التشكيلي السعودي صديق واصل: صياغة جديدة لصور الانكسار من البقايا المهملة

TT

تشهد مدينة جدة السعودية المعرض الشخصي الأول للفنان صديق واصل ويعرض فيه أكثر من ثلاثين عملاً فنياً تتوزع بين النحت والتجسيم في محاولة جادة لتقديم تجربة خاصة تعتمد استثمار المهملات وبقايا الحديد والصفائح الصدئة.

وبدت صالة العرض كأنها ورشة تصخب فيها الحياة من تفاصيل مجسمات محدودة الأشكال لهياكل بشرية تتفتت أطرافها، ويسيطر على سماتها التآكل والانهزام، لكنها في اللحظة نفسها تنحو صوب الافصاح والطعن في الفراغ المقيت بحثاً عن الحياة الجديدة. ويعد الفنان صديق واصل من أبرز الفنانين الشباب رغم حداثة عمره التشكيلي حيث حقق عدداً جيداً من الجوائز لعل أهمها المركز الأول على مستوى السعودية في الفن التطبيقي والمركز الأول في معرض المراسم الثامن في الرياض. وشارك الفنان في مجموعة من المعارض الداخلية والخارجية فكان محل حفاوة المهتمين ومتابعتهم لما عرف عنه من قدرة على جمع شتات البقايا وصياغة مجسمات وأعمال نحتية تنبض بالحياة وتحاكي صورة القمع والانكسار اللذين يسيطران على أجزاء كبيرة من المشهد الانساني المعاصر، إضافة إلى الصراع الممتد لاثبات الحضور ودحض النسيان. بدأ الفنان صديق واصل علاقته منذ الطفولة ثم تطورت وصولاً إلى فترة التحاقه بجامعة الملك عبدالعزيز بمدينة جدة، وانتمائه إلى نادي الفنون التشكيلية بعمادة شؤون الطلاب، وبعد ذلك واصل القراءة والمتابعة للمصادر العربية والأجنبية للوقوف على أهم التجارب الشهيرة في مجال النحت والتجسيم مع الاحتكاك بذوي الخبرات الفنية حوله ليتعلم من تجاربهم ويتجاوز الأخطاء التي قد يقع فيها سواه.

ويرى الفنان في اهتمامه بالبقايا المهملة والمخلفات عودة إلى الأشياء في صورتها الأولى: التي مكنتنا من الاستفادة منها ثم أوصلناها إلى الشكل المهمل وها أنا أحاول خلق الفراغ بالأشكال في عضويتها المتجددة، صحيح كانت أعمالي الأولى مباشرة لكن الأعمال التالية استطاعت إلى حد كبير الوصول إلى الجمالية مع القدرة على الربط بين الأشكال.

ولئن انشغل كثير من الفنانين برعاية الوظيفة الأساسية للفن وجمالياته فإن أعمال صديق واصل تحدث صدمة لدى المتلقي ولا يهتم كثيراً في شرح وإيضاع مفاهيمه للمتلقي ممعناً في التجريب والمغامرة.

وعن ذلك يقول: انشغلت بجمع شتات الأشكال المهملة من المسامير والصواميل وشرائح الحديد والصفيح للربط بين الأشكال في عضوية محدثاً التحول الكيفي المستخدم لتحديد الرؤية بين التناول التشكيلي في الرقة والبساطة لكي تفتح آفاقاً جديدة من مقوماتها التجريب والاكتشاف بناء على مكتسبات غير محددة بين العواطف الإنسانية والأفكار الجمالية.

ولا يخفي الفنان تأثره الواضح منذ البداية بالفنان العالمي البرت جياكوميتي، دون إهمال البحث عن الشخصية الخاصة به: فمع مرور الوقت أصبح لدي أسلوبي الخاص في الطرح والمعالجة للأعمال التي أقدمها ومحورها الإنسان وعذاباته وصراعه مع واقعه اليومي قائلاً: من الزائف أن أصور نمطاً معيناً من الحب والجمال يخلو من بصمات ما يعانيه إنسان اليوم من حروب وكوارث وغيرها من الأزمات.