«شاعر المليون» في حلقته الرابعة.. حضرت القبيلة وغاب الشعر

لجنة التحكيم تحرض الشعراء على الاستمرار في مدح قبائلهم

الشعراء المشاركون في الحلقة الرابعة من شاعر المليون («الشرق الاوسط») («الشرق الاوسط»)
TT

إذا كانت الحلقة الماضية من البرنامج الجماهيري «شاعر المليون» قد ارتقت بالذائقة الشعرية عبر قصائد عالية المستوى، فإن حلقة هذا الأسبوع من البرنامج قدمت قصائد أقل مستوى من نظيرتها السابقة، وتراوحت القصائد في مستويات متوسطة في معظمها، وكان الشعر غائبا إلى حد ما، فيما حضرت القبيلة بقوة في الحلقة الرابعة من شاعر المليون.

وكلما عوّل أهل الخليج، الذين أعادهم هذا البرنامج الشعري للثقافة والأدب واختطفهم كبارا وصغارا من الفضائيات الهابطة ولو بصورة تدريجية، أن يرتقي البرنامج بأدواته وبدوره في توعية المجتمع، رد عليهم البرنامج بقوة بتأصيل دور القبيلة، ومهما قال وصرح مسؤولو لجنة التحكيم من أن القصيدة والابداع هما سيدا الموقف، إلا أن كل الشواهد تؤكد، مرة بعد أخرى، أن القبيلة هي الأقوى صوتا وفوق كل اعتبار، ولم يلحظ جمهور المشاهدين في كل مكان، أي دور للجنة في وضع قواعد للعبة القبلية.

ولأن مفاجآت شاعر المليون لا تتوقف، فقد شهدت الحلقة الأخيرة من البرنامج، تناحرا قبليا وسعيا حثيثا من قِبل الشعراء للتفاخر القبلي، قبل كل شيء وعلى حساب القصيدة ، وتفرد أربعة من الشعراء الثمانية المشاركين بالحلقة الماضية، في مدح قبائلهم بصورة مباشرة والتعويل عليهم في مسألة التصويت المقبلة، وتبارى الشعراء في عد محاسن قبائلهم وتفوقها على القبائل الأخرى.

وإذا كانت مسألة البحث عن عدد الأصوات أصبحت هي الهم الأكبر المسيطر على بعض الشعراء، عبر (الانتخاء) بقبائلهم وتحفيزهم بقصائد مدح متكررة لا تحمل جديدا في غالب الأحوال، فإن الغريب هو الغياب التام للجنة التحكيم في القيام بدورها في توجيه البرنامج بالاتجاه الصحيح، خاصة أن اللجنة تحمل على عاتقها حماية الثقافة والتراث، وليس البحث عن الشعبية بأي صورة كانت.

ومما زاد الطين بلة، قيام لجنة التحكيم ذاتها بتشجيع الشعراء على الاستمرار في مدح القبيلة، من دون أي محاولة للدفع باتجاه التصويت للقصيدة وليس القبيلة، وغاب دور اللجنة تماما عن توعية الشعراء المشاركين، كذلك الجمهور الذي بالتأكيد ستزيده مثل هذه القصائد المدائحية لقبيلته، إصرارا على البحث عن شاعر قبيلته، وتفضيله على الشعراء الآخرين، ولو كانوا أكثر تميزا.

ومع برنامج كبير مثل «شاعر المليون»، توقع المشاهدون، وهم من كافة فئات المجتمع، أن تسعى اللجة التحكيمية لوضع بصمة لها، ليس على المستوى الشعري ونقد القصائد ومدح الشعراء والشخصيات العامة فحسب، لكن بالاضطلاع بدور مميز ورئيسي مطلوب في الرقي بالثقافة الشعرية والمجتمعية بصفة عامة، إلا أن ما يصدر من اللجنة، المسؤولة الأولى عن البرنامج، لا يزال أقل بكثير من سقف توقعات المثقفين الخليجيين، الذين تمنوا لو أصلح البرنامج حالا مائلا باتساع رقعة التفاخر القبلي، ولا يحتاج الأمر لكي يزداد سوءا، وهو ما تغض اللجنة التحكيمية بصرها عنه حلقة بعد الأخرى.

