أغان وهموم .. بين أصيل والعولمة

TT

* من الأغاني الجديدة التي استمعت اليها مؤخراً أعمال الفنان اصيل ابو بكر. ولا غرابة في ان هذا الفنان الذي تربى في منزل والده ابو بكر سالم بالفقيه استطاع ان يتشرب الأصول الفنية ويتعلم قواعد النجاح. عندما ظهر اصيل ظن البعض بل أكدوا انه لن يخرج من «جلباب ابيه»، لكنه استطاع ان يتخذ له طريقاً آخر وان كانت البصمة الوراثية تطغى على بعض أعماله. لكن ما الذي يمنع ان يتأثر أصيل بوالده ويتعلم منه الغناء على اصوله ويشق له طريقاً لنفسه؟ لا اعتقد ان هذا غير جائز في زمن هذا التنوع بل هو حق مشروع ومطلوب بقوة ايضاً.

أصيل ابو بكر في أعماله الجديدة استطاع ان يؤسس له طريقة خاصة به وطريقة اختياره للأعمال موفقة وأكثر من مميزة. ويكفي انه اختار رائعة الأمير بدر بن عبد المحسن «قالوا سألتي» التي أبدع في تلحينها الدكتور المتألق عبد الرب ادريس، وليكون في ذلك خير مثال على ما نقوله. أعماله الأخرى مثل «يا تاج راسي» تجبرك على القول بأن هناك من الفنانين من لا يزال يحترم نفسه وفنه ويحترم الجمهور الذي أوسعه بعض المطربين نشازاً وضرباً وصراخاً بالايقاعات وبأصواتهم تحت سقف وهم العالمية.

الكل اصبح يبحث عن العالمية وأضاع العربية، وجولة واحدة في عالم الأغاني هذه الأيام تريك العجب العجاب. اصبح تقليداً ان تغني نوال الزغبي على الطريقة البرازيلية وعاصي الحلاني على الطريقة الغربية ناهيك من أعمال عمرو دياب «الديسكوتيكية».

هل أصبح حلم العالمية شبحاً يطارد الفنانين وأصبحت الأغاني على شاكلة «الديسكو» هي المطلب؟ نعم هذا ما تشبعنا به القنوات الفضائية الموسيقية ولولا وجود «قناة للطرب» ضمن باقة الأوائل تحترم نفسها لانتهى عصر الطرب الجميل واحترام الكلمة واحترام أذواق الناس. لسنا متشائمين من الحالة الغنائية هذه الأيام ولكن املنا في وجود من تشربوا الأصالة واحترام شعوبهم يعطينا بعض التفاؤل بأن هناك أياماً مشرقة لاحترام عقول واذان الناس.

لذلك نتمنى على القائمين على القنوات الفضائية مراعاة «حسهم» الفني وذوقهم الفني في عدم بث ما يخدش الحياء ويتلف طبلة الاذان. ولا اعتقد اننا بحاجة الى «شرطة فضائية» تقبض على المتسللين على حدود الغناء الشريف أو على الذين يمارسون الارهاب الغنائي بدعوى «العولمة».