الغيرة الفنية متأصلة في الوسط الفني وقد تتحول إلى عداوات وتهم بالقتل

وردة الجزائرية قبل وفاتها: ميادة الحناوي كانت سببا في طلاقي من بليغ حمدي

TT

لطالما كانت الغيرة عاملا أساسيا يتحكم في علاقات الفنانين، خاصة أن الكل يطمح للاحتفاظ بأمجاد الشهرة والأضواء وكذلك بالتربع على عرش النجومية التي يرون فيها ضمانا لاستمراريتهم. ولكن في أحيان كثيرة يحلو لبعض الفنانين استبدال كلمة «منافسة» بكلمة «غيرة»، للتخفيف من وطأة صفة كريهة من صفات النفس البشرية، كما أن البعض الآخر يحاول التفريق بين «منافسة شريفة» وأخرى «غير شريفة»، بينما واقع الأمر يؤكد أن «غيرة أولاد الكار الواحد» يمكن أن تتحول إلى حرب وعداوة وربما أكثر.

مع مرور الوقت ومع تعاقب الأجيال، شهدت الساحة الفنية منافسة شديدة بين نجومها، وهذا ما يؤكده التاريخ والوثائق وما بدأت تظهره مسلسلات السير الذاتية التي تتناول حياة الرموز الفنية في الوطن العربي، على الرغم من المحاولات الحثيثة لتجميل صورة البعض منهم للاحتفاظ بذكرى جميلة عنهم في وجدان الناس.

بين سلطانة الطرب منيرة المهدية وسيدة الغناء العربي أم كلثوم، التي أصبحت كل واحدة منهما «أسطورة»، نشأت حرب ضروس استمرت لسنوات طويلة للسيطرة على عرش «المغنية الأولى» وانتهت هذه الحرب بصعود أم كلثوم المطربة الشابة الصاعدة وانسحاب منيرة المهدية صاحبة التاريخ الفني الطويل إلى عوامتها الشهيرة وحيدة مع قطها الأسود. ولكن بعد مدة، برزت أسمهان صاحبة الحنجرة الذهبية التي صعد نجمها بقوة في مصر، مما جعل الكثيرين يرون فيها المنافسة المثلى لأم كلثوم، وربما كان هذا سببا في الشائعة التي أطلقت عقب رحيل أسمهان بأن أم كلثوم كانت وراء حادث مصرعها لأنها كانت تغار منها.

عبد الحليم حافظ كانت عليه منافسة اثنين من كبار المطربين هما عبد الوهاب وفريد الأطرش، إلا أنه اكتسب جانب عبد الوهاب بغناء ألحانه كما أشركه الأخير في أعمال جماعية مع أصوات أخرى انضم إليها عبد الوهاب مغنيا أيضا، وحصل نوع من التبني من عبد الوهاب لعبد الحليم أثمر في النهاية اشتراكهما في تكوين شركة إنتاج فني، وبهذا انتهى الموقف التنافسي بينهما، وبقى على عبد الحليم مواجهة فريدا لأطرش، إلا أن البساطة في أداء العندليب الأسمر كانت عاملا أساسيا في انتشاره جماهيريا على حساب البلبل الحزين، حيث شعر الناس أن بإمكانهم ترديد أغنيات عبد الحليم، بينما كان من الصعب عليهم ترديد أغاني فريد التي ضمنها جملا لحنية صعبة.

أيضا حصلت منافسة بين محمد عبد الوهاب المطرب وبين المطربة أم كلثوم، فعبد الوهاب كان يخشى صوتها وهي كانت تخشى ألحانه، واستمر هذا الوضع عشرات السنين، ولم ينته إلا بعد اعتزال عبد الوهاب الغناء، وأصبحت أم كلثوم وحدها على قمة الساحة الغنائية.

قبل وفاتها، كشفت الفنانة الجزائرية وردة عن أن المطربة ميادة الحناوي كانت سببا في طلاقها من زوجها الموسيقار الراحل بليغ حمدي، لرغبتها في أغنية «مش عوايدك» التي قدمها بليغ لميادة، لكنها نفت علاقتها بمنع ميادة من دخول مصر. وقبل أيام قليلة، صرحت ميادة الحناوي أن وردة كانت سببا رئيسيا في منعها من دخول مصر، وبأنها وبمساعدة زوجة محمد عبد الوهاب تسببت في منعها لمدة 13 عاما من الغناء في مصر، وكذلك في منع إذاعة أغانيها في الإذاعة المصرية، كاشفة أن أغنية «في يوم وليلة» كانت لها قبل أن تقتنصها وردة وتغنيها.

وبالنسبة إلى فناني الجيل الجديد، فإن أشهر الخلافات الغنائية هي تلك التي حصلت بين أصالة ونوال الزغبي، بعدما وصفت الثانية صوت الأولى بـ«زمّور الخطر»، فكان رد أصالة أن «نوال تغني بفستانها»، ومن ثم كرت سبحة التصريحات المتبادلة بينهما، وأصبحت الموضوع الأبرز في الصحافة الفنية وبين الناس لسنوات طويلة.

