نجم سينمائي كبير ما يزال في مرحلة «محلك سر»

«الرحلة المشبوهة» لن تنقذ محمود عبد العزيز؟

TT

لاشك أن محمود عبد العزيز هو واحد من أكثر نجوم السينما العربية شعبية وهو واحد من هؤلاء النجوم الذين لم يصعدوا فقط بوسامتهم وموهبتهم ولكن بخفة ظلهم أيضاً ولهذا تعددت النجاحات التي حققها محمود منذ مطلع الثمانينيات مع فيلم «العار» الذي حقق له قفزة واقتراب من جمهور السينما وجاءت محطة مسلسل «رأفت الهجان» بهذا النجاح الجماهيري الضخم وتتابعت الأفلام من فصيلة «الكيت كات» و«سيداتي سادتي» و«الكيف» وغيرها ولكن «محمود» يعتبر مثالاً صارخاً على ما يعانيه هذا الجيل أقصد جيل الثمانينيات حيث لم يعد الشارع السينمائي وشركات التوزيع ومكاتب المنتجين ترحب بأفلامهم ولهذا فإن «محمود» يشارك في الأفلام التي ينتجها التلفزيون وآخر تلك الأفلام «الرحلة المشبوهة» اخراج أحمد يحيى المأخوذ عن قصة لاسماعيل ولي الدين وسيناريو وحوار مصطفى محرم.

في هذا الفيلم يقدم «محمود» دور شاب مسالم يؤمن بالمبادئ برفض الرشوة ولكنه بسبب احتياج أمه إلى دواء مستورد يوافق على أن يستعين بأحد رجال الأعمال الذين يورطه في قضية رشوة رغم أنه لم يكن طرفاً في هذه الصفقة كل ما أراده أن يحصل على دواء لانقاذ أمه على أن يدفع ثمن هذا الدواء ولكن الشرطة تلقي القبض عليه بتهمة الرشوة وفي السجن نشاهد كل أنماط المساجين ويخرج من السجن وبعد ذلك يبدأ في ممارسة كل أنواع الشر والسرقة والانحلال لكنه في النهاية يقرر أن ينشئ مدرسة للأطفال ليعلمهم أن الشرف والمبادئ لا يمكن أن تموت! السيناريو الذي كتبه مصطفى محرم يعوزه المنطق في تتابعه والمخرج «أحمد يحيى» يبدو أمامنا وكأنه في عجلة من أمره يريد أن ينهي الفيلم ليبدأ في فيلم آخر! الفيلم يعتمد على مقدرة محمود عبد العزيز في أن يضفي قدراً من خفة الظل على الحوار ولا يقف بجواره إلا فقط «وفاء عامر» التي تلعب دور ابنة الجيران التي تريد أن تقيم مع «محمود» علاقة ولكنه لا يبادلها نفس الشعور.

ولكن «محمود» يقرر الانتقام من الذين زجوا به للسجن ويورطهم في صفقات مشبوهة ليخسروا ما كسبوه في صفقات أخرى! انه تنويعة أخرى من تلك الشخصيات التي تبدأ عادة من الصفر وتحصد بعد ذلك الملايين ثم نكتشف أنها تخسر قيمتها الانسانية. ولو تتبعت أفلاماً مثل «الجنتل» أو «النمس» آخر أفلام «محمود عبد العزيز» في السينما سوف تكتشف ان كلا الفيلمين يقدمان شخصيات مشابهة لأن الجمهور يحب أن يرى نجمه السينمائي وهو ينتقل من القاع إلى القمة ثم يحب أن يراه أيضاً وهو ينتقم لأن ذلك يحدث لدى المتفرج قدراً من الارتياح النفسي لأن بطل الفيلم يبدو وكأنه يمارس انتقاماً لا شعورياً بداخل الجمهور. ورغم ذلك فان فيلم «الرحلة المشبوهة» من فرط عدم مصداقية أحداثه يزيد من مساحة الغربة بينه وبين الجمهور ويشعرك بانفصال عما تراه أمامك على الشاشة.

وإذا كان «محمود عبد العزيز» قد قبل أن يلعب بطولة هذا الفيلم فإنه لاشك يريد أن يسترد مكانته السينمائية بعد أن تغيرت خريطة النجوم وصعد للمقدمة النجوم الجدد أمثال «محمد هنيدي» و«علاء ولي الدين» و«أحمد آدم» و«أحمد السقا» هؤلاء هم الذين تنتظرهم دور العرض ويتنافس المنتجون على التعاقد معهم ولهذا فإن «محمود عبد العزيز» عندما يقرر أن يوجد سينمائياً عليه أن يعود للسينما بفيلم يعيده حقاً إلى منطقة الجذب لا أن يكرر نفسه ويعيد تقديم لمحات من أدوار تقليدية وأفلام سابقة التجهيز الدرامي! ان المغامرة الفنية هي التي تحرك الفنان ليكتشف مناطق ابداع جديدة وفيلم «الرحلة المشبوهة» يقدم كل ماهو سانح ومتعارف عليه ولهذا وقف فيه «محمود عبد العزيز» «محلك سر» فهو لم يعد «محمود» إلى دائرة النجومية باعتباره أحد كبار نجوم الشباك في السينما العربية ولكن «الرحلة المشبوهة» جعلنا ننتظر «محمود عبد العزيز» في فيلم آخر فهو لايزال في مرحلة «تسخين» فني!