النص كخطوة أولى

TT

كان توزيع جوائز الكرة الذهبية يوم الاحد الماضي هو أبرز الاحداث السينمائية هذا الاسبوع، لكن الابرز في ذلك هو الطريقة التي تم بها اعلان الفائزين لأول مرة من خلال مؤتمر قصير بدلا من الحفلات الشهيرة التي يحضرها النجوم المرشحون وعدد كبير من المشاهير وسط تغطية اعلامية كبيرة ومتابعة من ملايين المشاهدين عبر العالم. والسبب وراء ذلك ـ كما هو معروف ـ الاضراب الذي بدأته نقابة كتاب السيناريو منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وتضامن الممثلين معهم ليمتنعوا عن حضور الحفل مما خلق مخاوف اخرى من الغاء حفل الاوسكار كذلك في الرابع والعشرين من شهر فبراير (شباط) المقبل والذي يعد الحدث الاكبر والابرز لدى جمهور السينما عامة. وهذا الاضراب الذي نفذه الكتاب كان قد تجاوز في اثره مثل هذه الحفلات الكبيرة حتى وصل الى عدد كبير من الافلام التي ألغيت أو تأجل تصويرها، بل وعدد ايضا من المسلسلات التي توقفت وحتى برامج (التوك شو) مما اوجد حالة من الركود والتأخر وربما يصيب هوليوود بالشلل متى ما استمر هذا الاضراب الذي يطالب من خلاله الكتاب بزيادة نسبة ارباحهم من مبيعات اقراص الـ«دي في دي» التي اصبحت دخلا مهما لشركات الانتاج. وكل ما حدث يكشف أحد اهم عوامل هذا النجاح الفني والتجاري الذي تتمتع به هوليوود حينما يكون هؤلاء الكتاب بهذه الأهمية في نجاح الافلام واستمرارها. فالامر هنا يعتمد بشكل كبير على تقدير مهنة كاتب السيناريو، حيث لا تملك شركات الانتاج الكبرى ان تتجاوز مهمتها وتتجاهل قدرة الكتاب واختصاصهم بأن تقوم بكتابة نصوص أفلامها بطريقة أو بأخرى، فاحترام التخصص يبدو قضية مهمة في هذه الحالة. ولنأخذ مثلا فيلم توم هاتكس الذي تأجل تصويره بسبب الاضراب وامتناع الكتاب رغم وجود النص الاصلي للفيلم «وهو رواية دان براون (ملائكة وشياطين)» الا انه لا يمكن المغامرة بأن يقوم أحد ما بكتابة سيناريو الفيلم حتى ولو كان مخرجا كبيرا، وعلى الشركة المنتجة ان تختار مثل هذا التأجيل على المجازفة بتقديم فيلم من كتابة غير متخصصة. من هنا ايضا يمكن ان نكتشف إشارة مهمة لواحد من اهم اسباب اخفاق السينما العربية ورداءة أفلامها حينما نعرف ان مثل هذا التخصص في كتابة السيناريو المدعوم بالموهبة والتفرغ هو ما نفتقده تماما لكي نرى افلاما عربية ذات قيمة فنية عالية. وبعيدا عن هذه النصوص الفارغة التي نشاهدها دوما والتكرار الممل او الاقتباسات الغبية من أفلام شهيرة يمكن ان يكون النص الجيد هو الخطوة الاولى وربما الاهم لوجود فيلم جيد عربيا.

[email protected]