من «بورات» إلى «المغولي» كازاخستان ونظرية المؤامرة

TT

لم يكن الممثل الكوميدي البريطاني ساشا بارون كوهين بالممثل المشهور على المستوى العالمي رغم ظهوره في عدد من البرامج التلفزيونية وإعداده برنامجا خاصا به. إلا انه وفي عام 2006 استطاع أن يحقق ظاهرة فيلمية في شريط كوميدي فريد في نوعه وذلك في فيلم Borat. ساشا في ذلك العمل كسر كل التابوهات المرتبطة بخصوصية الأفراد والمجتمعات والثقافات ولم يبق أياً منها في منأى عن سخريته اللاذعة والاستفزازية. في ذات الوقت لم يؤرقه كيف سينظر الناس إليه بعد هذا العمل، وكل ما أراد قوله هو «إني سأسخر ملء فمي». كازاخستان هي إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق التي تعيش في الوقت الحالي في ظل نظام بيروقراطي تعيس جعل من شعبها واحدا من أفقر شعوب العالم. وهي منسية في الغرب كما هي معظم جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق. إلا أن شخصية بورات «الكازاخستانية» التي ابتدعها ساشا في ذلك الفيلم جعلت كازاخستان على كل لسان. كان يفترض من شخصية بورات أن تكون من طبقة مثقفة كونها تعمل في المجال الصحافي والإعلامي إلا أنها على العكس من ذلك كانت استفزازية وعدائية وساخرة، لا تروق بأي حال من الأحوال لأي من أولئك الذين يعتقدون بوجوب وجود ضوابط اجتماعية وأخلاقية في الكوميديا. ومهما يكن فإن بورات وعلى الرغم من كل التحفظات التي يواجهها فقد استطاع أن يكون ظاهرة ذلك العام وان يحقق إيرادات عالية وان يكون الأشهر وعلى كل لسان. أما الفرد الكازاخستاني فكان عليه أن يتقبل تلك المزحة الثقيلة على مضض والانتظار لسنة واحدة فقط لتدخل كازاخستان ترشيحات الأوسكار في فرع أفضل فيلم أجنبي عن فيلم Mongol لأول مرة في تاريخها. فبعد أن كانت مثار سخرية القاصي والداني وطرفة الجوائز الأميركية ونكتتها العام الفائت، تدخل هذه السنة بكل مالها من عنفوان إلى جوائز الأوسكار بفيلم تاريخي من العيار الثقيل. إن إلقاء اللوم دائما على هوليوود والسينما الأميركية في تشويه صورة الإنسان العربي والنظرة العدائية التي يظهر بها العربي في تلك الأعمال، ومن ثم شن حملات صحافية ونقدية على تلك الأعمال والدعوة دائما إلى الضغط على هوليوود لتغيير سياساتها هي دعوات ساذجة تدل على هوان داخلي نعيشه نحن في صناعتنا التي لم تستطع يوما أن تكون هي الضاغط والمؤثر. ما زلنا حتى هذا اليوم ندعو هوليوود ونرجوها لتغيير نظرتها إلينا في الوقت الذي تصرف فيه ملايين الدولارات في السينما العربية على كوميديا تافهة ودراما ساذجة. كل ما نريده هو خطوة واحدة للأمام سوف تحدث بدورها أثرا كبيرا، وان نترك وراءنا نظريات المؤامرة التي ما فتئت تثقل كاهل الإبداع العربي وتفت من عزيمته. ففيلم «الجنة الآن» الفلسطيني لم يرشح لجوائز الأوسكار لأنه حقق رغبات اللوبي اليهودي بنظرته الناقدة تجاه العمليات الاستشهادية، إنما استطاع أن يجعل من الفلسطيني إنسانا يحب الحياة، ويتمنى الرخاء له والعيش بسلام كما يتمناها لغيره. [email protected]