بعد أن أعلنت هيفاء في بدايتها أن إليسا تغار منها وشبهتها بـ«السيارة القديمة» التي خطفت وهجها سيارة أحدث، جاء رد إليسا: «ما برد على هيك حكي»، واستمر الجفاء بينهما لسنوات طويلة، إلى أن بادرت هيفاء في حفل توزيع جوائز «موركس دور 2010» إلى إلقاء التحية على إليسا على المسرح أمام الكاميرات وملايين المشاهدين. ولكن علاقة إليسا تبدو متوترة مع معظم النجمات، فهي اعتبرت أنه لا توجد كيمياء بينها وبين الفنانة نجوى كرم التي اعتبرت أن لدى إليسا مشكلة في هذا الموضوع ليس فقط معها؛ بل مع غيرها أيضا، ووجهت لها رسالة قالت فيها: «صدقيني يا إليسا الدنيا ما بتحرز، أنا لن آخذ من جمهورك، ولا أنت كذلك». أما نوال الزغبي وفي غمرة صراع معجبيها مع معجبي إليسا، فأكدت أن لا خلاف بينهما وأضافت: «ما في شي، لكن إذا هي عندا حساسية أنا شو خصني»، بينما صرحت الفنانة الين خلف بأن إليسا ليس لها إبداع منفصل عن راغب علامة الذي خانه ذكاؤه في استعانته به، وهي وجدت الفرصة سانحة للصعود على أكتافه لكنها لن تبلغ شيئا. أما آخر إشكالات إليسا فحصلت مع الفنانة شذى حسون؛ حيث ذكرت وسائل الإعلام أن الشرطة الأردنية هددت جمهور شذى الذي تجمع أمام فندق «فور سيزونز» لاستقبالها في حفل استقبال «روتانا كافيه» في العاصمة الأردنية، واصطحبته إلى مركز الشرطة. وعندما وصل الأمر إلى وسائل الإعلام، أكدت بعض المصادر من داخل الفندق أن أحد مديري شركة «روتانا» قام بطلب الشرطة حتى لا تغضب الفنانة اللبنانية إليسا عندما تحضر إلى الفندق ولا تجد أحدا في استقبالها، بينما أكد موقع «tayyar» أن شذى طلبت من إليسا التقاط صورة معها، إلا أن الأخيرة رفضت طلبها علنا.

من ناحية أخرى، اشتعل خلاف بين الفنانتين شذا حسون وأروى عقب استضافة أروى لشذى في إحدى حلقات برنامجها «لو»، وذلك على خلفية سؤال طلبت حسون حذفه من الحوار ووصل إلى حد توجيهها إنذارا قضائيا لأروى، بينما قامت الأخيرة برفع دعوى قضائية اتهمت فيها وكيل أعمال حسون بتهديدها.

أما هيفاء وهبي، فشنت حربا على لطيفة بسبب وصفها بـ«فنانة استعراضية»، وسخرت منها على طريقة الأفلام المصرية الشعبية حين كتبت على «تويتر»: «لطشيفة، رأيك لا يهمني وكذلك برنامجك، فلماذا تقحمين اسمي وألبومي يحقق نجاحا كبيرا؟»، وكان قد سبق هذا الخلاف خلاف مع راغب علامة على خلفية إعلانه عن عدم إدراج اسمها في خانة ضيوف برنامج «آراب أيدول» الذي يستضيف مطربين يمتلكون أصواتا جميلة، فردت هيفاء وهبي بأنها «لو أرادت الحلول ضيفة على البرنامج لكان لها ما أرادت رغما عنه». بينما أطلت الفنانة نيللي مقدسي على جمهورها في برنامج «Sorry بس» وعبرت عن رأيها بالفنانات واعتبرت أن هيفاء وهبي مجرد ظاهرة تشبه المونولوجست باسم فغالي. أما عن ميريام فارس، فقالت إنها تستعرض ملابسها ومجوهراتها على أغلفة المجلات، ووصفت إليسا بأنها «متعجرفة وشايفة حالها، وهيدا من تجربة شخصية». أما أمل حجازي، فهي تهاجم الجميع ولا تحب أحدا.

خليجيا، ظلت الخلافات قوية بين أحلام ونوال حول أحقية كلتيهما بلقب فنانة الخليج الأولى، ولكن حرب أحلام المفتوحة كانت مع شمس، التي بدأت عندما تساءلت أحلام في أحد البرامج التلفزيونية: «هل شمس فعلا فنانة؟ وهل لها حضور على الساحة الفنية؟»، وأيضا فتحت أحلام جبهة مع أصالة وتبادلت الاثنتان الاتهامات حول الأداء الفني. أصالة اتهمت أحلام بأنها مجرد مؤدية، وأحلام اتهمها بانتحال اللهجة الخليجية التي لا تجيدها للوصول إلى المستمع الخليجي.

