«النواعم» يتفوقن على الرجال في إدارة أعمال الفنانين

إيهاب توفيق: والدتي تختار أعمالي.. ميريام: شقيقتي بـ100 رجل.. شذا: نور تحبني ومخلصة لي

ميريام فارس و شذا حسون
TT

تتجه معظم فنانات الجيل الحالي وقلة من الفنانين إلى الاستعانة بنساء لإدارة أعمالهم، كل منهم لاعتبارات معينة، ولكن يظل عامل القربى هو السبب الرئيسي في هذا الاتجاه، بخاصة وأن الفنانة أو الفنان يحتاجان إلى شخص قريب يثقان به وبالنسبة إليهما ليس هناك شخص أفضل من الأم أو الشقيقة أو الصديقة للقيام بهذه المهمة التي تتطلب الكثير والصدق والأمانة والأهم من كل ذلك الحرص على مصلحة الفنان أو الفنانة بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.

آخر الفنانات اللواتي قررن الاعتماد على امرأة في إدارة أعمالهن هي كارمن سليمان حاملة لقب (محبوبة العرب) فهي أوكلت هذه المهمة إلى والدتها لأنها تعتبر أنها صاحبة خبرة وتجربة في عالم الفن، حتى أنها كانت تعتمد عليها في اختيار الأغنيات التي تناسب صوتها وتبرز طاقاته الكبيرة، مما ساعدها على اجتياز كل المراحل في برنامج (آراب آديدول) ومن ثم الوصول إلى التصفيات والفوز باللقب بجدارة.

وقبل تجربة كارمن عرفت الساحة الفنية في مصر، غناءً وتمثيلا، تجارب مشابهة من بينها تجربة الممثلة مي عز الدين التي تجد في والدتها رفيقة دربها في الحياة كما في الفن، فهي تستشيرها في اختيار أدوارها وترافقها في التصوير كما في المناسبات الفنية سواء كانت افتتاح مسلسلات أو أفلام. مي عز الدين ترى أنها ليست في حاجة لمدير أعمال محترف، فأمها تقوم بهذا الدور وتصطحبها في كل مواقع التصوير وتستشيرها في كل ما يعرض عليها من أعمال، ومن يود الاتصال بها ولا يجدها يتصل بوالدتها. الأمر نفسه ينطبق على منة فضالي التي تصف والدتها بـ«الصديقة الحميمة» بخاصة وأن فضالي عاشت ظروفا صعبة في طفولتها بسبب انفصال والديها وتخلي والدها عنها، مما جعل والدتها تلعب دور الأم والأب في حياتها، ومثلهما الممثلة منه شلبي، التي تتولى والدتها الفنانة والراقصة المعتزلة زيزي مصطفى إدارة أعمالها. فهي مسؤولة عن ملفها الإعلامي سواء بالحديث مع الصحافيين أو تحديد مقابلات كما أنها مسؤولة أيضا عن قراءة السيناريوهات السينمائية لاختيار الأصلح منها لعرضه على منة التي تحرص بدورها على استشارة والدتها قبل التوقيع على أي عرض فني. الفنانة المعتزلة زيزي مصطفى توضح أنها لا تجبر ابنتها على أي شيء وكثيرا ما أعجبت بسيناريوهات عُرضت على ابنتها، لكن منة رفضتها بعد قراءتها لأنها لم تجد نفسها في الدور.

في مصر أيضا، تتولى والدة الفنان إيهاب توفيق (التي تعرف في الوسط الفني بـ«الحاجة») إدارة شؤونه الفنية، وهي تستمع إلى الأغنيات من الشعراء والملحنين وتختار من بينها الأفضل وما يتناسب مع ذوق ابنها، ثم تعرضها عليه، بينما يكتفي هو بالتوقيع على العقود، وتحديد المواعيد مع الإعلاميين. وعلى الدرب نفسه تسير جيجي زوجة هشام عباس، فهي تختار الأغنيات وتنظم الحفلات والبرامج التي يشارك فيها، وتتدخل حتى في مظهره وتتفق مع المعدّين على الأسئلة التي ستوجه إليه، في المقابل يقتصر دوره على تسجيل الأغاني في الاستوديو بصوته، ويقال إن جيجي قررت أخيرا التخلي عن مهمة مديرة الأعمال.

