كانت لنا أيام مع المسرح السعودي

فهد الاسطاء

TT

خلال عشرة ايام هي فترة المهرجان المسرحي السعودي الرابع الذي اختتم قبل اسبوعين، عاش المسرحيون السعوديون اياما استثنائية غير مسبوقة على مستوى الواقع الفني الذي تعيشه البلاد. كل اللقاءات والندوات والعروض والجلسات النقدية والنقاشات الجانبية الطويلة، حيث يقيم المشاركون، كانت اياما لا يمكن ان ينساها اولئك المبدعون المسرحيون ومنظمو المهرجان وضيوفهم من اساتذة المسرح العربي.

وبالنسبة لي فهي تجربة في غاية الروعة ظفرت بها من تلك الايام، وكنت محظوظا بالوجود والحضور.

في البداية كانت اللغة المسرحية جديدة علي ومغايرة لما اعتدته في لغة السينما، وبالتالي كان علي الاستفادة من تلك النقاشات والجلسات النقدية المفعمة بالصراحة والمواجهة ما بين النقاد ومخرجي الاعمال المسرحية، ثم بعد اكثر من عرض احسست بالاقتراب من هذه اللغة المسرحية الجميلة، واستطعت ادراك مكامن الابداع والتعرف على رؤية المخرج وتكوين الانطباع الفني تجاه هذه الاعمال. وبكل صراحة فان هناك اكثر من عرض مسرحي ضمن المسابقة كان في منتهى الروعة وأشعرني بالفخر والاعتزاز حينما انظر اليه كمنتج سعودي يحمل هذا القدر الاحترافي الفني. لم اكن حقيقة بانتظار كل هذا الجودة في الاداء المسرحي وهذه الرؤى الاخراجية الفريدة وجماليات السينوغرافيا وتنوعها المدهش وشعرت حينها بلوعة المسرحيين السعوديين، الذي يمتد تاريخهم لاكثر من عقدين حينما كانوا يواجهون بشيء من التجاهل الاجتماعي والرسمي ايضا، قبل ان تتنبه وزارة الثقافة والإعلام لدورها المهم وتقدم هذا الاحتفاء البارز عبر هذا المهرجان الاستثنائي، فالذي يملك كل هذا الابداع والاحتراق الفني ستكبر عنده الحسرة ما لم يشاهده الناس ويترقبوا اعماله (اتحدث هنا عن اكثر من سنة في اعداد مسرحية «الرقص مع الطيور»، مثلا التي لا تزيد مدتها عن ساعة واحدة).

والذي كنت اتمناه حقيقة هو وجود غير المسرحيين في هذا المهرجان من المهتمين بالفن عامة، مثل الشباب السينمائيين للتعرف على هذه اللغة المسرحية الجميلة وتوسيع الافق الفني ومشاهدة الجهود الكبيرة، التي يبذلها المخرج وطاقمه لتقديم اعمالهم بمثل هذه الجودة والرقي. اما ما يمكنني قوله كرأي ناقد من خلال مشاهدتي لعدد من هذه المسرحيات، فهو انه كثيرا ما يتغلب الاداء والرؤية الاخراجية والتعبير المسرحي بمختلف أدواته على الفكرة والمضمون ذاته. فاجترار القضايا وتكرار اشكاليات غدت مملة من نوع أزمة المثقف وإدانة الوضع العربي الراهن وغياب الهوية تكاد تكون سمة في كثير من المسرحيات السعودية التي شاهدتها وهذا ما يعني انه لا بد من بذل جهد اكبر للحصول على نصوص اكثر تفردا وأعمق في الافصاح عن الحالة النفسية والاجتماعية عن الفرد الانسان.

[email protected]