حملة تتهم «شاعر المليون» بمؤامرة ضد الشعراء السعوديين

مفاجآت الحلقة الأخيرة: البيرق للقطري الشبرمي.. والسعودي الفراعنة أخيراً > لجنة التحكيم: دعوات المقاطعة غير مقبولة والتصويت لا يخضع إلا للجمهور

الشعراء الخمسة المتنافسون على لقب «شاعر المليون» يتوسطهم مقدما البرنامج («الشرق الاوسط»)
TT

أصر برنامج «شاعر المليون» أن يحتفظ بأسراره حتى حلقته الأخيرة، حاملا معه مفاجآت غير متوقعة لم تخطر على بال أحد من متابعيه الكثر على مستوى الوطن العربي، وشهد الفصل الأخير من البرنامج الجماهيري مفاجآت حملت معها احتفاظ قطر وللعام الثاني على التوالي بلقب البيرق، بعد أن تمكن الشاعر القطري المتمكن خليل الشبرمي التميمي من خطف اللقب والمليون درهم، فيما كانت المفاجأة حاضرة أيضا في تأخر الشاعر السعودي ناصر الفراعنة للمرتبة الخامسة والأخيرة.

ويمكن وصف ما حدث في الحلقة الأخيرة من البرنامج بأنها سلسلة من المفاجآت، وبدلا من سرد أحداث الحلقة من البداية، فإن نهايتها المثيرة كانت هي الأهم من باقي تفاصيل الحلقة الأخيرة، بل من جميع الحلقات السابقة، ومن يدري فربما تبقى هذه المفاجآت حديث المجتمع الشعري حتى حلول موعد النسخة الثالثة من برنامج «شاعر المليون» في العام المقبل، هذا إذا لم تنجح الحملة التي أطلقها البعض لمقاطعة الشعراء السعوديين للبرنامج التي بدأت فور عدم تتويج ابن جلدتهم.

وإثارة الحلقة الأخيرة بدأت منذ حدوث خلل فني تسبب في انقطاع البث التلفزيوني عند تقديم الشاعر السعودي عيضة السفياني لقصيدته، واستمر الانقطاع حتى انتهاء الشاعر من تقديم قصيدته، ولأن البرنامج ينقل على الهواء مباشرة، فإن حظ الشاعر السيئ حرمه من إيصال قصيدته للملايين من المشاهدين، وفي الوقت الذي كانت التوقعات تذهب باتجاه إصلاح الخطأ بإعادة قصيدة الشاعر السفياني في أحد فواصل البرنامج، مر البرنامج من دون إعطاء السفياني فرصته كما أعطى زملاءه.

أما المشهد الأكثر إثارة فكان لحظة إعلان النتائج، ففي حين تقاربت مستويات الشعراء الخمسة المشاركين في الحلقة الأخيرة في تقييم لجنة التحكيم، جاء الدور على تصويت الجمهور الذي استمر أسبوعا كاملا، حيث خرج المرشح القوي والأول وهو ناصر الفراعنة من المنافسة على المراكز الثلاثة الأولى، وحل أخيرا بعد كل من: الشبرمي الذي حل أولا وبلغت درجته النهائية 62%، أما المركز الثاني فكان من نصيب الشاعر الاماراتي محمد الكعبي بنسبة 54%، والثالث لليمني عامر بن عمرو بنسبة 52%، فيما حل الشاعر عيضة السفياني رابعا.

وفيما أسدل ستار مسرح شاطئ الراحة على النسخة الثانية من برنامج «شاعر المليون» بتتويج القطري خليل الشبرمي، شنت منتديات شعبية ومدونات الكترونية حملة شعواء ضد برنامج ««شاعر المليون»»، متهمة اياه بـ«مؤامرة» لإخراج الشعراء السعوديين من البرنامج، خاصة في ظل تراجع الفراعنة للمركز الأخير، وبلغت الحملة التي كانت منتشرة وبسرعة على نطاق واسع، حدا بالمطالبة بمقاطعة الشعراء السعوديين للنسخة القادمة من البرنامج، واعتبرت شريحة كبرى من المشاركين أن الشعراء السعوديين ظلموا في المنافسة على اللقب، على الرغم من أن عددا لا يستهان به منهم لم يغفل أحقية الشاعر الشبرمي باللقب.

