سيف سبيعي: الرقابة منعت «الحصرم الشامي» رغم إقرارها بأهميته وسمحت بعرض أعمال تافهة

المخرج السوري أكد أن ما قدم في «باب الحارة» ضحك على المشاهدين.. وأن «بقعة ضوء» و«مرايا» وقعتا في دوامة التقليد والتهريج

الفنانان خالد تاجا وعباس النوري في مسلسل «الحصرم الشامي» («الشرق الاوسط»)
TT

يعتبر سيف سبيعي من أهم مخرجي الجيل الجديد الشاب في سورية وخلال عمله الإخراجي الذي لا يزيد على أربع سنوات، قدم عدة تجارب إخراجية ناجحة في الدراما السورية والسعودية، وهذا الموسم قدم تجربة إخراجية جديدة في عمل درامي سوري بعنوان «الحصرم الشامي»، فكيف يرد على مَن يتهم تجربته في «الحصرم الشامي» بأنها أساءت للمجتمع السوري؟. كما يتحدث من دمشق عن تجربته الجديدة، وهل هي تسير ضمن موجة الاستفادة من تجارب الآخرين في نفس المجال؟.. هذا ما سنعرفه من خلال الحوار التالي الذي أجرته «الشرق الاوسط» نعه في دمشق..

> بداية قدمت هذا العام مسلسل «الحصرم الشامي»، وهو يتحدث عن البيئة الدمشقية كغيره من الأعمال التي نفذت من نفس النوع، لماذا منع العمل من العرض في سورية؟

ـ للأسف حسب تقرير الرقابة الذي صدر عن التلفزيون السوري، وحسب تصريح أحد أفرادها، قالوا إن العمل يثير حفيظة الدمشقيين ويسيء إلى عائلات دمشقية عريقة وإلى عشائر عربية معروفة كانت تعيش في محيط دمشق في تلك الفترة، وكانت تسطو وتسرق الناس في المدن، وهذا السبب الرسمي الذي بررت فيه الرقابة أسباب منع العمل.

لكن ما وراء الكواليس حصل شيء غريب جدا، فقد أكدت الرقابة أن العمل من أهم ما قدم هذا الموسم، لكنها للأسف لم تجرؤ على اتخاذ القرار في عرضه، فرفعت هذا القرار لإدارة التلفزيون التي شكلت لجنة لمشاهدة العمل والحكم عليه، وهم مَن قرروا منعه وعدم رغبتهم في عرضه.

الحمد لله العمل بيع وعرض على قناة «أوربت» الفضائية ونال النصيب الجيد من المشاهدة، وحسب إحصاءات «أوربت»، فقد حقق العمل رقم واحد من حيث المشاهدة، وسيعرض قريبا على عدة قنوات عربية، منها محطة «إم بي سي».

> لكن تردد بأن العمل صوّر المرأة الدمشقية بشكل مزر وسيئ، وبأنها سلعة للرجل الشامي لا أكثر؟

ـ هذا الكلام سطحي، العمل جسد الحقيقة لا أكثر، نحن قدمنا الحقيقة كما هي، وأنا دمشقي وابن الحياة الدمشقية وأعرف حال المرأة في مجتمعنا في الماضي كيف كان. نحن قدمنا عملا موثقا يعتمد على وثيقة تاريخية هي (الأحداث اليومية) للبديري الحلاق، وهو شخص لخص مشاهداته اليومية عن دمشق وحال مَن سكنها في تلك الفترة، للأسف هم يريدوننا أن نقدم مجتمعا معقّما ومثاليا ولا لبس فيه، وكأن الشام هي المدينة الفاضلة التي ذكرها أفلاطون، وكأنها لم يكن يحدث فيها أي خطيئة. نحن نقدم الحقيقة ولم نسئ للمرأة الدمشقية. لقد كان لدينا في الشام في تلك الفترة خانات ليلية ومنها خان الدكي، كان مكانا للسهر والمتعة وكان مخصصا للرذيلة وهو معروف، وهذا ليس سرا، وكانت تقام فيه الليالي الحمراء، وكلنا يعرف الكثير من حقائق تلك الفترة، والعمل موثق لتلك الأحداث في عدة كتب تاريخية، فهل تجسيدنا لبعض حوادث دمشق هو إساءة لها؟، لا أعتقد ذلك.. في رأيي يجب أن نحدد تماما ما نريد من التاريخ، هل نريدها فقط قصصا حالمة لننام على سماعها، أم نريدها لنغوص للبحث والدراسة لنعرف كيف كنا وما هو حالنا اليوم والى أين سنصل غدا؟.

