حمزة نمرة: أرفض لقب «مطرب الثورة المصرية».. وفني لا أقدمه بطريقة «الفقاعة»

قال لـ «الشرق الأوسط» : ألبوم «إنسان» ناقش هموم المجتمع.. لكني لست واعظا

TT

لمع المطرب حمزة نمرة بألبوم «إنسان»، الذي قدم فيه لونا مختلفا من الطرب، حقق به حضورا على الساحة الغنائية بعد ثورة 25 يناير.

في حواره مع «الشرق الأوسط» بالقاهرة يرى نمرة أن الفن الذي يقدمه يعبر عن الواقع ويتحدث عن هموم الناس بعيدا عن التسلية، وأنه قريب الشبه من اللون الذي قدمه في الماضي الشيخ سيد درويش.

ويشير إلى أنه رغم أن شركات الإنتاج المصرية لم تدعم فنه في بدايته الفنية، فإنه أصر على تقديم هذا النوع من الفن الحقيقي الذي له معنى.

ولأنه لا يقتنع بالألقاب، يرفض نمرة لقب «مطرب الثورة المصرية»، مؤكدا أن الثورة حدث لا يمكن أن يُختزل في شخص واحد، مؤكدا أن ألبوم «إنسان» ليس ألبوما ثوريا، ولكنه مليء بأفكار فنية تتماشى مع الحالة العامة للمجتمع.

ويكشف نمرة في حواره أيضا أنه تلقى عروضا للتمثيل، ولكنه رفضها لأنه يرى أن المنتجين يحاولون استغلال نجاحه، ولكونه لا يصلح إلا للغناء، كما يفسر سبب عدم تعامله مع الوسط الفني في مصر. وهذا نص الحوار:

* حدثنا عن اللون الغنائي الذي تقدمه، وإلى أي مدرسة غنائية ينتمي.

- لم أخترع لونا خاصا بي، فقط أحاول أن أقدم فنا يعبر عن الواقع ويتحدث عن هموم الناس بعيدا عن التسلية، فالفن بالنسبة لي له معنى وهدف، وهذا اللون الموسيقي قدمه أشخاص كثيرون على رأسهم الشيخ سيد درويش، مرورا بأسماء أخرى كمؤسس فرقة الحب والسلام نبيل الدقن.

* أتقصد أن الموسيقى التي تقدم حاليا هي للتسلية فقط؟

- الموسيقى لا بد أن يكون لها معنى، وهذه هي الإشكالية التي كنا نعيش فيها قبل ثورة 25 يناير، حيث كان يغلب طابع التسلية على الغناء ويدور في دائرة «مفرغة» مع التركيز على اللون العاطفي فقط، دون النظر إلى تقديم موسيقى تعبر عن هموم المجتمع. وليس معنى ذلك أن الفن يسعى إلى العلاج، لكنه يقدم المشكلة بشكل غير مباشر، فأنا لست واعظا، فقط حاولت التقرب من شريحة كبيرة من المجتمع وحققت بعض النجاح.

* وهل ذلك سبب حضورك بقوة على الساحة الفنية بعد ثورة 25 يناير؟

- الثورة عملت على وعي الشعب، لكي ينظروا نظرة مختلفة إلى الأعمال الفنية التي تقدم وبدأت تركز على المواهب الحقيقية. ولست الوحيد الذي أخذ فرصة أكبر بعد الثورة، فيوجد الكثير من المواهب في جميع المجالات الاجتماعية والفنية والثقافية بدأوا الحضور بشكل قوي على الساحة الفنية على خلاف الماضي، بدليل أن الفرق الموسيقية أصبح لها حضور كبير والجمهور البسيط أصبح يعرفها الآن جيدا، وهذه إيجابيات الوضع الجديد، مما يحدث التطور الحقيقي في الموسيقى.

* ماذا بعد هذا النجاح الذي حققته؟

- بالتأكيد علي مسؤولية أكبر بكثير، فبعد نجاح ألبوم «إنسان» أصبحت لدي مسؤولية لتقديم الأفضل بل المدهش، أفكر في كل حرف أقدمه، وأنا أسعي لذلك حتى في قبولي حفلات غنائية.

* ألا تقلق من حصر نفسك في لون واحد؟

- الطبيعي في كل مجتمع أنه يوجد نوعان من الفن، نوع هادف والآخر للتسلية تسمعه وأنت في السيارة كي لا تنام، وهذا نوع ترفيهي وموجود وسيظل موجودا وأنا لست ضده، ولكن الذي لا أوافق أن يكون هو الموجة السائدة المسيطرة على الفن، لأنه يدل على أن المجتمع ليس سويا من الناحية الفكرية، وهذا بسبب الأخطاء السياسية والاجتماعية التي عشناها الفترة الماضية وجعلت وضع الفن سيئا، ولكن بعد الثورة شاهدنا مجتمعا يلهث وراء كل ما هو هادف، وفي رأيي أنه سيستمر في هذا الاتجاه.

* متى يمكن أن تقدم اللون الغنائي المسلي؟

- لن يحدث على الإطلاق، ولن أساير الموجة، والفن ليس «سبوبة» أو أكل عيش بالنسبة لي، ما يهمني هو إرضاء ضميري وتقديم فن يعيش للأبد، حتى لو لم يوافقني أحد على ما أقدمه، ولو أصدرت ألبوما كل عشر سنوات، لن أفكر بطريقة «الفقاعة» كما يفكر البعض. رسالتي تحتاج إلى مشوار طويل، ولو خطواتي بدت بطيئة سأواصل السير فيه.