في لبنان استعانت الفنانة ميريام فارس بشقيقتها رولا لإدارة أعمالها بعد انفصالها عن شركة «ميوزيك إذ ماي لايف»، وتأسيسها لشركة إنتاج خاصة بها، لأنها لا تجد من هو أحرص من رولا على مصلحتها، لكونها شقيقتها «قبل أن تكون مديرة أعمالي.. أنا اخترتها لأن تتولى المهمة، ليس لكونها أنثى أو لأنها شقيقتي فقط، بل لأنها ذكية وتملك مواصفات مدير الأعمال الجيد بالإضافة إلى أن لديها خبرة واسعة في المجال، خصوصا وأنها كانت معي منذ أن دخلت الفن وحتى عندما كنت أعمل تحت إدارة (ميوزك إذ ماي لايف). فهي كانت ترافقني في رحلاتي وأسفاري، ولم تتركني للحظة واحدة وكنت أستشيرها في الكثير من الأمور وأنا ممتنة لها كثيرا لأنها تدعمني وتقف إلى جانبي في كل تحركاتي وتشاركني نجاحي وفرحي. صحيح أن رولا بنت بس هي (قدّ 100 رجل) وإن كان هذا الزمن لا يفرق بين امرأة ورجل، بعدما استطاعت الفتاة أن تصل إلى أعلى المراكز وأن تتبوأ مناصب عالية».

وعن موقفها من أن تتكرر، تجارب الفنانات اللواتي عرفن خلافات حادة مع أقاربهن الذين تولوا أدارة أعمالهن، مع شقيقتها رولا أوضحت ميريام «لم يحصل أي خلاف بيني وبين رولا بسبب العمل، وإذا حصل مثل هذا الأمر، في يوم من الأيام، فأنا لا أريد العمل، لأنني يمكن أن أتخلى عن الفن ولا أستطيع تحّمل الخلاف مع شقيقتي. صحيح أن الساحة الفنية عرفت خلافات بين الفنانين وبين أقاربهم الذين كانوا يتولون مهمة إدارة أعمالهم، سواء كانوا أخوة أو أزواج، ولقد سمعنا الكثير عن حالات من هذا النوع، ولكنني أستبعد أن يحصل الشيء نفسه بيني وبين شقيقتي رولا، لأن تربيتنا وأخلاقنا لا تسمحان بذلك، فنحن نشأنا في بيت قائم على المحبة والمودة والاحترام، ولا يمكن لأي منا أن يطعن أو أن يغدر بالآخر، بل نحن معا وجنبا إلى جنب على الحلوة والمرة هكذا تربينا وهكذا سنستمر إلى الأبد».

أما الفنانة مادلين مطر فاختارت بولا حداد لإدارة أعمالها لأنها كانت تعمل في مكتب فني يدير أعمال مجموعة من الفنانين، كما أنها عملت في مجال الفيديو الكليب وهي حاليا تعمل في مجال الإنتاج الفني. «كل هذه الأمور جعلت منها مديرة أعمال متمكنة، لديها الخبرة والعلاقات الجيدة، بالإضافة إلى كونها صديقة مقربة جدا مني، ولا شك أنني سوف أشعر براحة أكبر عندما ترافقني فتاة في أسفاري، لأنني لا بد أن أحتاج إلى من يساعدني في ارتداء ملابسي. عادة لا يحب الفنان أن يتحدث مباشرة مع متعهدي الحفلات في مسائل المال أو الأجر الذي يمكن أن يتقاضاه، وعلى الرغم من أن المرأة أقل جرأة من الرجل، وأسلوبها مختلف تماما عن أسلوب الرجال لأنها أنثى في نهاية الأمر، ولكن لا يناسبني مدير أعمال قوي يمكن أن يورطني في المشاكل، ونحن نسمع الكثير عن مشاكل الفنانات ومديري أعمالهم. بولا تملك الحد الأدنى من كل شيء، كما أنها (شاطرة)، ومع الوقت هي صارت أفضل من السابق بكثير، كما أنها (طحيشة) وتطلب الأجر الذي يناسبني.. البنت عندها ذوق وترتيب، أما الشاب فيمكن أن يتصرف بوقاحة، وبولا لا يمكن أن تتواقح أبدا، وبصراحة لم تعترضني أي مشكلة منذ أن تولت إدارة أعمالي، وأنا أقول لها دائما أنتِ ملكة الدبلوماسية، لأن لا أحد يزعل منها، والكل يعطيها حقها دون تردد».