> هل أزعجك قرار المنع الذي لحق بعملك في بلدك سورية؟

ـ بالتأكيد أزعجني، فقرار المنع لم يكن لي ولا للعمل، لكن كان المنع للشعب الذي منع من مشاهدة شيء من تاريخه الحقيقي على شاشته الوطنية، ومن حوادث الشام الحقيقية، ليرَ الفرق بين ما يقدم في «الحصرم الشامي»، وتلك الأعمال التي تعرض، والتي لا تقدم إلا مجتمعا مزخرفا ورديا وهي في الحقيقة تقدم تاريخا مزيفا للمشاهدين وتكذب عليهم!.

> هل تعتقد أنه في الفترة المقبلة ستزيد سلطة الرقابة عليكم حتى يشمل المنع التاريخي والاجتماعي بعد أن كان مقتصرا على الأعمال السياسية فقط؟

ـ في نظري هناك تخبط في قرارات الرقابة ولا احد يعرف ماذا يريد الرقيب، وهم يحددون ضوابطهم حسب المرحلة ومتطلباتها، ومنطق الوصاية هو السائد، فهم أوصياء على ما يجب أن يشاهده الناس وما يجب ألا يشاهدوه. فقد منعوا «الحصرم الشامي» وسمحوا لأعمال تافهة بأن تعرض، وهي تسيء للذائقة العامة، بحجة أنها أعمال رمضانية مسلية. للأسف الرقابة لدينا مزاجية وليس لديها أي ضابط حقيقي، وأحيانا يكون الدافع شخصيا وبمجرد اتخاذ احدهم لموقف شخصي من المخرج أو الكاتب أو بطل العمل، قد يمنع العمل لذلك، وهذه مأساة حقيقية.

> تستعد حاليا لتصوير الجزء الثاني من «الحصرم الشامي»، هلا تحدثنا عنه؟

ـ سنقدم هذا العام الجزء الثاني من «الحصرم الشامي»، ولأن العمل نجح في جزئه الأول، فإننا نقدمه هذا العام بجزئه الثاني، وهو أكثر جرأة في طرحه للمواضيع المقدمة من خلاله، وهو يتحدث عن البيئة الدمشقية وما كان يحدث فيها خلال فترة منتصف الخمسينات من القرن الماضي. ويشارك فيه عدد من نجوم الوسط الفني وعلى رأسهم عباس النوري وصباح جزائري وعبد الرحمن آل رشي وآخرون، وهو من إنتاج «أوربت». > ما الذي يميز «الحصرم الشامي» عن «باب الحارة» أو «جرن الشاويش» وغيرها من الأعمال التاريخية الشامية التي سمح بعرضها؟

ـ ما يميزه هو الجرأة في الطرح والمصداقية واعتماده على الحدث التاريخي والوثيقة وليس اعتماده على فانتازيا من الخيال غير موجودة أساسا، بالله أين هي الحارة التي كانت في دمشق وكان لها باب يغلق كل مساء؟ أين هي هذه الحارة التي كانت كذلك في أوائل القرن الماضي؟ وأين هو هذا الزعيم الذي يتكلمون عنه؟.. لم يكن لدينا زعيم بهذا المعنى، هذا كله ضحك على المشاهدين ومحاولة رسم صورة مجتمع متخيل يعيش على ذكراه الناس في حارة ليس لها همّ إلا أن فلانا طلق زوجته أو فلانة رؤي شعر رأسها!.