تجاهل لجنة التحكيم لدور القبيلة الذي يشتد أسبوعا بعد الآخر في البرنامج، يبدو بصورة واضحة للعيان في قناة شاعر المليون وعلى شاشاة قناة أبوظبي الفضائية، اللتين عادتا إلى مئات السنين بعبارات تنافسية قبلية أقل ما يقال عنها، إنها لا تتناسب والأهداف التي ينطلق منها برنامج «شاعر المليون»، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. لجنة تحكيم «شاعر المليون» في دورته الثانية تضم كلا من سلطان العميمي من الإمارات العربية المتحدة، تركي المريخي من السعودية، الدكتور غسان الحسن من الأردن، حمد السعيد من الكويت، وبدر صفوق من الكويت.

وعودة إلى حلقة هذا الأسبوع التي تميز بها الشاعر الإماراتي محمد بن حماد الكعبي، الذي جاءت قصيدته الحماسية كآخر فقرة في البرنامج، لكنه أخذ الكثير من تفاعل الجمهور الحاضر في مسرح الراحة، وكأنه جاء أخيرا ليكون مسك الختام لهذه الحلقة، وكان واضحا تفاعل الجمهور مع الشاعر الكعبي بوقوفهم جميعا مع انتهائه من إلقاء قصيدته، كنوع من التكريم للقصيدة التي حازت على إعجابهم، وهو ما أعاد تفاعل الجمهور الكبير مع الشاعر تركي الفراعنة في الحلقة الماضية.

وكان لافتا الشاعر الفلسطيني محمد أبوالنعاج الذي أبهر الجماهير ولجنة التحكيم بقصيدة مزجت بين اللهجة الفلسطينية واللهجة الخليجية، وبالرغم من أن الشاعر تم استبعاده من قبل اللجنة، إلا أنه يمكن القول إنه قدم قصيدة جميلة، خاصة أن الشاعر بدأ كتابة الشعر من سنتين فقط.

وفي نهاية الحلقة أعلنت نتائجها، التي على ضوئها زكت لجنة التحكيم الشاعر مهدي آل حيدر من السعودية، والشاعر محمد بن حماد الكعبي من الامارات، فيما انتقل كل من الشعراء سعود العتيبي وبدر الخالدي وعايض بن غيدة وعوض ابو فقايا لانتظار تصويت الجمهور الذي يستمر حتى الأسبوع المقبل، واستبعدت اللجنة الشاعر الفلسطيني محمد ابو النعاج.

وتستمع اللجنة في كل حلقة لقصيدة واحدة لكل شاعر من الشعراء الثمانية لتناقشه فيها، ثم تتم تزكية اثنين من دون تدخل الجمهور، واستبعاد متسابق واحد، أما الخمسة الباقون، فيتوقف مصيرهم على قراري لجنة التحكيم والجمهور بنسبة خمسين بالمائة لكل منهما.

وكانت الحلقة الرابعة قد استهلت فقراتها بالاعلان عن الفائزين بتصويت الجمهور، حيث تمكن الشاعر السعودي عيضة السفياني من حصد المركز الأول بنسبة بلغت 76 بالمائة، في حين جاء الشاعر السعودي ثنيان الرشيدي ثانيا بنسبة بلغت 57 بالمائة، وخرج كل من الشعراء عقاب الربع الشمري وفالح بن قشعم وسعد الحبابي، من المسابقة بعد حصولهم على النسبة الأقل في التصويت.

وقد أظهرت القرعة التي أجريت أمام الجمهور، مشاركة ثمانية شعراء في الحلقة الخامسة التي ستقام الأسبوع المقبل من برنامج «شاعر المليون»، وهم محمد بن مبارك بن شيخة من الامارات العربية المتحدة، ابراهيم خليل العنزي من السعودية، فالح الدهمان الظفيري من السعودية، محمد بن يسلم من موريتانيا، مشعل النون الرشيدي من الكويت، عبد الله فيحان السميري من السعودية، جابر بن بطحي من الكويت، خليل الشبرمي التميمي من قطر.