سلطان العميمي عضو لجنة التحكيم رد على هذه الاتهامات بالقول إنه ليس من مصلحة اللجنة التحكيمية أن تنساق لشاعر دون آخر، مؤكدا أنه يتفهم ردات الفعل العاطفية لمن يطالب بالمقاطعة للنسخة المقبلة، «لكنها بالتأكيد دعوات غير مقبولة إطلاقا».

وأشار العميمي إلى أن الشعراء السعوديين، كغيرهم، ركن رئيسي من أركان البرنامج منذ انطلاقه، وأضاف أن اللجنة التحكيمية من الممكن أن تنتقد على تقييمها للشعراء، «أما مسألة التصويت، فهي مسألة لا تخضع إلا للجمهور ويجب أن نقتنع جميعا ولا نسمح لنظرية المؤامرة بالتأثير علينا».

لكن مصادر من داخل البرنامج ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن نتائج التتويج أتت «بموضوعية تامة ومن دون أي تدخل من إدارة البرنامج»، موضحة بأن «من مصلحة البرنامج أن يفوز شاعر سعودي باللقب هذا العام، نظرا للمشاركة الكثيفة من قبل السعوديين، سواء كشعراء أو مصوتين أو حتى كشركات رعاية، لكن ما حدث أن النتائج أتت وفقا لعمليات التصويت والتي لا تتدخل بها لا إدارة البرنامج ولا غيرها».

ولعل ما ينبغي ذكره هنا، أن التصويت للشاعر القطري خليل الشبرمي لم يكن محصورا على جماهير الشاعر كما هم بقية الشعراء المشاركين، لكن هناك من يشير إلى أن التصويت كان مفتوحا من قبل شركة الاتصالات القطرية، وهو ما يؤكده وصول رسائل من قبل شركة الاتصالات لمشتركين تشكرهم على التصويت لـ«شاعر المليون»، فيما هم لم يصوتوا أصلا للبرنامج.

من جهته، نفى عادل المطوع المدير التنفيذي في شركة الاتصالات القطرية (كيوتل) لـ«الشرق الأوسط» ان تكون شركته قد وفرت خطوطا مجانية للمساعدة على زيادة حجم التصويت للشاعر القطري، وقال المطوع «نحن شركة مساهمة عامة ولدينا مساهمون يحاسبوننا على أموالهم، ولدينا رقابة داخلية لا تسمح لنا بفتح خطوط مجانية». وبرر المسؤول القطري ما حدث من ارسال رسائل لمشتركين لم يصوتوا، بأنه نتيجة الضغط الشديد على شبكة الاتصالات، معتبرا ان هذا الضغط تسبب في عطل للخط المفتوح بين اتصالات قطر ونظيرتها الإماراتية «وهو ما تسبب في هذه الأخطاء الفنية».

ومع كل ردات الفعل العنيفة التي أعقبت الإعلان عن الفائزين بالمراكز الأولى، فإن ذلك لا يلغي تمكن البرنامج من الوصول لشريحة كبرى على مستوى القنوات الفضائية العربية، بل ان هناك من يرى أن الهجوم الشديد على البرنامج، ينبع من النجاح منقطع النظير الذي استمر في تحقيقه للعام الثاني على التوالي، بالرغم من تكاثر البرامج المستنسخة في القنوات الفضائية العربية. وكانت فعاليات الحلقة النهائية بدأت بقصيدة للشاعرالقطري خليل الشبرمي، الذي سبقها بشيلة امتدح بها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وقد بدأ التعليق من الدكتور غسان الحسن ذاكراً بأن الأسلوب الذي اتبعه الشاعر مشابه للأسلوب نفسه في قصائده السابقة مع وجود صور مبتكرة وصور مكررة مع تميز بعض الابيات بشكل كبير، أما سلطان العميمي ذكر بأن الاسلوب الخطابي اوقع الكثير من الأبيات في المباشرة واصفاً مستوى القصيدة بما بين الجيد والمتوسط، وبدر صفوق وصف القصيدة بأنها فعل وردة فعل وان النص يقف بالمنتصف من حيث البلاغة والمباشرة التي سلبت بعض جماليات النص. وقد حصل الشاعر على نسبة تصويت من الجمهور في مسرح شاطئ الراحة 68% ممتاز.