المجتمع الدمشقي أكثر انفتاحا وحرية، هل هذه هي دمشق التي بدت في «باب الحارة» متخلفة لا يوجد فيها مَن يعرف القراءة والكتابة، هذا غير صحيح، أين نضالها، وأين ما تحمّله أهلها من ظلم وصعاب ومواجهة للغزاة؟، لقد اختصروا مأساتها في حارة همّها الوحيد هو أبو عصام طلق أم عصام، أين حركات التحرر ضد الظلم والاستبداد، أين حركات تحرر المرأة من استعباد الرجل لها؟، لقد كان شعب الشام يموت من القهر والفقر والذل، ومع ذلك صمد وكافح وعاش..

«الحصرم الشامي» هو شهادة بحق هذا الشعب الصامد على الرغم من كل ما تعرضوا له من مآس وصعاب، للأسف الرقابة تريد عملا مفرغا من المضمون الحقيقي ومن الواقع المعاش، وكأننا مجتمع وردي لا مشاكل فيه، لقد كان ظلم المرأة شيئا واقعا، وكانت عبارة عن حالة من اللاشيء أمام سلطة الرجل المطلقة، وأحيانا سلعة للمتعة فقط.. كل هذا كان في الشام ويطلبون منا ألا نقول الحقيقة.

> كأن مسلسل «باب الحارة» الذي لقي نجاحا كبيرا، لم يشبع نهَم المخرج سيف سبيعي؟

ـ كل هذه الأعمال التي على سوية «باب الحارة»، لا تشبع نهَم أي باحث عن الحقيقة عبر التاريخ. أنا تابعت العمل وهو من الخيال ولا علاقة له بالشام. أما مسلسل «جرن الشاويش»، فهو سيئ للغاية ولا يوجد فيه شيء جيد، وهو يغزل على نفس منوال «باب الحارة» ولم يقدم أي شيء جديد.

> ألا تعتقد أن الحديث عن وضع المرأة وبيوت الرذيلة التي كانت في دمشق، يثير حفيظة الناس، ولهذا منع العمل؟

ـ عدم ذكر هذه الأمور والأحداث لا يعني بأنها لم تكن تحدث، أو أن كل شيء كان جيدا، ومحاولة التغطية على ما كان يجري سابقا في الشام وكأنه لم يحدث ومحاولة طمسه، هو محاولة غبية. وبرأيي الطريقة المثلى للبحث في التاريخ، هي المواجهة مهما كان هذا التاريخ قاسيا، حتى نستخلص منه النتائج التي نرجوها والتي نريد منها ان نعرف أين كنا وماذا سنستخلص من عِبر ودروس منها؟.

> ماذا تقول هنا للرقابة السورية والعربية؟

ـ أطالبها بأن تكون أكثر انفتاحا لأن الشمس لا تغطى بالغربال، وعندما تمنع الرقابة السورية عملا وهي تعلم بأنه سيعرض على شاشات فضائية أخرى كثيرة، فإنها تكون كالنعامة التي تغطي رأسها في الرمال، وبالتالي لن يفيد المنع في شيء، بل سيثير حفيظة الناس لمشاهدة العمل على قنوات أخرى، ولن يكلفهم ذلك سوى الكبس على زر الريموت كونترول للتحول إلى القناة الأخرى لمشاهدة ما يريدون مشاهدته.

> هل يزعجك القول إنك عزفت على وتر الاستفادة من نجاح أعمال المخرج بسام الملا في «باب الحارة» و«ليالي الصالحية»، لتقدم عملاً من نفس النوع قد يحظى بجماهيرية وحضور مماثل كالذي حققته هذه الأعمال؟

ـ أبداً، ما أقدمه لا علاقة له بالأعمال التي ذكرتها ولا أعزف على وتر نجاحات الآخرين، هذا العمل يختلف تماماً عن بقية الأعمال مضموناً وشكلاً، سواء أداء الشخصيات أو قصة العمل أو طبيعته العامة.