الفنانة دومينيك حوراني سلمت إدارة أعمالها إلى إليان حلبي، وهي تعمّدت كما تقول خطوة مماثلة «لأن نية إليان تجاهي أكثر صفاء من نوايا الرجال، كما أن نتيجة العمل التي أحصل عليها ليست أقل مستوى من النتيجة التي يعطيني إياها الرجل، بل حتى أن هناك إناثا أكثر تفوقا في العمل من الذكور. وإليان (أخت الرجال) وهي قوية جدا وأنا فخورة جدا لأنها تعمل في إدارة أعمالي، مع أنني أخاف عليها كثيرا لأنها جميلة جدا، خصوصا وأن بعض متعهدي الحفلات يمكن أن يخطئوا في الكلام معها».

الفنانة شذا حسون، تعتمد على مساعدتها نور السبيعي، في إدارة شؤونها الفنية، وتقول: «أنا كفنانة أفضل أن أعمل مع فتاة مثلي، لأن المرأة (مقدور) عليها أكثر من الرجل، كما أنها مطيعة أكثر منه، مع أن هناك فئة من النساء الماكرات اللواتي يكون التعامل معهن صعبا جدا. لذلك أنا شديدة الحرص عند اختياري لأي شخص يعمل معي، وأحرص على التركيز على النواحي الأخلاقية في شخصيته، ويجب أن أشعر أنه يحبني كإنسانة وكفنانة وأن يكون مقدرا لفني وموهبتي، لكي أتكد أنه لا يمكن أن يخونني أو يخون أسرار عملي في يوم من الأيام، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بإدارة أعمالي، لأن من تتولى هذه المهمة، يجب أن تكون معي 24 ساعة في اليوم، بحيث ترافقني في كل تنقلاتي وتشاركني في شراء ملابسي وفي كل أموري الشخصية. بينما الرجل، كمدير أعمال، لن يفعل مثلها، بل سيقتصر دوره على الأمور الإدارية أو تلك التي لها علاقة بالحفلات والمتعهدين».

أما عن النواحي السلبية لتعاملها مع مديرة أعمال، فتوضح شذا: «المسألة السلبية الوحيدة، أنني كفنانة أتعامل مع متعهدي أعمال من الرجال، والبعض منهم ينظرون إلى المرأة نظرة دونية، لذلك هم عندما يرون فتاة معي، يتعاملون معها على أنها عنصر ضعيف، ومن المحتمل جدا أن نتعرض لمحاولات نصب، وهذا الأمر لا يمكن أن يحصل عندما يكون مدير الأعمال رجلا. ومع أنه يكون هناك عقد موقع بيننا، فإن بعض متعهدي الحفلات يحاولون استغلال الوضع بالنصب علينا. ولقد تعرضت لعدة محاولات من هذا النوع في بداية مشواري الفني، لكنني اليوم، أصبحت أكثر صرامة في مواقفي ويجب أن تُنفذ بنود العقد بالطريقة المتفق عليها.

عنود معاليقي التي تعمل على إدارة أعمال مجموعة من الفنانات (منتجة ومديرة أعمال الفنانة رويدا عطية وهدى سعد ومنتجة أعمال لطيفة التونسية الفنية) تعتبر أن دورها يقوم على إدارة إنتاج الأعمال الفنيّة، وكافة التفاصيل التي تتعلق بهذا المجال، كاختيار الأغنيات والألحان والكلمات والصورة التي ستظهر بها الفنانة أمام الجمهور، والاهتمام بالمهرجانات والإطلالات الإعلاميّة وتدريب الصوت، والتركيز على الشكل الخارجي تحت أشراف اختصاصيّين، للمساهمة في إيجاد هويّة فنيّة خاصة بالفنانة تبقى راسخة في ذهن الناس مع مرور الأيام.