امتداد الحديث السياسي في أضعف أفلام رديفورد

أراد أن يتحدث عن مجموعة أفكار ذات علاقة ببعضها البعض بدون أن ينجح في أحدها

TT

ما يمكن ملاحظته في السنوات الاخيرة هو ان الافلام السياسية بمختلف تناولاتها وقضاياها اصبحت سمة بارزة اكثر من ذي قبل امتدادا لهذا النوع من الافلام الذي كان انعكاسا طبيعيا للاحداث السياسية والحروب المتعددة في انحاء العالم. والوجود الاميركي حاليا في افغانستان والعراق والتداعيات السياسية والاجتماعية في اميركا ذاتها جعلت مثل هذه الافلام امرا منتظرا على الدوام بالرغم من تفاوت قيمتها الفنية وقدرتها على جذب الجمهور. وهذا ما يجعل الكثير من المخرجين وكتاب النصوص يتفنون في طرح هذه القضايا السياسية بطرق مختلفة ما بين المباشرة التي تقف وسط المعركة وفي مواجهة هذه الاحداث مثل الفيلم الوثائقي Taxi to the Dark Side سيارة اجرة الى الجانب المظلم والفائز مؤخرا بجائزة الاوسكار حول ممارسات التعذيب في المعتقلات والسجون مثل خليج غوانتانامو من خلال قصة سائق تاجرة في افغانستان يعتقل ويتعرض للتعذيب رغم براءته او تلك التي تتناول قضايا متعلقة بإحداث التغيرات السياسية الناتجة عن احداث سبتمبر والوجود الاميركي في بعض مناطق العالم مثل فيلم Rendition حول تجاوز القانون في الاشتباه والاعتقال وتسليم المعتقلين لدول من العالم الثالث من اجل تعذيبهم للحصول على المعلومات او تلك الافلام التي تركز على الاثر الذي تخلفه هذه الحروب الاميركية على المجند او المواطن الاميركي، وبرز هنا فيلم باول هيغيس الاخير In the Valley of Elah حول أب يبحث في جريمة مقتل ابنه العائد من العراق دون ان ينسى هيغيس، كاتبا ومخرجا، الاشارة الى تلك الفظائع التي يواجهها الشباب المرسلون لتلك المناطق ومدى تأثيرها عليهم وفيلم Home of the Brave حول حياة ثلاثة من الجنود بعد عودتهم من الحرب في العراق ـ وهنا يبدو ان التاريخ السينمائي يكرر نفسه حيث مثل هذه الانماط كانت محورا بارزا في الافلام الاميركية بعد حرب فيتنام لكنها وقتها كانت قد قدمت للسينما بعضا من روائعها مثل افلام «القيامة الان» و«صائد الغزلان» و«بلاتون وغيرها».

وفي هذا الفيلم Lions for Lambs يتجه المخرج الكبير روبيرت ريدفورد نحو طريق آخر حينما يريد الحديث عن هذه الحروب والسياسات الاميركية بشكل عام وهو الطريق الذي لم يعجب النقاد مطلقا حيث حصل على تقييمات سيئة حينما اراد ريدفورد ان يتحدث عن مجموعة افكار ذات علاقة واحدة دون ان ينجح في أحدها، فالفيلم برغم مشاهده الطويلة المتعلقة بالحوارات الجدلية بين سيناتور جمهوري بارز (يقوم بدوره توم كروز) واعلامية تسعى لسبق اعلامي (ميريل ستريب) حول السياسات الاميركية وخيارات المرحلة المقبلة. بينما في مسار آخر هناك الحوار المحتدم بين استاذ جامعي (روبيرت ريدفورد) وطالب ذي امتيازات وموهبة لافتة يعيش نظرة سوداوية نحو الواقع ولا يكترث بما يقوله او يعمله السياسيون. بينما يتمحور الخيط الثالث من الفيلم الذي يشكل بطريقة ما نوعا من الترابط بين هذه المسارات الثلاثة حول شابين كانا طالبين عند الاستاذ الجامعي يعتقدان ان عليهما مسؤولية تجاه بلدهما ويفاجئان زملاءهما وأستاذهما حينما يعلنان عن انضمامهما الى الجيش الاميركي مما يجعلهما لاحقا في موقف صعب حينما يقعان في منطقة جبلية محصورة بين جنود طالبان في افغانستان.

وربما يصدق القول ان ريدفورد كان مشتتا في فيلمه هذا بين مجموعة أفكار والاكثر من ذلك انه فضل التعبير عن عدة قضايا بطريقة مباشرة عبر حوارات كثيرة لكنه في النهاية وهو ما يحسب للفيلم قد القى بفكرة كان الفيلم سيبدو اكثر قيمة فيما لو تعمق في التعبير عنها وهي ما تتعلق بعلاقة الفرد بالوطن وكيفية تبني مواقف ذاتية وسط مواقف سياسية مؤثرة حيث ظهر الاستاذ الجامعي الذي كان يدفع تلاميذه للتعبير عن انفسهم والحصول على مواقع مؤثرة في مجتمعهم وقد تأثر باتخاذ اثنين من تلاميذه قرار الالتحاق بالجيش والمشاركة في المعركة لكنه لا يملك بحد تعبيره سوى احترام رغبتهما بغض النظر عن موقفه من هذه الحرب نفسها. وفي النهاية فالفيلم لا يقدم شيئا جديدا على هذا المستوى ولم يكن ناجحا في تناوله السياسي كما انه يفتقد حدثه الدرامي أغلب الفيلم وهذا ما يجعله حسب رؤية الجمهور أقل افلام ريدفورد التي أخرجها أهمية.

[email protected]