صالة لواحد

لقطة من «حبيبة الأجنبية»
TT

إخراج: ماريا فلورنسيا لويزا دراما | الأرجنتين / البرازيل 2013 تقييم: (*3) (من خمسة).

* «أنت لست الفتاة التي عرفت»... يقول حسن (مارتن سليباك) للفتاة التي جاءته لتطلع على موقفه منها بعدما اكتشف أنها ليست الفتاة المسلمة التي وقع في حبها. الموقف المعلن من قبل حسن متوافق والواقع، والأكثر أن الفيلم بأسره دراما شفافة واقعية الكتابة وطبيعية الأسلوب وقابلة للتصديق.

بطلة «حبيبة الأجنبية» الذي عرضه مهرجان سان فرانسيسكو الذي انتهت أعماله قبل أسبوعين، وشوهد في لندن، هي فتاة أرجنتينية شابة اسمها أناليا وصلت إلى بيونس آيرس في زيارة لكنها قررت البقاء في المدينة ووجدت فندقا صغيرا يقع في حي من المدينة يقطنه مسلمون. وكونها قادمة من الأرياف فإنه من الطبيعي أن يثير الإسلام فضولها. باتت تريد أن تعرف أكثر عن هذا الدين الذي تشعر بأنه ثقافة مختلفة جذريا عن ثقافتها. تدخل مركزا تعليميا وتشاهد صورة لفتاة صغيرة مفقودة اسمها حبيبة رأفت، فتقرر أن تستخدم هذا الاسم. ترحب بها الفتيات ويمنحنها غطاء رأس وتبدأ بمتابعة دروس في القرآن الكريم والاشتراك في الصلاة.

عند هذا الحد فإن المخرجة لأول مرة ماريا فلورنسيا لويزا لم تبخل على نفسها بمعالجة الموضوع بحساسية وبقدر كبير من الشفافية. ما تقصده ليس دعاية للإسلام أو ضده، بل سرد حكاية فتاة بلا معرفة مسبقة بدين شغفها، تجد في ذاتها دوافع خاصة لكي تتعرف إليه، وتشعر حيال البنات بصداقة وتعجب بترحيبهن بها. تلتهم عيناها التقاليد وفي أحيان تلتزم ارتداء الحجاب حتى حين تكون بعيدة عن المركز ومن فيه. وحين تبحث عن عمل تلجأ إلى صاحب محل لبناني وتقدم نفسها باسم حبيبة المسلمة.

لكن هدف الفيلم أبعد من ذلك. كل ما يدور حول حياة أناليا / حبيبة (كما تقوم بها مارتينا يونكاديللا) في شقه غير المسلم يدعوها، ويدعو المشاهدين، للمقارنة بين ثقافتين مختلفتين. في حين أن المسلمات سعيدات وراضيات نجد مثيلاتهن الأرجنتينات غارقات في المتاعب أو - مثل أناليا نفسها - وحيدات. المرأة التي تقطن في الغرفة الملاصقة لغرفة أناليا تعامل بالضرب من قبل صديقها. مديرة الفندق مادية جشعة، والعالم المحيط في شقه اللاتيني مظلم والإنسان فيه تائه. ذات مرة تخلع أناليا الحجاب وتدخل مرقصا لكنها ليست سعيدة. ما عادت تلك الحياة تثيرها. وحالها ليس كما عهدته سابقا. إنه هنا احتاجت إلى أن تسمع من حسن كلمة حب. لكن حسن، بعدما اكتشف حقيقة أنها ليست مسلمة صرفها... وها هي تعود إلى بلدتها الصغيرة في نهاية المطاف.

للمخرجة حسنة تناول تفاصيل مهمة وطرح أسئلة مثيرة، ولو أن السيناريو يضن بمبرر داخلي عميق داخلي لتلك العلاقة المفاجئة بين أناليا والإسلام.

عينا علي الزرقاوان

* عرض مهرجان سان فرانسيسكو أيضا فيلما آخر يتطرق إلى الإسلام من صنع غربي خالص هو «علي ذو العينين الزرقاوين» للمخرج الإيطالي كلاوديو جيوفانيسي، لكن موضوعه يمشي في اتجاه معاكس، فهو عن شاب عربي يرفض أن يلتزم بتعاليم الدين الإسلامي حتى ولو أدى الأمر إلى طرده من بيت والديه. الفيلم لا يصنع من بطله نموذجا صالحا للإقتداء، بل يتركه في النهاية غير قادر لا على البقاء كما هو ولا على العودة من حيث أتى.