يا هبيبي تآلا .. غناء موسيقى عربية بإمضاء العولمة

TT

دعت الاذاعة البريطانية BBC3 مستمعيها الى حفل تقيمه، وتبثه مباشرة بمناسبة العام الجديد.

اقيم الحفل عشية اليوم الاول من العام الجديد في مقهى كبير بمنطقة كمدن تاون السياحية شمال لندن.

حضر الحفل حشد من المدمنين على التحليق بين موجات الاثير، و كان اللافت في الأمسية كلها تقديم فقرة الشرق الاوسط على جميع الفقرات الاخرى.

اتخذ العازفون اماكنهم على مرتفع خشبي ازدحم بآلاتهم المختلفة، وبأجهزة النقل الاذاعي ومكبرات الصوت.

ثلاثة من العازفين الاربعة كانوا بسحنات اوروبية واضحة فيما كان العازف الرابع، وهو الوحيد الذي لوحت شمس المتوسط ببشرته، يعد طبوله المختلفة للعزف.

وعندما اطلت مغنية الفرقة (زهار) اطلقت مكبرات الصوت العنان لوجبة همبرغر موسيقية اضافت اليها زهار بعباءتها العربية المزركشة، وعمتها المذهبة، الكثير من الفلفل والبهار الشرقي المميز.

حيت زهار الجمهور بانجليزية لا يخالطها الضباب، فتلاشت صورتها المغاربية التي كونتها في ذهني، فالمغاربيون سكان شمال افريقيا من العرب والبربر يتقنون الفرنسية، وليس الانجليزية، فقلت في نفسي: لعلها ولدت وترعرعت في بلاد الانجليز، وربما لهذا السبب لم نعهد مغنية من بلاد العرب تحمل هذا الاسم.

لم تزد زهار التي يُشهد لها بصوتها الدافئ الرخيم على الكلمتين العربيتين الوحيدتين اللتين كانتا مطلع اغنيتها الاولى طوال فترة فقرتها التي زادت على اربع اغان.

يا هبيبي تآلا.. رددتها زهار عشرات المرات وسط باقي الكلام الذي كان اقرب الى تمتمات السحرة، ومحضري الارواح، وعفاريت قصص الف ليلة وليلة.

نقلني صوت زهار والالحان التي ترنمت بها الى جو أصيل من الغناء عرفت به مغنية تونسية اشتهرت باسم امينة خلال العقد الماضي في فرنسا.

فكانت القنوات التلفزية الفرنسية تعرض بين الحين والحين العديد من اغانيها التي كانت على الاغلب باللغة العربية.

لم تعرف امينة كثيرا في بلداننا كما ان اخبارها انقطعت مع ظهور نجم امينة اخرى من تونس عرفت بفاخت بعد ان انتهت فقرة زهار التي تخللتها فقرات عديدة من غناء اقتطعت من تسجيلات لاحد المغنين الكلاسيكيين العرب ونغمات كردية عولجت الكترونيا وذوبت في عجينة التوابل الموسيقية الغنائية التي قدمتها الفرقة العجيبة اعلنت نجمة المحطة البريطانية فيرتي شارب وسط دهشتنا بان زهار من جزر موريشيوس! هنيئا للعولمة استنساخها جينات موسيقية، وغنائية شرق اوسطية لاعلاقة لعازفيها ومغنيها بمصادرها الاصلية انتماء ولغة وروحا الا من خلال عازف ايقاع واحد، ومن يدري، فقد يكون هذا العازف مخلوقا افتراضيا صمم لليلة واحدة، وكل عام وانتم بنسخة واحدة!