شاشة الناقد

أنا بدينة… انظروا إلي!

ماليسا مكارثي وساندرا بولوك في «البوليس»
TT

إخراج: بول هيغ تمثيل: ساندرا بولوك، ميليسا مكارثي، داميان بشير، مارلون وايانز النوع: كوميديا - الولايات المتحدة - 2013 أفلام الخيال العلمي، أو تلك الخيالية بالكامل، هي كثيرا ما تكون أكثر واقعية من الأفلام الكوميدية التي تقع أحداثها على الأرض. هذه هي الحال حين مقارنة «الحرب العالمية ز» مثلا بـ«البوليس». هذا فيلم من المفترض، ولو نظريا، أن يستمد من الواقع نكاته ومواقفه وشخصياته. لكن الكتابة هنا مستوحاة من لا فن الكتابة المتوفر في أفلام كوميدية أخرى من هذه التي تصنعها الفبركة المعتادة.

طبعا لا بد من مجال للجنوح طلبا لإثارة الضحك، لكن الجنوح هنا متواصل لحد أن المرح المنشود يتحول إلى عدد من المشاهد المتباعدة عن بعضها البعض. يقع الواحد منها وينتهي (وأثره) سريعا، ثم تنتظر إلى أن تتفتق مخيلة الكاتبة كاتي ديبولد عن موقف آخر.

نحن في بوسطن وسارا (ساندرا بولوك) هي موظفة إف بي آي تعيش وحدها لا يزورها أحد سوى قطة من الجيرة. لا تستطيع أن تقول إنها سعيدة بحياتها على هذا النحو، لكنها رصينة وواثقة من خطواتها ولن تنشد التغيير. من ناحيتها تؤدي ميليسا مكارثي شخصية شانون: امرأة شرطة قوية الجانب وذات سلوك عدائي ولسان يغلي بالشتائم لزوم المرأة العصرية. وداعا للمرأة - الأنثى إذا؟

من هذه البداية السقيمة ندلف إلى الحبكة التي تبدأ بتعاونهما على الإمساك برئيس عصابة مخدرات. على السيناريو، تبعا لتقاليد حديثة، أن يكون مهينا، ناشزا، عدائيا لكل فرد (وأساسا لمن في الصالة) وخاليا من الذوق.

الناقد الأميركي ركس ريد كتب في «ذ نيويورك أوبزرفر» نقدا طويلا لاذعا للممثلة مكارثي بمناسبة هذا الفيلم، مفاده أن بدانتها تثير الاشمئزاز وتمثيلها متخلـف. والرجل محق فيما ذهب إليه وإن كان يستطيع استبدال الكلمات الجارحة بأخرى. مكارثي ممثلة بدينة وهي تعرف ذلك وتعرف أن الاستوديو يعرف ذلك وتوافق على استغلال هذه البدانة لتقديمها في صورة سلبية للمرأة. هي راضية، لأن بدانتها هي التي تعيلها (أجرها الآن عن الفيلم الواحد مليونا دولار). في أحد المشاهد نراها تحاول الخروج من السيارة التي أودعتها في مكان ضيق ومحشور. في مشهد قبله تسقط فوق حاجز خشبي بينما كانت تطارد شخصا. هل تضحك كما هو مأمول منك أن تفعل أو تشعر بالأسى لأن الممثلة لا تجد ما تقوم به لكي تنجح سوى مثل هذه الحركات السخيفة؟

الناحية الأنثوية لا تتوقف عند حد أن المرأة مهانة هنا إذ تمثلها ماليسا مكارثي، وللأسف ساندرا بولوك، بل في حقيقة أن الفيلم لا يختلف مطلقا عن أي فيلم بوليسي - كوميدي من بطولة ثنائي من الرجال. ما يعني أن نساءه بلا مزايا خاصة أو ملامح أنثوية حقيقية وغير شكلية، ما يعني أن عمق هذه الشخصيات لا يزيد على سنتيمتر واحد. بولوك ومكارثي مرغمان على الانسياق في هذا التداول غير المجدي والدخول في حوارات مثرثرة لا تنتهي تستنفذ ضحكاتها الصغيرة لكنها تستمر حتى الزهق.

المعنى القاموسي للعنوان هو «الحرارة»، لكن المشتق العامي هو «القانون» أو «البوليس»، لكن هذا الفيلم يخلو من الأول ويسخف الثاني.