شبح الكساد يخيم على السينما المصرية

TT

يبدو أن حالة الانتعاش الظاهرية التي أصابت السينما المصرية خلال العامين الأخيرين، ممثلة في الزيادة الملحوظة في عدد الأفلام والايرادات والرواد كانت حالة مؤقتة، أو كاذبة كما يؤكد المتابعون والراصدون لصناعة السينما في مصر، إذ تشير كل الدلائل إلى أن سحابة كثيفة من الكساد بدأت تغطي سماء السينما المصرية، منذرة بحالة من الركود والسكون، تعيد إلى الأذهان شبه الشلل الذي أصابها عقب سنوات الغزو العراقي للكويت، في أوائل التسعينات من القرن المنقضي.

فبعد الانتعاش الظاهري، وظهور الشركة العربية للانتاج والتوزيع، والتي أثارت الجدل في الوسط السينمائي المصري، واعلانها عن خطة انتاج مكثفة تعيد للصناعة ازدهارها وعصرها الذهبي، وبدء ظهور انتاجها ونزوله إلى دور العرض، ودخول شركات انتاج جديدة إلى حلبة المنافسة خيم الركود من جديد، بعد الاعلان شبه الجماعي عن توقف حركة الانتاج.

وكانت شركة مصر العالمية التي يرأسها المخرج الكبير يوسف شاهين هي السباقة في الاعلان عن وقف الانتاج في الثلث الأخير من العام الماضي، واعتبار أن فيلمها «سكوت ح نصور» هو آخر انتاجها، ووقفه إلى أجل غير مسمى، لأسباب اقتصادية في الأساس، لا تمكنها من الاستمرار والصمود. وهو ما دفع شاهين إلى البحث عن جهة تمويل لفيلمه الجديد، الذي يعده عن قضية القدس، ونجح في اقناع T.V5 الفرنسية بالمساهمة في انتاج الفيلم.

القرار نفسه اتخذه المنتج والمخرج رأفت الميهي مجبراً أيضاً، بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها أفلامه الأخيرة، وكان آخرها «علشان ربنا يحبك» الذي لم يصمد في دور العرض سوى أيام، وتسببت الديون التي لاحقته، والشيكات المطلوب سدادها في اعتزال الانتاج وربما الاخراج، بعد تغير ذائقة الجمهور، وعدم تقبله لأعماله التي تعتمد على الفانتازيا.

وربما كانت المفاجأة الأكبر هي توقف الشركة العربية للانتاج والتوزيع السينمائي (هيرميس) عن الانتاج، رغم امكانياتها الضخمة، ونجاحها في فرض سيطرتها على السوق السينمائي، باحتكار النجوم، وشراء أصول الأفلام القديمة، وتعاقدها مع كبار المؤلفين والمخرجين لفترات طويلة قادمة.

حسين القلا مسؤول الانتاج بالشركة يقول لـ«الشرق الأوسط» ان الاعلان عن وقف الانتاج هو قرار مؤقت، يعود لأسباب عدة منها وجود عدد كبير من أفلام الشركة في العلب تنتظر العرض، وأخرى يجري تصويرها بالفعل مثل «سهر الليالي»، بالاضافة إلى الحاجة إلى فترة راحة لتقييم الأداء خلال الفترة الأولى من عمر الشركة.

وقبل هيرميس أعلنت شركة شعاع توقف عجلة الانتاج بها لأجل غير مسمى، من دون أن تفصح عن الأسباب الحقيقية.

الناقد السينمائي د. رفيق الصبان يتوقع أن يصل معدل الانتاج إلى أدنى مستوياته هذا العام 2002، والهبوط إلى أرقام هزيلة، تعيد للأذهان سنوات الكساد في أوائل التسعينات.

وربما كان شعاع الأمل الوحيد وسط سحب الكساد ممثلاً في جهاز الانتاج السينمائي الجديد التابع لمدينة الانتاج الاعلامي، والذي يرأسه السينمائي المخضرم ممدوح الليثي نقيب السينمائيين المصريين.

وقال الليثي لـ«الشرق الأوسط» ان لديه خطة انتاج طموحة، لتعويض الكساد المتوقع، وستبدأ بالفعل مع نهاية الشهر الجاري بتصوير 5 أفلام دفعة واحدة أولها «معالي الوزير» بطولة أحمد زكي واخراج سمير سيف وتأليف وحيد حامد. ويأمل أن تصل خطة الانتاج إلى 30 فيلماً مع مطلع عام 2003.

وأضاف أنه ينوي أن يكون انتاجه بمواصفات سينمائية تجارية تدخل المنافسة وتحقق الربح، في اشارة إلى عدم رضائه عن الأفلام السينمائية التي انتجها التلفزيون في السنوات الأخيرة، وفشلت جماهيرياً ونقدياً.