عازف العود نصير شمة: لا خلاف بيني وبين كاظم الساهر وسنلتقي في عمل قريب

لم أسع في حياتي للدخول في منافسة مع أحد* أسعى لوضع مناهج جديدة لآلة العود * حاولت أن ألغي الخطوط الحمراء

TT

عازف العود الشهير نصير شمة ظل يحتل مساحة عريضة في قلوب الناس فهو بالرغم من أنه عازف عود على مستوى عال فقد استطاع ان يوظف علمه وامكانياته ودراسته لآلة العود في خدمة الآخرين خاصة الشباب العربي الذي يهتم بدراسة العود. كما انه خلال الأعوام القليلة الماضية ابتكر مقامين في آلة العود سمى احدهما مقام الحكمة وسمي الآخر مقام «الكوت». وخلال رحلته مع العود قال الكثير لـ«الشرق الأوسط» ونفى خلال اللقاء ما يتردد عن خلافات بينه وبين كاظم الساهر، وهذا نص الحوار.

* بداية ما هي حكايتك مع العود منذ البداية؟

ـ معرفتي بالعود بدأت في سن مبكرة وهو ما جعلني أحلم دائما بالتمكن قدر الامكان من الأدوات التي تجعلني أعوم بسلام وسط هذا البحر الواسع الذي لا نهاية له، فالعود عالم كبير تحكمه قوانين ونظم وطرق ونظريات وعلوم.

وأنا بدأت بدراسة العود في معهد الموسيقى ببغداد لمدة 6 سنوات دراسة متخصصة وعميقة للعزف المنفرد بالاضافة الى مجهود اضافي للمميزين، لمد الساحة الموسيقية العراقية بأفضل العازفين والمطربين وتخرج منها كاظم الساهر وأحمد نعمة ومعظم المطربين العراقيين.

وحتى أكون متميزا كان يجب علي أن أقضي يومي كاملا في التثقيف والتمرين جيدا لأكثر من 10 سنوات حتى خلقت صداقة مع العود من خلالها بدأت أفعل ما لم يفعله غيري له ولست بالضرورة أن أقول انني علمت كل اسراره.

* في العراق أفضل لعازفين على العود على مستوى العالم العربي، هل هذا يؤكد ان للعراق مكانة خاصة جدا للعود؟

ـ فعلا العود له مكانة خاصة جدا لدينا في العراق، فهو مرتبط بالعراق منذ نشأت الحضارات القديمة. وكان العازف يصنف الى ثلاثة أقسام الأول للملك والثاني للحاشية والثالث لعامة الشعب. وهذا ما زال حتى الآن بالعراق. العازف الماهر يعامل معاملة المسؤولين.

* تنقلت كثيرا بين العراق والأردن ثم تونس ومصر أسست خلال ذلك قواعد للعود وأخيرا اتجهت الى دار الأوبرا المصرية، فهل هذا يعني طموحك الأكبر؟

ـ العود أصبح بعد أول لقائي به عام 1977 قدري بعد أن كنت أبحث وسط الهوايات عن شيء أجد فيه نفسي، وبعد تلك الفترة أرى أن العلاقة تقوى بيننا مما جعلني أفكر في أن أكون له موقعا يكرم فيه بدار الأوبرا المصرية وأضعه على طريقه الاكاديمي من خلال مناهج علمية لتكون موجودة في بيت العود العربي.

* ما هي حدود طموحاتك في مجال العود؟

ـ ما زال طموحي كبير في أن أجعل العود الآلة الأولى في الزمن الراهن والمستقبل، وان أضع مؤلفات كثيرة حتى أفتح الباب لمن يأتي بعدي فيحقق أكبر انتشار للعود خاصة أنني أرى أنه نافذة هامة جدا استطيع من خلالها أن أقول كل شيء، يصعب ان أقوله كلاما. وحاولت ان أجعل منه معبرا للشعوب، ومنها الشعب الفلسطيني واللبناني وشعب العراق وكل قضايا الانسان في كل مكان. وان يكون العود «لسان حالهم» وان يسمع في كل مكان في العالم. معظم العازفين البارعين لم يحرصوا على تعليم من أحد. ربما تخيلوا ان أي عازف جديد سوف يؤثر على مكانتهم وهذا ما أردت ان أعالجه بنفسي أولا حتى أفتح الباب على مصراعيه لتخريج عازفين آخرين، وأحملهم في نفس الوقت مسؤولية احترام الجمهور واعلمهم بدون حدود ابتكار جملة موسيقية تؤكد قدرتهم على فهم خبايا واسرار آلة العود.

* ماذا تمثل لك المنافسة؟

ـ لم أدخل في حياتي منافسة مع أحد منذ أن تعلمت الى اليوم. فأنا أؤمن بأني أعمل على قدر استطاعتي حتى أصل الى فكرة جديدة وأطرحها من خلال اعمال تجعل الناس يرفعون رؤوسهم عاليا عندما يستمعون اليها، وهذا هو هدفي، ولذا ألغيت فكرة المنافسة من قاموس حياتي، فلدي أصغر عازف في بيت العود يملك تقنيات كبيرة لم نكن نملكها حين كنا طلابا.

* هل يمكن ان نقول أنك تحاول تعويض طلاب بيت العود عما لم تجده عندما كنت طالبا؟

ـ نعم حاولت ان ألغي الخطوط الحمراء مع تلاميذي وأجعلهم يبدعون من دون قيود خاصة، انني تعبت كثيرا كي أتفوق في العزف وأصل الى هذه المكانة، وأحسست ان من واجبي ان أفتح الباب أمام كل مبدع لتعليم هذه الآلة.

* ابتكرت مقاما موسيقيا جديدا فماذا عنه؟

ـ مقام الحكمة هو سلم موسيقي جديد حاولت فيه أن أبحث في منطقة جديدة غير مستهلكة لم يطرقها أحد حتى وجدتها وقدمتها في أكثر من مكان في العالم وظللت أبحث في كل الكتب الموجودة عن العود، فلم أجد فيها هذا المقام، وسميته «الحكمة». كما ابتكرت مقاما آخر سميته «الكوت» وسجلته حديثا باسمي.

* ألم تفكر في خوض تجربة التلحين؟

ـ التلحين لا يشكل بالنسبة لي هاجسا فأنا أقرأ الشعر بشكل منتظم وأضع علامات على بعض الأبيات أعزفها على العود أو أحولها لأعمال موسيقية كما حصل مع شعر محمود درويش وأدونيس، ولكن لا أسعى للتلحين للمطربين فايماني بالعود والألحان غير ما هو سائد. فالمشروع الغنائي لدي ليس كما يتصور البعض. فأم كلثوم وعبد الوهاب وفيروز كلهم أصل الأغنية وصانعو الارتقاء بالكلمات وعندما يتغير المنظور تتغير معه لغة الحوار بين الناس.

* ما هي حقيقة خلافك مع كاظم الساهر؟

ـ أنا لا أنظر لتلك الصغائر فهي شائعات لم تحقق شيئا ولا صحة عما يقال عن خلافاتي مع كاظم الساهر فنحن اصدقاء منذ زمن بعيد وأتمنى أن أقدم معه مشروعا غنائيا في وقت قريب.