شاعر المليون.. الشعر ينتصر أخيرا

لجنة التحكيم تتشدد مع الشعراء وتحثهم على التوجه للشعر بدلا من القبيلة

المتأهل ناصر الفراعنة يتوسط الاماراتي هزاع الشريف والسعودي راشد البلوي («الشرق الاوسط»)
TT

مع دخول البرنامج الجماهيري شاعر المليون مراحل متقدمة، ومع اقتراب نهاية المرحلة الثانية والتي ستنتج أربعة وعشرين شاعرا للمرحلة الثالثة، تمكنت القصيدة من إثبات وجودها، وارتفع المستوى الشعري بشكل واضح، وتراجعت القبيلة، أخيرا، لصالح الإبداع الشعري.

وبحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن لجنة التحكيم تحولت من تلك اللجنة الوديعة التي تسمح للشعراء المشاركين بالتحكم في مسار القصيدة كما يشاءون وينتخون قبائلهم بدلا من التركيز على المحتوى الشعري، تحولت إلى لجنة صارمة منعت أي نداءات قبلية تقدم في القصائد المشاركة، وطالبت اللجنة جميع الشعراء المشاركين بأن تكون القصيدة، لا القبيلة، من يحدد الشاعر المتأهل.

وبحسب المصادر فإن قضية توجه الجمهور للتصويت للشاعر بحب قبيلته، لا بمستوى قصيدته، أمر راجع لثقافة الجماهير الخليجية، إلا أن الأهم بالنسبة للجنة والبرنامج أن لا يسمح بانسياق الشعراء خلف القبيلة.

ولأن الشعراء في المرحلة الثانية، التي تختتم آخر حلقاتها هذا الأسبوع، كان غالبيتهم في مستوى شعري رفيع، فإن المنافسة انصبت لصالح الشعر، وافرزت هذه المنافسة قصائد تحمل من الشعر الشيء الكثير. وحسنا فعلت لجنة تحكيم البرنامج، عندما أعطت لنفسها أن تختار شاعرا لتأهله، بالإضافة إلى اختيار الجمهور للشاعر المتأهل الآخر، وهو ما يعني أن الاختيار سيكون مرضيا للجمهور، لكنه سيكون منصفا أيضا للشعر، باعتبار أن اللجنة التحكيمية ستصلح أي خلل ينتج عنه تصويت الجمهور، وهو أمر وارد بقوة في ظل هذا التنافس الجماهيري، والذي يبتعد كثيرا عن هدفه الحقيقي.

وشهدت الحلقة الأخيرة حضورا رسميا ودبلوماسيا كبيرا، تمثل في الشيخ عبد الله بن محمد بن خالد آل نهيان، والشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، وسفراء دول اليمن، الأردن، وموريتانيا، ونائب السفير السعودي، كما حضر كذلك الوزير الشاعر علي بن سالم الكعبي.

وتغنى المطرب الإماراتي عيضة المنهالي بمدينة أبوظبي بحضور فرقة دبي الحربية.

وشهدت الحلقة الإعلان عن مجموع نتيجتي اللجنة والتصويت بتأهل الشاعر السعودي ناصر الفراعنة إلى المرحلة المقبلة، في حين منحت اللجنة بطاقة العبور إلى الشاعر الاماراتي هزاع عبد الله الشريف، كما تم الإعلان عن شعراء الحلقة القادمة والأخيرة، والمتبقين من مجموعة الأربعة والعشرين وهم، محمد بن حماد الكعبي (الامارات)، جابر البطحي (الكويت)، عبد الله السميري (السعودية)، بدر الظاهري الحربي (السعودية)، وسيتنافس الفرسان الأربعة بتقديم قصيدة رئيسية، إضافة إلى قصيدتين قصيرتين عن موضوعي الغزل ورد الجميل.

وتناولت الحلقة موضوعات المتسابقين والتي تناولت الفخر بالوطن وحال الأمة، والفرسان الأربعة هم العمانية هلالة خليفة الحمداني، والسعوديان بندر المحيا العتيبي وبدر الصبيحي الخالدي، واليمني عامر بن عمرو.

