المشهد

الممثل غير البسيط

TT

* لحظة عاطفية رائعة هي تلك التي تخللت احتفال توزيع جوائز «المجلس الوطني للنقد» National Board of Review. المجلس الذي يتكوّن من صانعي أفلام وأكاديميين ونقاد قام يوم الأربعاء، الثامن من هذا الشهر، بتقديم جوائزه السنوية في دورة رقمها 105. هذه المؤسسة المتيمة بحب السينما منحت جوائزها الأولى سنة 1909 وفي هذا العام قامت بمواجهة تحد كبير: إقامة حفلة كبيرة في هكذا جو مصقع كالذي تمر به نيويورك حاليا. الأكثر من ذلك، تأمين وصول المحتفى بهم وسواهم من السينمائيين المدعوين.

* لكنهم جميعا جاءوا. ومن جاء تمتع بمشاهدة تلك اللحظة الجميلة التي اختلجت فيها عاطفة الفنان بتقديره وأحاسيسه بامتنانه. الفنان هو بروس ديرن والجائزة الممنوحة له هي جائزة أفضل ممثل عن دوره في «نبراسكا» لاعبا شخصية الهرم المقتنع بأنه ربح مليون دولار تستحق منه الانتقال من نبراسكا إلى ولاية أوهايو ولو مشيا لقبض الجائزة، في حين أنها طريقة تستخدمها مؤسسات معينة لجذب الناس لشراء منتوجات على أمل الفوز بالمليون.

* في كلمته شكر الممثل المخرج ألكسندر باين الذي «عرض علي فرصة تمثيل دور بدل تلك الأدوار السخيفة التي مثّلتها طوال السنوات الماضية» وترقرقت الدموع في عينيه وهو يقول شاكرا أعضاء الجمعية: «لقد جلستم هناك معا في غرفة وقلتم: بروس ديرن يستطيع أن يمثل».

* ابن السابعة والسبعين ممثل مبهر ببساطته. والمخرج باين كان مصيبا حين طلب منه ألا يمثل. قال له «كن أنت». هذا الطلب ليس تبسيطا بل تصعيب. ذات مرّة في سنة 1960 طلب المخرج بيلي وايلدر من الممثل جاك ليمون قبيل تصوير المشهد الأول من فيلم «الشقة» ألا يمثل. وكلما أدّى المشهد أوقف المخرج التصوير وقال له «مثل أقل». بعد خمس مرّات قال جاك ليمون محتجا: «لم أعد أمثل»، فرد عليه وايلدر: «عظيم. هذا هو المطلوب».

* لعب ديرن في 142 عملا سينمائيا وتلفزيونيا منذ وقوفه أمام الكاميرا لأول مرّة سنة 1960 من بينها 86 فيلما سينمائيا من بينها 33 وسترن وغالبا دور شرير. هو الذي قتل جون واين في «رعاة البقر» (1972) وقبل ذلك قتله جون واين في «عربة الحرب» (1968) وحاول شنق كلينت إيستوود في «أشنقهم عاليا» (1968). عدا أفلام الوسترن لديه نصيب من أفلام التشويق، كما الحال في فيلم وولتر هِل الممتاز «سائق» وهو قاد بطولة فيلم ألفرد هتشكوك الأخير «حبكة عائلية» (1976) بجدارة ولعب في «العودة للوطن» لهال أشبي (1978) وشارك جاك نيكولسون بطولة «انطلق.. قال» (1971) و«ملك حدائق مارفن» (1972).

* بخلاف أنه رشح لأوسكار أفضل ممثل مساند عن «العودة للوطن» لم تشهد حياته المهنية أي نجاح نوعي بخلاف تلك الأفلام ونبتت بمحاذاتها الأعمال الكثيرة التي كان عليه القبول بها أو التوقف عن العمل. وحسنا فعل.