> كيف إذن تفسر تكرار الفنانين المشاركين في أعمال المخرج بسام الملا في عملك «الحصرم الشامي»؟

ـ نعم تكررت بعض الوجوه، لكن العمل يضم عدداً كبيراً من الفنانين لم يشاركوا في نفس النوعية من هذه الأعمال، وحتى من شاركوا في «ليالي الصالحية» أو «باب الحارة» مثل عباس النوري وصالح الحايك ورفيق سبيعي أو كاريس بشار، فأدوارهم في العمل الجديد مختلفة تماماً عما شاهدهم الناس به في السابق، ونحن عموماً في هكذا أعمال بحاجة لفنانين دمشقيين ليقدموا بيئتهم ولهجتهم كما هي في الواقع، فمثلاً عباس النوري في «الحصرم الشامي» هو الزعيم والآغا المتسلط المتجبر والشرير، أما رفيق سبيعي فهو الشيخ والمحدث، ودورهما مختلف تماماً عما قدماه في «باب الحارة» أو «ليالي الصالحية»، وهذا هو رهاني في العمل، أن أقدمهم بصورة مختلفة، وأن يحبهم الناس بأدوارهم الجديدة. ومع هذا لا ننكر أنه توجد طلبات خارجية لإنتاج أعمال على نمط مسلسل «باب الحارة»، لأن المشاهد العربي أحب هذه النوعية من الأعمال.

> كانت بداياتك الإخراجية كمخرج منفذ مع هيثم حقي، فهل ستسير على نفس الأسلوب الإخراجي الذي يعمل به هذا المخرج الكبير؟

ـ لا أنكر أنني تأثرت بمدرسة هيثم حقي الإخراجية التي تعلمت فيها، وهذا لا يعني أنني مقلد له في كل أعماله أبداً، ما تأثرت به من خلال عملي مع هيثم حقي هو طريقة تعامله مع المادة المكتوبة وكيفية قراءته للنص، وهذا أهم ما تعلمته منه، وكلنا يعلم أن المخرج الناجح هو الذي يستطيع فهم النص وقراءة ما وراء هذا النص ومن ثم تحويل النص المكتوب لصورة مرئية للمشاهدين، لكنني لا أرضى بأن أكون نسخة عن هيثم حقي، فأنا أقرأ النص وأفهمه وأقدمه بطريقتي الخاصة، والإخراج هو طريقة تعبير عن النفس.

> كانت أولى تجاربك الإخراجية قبل أربع سنوات في «مرايا 2003»، وكانت لمرة واحدة، لماذا لم تستمر في التعامل مع ياسر العظمة مجدداً؟

ـ في العام التالي كنا سنعمل معاً، لكن حدثت ظروف خاصة وانشغالات بأعمال أخرى ولهذا لم نتعاون مجدداً، وعموماً تجربة «مرايا» لا يعنيني الاستمرار بها لأنها مستنفدة لأغراضها أصلاً، خصوصاً على الصعيد الإخراجي، وهي مشروع ممثل وكاتب، والمخرج لن يضيف عليها شيئاً، وهي تجربة لا أكثر ولم تضف لي شيئاً سوى كونها تجربة، ثم إن ياسر بطريقة كتابته للنص يفرض رأيه بشكل غير مباشر على المخرج، فيصبح مجبراً على تنفيذ النص كما يريد هو. و«مرايا» دراما حوارية تعتمد على الحوار وليس على الحدث، فكل من يشارك فيها يعمل ضمن رؤية ياسر العظمة.

> قلت بأن «مرايا» استنفدت أغراضها، فهل هذا يعني بأنها يجب أن تتوقف؟

ـ برأيي ان اللوحات الناقدة التي تقدمها «مرايا» حالياً لم يعد وقعها كبيراً ولم تعد مهمة في ظل الثورة الإعلامية وانتشار الفضائيات، فأصبح المشاهد يرى انتهاكات حقوق الإنسان والفساد حقيقة، وأصبح يرى مسؤولاً يتم استجوابه على الهواء، أو رئيس فرع مخابرات تنتقد ممارساته علناً، وهذا بالطبع أشد وقعاً وأثراً على الناس من المشاهد التمثيلية، فالدهشة التي كانت تحدثها هذه الأعمال التلفزيونية فقدت روعتها ورونقها وأصبحت بالية، وفي نظري «بقعة ضوء» كانت تقدم أفكاراً أكثر طزاجة وقوة ومن ثم تغيير الوجوه فيها وتعدد النجوم شد الناس إليها أكثر، ثم للأسف عادت فسقطت ووقعت في نفس مشاكل «مرايا» من التكرار والتقليد وربما التهريج أحياناً.