وفي مصر، اشتعل الخلاف حول لقب مطربة مصر الأولى بين أنغام وشيرين، وبدأ الجفاء نتيجة تصريحات صدرت عن شيرين تكلمت فيها عن نجوم جيلها وعن مكانتها، من دون أن تشير إلى أنغام، وتفاقم الخلاف حين قالت شيرين إنها حققت في خمس سنوات ما لم تحققه أنغام في عشرين عاما. ولم ترد الأخيرة مباشرة إلا في حلقة تلفزيونية، حين أعربت عن استيائها مما قيل لتبدأ حالة من التشنج بين الطرفين، غير أن شركة «روتانا» تدخلت لتقريب وجهات النظر وجمعتهما لتعود المياه إلى مجاريها بين الطرفين. من ناحية أخرى، أخذ الخلاف بين أصالة وشيرين حيزا كبيرا في الإعلام بسبب الصداقة التي كانت تربط النجمتين، إلا أنهما تجنبتا الحديث عن أسبابه، الذي بلغ حد وصف شيرين بـ«مطربة الحشيش»، عندما تم الصلح بينهما باستضافة أصالة المغنية المصرية ضمن برنامجها «صولا».

بين عمرو دياب وتامر حسني الحروب لا تنتهي أبدا بسبب السباق بينهما على لقب المطرب رقم «واحد» في مصر، ووصل الأمر إلى حد اتهام جمهور الفنان تامر حسني الفنان عمرو دياب بسرقة لحن أغنية تامر حسني «أجمل هدية»، لكن عمرو دياب صرح بأن أغنية «أنا عمري» من تلحينه، ولكن جمهور تامر حسني اتهمه بسرقتها منه بسبب الشبه الكبير في اللحن والذي لاحظه الجميع.

الفنانة نانسي عجرم تؤكد أنها لا تغار من أحد، ولكنها تشعر بغيرة الأخريات منها: «لا أريد أن نافس إلا نفسي، ولكنني ألمس غيرة الأخريات مني، وأنا أدعوهن إلى الالتفات إلى أعمالهن والكف عن إطلاق الشائعات عني». وتابعت نانسي أن الحسد يلاحقها بسبب نجاحها، وقالت: «في البداية كانوا يطلقون شائعات عن خلافاتي مع مدير أعمالي، لأنهم يتمنون مثل هذا الخلاف، ولكنني والحمد لله لم أختلف يوما معه، واليوم صاروا يحسدونني على حياتي الخاصة، ويبدو أنهم تعبوا من الشائعة الأولى فانتقلوا إلى شائعة أخرى. بصراحة أنا أشعر بحسد الآخرين وليس بغيرتهم فقط، لذلك فأنا لا أتكلم عن مشاريعي الكبيرة أمام أحد. فالبعض يحاربونني بكل قوتهم، والبعض الآخر يحسدونني على قدر الإمكان، كما يحاول البعض التأثير علي وأذيتي، ولكن الله معي وهو وحده الذي يحميني».

الفنانة باسكال مشعلاني اعتبرت أن أصدقاءها في الوسط لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، وأضافت: «أنا أركز في عملي حتى أواصل نجاحاتي، وفي الوسط الفني، أغلب العلاقات تقوم على المصالح وليس الصداقات، أما أصدقائي الحقيقيون فهم من خارج الوسط، ولكن علاقتي طيبة مع جميع الفنانين ويسودها الاحترام المتبادل».

المطربة الخليجية وعد أكدت بدورها أن «الوسط الفني مليء بمشاعر الكره والحقد والغيرة، على خلاف ما يدعيه البعض من وجود مودة وحب وتعاون بين المطربين والمطربات، وأحلام هي من أكثر المقربين مني في هذا الوسط».

الفنانة سيرين عبد النور توضح أنها كانت معجبة بالفنانين قبل دخولها الفن وتقول: «الغيرة منتشرة في الوسط، وصرت أتردد كثيرا قبل ذكر اسم أي فنان في الإعلام، وهذا الأمر حدث معي أكثر من مرة عندما كنت ألتقي بمن صرحت بإعجابي به أو بأغانيه، حيث كان يشيح بنظره عني أو لا يلقي التحية علي إلا بعد أن أهزّه وأبادر أنا إلى إلقاء التحية عليه»، وتابعت: «بصراحة، لا أعرف من يحبني داخل الوسط، وتصعب الإجابة عن هذا السؤال الذي غالبا ما أطرحه على نفسي. فغالبا ما تصل إلي أخبار عن فنانين يأتون في أحاديثهم على ذكري بلؤم وسخرية، وكنت أعتقد أن الأمر مجرد إشاعات، ولكن تأكدت في ما بعد أنها أخبار صحيحة».