شاشة الناقد

هيو جاكمن ثائرا في «سجناء»
TT

* إخراج: دنيس فيلنيوف.

* أدوار أولى: هيو جاكمن، جايك جيلنهال، فيولا ديفيز.

النوع: تشويق (الولايات المتحدة 2013).

تقييم: ( 3 من خمسة).

في «سجناء» بلدة صغيرة في ضواحي مدينة بنسلفانيا. عائلتان واحدة بيضاء قوامها الأب (هيو جاكمن) والأم (ماريا بيلو) وأخرى أفرو-أميركية تتألف من الأب (ترنس هوارد) والأم (فيولا ديفيز). لكل عائلة طفلة صغيرة. في يوم من تلك الأيام الشتوية الماطرة تؤم العائلة الأولى بيت العائلة الثانية القريب في زيارة ودية.. الفتاتان تخرجان إلى الشارع بغية العودة إلى بيت العائلة الأولى.. تختفيان منذ تلك اللحظة.

إذ ينطلق الجميع للبحث عنهما، يوفر المخرج الكندي دنيس فيلنيوف ملامح التخبط العاطفي والإنساني ونتائجه. بداية، يكتشف كَلر دوفر (جاكمن) أن هناك شاحنة غريبة كانت متوقفة أمام بيته اختفت فجأة، والشكوك تدور حول من كان يقودها. التحري لوكي (جايك جيلنهال) ينبري للقضية.. يلقي القبض سريعا على السائق الذي يتبين له أنه معتوه. عليه، رغم شكوكه، أن يطلق سراحه لعدم توفر الأدلة وعلى الرغم من احتجاج كَلر، الذي يتعقب الرجل ويختطفه إلى بناية مهجورة حيث يحبسه ويعذبه. هو واثق من أنه من قام بخطف ابنته وابنة جيرانه، لكن الرجل لا يعترف. وعدم اعترافه (أو احتمال انهياره واعترافه تحت وطأة التعذيب) يحتل جزءا كبيرا من الفيلم. يمنح كَلر الخائف من أن لا يرى ابنته الصغيرة بعد اليوم، والذي شهد انهيار زوجته التي أدمنت الحبوب المنومة حتى تهرب من هذا الواقع، رقعة سوداوية لم يمثلها جاكمن من قبل.

في الوقت ذاته، التحري لوكي غير قادر على أن يوجه أصبع اتهام لأحد. التطور الذي يحدث في منتصف الفيلم تقريبا هو وليد فعل خارجي لا علاقة للتحري بصنعه؛ التحري في عزاء مفتوح يرقب من بعيد.. فجأة هناك ذلك الرجل الغريب الذي يأتي ليضع الزهور.. تلتقي أعينهما.. يهرب الرجل.. يدرك التحري أن هذا لديه ما يربطه بالقضية.. يلاحقه.

التطور اللاحق لا علاقة للتحري بصنعه المباشر أيضا: الرجل الغريب يخطف مسدسا وينتحر به. عند هذه اللحظة تبرز مجددا تلك الدوائر والخطوط المتشابكة السابقة: كَلر والسجين.. عائلته.. عائلة جيرانه (التي تكتشف أنه يعذب المتهم)، والتحري الذي يكتشف لاحقا أن كَلر سجن المتهم في غرفة خاصة به وأخذ يكيل له التعذيب آملا في انتزاع اعتراف منه.

المخرج فيلنيوف كان تعامل مع سينما الغموض في فيلمه السابق «حرائق» الذي تقع أحداثه بين كندا و«منطقة عربية تخوض حربا طائفية» (لا يسميها لكنه يرمز إلى لبنان).. لكن ذاك كان غموضا مختلفا. الغموض الماثل حاليا بعضه طبيعي ناتج عن الحبكة (فتاتان صغيرتان تختطفان.. لماذا؟ من الخاطف؟ هل لا تزالان على قيد الحياة؟) وبعضه مركب ناتج عن العودة إلى كل سؤال مطروح والتأكيد عليه وفتح خط جانبي منه، وهذا الخط لا يضمن الوصول إلى نتيجة جديدة وإذا لم يصل إلى نتيجة جديدة، عاد إلى حيث انطلق.

بعض ذلك يتسبب في حالة من حصار المشاهد بأكوام من الأسئلة لا يسرع الفيلم في الإجابة عنها؛ بل يتلاعب بها أطول قليلا مما يجب.. لكن الفيلم يبقى، رغم ثقله، بارعا في طرح مضامينه التي تتعامل مع المبادئ والأخلاقيات والتبعات الدينية على حد سواء.