> قدمت تجربة كانت ناجحة مع أيمن زيدان في «جوز الست»، لماذا لم تعد التجربة معه مرة أخرى؟

ـ العمل مع أيمن زيدان ممتع جداً، والمشاهدون أحبوا مسلسل «جوز الست»، فأيمن فنان مهم وكل من يعمل معه لا بد أن يستمتع بالعمل معه. لكن في مرحلة لاحقة ربما لم أجد نصاً محفزاً لي لأقوم بإخراجه مما قدمه هو من أعمال، وبالمحصلة لا خلاف بيننا والعمل الفني الناجح عبارة عن مشروع تفاهم مشترك بين كل عناصر العملية الفنية.

> كيف تقيّم تجربتك الإخراجية الأخيرة «فسحة سماوية»؟

ـ هذا العمل كان الخطوة الأولى بالنسبة لي في تحقيق مشروعي الفني الخاص المتعلق بالدراما الاجتماعية المعاصرة، فكان «فسحة سماوية» هو الخطوة الأولى عملياً بعيداً عن ما قدمته سابقاً من أعمال خفيفة أو كوميدية، والعمل هو نص جميل وقريب من واقعنا الاجتماعي ويطرح مشاكل عديدة يواجهها الناس يومياً، وحاولت فيه تقديم أنموذج فني مختلف عما هو مطروح فنياً على الساحة الدرامية السورية.

> قمت بإخراج عملين سعوديين يدخلان في مجال تجاربك الكوميدية، فما هو السبب الرئيسي لكي يستعان بك كمخرج لأعمال كوميدية سعودية بحتة؟

ـ الحقيقة هم شاهدوا طريقة إخراجي لمسلسلي «مرايا» و«جوز الست» وغيرهما وأعجبتهم طريقتي الإخراجية، فدعوني لإخراج مسلسل «إخواني أخواتي»، وكان من أنجح الأعمال الكوميدية التي قدمت في السعودية عام 2005، وحقق متابعة كبيرة، خاصة تألق الفنان فايز المالكي في شخصية «مناحي»، الأمر الذي استدعى الاستفادة من شخصية «مناحي» وجماهيريتها لعمل تلفزيوني كرتوني في ما بعد حمل اسم «يوميات مناحي»، قدم على قناة «إم بي سي» في رمضان الماضي. الموسم الماضي دعيت لإخراج مسلسل «أبو شلاخ البرمائي»، وهو نص للشاعر الكبير غازي القصيبي، والعمل حقق نجاحاً كبيراً في السعودية والخليج، والأفكار التي قدمت من خلال العملين كانت جريئة وناقشت قضايا حساسة ومشاكل المرأة والمجتمع في الخليج. وهذا العام دعيت أيضاً لإخراج عمل كوميدي جديد من بطولة فايز المالكي وحسن عسيري وراشد الشمراني، والعمل كان سيتم تصويره ما بين السعودية ومصر، لكني اعتذرت عن العمل لارتباطي بتصوير مسلسل «الحصرم الشامي».

> اطلعت على التجربة الدرامية السعودية، فكيف تقيّمها كما شاهدتها؟

ـ بلا مجاملة هي دراما بدأت تتطور بشكل كبير، وهناك حالياً حركة درامية كبيرة في السعودية والخليج، وهناك نماذج فريدة لفنانين جدد لديهم هاجس فني ومشروع درامي. يلفت نظري كثيراً المخرج دحام الشمري من الكويت، خاصة تألقه في عمله «نجمة الخليج». الحقيقة هناك إمكانات في السعودية خاصة، وفي الخليج عامة، لبداية صعود دراما مهمة لها آلياتها وأسس نجاحها. ومن اللافت أنهم يعملون بطريقة مشابهة لطريقة عملنا في سورية مع حفاظهم على خصوصياتهم الخليجية، وهذا شيء لافت، فالدراما الخليجية بدأت تنافس وتحتل مكاناً مميزاً على خريطة برامج الفضائيات العربية، واليوم حتى على شاشاتنا السورية هناك أعمال خليجية تعرض بشكل مستمر وهذا دليل على نجاحها.

