اختتمت يوم الجمعة الماضية فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الخليج السينمائي، التي جاءت كما هو متوقع بنجاح كبير على مستوى التنظيم والاحتفاء الإعلامي تجاوز في الحقيقة مستوى الأفلام المتسابقة ذاتها. فالذي تابع المسابقة وشاهد عروض الأفلام ربما لا يجد ذلك التقدم المنتظر على المستوى الفني مقارنة بدورات مسابقة أفلام من الإمارات الماضية، التي كان قد أشرف عليها منذ نشأتها مدير هذا المهرجان الخليجي مسعود أمر الله، وهو الذي يعلق على المساحة الكبيرة في قبول الأعمال وعدم رفع المعايير الفنية، مما أعطى فرصة العرض لأفلام رديئة فنيا بأنها كانت خطوة مهمة في الدورة الأولى كنوع من التشجيع والتحفيز وتثبيت مواطئ الأقدام، على الرغم من انه، كما يضيف مسعود امر الله، كانت الأفلام المرفوضة أكثر مما تم قبوله بينما سيتم التدرج في رفع معايير القبول الفنية.
ولكن من جهة أخرى والحق يقال فان الأفلام القصيرة والوثائقية بشكل عام ما زالت ذات مستوى جيد فنيا، سواء على مستوى النصوص والأفكار أو حتى الأداء تمثيلا وتصويرا وإخراجا، مما أثار لدي هذا التساؤل: هل يكون قدر السينما الخليجية أن تتقدم وتتفوق وتقدم نفسها مستقبلا في المحافل العالمية على مستوى الأفلام القصيرة والوثائقية وليس على مستوى الأفلام الروائية الطويلة؟
والحقيقة إنني أبني مثل هذا التساؤل على نقطتين مهمتين تتمثل الأولى منهما بهذه الرعاية الكبيرة التي تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديمها لصناعة الفيلم القصير، فبالإضافة لهذا المهرجان الخليجي المميز والمتخصص هناك مهرجان دبي السينمائي الأشهر ومهرجان الشرق الأوسط في أبو ظبي، اللذين هما بدورهما يخصصان مسابقة وجوائز لهذه الأفلام القصيرة. أما النقطة الأهم فهو الانطباع العام والتقييم الفني الذي يخرج به كل من شاهد مستوى الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الخليج السينمائي. فباستثناء فيلم «أحلام» العراقي الفائز بالجائزة الأولى كانت غالبية الأعمال الخليجية الخمسة التي دخلت المسابقة ركيكة نصا وإخراجا، وأشبه بحلقات تلفزيونية تحتفظ بكل السمات الدرامية المملة التي نطالعها عبر مسلسلاتنا الخليجية، وتفتقد لأهم سمات اللغة السينمائية المطلوبة. وحتى أكون أكثر إنصافا ومحتفظا بخط الرجعة، فانه لايمكنني الإجابة حاليا على هذا التساؤل، خاصة ونحن في الدورة الأولى من المهرجان. ولا ندري ما الذي يمكن ان يتغير خلال الدورات القادمة أو من المخرج الذي سيملك الجرأة ليقدم بنجاح فيلما خليجيا روائيا طويلا بعد ان حقق نجاحات مشهودة على صعيد الفيلم القصير.