* لماذا لم تستغل نجاح ألبوم «إنسان» وإصدار ألبوم آخر بعده؟

- لو فعلت ذلك سيدل على أني أسعى لجمع المال، ويدخل الأمر في التجارة وليس الإبداع، وبعض الفنانين يفعلون ذلك، وهذا لا يعبر عن منطقي. أنا أسعى لتقديم فن حقيقي له معنى، واختياري لأغنياتي لا يتدخل فيه أي شخص حتى الشركة المنتجة، على عكس ما يحدث مع بعض الفنانين الذين يجبرون على اختيارات معينة، والنتيجة تكون الفشل وإلغاء شخصيتهم الفنية.

* لقبك البعض بـ«صوت الثورة المصرية»، ما قولك؟

- أنا لا أقتنع بفكرة الألقاب، ولست مطرب الثورة، فالثورة قامت بها كل الأطياف وكل الفئات، فهي ثورة الشعب كله وليست حكرا على شخص واحد. وهناك فرق بين ثورة يناير 2011 وثورة 1952، فالأخيرة انقلاب عسكري كانت تديره مؤسسة، وكانت تقوم بتلميع فنانين بعينهم كي يطلق عليهم صوت الثورة، حيث كانوا متوافقين مع نفس النغمة ويقدمون أهداف الانقلاب الذي حدث ويتحدثون بصوته.

* ما رأيك في موجة الغناء الوطني التي صاحبت ثورة يناير من مصريين وغير مصريين؟

- لن نحجر على أحد، فمن يُرِد الغناء فليغنِّ، نعم يوجد من يريد أن يركب الموجة وهذا نوع موجود بشكل كبير، والآخر يقدم بالفعل من قلبه ما يشعر به تجاه وطنه. فقد قدمت أغنية عن ثورة تونس بعنوان «هيلا هيلا يا مطر»، ولكني كنت أتحدث بلسان حال بلدي، ومن الممكن أن ينظر البعض إلي على أنني ركبت الموجة، والبعض الآخر أن يشيد بما قدمته، حيث توجد كلتا وجهتي النظر.

* ولماذا أطلقت ألبوم «إنسان» بعد الثورة ولم تقدمه قبل الثورة؟

- عملت على الألبوم قبل الثورة بشهرين، ومن حسن حظي أني أطلقته بعد الثورة، وللعلم بعد اندلاع الثورة قمت بتغيير بعض الأغنيات فكان الألبوم يتحدث عن حالة الإحباط التي كنا نعيش فيها قبل الثورة، ولكن بعد يناير قمت بتغيير هذا الاتجاه وبدأت أقدم أفكارا يوجد بها التفاؤل والأمل، فأنا أفضل دائما تقديم فن يتماشي مع الحالة العامة للمجتمع، فهو ألبوم مليء بكل الأفكار وليس ألبوما ثوريا.

* هل أقلقك صعود التيارات الدينية في مصر؟

- أنا غير قلق من وجود التيار الديني، ولا أقبل أن يتدخل أحد في أي فن أقدمه، ولن أقبل بذلك مهما حدث، كما أني لن أكون صوت أحد ولن أُحسب على تيار بعينه.

* هل تلقيت عروضا للتمثيل؟

- جاءتني بالفعل عروض كثيرة للتمثيل، وانتابتني حالة من الضحك وأدهشني ذلك، فعلى أي أساس تم اختياري؟! أعتقد أن المنتجين يحاولون فقط استغلال النجاح الذي حدث، وأنا لا أستطيع أن أمثل ولا أصلح إلا للغناء، فأنا شخص أغني وألحن لبعض المطربين الموجودين في شركة الإنتاج البريطانية التي أنتمي إليها.

* لماذا لم تقُم بالتلحين لنجوم معروفين في الوسط الغنائي؟

- بسبب عدم وجود علاقات لي في الوسط الفني، حيث إني بعيد كل البعد عن التعامل مع الوسط الفني، وأقصد ذلك لأن طريقة التعامل مع الوسط لا تناسبني، فأنا أعتبر نفسي كالدكتور والمهندس يعمل خمسة أيام ويأخذ يومين إجازة.

* ولماذا تتعاون مع شركة إنتاج بريطانية وليست شركة مصرية؟

- هي شركة إنتاجية متخصصة في إنتاج الإنشاد الديني، وهي الشركة الوحيدة غير المصرية التي آمنت بموهبتي وقدمت لي كل الإمكانيات لتقديم ألبومات، ففي بداياتي قمت بالذهاب إلى كل الشركات المنتجة المصرية وكانوا للأسف يسخرون مني، وقالوا إن هذا الغناء «ما يأكلش عيش»، ونصحوني أن أقدم أغاني خفيفة أو عن الحب، ولكني تمسكت بوجهة نظري وبرسالتي، والحمد لله أنني كنت على حق.

* ما مشاريعك الفنية المقبلة؟

- الآن أنا مجرد مستمع ومشاهد للذي يحدث على الشاشة، وأعتبر نفسي في فترة إعداد، وحينما تستفزني فكرة جيدة على المستوى الفني سأقدمها على الفور، فقط أقوم الآن بتجهيز مجموعة من الحفلات الفنية.