المتسابق الثاني الشاعراليمني عامر بن عمرو، الذي ألقى قصيدة تحدث فيها عن ذكرياته في ابوظبي، أول المعلقين على النص كان حمد السعيد، الذي أشاد بالنص وصوره الجميلة. فيما ذكر سلطان العميمي بأن الشاعر استخدم نفس الأسلوب السابق في بناء القصيدة من حيث بناء صور شعرية خاصة في كل بيت. آخر المعلقين الدكتور غسان الحسن، حيث أشاد بالنص قائلاً بأن النص به صور جزئية متماسكة وهو جميل جداً وقد حصل الشاعر على نسبة تصويت من الجمهور 78%.

الشاعر الثالث كان السعودي عيضة السفياني، حيث قدم قصيدته الرئيسية، التي كانت عن عقوق الوالدين والبر بهما وكان أول المعلقين سلطان العميمي، الذي اشاد بالنص مع الاشارة الى المباشرة في بعض الابيات. أما الدكتور غسان فوصف القصيدة بأنها استعراض للثقافة الدينية وتدل على حرفنة وتمكن في الشعر مع بعض المباشرة، وقد حصل الشاعر على نسبة تصويت من الجمهور 67% الشاعر الرابع كان محمد الكعبي من الإمارات. وكان أول المعلقين بدر صفوق، الذي ذكربأن النص يحتوي على بناء شعري قوي، والنص متميز بالفكر والبناء والروح الإماراتية، أما الدكتور غسان الحسن فذكر بأن النص عبارة عن سهل ممتنع مع ذهابه الى المباشرة في بعض الابيات. وسلطان العميمي ذكر بأن النص احتوى على صور شعرية مع خفوت الروح الشعرية في بعض الابيات المباشرة، حصل الشاعر على نسبة تصويت من الجمهور 76%.

الشاعر الخامس في الحلقة هو السعودي ناصر الفراعنة، الذي استهل مشاركته بشيلة صوتية وكان أول المعلقين الدكتور غسان الحسن الذي ذكر بأن النص يحتوي على ذكاء شاعر وحرفنة شعرية مع ازدحام في الصور الشعرية مع كثافة المعاني وقلة الحشو. أما سلطان العميمي ذكر بأن الرمزية حاضرة في النص وتكررت الصور الشعرية. وبدر صفوق ذكر أن النص يحمل اشارات وذكاء مع مرور حذر على السياسة، وان النص بشكل عام جيد. وقد حصل الشاعر على نسبة تصويت 82% ممتاز. بعد ذلك انتقلت المسابقة للجزء الثاني منها وهي مجاراة الشعراء لأبيات من الشعر الفصيح من شعر ابي الطيب المتنبي وقد منح المتسابقون عشر دقائق لكتابة من اربعة الى ستة ابيات.

بعد انتهاء الوقت الممنوح ألقى الشعراء أبياتهم التي نظموها خلال فترة الاستراحة وقد بدأ الدكتور غسان ذاكراً بأن اثنين من الشعراء فقط اصابا الوزن هما ناصر الفراعنة ومحمد حماد الكعبي وان الشعراء جميعهم اصابوا المعنى. وقد أعلنت اللجنة نتائج تقييمها النهائية من 50 والتي جاءت على النحو التالي : خليل الشبرمي 42، عامر بن عمرو 41، عيضة السفياني 43، محمد الكعبي 44، ناصر الفراعنة 46.

بعد ذلك تم الإعلان عن نتائج التصويت النهائية، حيث حصل الشاعر القطري خليل الشبرمي على أعلى نسبة تصويت متوجاً بالحصول على بيرق الشعر ولقب «شاعر المليون» وجائزة مالية مقدارها مليون درهم إماراتي، يليه الشاعر الإماراتي محمد الكعبي الذي حصل على مبلغ نصف مليون درهم إماراتي جائزة المركز الثاني، ثم الشاعر اليمني عامر بن عمرو في المركز الثالث ثم الشاعر عيضة السفياني في المركز الرابع والشاعر ناصر الفراعنة في المركز الخامس.

وعودة للبرنامج الذي شهد حلقته الأخيرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، حيث قام الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي بتسليم بيرق الشعر للشاعر القطري خليل الشبرمي وجوائز المركزين الثاني والثالث.