الهام شاهين وتدمير الوعي الفني

TT

* حقيقة تفاجأت كما تفاجأ جمهور الصالة الذي حضر ندوة ناقشت مسلسل «بنات افكاري» بمستوى تفكير الفنانة الهام شاهين.

وجه المفاجأة او الغرابة ان الجمهور حاور الهام شاهين على انها «ريري» السكرتيرة الساذجة «خطافة الرجالة» التي تصبغ وجهها بكل الوان قوس قزح بشكل صارخ وفي بعض الاحيان.. مقزز وذلك في مسلسل «بنات افكاري».

اعجبتني طروحاتها حول ذوق الجمهور الذي وصفته بالهابط. لقد اكتشف الناس ان «زاهية» الفلاحة التي هجرها زوجها لانها طيبة وساذجة في مسلسل «البراري والحامول» والزوجة المخدوعة التي لا تعرف حقيقة زوجها الى ان يموت في حادث سيارة في مسلسل «سامحوني ماكنش قصدي»، انها تملك مخزونا ثقافيا غير الذي اظهره لنا برنامج من سيربح المليون والذي شاركت فيه اخيراً.

تتهم الهام شاهين موجة الافلام السياسية وتؤكد حرص السينما المصرية على تقديم اعمال سياسية ولكنها كما تقول للأسف ان هذه الاعمال تحقق خسائر فادحة! الهام شاهين تتهم الجمهور الذي بات يقبل على افلام الضحك و«الايفيهات» ولا يحمي الاعمال الجادة حتى انها شككت في نجاح فيلم «السادات».

في الختام تطالب الفنانة الهام شاهين بمراجعة شاملة لموقف الجمهور من الفن وتتهم البعض الذي وجه الجمهور لتقبل مسرحيات من نوعية واحدة فقط هي مسرحيات «الايفيهات» والنكات والرقص والفرفشة، الى درجة ان الجمهور اصبح لا يشاهد غيرها وبالتالي فإن من الصعب ان ينجح عمل كلاسيكي او طليعي. الهام شاهين تطالب بضرورة تعويد الجماهير من جديد على التذوق الفني.

بدوري اتساءل عن المتهم الحقيقي الذي اوصل الجمهور الى هذه الحالة.. هل هو «الفيديو كليب» الذي صال وجال في الفضائيات حتى احتدمت منافسة قوية بين القنوات حول افضل الاعمال المعروضة، ناهيك عن الابتذال والمسخ والتسيب والجنس والكلمات الرخيصة التي اصبحت فوق الشفاه. هل ننتظر ان تمنع التلفزيونات اعمال المكوجية واصحاب «الوانيتات» وسائقي الميكروباص.

الاتهام موجه للسادة المخرجين او «المخربين» الذين قتلوا الذوق العام، وموجه ايضا لاصحاب المدارس الليلية التي تخرج لنا مطربي كباريهات نشاهدهم في غرف نومنا وصالات المعيشة. من هو المسؤول عن هذا التسيب هل هم الملحنون ايضا ام كتاب الكلمة الغنائية ام اصحاب القنوات الفضائية؟! الكل اصبح يغني والكل اصبح يمثل والمتلقي يتلقى كل هذا في قنوات فضائية شكلت مفهومه وذوقه، حتى البرامج السياسية دخلت في تشكيل الوعي السياسي لدى المتلقي، وبدلا من ان نستفيد من هذه البرامج خرجنا بنتيجة واحدة نتساءل عن اسم الفائز الذي طرح الآخر في الرأي الآخر و«صراع الديكة».اصبح التنافس على اشده في القنوات الفضائية ايضا حول الملايين ومن سيكسبها هل هو ذلك القروي في اطراف اغادير ام سينالها احد رجال الصعيد في مصر.

هذه المسابقات على الرغم من انها تدر الملايين على اصحابها الا انها تشتت اسراً وتضيع عوائل.ويبقى السؤال من الذي دمر الوعي الفني ودمرنا تلفزيونيا؟