تمثيل: مهدي دهبي، ماريا د مديروس، إيمانويل سيلنجر النوع: دراما | فرنسا - 2013 التقييم: (3*) (من خمسة) يأمل المشاهد في نهاية هذا الفيلم أن لا يكون غموض ما يدور فيه مفتعل كما تقترح عبارة يقولها بطل الفيلم ياسين (مهدي دهبي مناسب جدّا) لشقيقه جمال (ممثل جديد جيّد اسمه إدريس رمضي): «ربما هذه البذلة مسحورة. من يرتدها ينقلب إلى شخص آخر».
الفيلم إلى ذلك المشهد القريب من النهاية يعمل على منوال من الغموض والعاطفة: ياسين مولود في باريس ابنا لمهاجر جزائري وعلاقته بأبيه (سليمان دازي) سيئة. يعيش وشقيقه في حجرة صغيرة ويقصد دروسا في الفلسفة كما يعمل كموصل بريد سريع على ظهر درّاجته. ذات مرّة يوصل مغلفا إلى أستاذه ريشار أرتو (إيمانويل سيلنجر الذي لديه بعض الشبه بالمخرج الفلسطيني إيليا سليمان) الذي يدعوه لحفلة سيتم فيها توشيحه وساما. ريشار متزوّج من ممثلة اسمها إليانور (ماريا د مديروس) التي يثير ياسين (وهو شاب وسيم بالفعل) إعجابها بعدما أعطاه ريشار واحدة من بدلاته الأنيقة لارتدائها. لا يكترث السيناريو لبناء مشهد ما على حقيقة أن اسم ياسين لا يرد في قائمة المدعوّين ما يعني أن هذه التوليفة بأسرها تخرج من دائرة الأهمية. وهذا يرد بعد الدقيقة الثلاثين الأولى حيث يتخبّط الفيلم قليلا في سرده حكايته.
نتيجة هذا التخبّط هو أن العمل لا يفسّر ما الذي يحدث لريشار ولياسين كل على حدة في وقت واحد. لماذا يموت ريشارد في الليلة التي سعي فيها والد ياسين للتقرّب من ولديه وقيام ياسين بطرده. ثم - والأدهى - لماذا داهمت القناعة ياسين الشاب بأنه ريشار المتقدّم سنا والمختلف شخصية فداهم منزل الميت مؤكدا لزوجته بأن ريشار لم يمت.. هو ريشار ذاته.
إذا ما كانت البدلة مسحورة فإن ترتيب أولويات كان عليه أن يجد طريقه إلى ذلك السيناريو بحيث لا نضيع في الاحتمالات. أما إذا كانت المسألة مسألة صدمة عاطفية أو نفسية فعلاجها على الورق وعلى الشاشة ليس مطلقا.
ما يصح استنتاجه هو أن عقل ريشار هو الذي انتقل إلى ياسين من دون سند مشهدي مقنع. وليس مقنعا أيضا ما ينتاب ياسين من عوارض «ألزهايمر». المختار من تلك العوارض لا يبدو منطقيا.
رغم ذلك كله يمكن تسديد إعجاب مطلق بالطريقة التي قام بها التونسي مهدي بن عطيّة معالجة الفن مشهديا. «الميزانسين» كتنفيذ رائع وليس هناك تغريب. أنت لا تشاهد فيلما من إخراج عربي أو آسيوي أو أوروبي بل من إخراج فرنسي التشكيل والمونتاج والمعالجة حول شاب عربي فقد عقله ثم استعاده.