بين الأفلام

كاثرين زيتا جونز في مشهد من «بروكن سيتي» الذي أخرجه ألن هيوز
TT

أدوار أولى: مارك وولبرغ، راسل كراو، كاثرين زيتا - جونز تقييم الناقد: (3*) (من خمسة).

عروض: دولية «إنه ظرف خطر» تقول كاثرين زيتا - جونز لمارك وولبرغ بعدما اكتشف خيانتها المشينة لزوجها.. مع فارق أنها لا تعتبرها مشينة بل تقول له في مشهد سابق: «أنت لا تفهم الصورة». ومارك وولبرغ جيد جدا في تشخيص رجل لا يفهم الصورة كاملة بل يتدرّج الفهم لديه حتى إذا ما سطعت شمس المعرفة أدرك في أي وضع صعب هو فيه.

راسل كراو هو محافظ المدينة المحبوب والمثير للجدال في الوقت ذاته. يذكّر المواطنين بأنه قدّم خدمات جليلة لمدينة نيويورك. يذكّر بخطابه ذاك كل خطاب أورده سياسي حقيقي من بلومبيرغ إلى جيولياني ومن قبلهما كوتش. على الرغم من ذلك تدرك في ثنايا اللقاء الأول بينه وبين التحري الخاص مارك وولبرغ أن وراء ابتسامته اللطيفة شخصية وثّابة. تدرك ذلك لكن التحري لا يعرف شيئا بعد. كل ما هو مطلوب منه هو أن يعرف مع من تخون زوجة المحافظ زوجها. لكن عوض أن تكون هذه المعرفة الغاية النهائية للبحث، تتبدّى كبداية لفصل أخطر يتعرّض هو، قبل سواه، لخطورته.

هذا هو الفيلم الأول منفردا لآلان هيوز، الذي عمل سابقا مع شقيقيه على تقديم بضعة أفلام جيّدة، ولو على نحو متفاوت آخرها كان «كتاب إيلي» وقبله «من الجحيم». ومثل بعض سواه، يسعى المخرج لتقديم «فيلم نوار» شائك قائم على دخول علاقات لشخصيات فوق مستوى الأرض التي نعيش عليها وانعكاس ذلك على التحري البسيط الذي يتم جلبه لحل ليجد نفسه وقد صار جزءا من المشكلة.

أحدهم يسأل في الفيلم: «هل ما زال التحريون الخاصّون موجودين في الحياة». الحقيقة أنهم موجودون، ليس بالكتابة الرومانسية التي أنجزتها أعمال رايموند تشاندلر ولا بالبطش الذي عرفته كتابات ميكي سبيلان ولا طبعا بصياغات أدباء مطلع القرن الماضي، لكنهم موجودون. ما هو غير موجود جمهور يكترث لهم. لذلك، لا يهم كم «مدينة مكسورة» جيّد في منحاه وأسلوبه وقضيّته، كل ما يعرضه يفضح حب مخرجه لعالم أصبح في قاع الحياة وليس فوقها.

رغم ذلك، لا يمكن للمرء نقد فيلم بناء على متغيرات الزمن، أو لوم مخرج يعيش في الماضي ويحلم به، خصوصا إذا ما كان الناقد يعيش أيضا في الماضي ويحلم به. لذلك حين يتابع المرء توالي المفاجآت المكتوبة في سيناريو جيّد (العمل الأول للكاتب برايان تاكر) من الممكن أن يتجاوز مشكلة تأقلم الموضوع مع الحياة المعاصرة متلقّفا - كتعويض - الحديث عن فساد الأشخاص والمؤسسات على حد سواء.

المشكلة الأساسية، من ناحية فنية صرفة، تكمن في أن الفيلم يستجيب لدواعي الحكاية أولا غافلا التوقف جيّدا عند النواحي الدرامية. لذا يبدو الفيلم بلا جوهر أو صلب حسّاس. لمن شاهد أفلاما سابقة من هذا النوع يعلم أن الكثير منها، لجانب طرح مواضيع تتعلّق بفساد الذمم (الذي هو ليس أمرا جديدا أبدا)، لديه قدرة على التنقيب في الشخصيات بحثا عما ليس ظاهرا. وهذا غائب هنا للأسف.