي إيطاليا، إسبانيا، بريطانيا، ألمانيا، تركيا، سويسرا، فرنسا، بلجيكا، اليونان، بالإضافة للبلد المضيف، المملكة العربية السعودية، التي شاركت بفيلمين سعوديين وهما «الشر الخفي» للمخرج محمد هلال و«كيرم» للمخرج حمزة تارازان.

وعادة ما تبدأ الدولة المستضيفة ليومها من خلال فيلم وثائقي تعريفي عن البلد المستضيفة، ومن ثم فيلم سينمائي يطرح قضية من قضاياه الاجتماعية والإنسانية، وتختم هذا اليوم بتقديم نوع من أنواع الأطعمة الشعبية من هذه البلدة، الذي من شأنه إعطاء فكرة رئيسية عن البلدة.

الفنانة السعودية لمار كانت أحد الحضور الذين التقتهم «الشرق الأوسط» وأكدت أثناء حديثها على أهمية فتح هذه العروض للعامة، لا سيما أن الأعمال السينمائية هذه تناقش قضايا مجتمعية مهمة، من شأنها رفع الوعي لدى المجتمعات بمشكلاتهم، مبدية استياءها من غياب الترجمة العربية للأعمال الفنية، إلا أنها استدركت بقولها: «حتى وإن لم تكن مترجمة بالعربية، لا شك في أنهم سوف يستمتعون بجمال تلك الأعمال».

إلا أن الفنانة فوزان الحسن ذهبت إلى أبعد من ذلك حين طلبت بوجود دور عرض سينمائية تتيح للعامة المشاهدة، وأن تكون هذه العروض مفتوحة لهم من حين إلى آخر، وذلك حتى يستوعب المجتمع أهمية تلك العروض الفنية، ويرى بعينه مدى التقدم الذي وصلت إليه هذه الصناعة، مؤكدة أن هناك تقدما كبيرا في السينما بشكل عام، والسعودية بشكل خاص، التي «نطمح الوصول من خلالها إلى العالمية».

لكن الفنان السعودي جميل علي أكد تأثير هذه الأسابيع الفنية عليهم كفانين، التي تعد حاليا متنفسا لهم، وتساعدهم في وضع اللبنات الأولى للفن الذي من المفترض أن يكون في أي مجتمع، ويعرض مشكلات المرأة، وعادتها وثقافتها، تخليدا لها، ويتمنى أن يتسع خلال الأيام المقبلة، وأن تكون هناك خطوات جبارة في المجتمع السعودي على أساس تحرر الفنانين من هذه القيود، و«تصبح لدينا سينما حقيقية».

وحول اقتصار هذه العروض على النخبة قال: «هذه النوعية من الأفلام» أفلام المهرجانات تسلك مسلكا مختلفا عن الأفلام الجماهيرية، فالأولى تركز على تكتيك خاص بها يبرز جوانب عدة في الأعمال الفنية بطرق احترافية، وهو الأمر الذي يزيدنا صقل لخبرتنا، بعكس الأفلام الجماهيرية».

وتابع: «حقيقة يُشكر القائمون على هذه الأسابيع ومحاولتهم خلق حركة فنية في البلد على الرغم من الظروف الصعبة المحيطة، وتحديدا للسينما التي تعد الفن الأساسي»، مضيفا: «وأصبح لدينا أسبوع أفلام آسيوية، وأوروبية، وهذي بحد ذاتها تزيد الثقافة عند الفنان، والحضور الذي بدورهم يجب أن ينشروا هذه الثقافة لمن حولهم».

إلا أن ممدوح سالم المخرج والمنتج سينمائي السعودي بين أن الغرض من مثل هذه العروض التي بطبيعتها ليست للعموم، بقدر كونها مهرجانات نخبوية، التعارف الثقافي، والتبادل الحضاري، بين هذه الدول، ولا شك أنه من خلال هذه العروض تتاح فرصة للدول المشاركة في التعريف عن نفسها وثقافتها.

وواصل حديثه: «لا شك أن السينما تعد جواز سفر لأي دولة في العالم، والمرأة تعكس هويتها، خاصة أن تلك الأفلام يتم اختيارها بعناية فائقة جدا، ولا يمكن مشاهدتها في أي مكان».

وأكد أن ثقافة السينما في السعودية بدأت تتحسن، مستدلا على ذلك بنسبة المشاهدة المرتفعة لأي أعمال فنية على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تبلغ أحيانا مليوني مشاهدة، وهذه دلالة كبيرة على أن هناك وعيا في المجتمع السعودي بهذه الصناعة، وهذا من شأنه تسهيل مهمة إنشاء دور سينما، وتأسيس بنية تحتية لهذه الصناعة.

من جانبه، قام القنصل العام الإيطالي بجدة السيد سيموني بتروني بإلقاء كلمة ترحيبية بالحضور الذين فاق عددهم الـ350 مشاركا من مختلف الجنسيات، شكر فيها جميع المشاركين من الحضور والقنصليات المشاركة والمفوضية الأوروبية في الرياض لدعمها المعتاد.

وحول الأعمال الفنية المعروضة قال: «اتفقنا كمنظمين على أن يكون تركيزنا خلال هذه السنة منصبا بشكل أساسي على محتوى الأفلام ونوعيتها، حيث سيكون البرنامج خلال هذا العام متميزا بتنوعه بين الدراما والرعب والكوميديا وغيرها من الألوان، وذلك لإرضاء جميع الأذواق».

وكان المهرجان قد استهل أول أيامه بالفيلم الإيطالي «شنتوكيودي» (Centochiodi) للمخرج ايرمانو أولمي، حيث تناول الفيلم قصة أستاذ أكاديمي بارز في جامعة بولونيا الإيطالية، فضل أن يدير ظهره لمسيرته المهنية وأن ينزوي بسلام داخل أنقاض مبنى قديم على ضفاف نهر بو الهادئ، ليعيش حياة بسيطة متناغمة، وكما هو الحال في الكثير من أفلامه السابقة، سلط المخرج ايرمانو أولمي الضوء على العودة إلى الحياة البسيطة وتأسيس علاقة وطيدة معها لمواجهة النزعة الاستهلاكية الحادة في عصرنا.