> من الملاحظ أن معظم تجاربك الفنية التي قدمتها هي في مجال الكوميديا، فهل أردت التخصص في هذه النوعية من الأعمال الفنية؟

ـ تجاربي الكوميدية كانت خطوة من الخطوات التي كنت أود عملها، وحالياً سيتم تركيزي على الأعمال المعاصرة والاجتماعية، وعموماً لا ترسخ اسم المخرج لدى الناس، إضافة إلى أن الأعمال الكوميدية من أصعب أنواع الفنون وتحتاج لأمور كثيرة لتنجح، وللأسف نحن نفتقر لمقومات إيجاد سلسلة أعمال كوميدية مستمرة وناجحة ولعل أهم سبب عدم وجود نصوص كوميدية ذكية وراقية لا تعتمد على التهريج.

> إذا كان هذا رأيك بواقع النصوص الكوميدية، فكيف تقيّم واقع الأعمال الكوميدية التي قدمتها الدراما العربية؟

ـ ذكرت لك سابقاً أن بعضها مجرد تهريج وهناك أعمال نادرة ذكية وناجحة وتعتمد على نصوص راقية وجيدة، نحن العرب ليس لدينا دراما الموقف والكلمة الكوميدية، ما هو موجود لدينا هو دراما ظرف أكثر منها دراما موقف مركب يوصل المشاهد لحالة كوميدية معينة، وعندنا يضطر الممثل لأداء شخصية خاصة لإضحاك الناس وأنا شخصياً هذا النوع من الكوميديا لا أحبذ عمله.

> لماذا تركت التمثيل واتجهت للإخراج؟ وما صحة أنك فشلت في التمثيل ولهذا اتجهت للإخراج؟

ـ يضحك.. من قال هذا الكلام، على العكس كنت ناجحاً كممثل وما زالت العروض الفنية تأتيني حتى الآن، لكنني توجهت للإخراج لأنه شدني أكثر من التمثيل، صدقني الناس حتى الآن يطالبونني بالعودة للتمثيل وقد رسخت اسمي كفنان وعرفني الناس، لكنني وجدت نفسي في الإخراج، لكني لم أفشل في التمثيل بدليل أنني أديت كل أنواع العمل الدرامي وقدمت نماذج مختلفة في المجتمع، لكن الإخراج يشدني أكثر ويمتعني بشكل أكبر.

> لكن نقابة الفنانين في سورية أصدرت قرارات بعدم جواز عمل الممثل في مجال الإخراج والعكس صحيح، فهل سينطبق عليك هذا القرار؟

ـ سأتقدم للنقابة بطلب إضافة صفة مخرج لي كوني عضوا فيها بصفة ممثل «فنان»، وسأقدم أعمالي التي أخرجتها وسأترك القرار لهم في الحكم عليها وعلى كوني مخرجا جيدا أم لا. الحقيقة أنا مع القانون، لكن ما يزعج فيها هو شخصيتها وتطبيقها على البعض واستثناء الآخرين لأسباب كثيرة، ومن الغلط استخدام القوانين لتصفية حسابات شخصية في حين اننا نتمنى من النقابة أن تحمي المهنة والفنان.

> شاركت في إخراج إحدى ثلاثيات مسلسل «المارقون»، ما هو انطباعك عن هذه التجربة؟

ـ هي تجربة جاءت بطلب من المخرج نجدت أنزور، وكان النص جميلاً جداً للكاتب المصري وحيد حامد بعنوان «في وداع مدينة البهجة»، وتتحدث عن أسباب الإرهاب وكيفية مساهمة الدولة في صناعته من حيث لا تدري، وكيف يمكن للعنف أن يولد الإرهاب، والثلاثية أشارت بشكل غير مباشر لأحداث تفجيرات شرم الشيخ، وكانت تجربة بالنسبة لي استفدت منها والناس شاهدوا العمل وأحبوه.