هيفاء المنصور: المهرجانات السينمائية في الخليج تدور في حلقة مفرغة

55 فيلما لمخرجين شباب بمهرجان جدة.. ولجنة التحكيم تستعين بـ«يوتيوب»

لجنة تحكيم المهرجان
TT

المهرجان الذي تعرض أكثر من مرة للإلغاء، يبدو أنه قد وجد ضالته هذه المرة، عبر استوديوهات شبكة قنوات «روتانا». مهرجان جدة للفيلم السعودي اعتمد هذه المرة على البث التلفزيوني المباشر لفعالياته وأنشطته، متيحا بذلك الفرصة للجمهور، لمتابعة الأفلام المشاركة بوصفه هذه المرة شريكا في التقييم من خلال تبني القائمين عليه فكرة التفاعلية، عبر إتاحة الفرصة للمشاهدين للتصويت للأفلام الجيدة، من خلال موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك». يأتي ذلك، في الوقت الذي خصص فيه القائمون على المهرجان ثلاث عشرة جائزة، تقوم لجنة التحكيم المكونة من المخرجة هيفاء المنصور والفنانين خالد الحربي وعبد الإله السناني، وبمشاركة ضيف من الإعلاميين أو الصحافيين والنقاد كل حلقة «عضوا تحكيميا متغيرا»، كما أوضح ممدوح سالم مدير المهرجان بترشيح ثلاثة أفلام من كل فئة، يترك بعدها المجال للجمهور ليقول كلمته الأخيرة في الفيلم الفائز عن فئات الفيلم الثلاث: الروائية، والوثائقية؛ بالإضافة لأفلام الأنيميشن.

وبوصف المهرجان في نسخته الحالية ليس سوى «فرصة للتعلم وتقديم نوع من التحفيز والدعم للمواهب السينمائية الشابة»، كما أوضح سالم، فقد حملت معظم الأفلام التي تم عرضها صفة «المتواضعة»، وعلى الرغم من «تفاوت مستوى العروض، إلا أن الأغلب يقع تحت بند الهواة، باستثناءات معدودة»، كما وصفتها هيفاء المنصور، موضحة أن الأفكار التي تناولتها الأفلام المشاركة تملك «حسا نقديا ووعيا مسؤولا»، إلا أنها ترى أن مستوى المشاركات لا يرقى لمستوى الوعي الجماهيري.

وفي الوقت الذي سجلت فيه فئتا الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة مشاركة أكبر، بواقع 55 فيلما من قبل المخرجين الشباب، فإن الـ13 مشاركة للفيلم الوثائقي، كانت الأكثر تميزا، خصوصا أن غالبيتها قد تم عرضه على «يوتيوب»، وحصد نسبة مشاهدة، مثل ما حدث مع «مونوبولي»، الفيلم الوثائقي للمخرج بدر الحمود؛ الذي اعتبرته المنصور فيلما روائيا كونه اعتمد على ممثلين، مشيرة إلى أن التوجه العام للمخرجين لعمل الأفلام الروائية، التي تركن إلى «خلق الواقع»، لا يلغي «أهمية وجمالية رصد الواقع» في الفيلم الوثائقي.

جاءت عروض المشاركين بالمهرجان متزامنة مع عروض المخرجات السعوديات، التي قدمت نفسها على استحياء، من خلال ثلاثة أفلام، حملت عناوين «30 سنة وانت طيب» لهوازن باداود، الذي حظي بتأييد اللجنة على مستوى الفكرة التي تناولها، فيما كان الفيلم خاليا من الحس السينمائي، و«مليء بالعيوب بدءا من الإضاءة، مرورا بتحريك اللقطات والتمثيل، وانتهاء بالإخراج».

وعلى الرغم من سيل الانتقادات، التي تلقاها المشاركون في المهرجان، فإن ذلك لم يمنع المشاركين من تقبل انتقاد اللجنة بصدر رحب، مستمتعين بوجهات النظر المتباينة، لأعضاء اللجنة؛ الذي عدّته هوازن باداود حافزا كبيرا لتقديم أعمال ترقى للغة السينما، مشيرة إلى أن «30 سنة وانت طيب» هي أولى تجاربها السينمائية، التي ارتكنت في تقديم فكرتها إلى تجربة شخصية، فيما علقت على عدم ظهور وجه المرأة في تجربتها الأولى إلى كونها تحاول الاعتماد على ما سمته «تكنيك أفلام الموناليزا»، الذي يعتمد البطولة النسائية، والقائم على الفكرة النمطية، التي تعترف بوجود المرأة، وفق قالب محدد، غير مسموح الخروج عنه.

ولأن اغتصاب الضحكات، ليس بالأمر السهل، مقابل الدراما التي تعج بها معظم العروض المشاركة حتى الآن، إلا أن ذلك لم يمنع مشاركة فيلم «الكبسة» لمخرجه محمد الحمود، الذي أخذ الطابع الكوميدي، على الرغم من أن الفيلم جملة وتفصيلا، لم يحظ برضا اللجنة.

وفي حين تعتبر المنصور أن المهرجانات السينمائية في الخليج بشكل عام «لا تزال تدور في حلقة مفرغة»، وأن المطلوب إحداث «نقلة نوعية إذا ما أردنا أن تقوم صناعة سينمائية حقيقية»، يجد ممدوح سالم أن صناعة سينما حقيقية مرهونة بنوع النقلة التي يريد القائمون على السينما إحداثها، مشيرا إلى مهرجانات سينمائية في المنطقة بمواصفات عالمية لا يوجد مثيلها على مستوى العالم العربي تصرف فيها مبالغ مهولة، ومتسائلا: «لماذا لا يتم صرف ميزانية واحدة من تلك المهرجانات على الشباب، من باب الدعم، وأن تكون محاولة جادة لتأسيس بنية تحتية وقاعدة سينمائية حقيقية».