صباح فخري بعد تكريمه في مهرجان الموسيقى العربية العاشر بالقاهرة: لا أجد من يخلفني في الغناء وابتعدت عن تناول المخللات والبهارات والمثلجات

* الموسيقى الغربية تعجبني ولا تطربني! * لست ضد التجديد .. وأصر على عدم استخدام آلات غربية * أغني القصائد التي تناسبني ولم أرفض التعاون مع «نزار قباني»

TT

يعيش الفنان السوري «صباح فخري» حالياً أسعد لحظات حياته بعد أن تم تكريمه في مهرجان الموسيقى العربية الأخير ضمن «10» من رواد الموسيقى في الدول العربية المختلفة، وزاد من سعادته الحفلان اللذان أقامهما في القاهرة والاسكندرية ضمن حفلات المهرجان حيث امتلأت قاعة المسرح عن آخرها. حول تمسكه بأداء أغاني التراث دون الاهتمام بأعماله الخاصة وحرصه على عدم ادخال أية آلات غربية في الألحان العربية، ورأيه في المطرب الذي يرشحه ليكون خليفة له في الساحة الغنائية، وسر عدم تعاونه مع الشاعر الكبير «نزار قباني».. واختفائه كملحن في السنوات الماضية كان هذا الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» :

* طبيعي أن يضعف صوت المطرب مع تقدم العمر ولكن العكس تماماً حدث مع «صباح فخري» فما هو السر في ذلك؟

- هذا فضل من الله .. وكلامك صحيح جداً فمن المعروف أن مساحة صوت المطرب تتراجع مع تقدم العمر ولكن مساحة صوتي اتسعت لأنني تعلمت منذ الصغر كيف أحافظ على حنجرتي وابتعدت عن تناول أطعمة كثيرة مثل المخللات والبهارات والمثلجات ولم أتناول الخمور في حياتي لأن المطرب مثل الرياضي يجب عليه تدريب صوته ولا يحمل حنجرته أكثر من طاقتها.

* دائماً تحرص على أداء أغاني التراث .. فأين أغنياتك الخاصة؟

ـ أنا أهتم في المقام الأول بأغنيات التراث ومشروعي الفني قائم على هذا الأساس وربما أكون قد قصرت في حق نفسي ولم أقدم أعمالا خاصة بي بالقدر المطلوب ولكن في النهاية أعتقد أن عددا من الاذاعات العربية تحتفظ حتى الآن بتسجيلات لعدد من أغنياتي ومنها «يالابسة الخلخال» ، «ياسالبة عقلي» وغيرهما ولكن أنا راض عن مشواري الفني والطريق الذي اخترته لنفسي ولن أندم أبداً عليه.

* لكن ألا ترى أن اعادة الغناء للتراث أمر فيه تكرار ويخلو من الابداع؟

- هذا الكلام غير صحيح لأنني دائماً أحاول أن أكتشف وأبحث في تراثنا العربي واستخرج منه ما يتفق مع روح العصر ولا أقدم التراث بشكل تقليدي بعيد عن الابداع وأطالب كافة المؤلفين والملحنين بأن يبدعوا أعمالاً مستمدة من التراث تعبر عن هويتنا العربية.

* وهل تعتقد أنك نجحت في الهدف الذي تسعى إليه وهو الحفاظ على التراث؟

ـ أعتقد أنني حققت جزءاً كبيراً مما كنت أحلم به ويكفي أن أقول لك أن تذاكر الحفلات التي أقمتها في القاهرة ضمن فعاليات مهرجان الموسيقى العربية قد نفدت فور الاعلان عنها وهو ما يعني أن درجة الوعي الفني لدى الجمهور عالية جداً ولا يفضل الفن الهابط كما يحاول البعض تصوير الأمر بهذا الشكل. ولا أقصد حفلاتي فقط ولكن معظم حفلات مهرجان الموسيقى العربية بالفعل امتلأت عن آخرها من مختلف الأعمار والطبقات.

* وهل يعني ذلك أنك تقف ضد التجديد في الموسيقى والغناء والاكتفاء بتكرار التراث؟

ـ أنا لم أقل ذلك من قبل. وإذا كنت تقصد مسألة الأغنيات التي انتشرت حالياً في الساحة الغنائية أو ما يطلقون عليها أغاني شبابية فهي ليست بالأمر الجديد وسبق أن قدم «عبد الوهاب» و«محمد فوزي» و«أم كلثوم» هذه الأغنيات الخفيفة أو القصيرة ولكنها لم تكن وحدها الموجودة على الساحة كما يحدث في الوقت الحالي.

