هاني رمزي: لم أعرّض الأمن العام للخطر

الفنان المصري يتهم الرقيب بالتعسف ويحاول معرفة أسباب المشكلة

هاني رمزي (يمين) مع الفنان احمد راتب («الشرق الاوسط»)
TT

الفنان المصري هاني رمزي توليفة فنية خاصة استطاع خلال مشواره الفني ان يرسم الضحكة من دون اسفاف ويحاول ان يصنع المعادلة الصعبة، حفر اسمه بقوة بعد 9 افلام كانت المحطة الاولى، منها «صعيدي في الجامعة الاميركية» و«محامي خلع» و«ابو العربي»، وعلى الرغم من انه يصنف فنانا كوميديا الا انه يطلق عليه النجم المشاغب لتناوله اهم القضايا في المجتمع المصري وكان دائما يراهن على هموم الناس ويوجد منها الضحكة التي تجعل الهم بسمة، وعلى الرغم من هذه المناطق الشائكة التي يدخل فيها الا انه لا يخشى العقاب ولكنه في هذا الصيف كان مهددا بأن فيلمه الجديد «نمس بوند» لا يرى النور بسبب تعسف الرقابة على العمل، لان الفيلم يدور حول ضابط شرطة يفشل في بداية العمل بسبب غبائه، لكنه رفض الاستسلام وقاتل حتى النهاية وقال في حوار أجرته معه «الشرق الاوسط» في القاهرة, انه عاش اصعب لحظات حياته بسبب فيلم «نمس بوند».

> في البداية من هو «نمس بوند» وما اهم عناصر جذبك للفيلم؟

ـ اولا «نمس بوند» هو ضابط شرطة يحاول ان يطبق محاولات «جمس بوند» من خلال وظيفته ولكنه يفشل في العديد من المحاولات، فجأة يكلف بالتحقيق في جريمة قتل منتج، ومن خلال الاحداث يعرض اقسام الشرطة وبعض قيادات الشرطة. > لماذا ضابط الشرطة لثاني مرة على التوالي، ألم تخش المقارنة بفيلمك الاخير؟

ـ اولا من بداية السيناريو وأنا واثق بأن بعض الاقلام سوف تتعرض لهذا وستربط بعض الاشياء ولكن ايماني الشديد ان الفنان الصادق المخلص المجتهد الذي يحب عمله يلعب الشخصية كل مرة بطريقة وطعم ولون مختلف مثل ما كان يصنع الفنان احمد زكي، واعتقد انه لعب دور الصعيدي اكثر من مرة وفي كل مرة بطريقة مختلفة واعتقد ان الجمهور عندما يشاهد الفيلم سيلاحظ الفرق الموجود في القصة واؤكد اني أعلم انهم سيقولون ان هذا الفيلم هو الجزء الثاني من «اسد واربع قطط» ولا يهمني هذا لان هناك اختلافا في الشخصية والموضوع وطريقة التناول والمعايشة، وهنا يظهر الممثل الشاطر في الابداع واختلاف الاداء، فلا يعنيني التكرار بقدر ما يعنيني الاختلاف.

> ما هو الجديد في «نمس بوند»؟

ـ هو لون جديد في كوميديا الضحك من خلال الحركة والموقف والحوار الشيق والمتعة والتسلية وهذا من اصعب ما يكون صنعه في فيلم كوميدي وانا اعتبره حدثا في تاريخ الكوميديا وكنت ابحث عن شكل جديد بالنسبة للافلام التي اجسدها شكلا ومضمونا والحمد الله «ربنا سترها معي». > لماذا اختيار دوللي شاهين وهل كان هناك ترشيح لـ «منة شلبي» و«هند صبري»؟

- انا بالفعل قرأت هذا الكلام وهذا ليس له اي اساس من الصحة، الدور مكتوب على ان البطلة مطربة وهما ليستا مطربتين فأول من تم ترشيحه للدور هي دوللي شاهين لانها مطربة ودمها خفيف واعتقد ان اول مشهد في الفيلم كان لها والنهاية كانت استعراضا غنائيا ومنة وهند من اصدقائي واتمنى العمل معهما مرات اخرى. > ما هي حكاية الرقابة؟