وكالعادة.. كانت السياسة حاضرة في قصائد الشعراء، فألقى الشاعر بدر الخالدي قصيدة بعنوان «القمة العربية» حيث أشاد الدكتور غسان الحسن بمضمونها الذي تناول الهم العربي وأشاد بانسياب المعنى والعبارات بكل سلاسة، وقال حمد السعيد ان المتسابق شارك بالنص واهتم بتقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وعرض طرحا جميلا مليئا بمشاكل الأمة من خلال تناوله ثلاث قضايا هي لبنان، فلسطين وبغداد، وقال سلطان العميمي عن القصيدة انها جميلة غلب عليها الأسلوب الخطابي، ونقل صاحبها واقع الأمة بصورة تقريرية، كما استخدم تقنية «القناع» في القصيدة، وأضاف بدر صفوق، القصيدة تراوحت بين الشكوى ووصف الحال العربية حيث عكس اضطراب الوضع العربي فيها ثم تحولت من الوصف إلى الرجاء، ووصف تركي المريخي المتسابق بشاعر القمة. وألقى المتسابق بندر المحيا العتيبي (السعودية)، قصيدة عن الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله، أشاد فيها حمد السعيد بصوت المتسابق وقال ان القصيدة شامخة في شخصية الملك فيصل، وعن طريق سيرته اوجد المتسابق مدخلا ذكيا لقضية فلسطين، وقال سلطان العميمي ان القصيدة مكتوبة بعاطفة المُحب لشخصية الملك، حيث قدم الشاعر نصا ينقل الواقع دون أن يخسر شاعريته، وكانت عاطفة الإعجاب، المولد الحقيقي لهذه الشاعرية، كما ظهر الوعي في بناء النص، ووصف بدر صفوق النص بالفارع والمكتوب في شخصية فارعة، واعتبر تركي المريخي القصيدة أنها فتحت صفحة جديدة من الشعر، وقال عنها الدكتور غسان الحسن نقلتنا، القصيدة والتي تميزت بالشاعرية، إلى أجواء الشعر الحقيقي، وذهب النصف الثاني من القصيدة إلى بعض الأبيات المباشرة.

ولحسن حظ المرأة الخليجية، فإنها لا تزال حاضرة في المسابقة بقوة، عن طريق الشاعرة العمانية هلالة الحمداني، وهوالصوت النسائي الوحيد في المسابقة، وألفت قصيدة بعنوان «الركن الشديد العود»، وقال فيها سلطان العميمي: ان الصوت الأنثوي كان واضحاً جداً، حيث استخدمت المتسابقة مفردات الأرض والعِرض والعيون السود، وأن القصيدة انقسمت إلى قسمين، الأول ذاتي، والثاني عن حال الأمة، ولم يوجد رابط موفق بينهما، واعتبر بدر صفوق أن النص احتوى على توظيف الأمثال الشعبية، وتناولت المتسابقة في الجزء الأول من القصيدة الشعر ثم انعطفت بعد البيت التاسع للحديث عن حال الأمة، وأكد الدكتور غسان الحسن على شاعرية النص، وقال ان القصيدة انقسمت إلى أربعة أقسام منفصلة من دون ارتباط عضوي، واحتوت على الكثير من الصور الجميلة والكنايات.

واختتم الشاعر اليمني عامر بن عمرو الجزء الأول من الحلقة، حيث ألقى قصيدة تفاعل معها الجمهور، وقال عنها بدر صفوق ان الأبيات الخمسة الأولى احتوت على شاعرية واضحة ثم انتقلت إلى الحِكم والتي تم توظيفها بشكل متنافر، وأشاد تركي المريخي بجمال النص وقدرته على التذكير بالأشياء الجميلة، وأضاف الدكتور غسان الحسن، القصيدة ذهبت إلى المباشرة والصور التقليدية، مع وجود بعض الأبيات الشاعرية، وقال حمد السعيد استمد المتسابق أبيات القصيدة من الموروث وتماسكت أبياتها بطريقة جميلة، وقال سلطان العميمي اعتلى المتسابق في قصيدته منبر الخطابة وتقديم النُصح والحكمة، وتحدى في أحد أبياتها «الأصمعي» وقد خفتت الشاعرية في النصف الثاني من النص والذي اعتلى فيه الشاعر منبر الخطابة.

ثم ألقى الشعراء الأربعة قصيدة قصيرة عن موضوع القهوة وقصيدة قصيرة أخرى كان موضوعها الوطن، تبارى فيهما الشعراء الأربعة في وصف القهوة والوطن وسط تقييم لجنة التحكيم. وفي نهاية الحلقة أعلنت لجنة التحكيم عن تقييمها للشعراء الأربعة، حيث منحت اللجنة الشاعر بندر المحيا العتيبي 45%، والشاعر بدر الصبيحي الخالدي 42%، عامر بن عمرو 36%، وهلالة الحمداني 32%.

ويترقب مشاهدو البرنامج، حلقة هذا الأسبوع التي ستختتم بها المرحلة الثانية، وسيبقى من الشعراء الثمانية والأربعين الذي بدأ البرنامج بهم، اثنا عشر شاعرا فقط، حيث ستشتعل حدة المنافسة مع دخول شعراء أكثر قوة شيئا فشيئا.