* ولكن المعروف أن لك موقفا ضد ادخال آلات موسقية غربية إلى فرق الموسيقى العربية. ألا تعتبر ذلك ضد التجديد؟

ـ لا أعتقد ذلك. أنا مؤمن بأن آلاتنا الشرقية هي الأقدر على التعبير عن مشاعرنا خاصة أننا كشرقيين لنا طبيعة مختلفة تماماً عن الآخرين ولدينا مشاعر جياشة لا يمكن التعبير عنها إلا باستخدام الآلات الشرقية. ونحن لسنا بحاجة إلى ادخال آلات غربية ولو احتجنا إلى صوت جديد في موسيقانا فعلينا تطوير الآلات الشرقية.

* وهل يعني ذلك أنك لا تستمع إلا الى الموسيقى الشرقية فقط؟

ـ لا طبعاً. بكل صراحة أنا أحياناً أستمع إلى الموسيقى الغربية وتعجبني جداً ولكنها لا تطربني على الاطلاق فلا يوجد وجه للمقارنة بينها وبين موسيقانا الشرقية وألحانه التي تركها لنا العظماء أمثال «سيد درويش» و«رياض السنباطي» و«القصبجي» و«محمد عبد الوهاب». وأعتقد أن وجود ألحانهم حتى الآن ووجود فنانين مازالوا حريصين على تقديها يؤكد أن الفن العربي لا يزال بخير خاصة مع اقامة عدة مهرجانات للموسيقى الشرقية كان آخرها مهرجان الموسيقى العربية العاشر بالقاهرة والذي افتتح منذ عدة أيام وهو مستمر في الدفع بالأصوات الجديدة التي تقدم التراث أيضاً.

* بمناسبة ذكرك للأصوات الجديدة. من هو المطرب الذي ترى فيه خليفة لك على الساحة الغنائية؟

ـ ليس لي خليفة على الساحة الغنائية لأن لكل فنان أو مطرب أسلوبه الخاص وطريقته في الأداء ومن الصعب جداً أن تجد تشابها بين اثنين وإلا فمن هو خليفة سيدة الغناء العربي «أم كلثوم» ومن هو خليفة «عبد الوهاب» وهكذا فأنا لست مقتنعاً بمسألة الخلافة في الغناء. وأرجو ألا يفهم البعض كلامي خطأ أو أنني أقلل من شأن أحد من زملائي المطربين ولكن هذه هي وجهة نظري.

* وما هو السبب ـ من وجهة نظرك ـ في تراجع القصيدة المغناة على الساحة الفنية؟

ـ في الحقيقة يوجد سببان أساسيان لهذا الأمر أولهما أن تلحين القصائد غاية في الصعوبة ويحتاج إلى موهبة خاصة مثل التي كان يتمتع بها السنباطي أو «ترزي التلحين» في الموسيقى العربية كما أحب أن أطلق عليه، وأعظم القصائد التي لحنها كانت «لأم كلثوم» والسبب الثاني أن غناء القصيدة يحتاج إلى صوت قوي يستطيع الوصول إلى المستمع باللحن والكلمات، وهذه النوعية من الأصوات أصبحت نادرة إن لم نقل غير موجودة.

* ولماذا تراجعت عن التلحين في الفترة الأخيرة؟

ـ حياتي الفنية انقسمت إلى جزئين، الأول كمطرب يغني لنفسه ويعيد تقديم التراث والثاني كمطرب يلحن لنفسه ولغيره من المطربين . وإن كانت شهرتي كلها قامت على أنني مطرب يغني للتراث ربما لأنني منحت التراث الجزء الأكبر من حياتي ونشاطي الفني وألحاني الخاصة أيضاً تنتمي للتراث مما جعل الجميع ينظر إلي على أنني أغني للتراث والفولكلور فقط.

* كيف يكون بسوريا شاعر مثل «نزار قباني» ومطرب مثل «صباح فخري» ولا يحدث بينهما تعاون على الاطلاق؟

ـ «نزار قباني» شاعر كبير حقق نجومية على مستوى العالم العربي وهو من الشعراء الذين نقدرهم ونفخر بهم. ولكن هناك شعراء كبار آخرين لم أغن من أشعارهم وهذا لا يعني أن هناك موقفاً ضدهم من جانبي وانما لم تتح الفرصة لتقديم عمل مشترك. ومن ناحية أخرى ليس شرطاً أن أغني لشاعر سوري وانما أغني الأشعار التي أجدها تناسبني بغض النظر عن البلد الذي ينتمي إليه الشاعر فعندما تتاح الفرصة لا توجد حدود فاصلة بين الفنانين في جميع الدول العربية.