- اعتقد ان ما حدث اكبر دليل على ان هناك تعسفا واضحا من الرقيب الذي أصرّ على عرض الفيلم على الجهات الامنية بعد الانتهاء من صنع الفيلم وعطل طرح الفيلم خمسة ايام، وهل يصح ان يعترض على الفيلم بعد ان اصبح شريطا سينمائيا جاهزا للعرض، لماذا لم يعترض عندما كان عبارة عن سيناريو او في مرحلة المونتاج مثلا واعتقد ان فيلمي لم يعرض قضية آداب او يعرّض الامن العام للخطر، وعندما حول الفيلم الى وزارة الداخلية ادركوا انه فيلم كوميدي وكان لا بد من موازنته بهذا المقدار والمعيار وكان لهم ملاحظات خفيفة جدا وعندما طلبوا حذف بعض الجمل طلبوا بشكل لطيف ومهذب. > وما اسباب هذا التعسف مع الرقيب؟

ـ انا أحاول ان اعرف اللغز ولماذا في هذه الفترة بالتحديد ولماذا معي فلم احاول ان اخدش حياء أي شخص او ان اعرض قضية تثير الرأي العام، ومن الواضح ان هناك شيئا غامضا وعندهم مشاكل كثيرة في هذه الفترة واعتقد ان موسم الصيف يحمل شعار «للكبار فقط» وانما انا اقدم فيلما كوميديا لا أكثر ولا أقل فكيف يبحثون عن مشاهد للحذف، فهذا من وجهة نظري تعسف واضح، ففي تاريخي اعمال اكثر جرأة مثل «ظاظا» وفيلم «عاوز حقي» و«جواز بقرار جمهوري» مع هذا قيل لي في هذا الفيلم اذهب الى الداخلية فكيف تتفهم الداخلية هذا في حين أن الرقابة تخاف. > لماذا هذا الصراع بين الفنانين والرقابة؟

- انا لا اعرف، اعتقد من الطبيعي ان الرقابة تحمي الفنان لا العكس، هل من العدل ان تحذف من الفيلم، بعد ان اصبح شريطا سينمائيا، صوتا وصورة، خاصة بعد ان اكتمل الشريط، ومن المفترض ان الرقابة جهة حماية لصناع العمل وليس من المعقول ان اشعر طول الوقت باني مراقب وتحت التهديد، أين حرية الابداع والفكر فكيف العب الشخصية وانا محاصر بنار الرقابة والاجهزة الامنية؟. > كيف ترى الطريق والمناخ العام؟

- للاسف الشديد نحن في طريق يعود بنا الى الخلف، فالذي شاهدته من الرقابة جعلني اشعر باننا لا يجب ان ننادي بالحريات والديمقراطية وان يعبر كل انسان عن رأيه، فنحن دائما نعلن عن حرية الابداع ولكن وقت التنفيذ يحدث العكس. > وهل هذا يؤثر في اعمالك المقبلة؟

- لا اطلاقا انا مقاتل حتى النهاية وانا مؤمن بأن الفيلم الذي احسه واشعر انه يعبر عن نبض أمة وتفاعلت معه سوف اصنعه على الفور دون تردد، فلا اخشى ولا ارضخ اطلاقا واعتقد اني خضت تجارب عديدة مع السيناريست طارق عبد الجليل، وكلها كانت مواضيع جريئة وأقوى وكلها صار عليها جدل ونقاش وصراع مع جهات كثيرة ولم أقل مرة كفاية لأحد ما، أقولها فقط عندما اشعر اني مقيد في محبسي، وحينها سوف اصبح اكثر قوة وهذه الاساليب لا تؤثر فيّ سلبا وسوف اظل كما انا ونحن لسنا موظفين عند اي مخلوق، نحن فنانون نملك الموهبة التي نصنع منها البسمة. > هل المشاهد او الجمل التي تم حذفها كان لها تأثيرها في الفيلم؟ - لا والحمد الله رد الفعل عند الناس لم اتوقعه وأسعد مكالمة كانت من الزعيم عادل امام، وكانت التهنئة من قلبه. سعدت بها والسعادة الاكبر عندما حضرت مع الجمهور وسمعت مشاهدا يقول: «بجد الفيلم خلص يا خسارة» كانت عبارة قوية. > في رأيك من يحصد ايرادات هذا العام؟

- بالطبع فيلم الزعيم وعمر الشريف، العالم العربي كله ينتظره وايضا السيناريو يمس قضية مهمة جدا في المجتمع المصري وهي المسلم والمسيحي، وأكيد احمد حلمي وانا واثقان من شيء مهم ان كل فنان مختلف عن الآخر وكل منا عنده جمهوره، والعمل الجيد سيفرض نفسه. والحمد الله اطمأننت على فيلمي من رد فعل الجمهور في ساحات العرض السينمائي.

> هل من المتوقع ان نرى هاني رمزي في عمل مع فنان عربي ومن هو؟

- اتمنى عملا فنيا يجمع كل نجوم العالم العربي واعتقد ان دريد لحام من الشخصيات القريبة الى قلبي ولوني، والفنان داود حسين والفنان غانم السريطي.

> هل ارتباط النجوم بالارقام والايرادات يجعلهم يقدمون تنازلات؟

- انا لا افكر في العمل من اجل الايرادات، انما افكر في عمل يسعد الجمهور وسيناريو يضيف الى تاريخي الفني حتى لو جعلتني الظروف اجلس في البيت، لان الفنان المخلص الصادق يكون همه الاكبر الجمهور، وانا اتعامل مع المنتج الواعي الذي يبحث عن الورق الجيد وفريق العمل الذي يصنع العمل على درجة عالية من الجودة الفنية. > هل يشغلك التصنيف وسط نجوم جيلك؟

- مسألة الترتيب والتصنيف لاسمي في السوق لم تشغلني لحظة انما كل ما يشغلني ان اكتسب اكبر قاعدة من الجماهير من خلال اعمال جيدة تعبر عن قضاياهم، وفي نفس الوقت احاول ان اصنع بسمة على انسان قتلته هموم الحياة، وسعادتي لا توصف عندما ارى انسانا سعيدا او يضحك من قلبه. > هل ترى ان هناك تغيرا في صناعة السينما؟

ـ اكيد كل سنة تختلف عن الاخرى الى الافضل لان هناك انتاجا ضخما وتقنيات جديدة ودور العرض وزيادة المعامل والصناعة كلها في حالة توهج ورواج. > هل كل هذه الافلام سوف تضاف لتاريخ السينما؟

ـ أكيد التاريخ لن يقبل كل الافلام والشاطر هو الذي يستطيع المحافظة على نفسه ويقدم اعمالا ذات قيمة ومضمون. > هل النجاح يتعب الفنان؟

ـ النجاح ممتع وطعمه حلو، لكن بيحمل الفنان مسؤولية كبيرة وحملا ثقيلا، خصوصا عندما يصل مرحلة معينة من النجومية، وطول الوقت يعيش في خوف ورعب. والنجاح لا يصنعه الفنان بمفرده، بل هو نتاج ثمار تعب فريق كبير يسهر على انجاز العمل في ابهى صورة. ولا استطيع ان اقدم عملا دون ورق ومخرج ومنتج وفريق عمل يساعدني على الاستمرارية. > هل خططت لأن تصبح فنانا كوميديا؟ ـ لا، وسوف اقولها لأول مرة، انا اميل الى التراجيدي والكلاسيكيات، لكن الاستاذ «سعد اردش» قال لي علشان خاطري العب كوميدي، كذلك الاستاذ هاني مطاوع وسمعت النصيحة وسعادتي الاكبر ان اقدم مشهدا تراجيديا فيه دراما او احساس بعيدا عن الضحك لان صنع الضحك صعب جدا. > معنى هذا اننا سوف نرى لك عملا تراجيديا قريبا؟ ـ لو قرأت موضوعا شدني، يمكن والله ان اغير جلدي، وسألت كثيرين منهم من عارض الفكرة ومنهم من رحب، والمنطقة التي لا أريد الدخول فيها هي الاكشن الذي يقدمه احمد السقا واحمد عز، بل من الممكن الاكشن الكوميدي لأني مؤهل له. > ما هو اصعب مشهد في فيلم «نمس بوند»؟

- مشهد تفجير الفيلا والصعوبة كانت في الجو حيث مرَّ عليّ اسبوع في الشتاء كانت درجة الحرارة تحت الصفر، وكلنا عايشين في عز البرد والكلام كان يخرج بصعوبة. > عندما تقدم فيلما هل تشعر بالخوف من مناطق معينة؟

ـ لا، انا أخاف من مشاهد كثيرة جدا وأحمل هم تمثيلها، لكن لا أخاف من جرأة الموضوع وانا أمثل بأي طريقة ومن أين تأتي بمفتاح الشخصية لا بد من المذاكرة وكثيرا ما اعمل بروفات مع نفسي. > في كل افلامك تحاول ان لا تكرر النجمات اللاتي تعمل معهن، هل هذا ذكاء منك؟

ـ لا، لم اقصد ذلك، انما اعرف ان كل دور ينادي على صاحبه، وعلى فكرة انت اول من يلفت نظري الى هذا الموضوع. > ما هو الجديد في المرحلة المقبلة؟

ـ حتى الآن لم استقر على موضوع معين وسوف انتظر الى ان ابحث عن شكل بعيد وجديد عليّ، ومن خلال هذا الحوار اوجه الشكر الى وزارة الداخلية على تعاونها معي وأملي في ربنا كبير وتمر الفترة بشكل سريع ويختلف وجه الرقابة من الوجه المخيف الى الوجه اللطيف.