حسن مصطفى: الجيل الجديد يقدم «كوميديا» من دون مضمون

العنصر الأهم في «مدرسة المشاغبين» و«العيال كبرت»

حسن مصطفى («الشرق الاوسط»)
TT

ينتمي الفنان حسن مصطفى، إلى مجموعة نادرة من الفنانين المصريين الذين يرفعون شعار «الإخلاص أولاً» طوال مشوارهم الفني، فأكثر ما يميز أدوار حسن مصطفى، طوال خمسين عاماً من العمل الفني على خشبة المسرح وفي السينما والتلفزيون هو أنه يعكس للمشاهد من الوهلة الأولى إحساسه الشديد بالشخصية أياً كان مساحتها، وأنه جاء إلى البلاتوه ليمثل دون التفكير في أي شيء اخر، بالتالي لم يهتم حسن مصطفى عبر مشواره الطويل بالنجومية والبطولة الأولى رغم أنه كان قادراَ على قيادة فرقة مسرحية مثل نجوم جيله فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي وغيرهما، لكنه اكتفى بان يكون عنصراً اساسياً في أي عمل فني يشارك فيه بحيث يعطي مساحات واسعة لكل من يعمل معهم للتحرك من حوله والقاء النكات والضحكات التي تعتمد على ردود فعله المميزة دائما، كما يظهر بوضوح في أشهر المسرحيات المصرية «مدرسة المشاغبين» و«العيال كبرت».

أبسط دليل على ما سبق عودته القوية بعد فترة غياب ربما حاول فيها المخرجون البحث عن بدائل في تلك المرحلة العمرية بين جيل لاحق من الممثلين، لكن حسن مصطفى فرض اسمه من جديد عندما اختاره عادل إمام مرتين متتاليتين لمشاركته أفلامه السينمائية الأخيرة، حيث ظهر كضيف شرف في «مرجان أحمد مرجان» قبل أن يحصل على دور رئيسي في فيلم «حسن ومرقص» أمام عادل إمام وعمر الشريف، كما عاد للمعان تلفزيونيا من خلال دور «شيخ الحارة الفضولي» في مسلسل «عباس الأبيض في اليوم الأسود» ولم تتوقف استعانة المخرجين به حتى الآن، وكأنهم يعتذرون له عن فترة الغياب الطويلة. وُلد حسن مصطفى إسماعيل في ‏‏‏1936 بالقاهرة، التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، تخرج عام 1957. عمل في فرق التلفزيون المسرحية، ثم انضم إلى ‏فرقة الفنانين المتحدين، وشارك في عشرات المسرحيات حيث كان مخلصا لأبي الفنون بدرجة كبيرة لدرجة أنه كان يعتذر عن أفلام ومسلسلات من أجل المسرح، وتزيد مساهماته السينمائية عن مائة فيلم، وفي ذكرياته التي رواها لبرنامج «ساعة صفا» لخص حسن مصطفى مشواره الفني بأنه اعتمد على الاتقان في العمل، لأن الفن من وجهة نظره لا يورث، ولا يمكن لأحد أن يكون فنانا بالواسطة وأن انتشار هذه الظاهرة في الاونة الأخيرة لا يدعو للقلق لأن الزمن كفيل باظهار الامكانات الحقيقية لكل ممثل شاب . ويتذكر حسن مصطفى أن والده كان يأمل أن يصبح ضابطاً في الجيش، وعندما شاهده للمرة الأولى في التلفزيون غضب منه بشدة، وقاطعه لفترة حتى تم الصلح بينهما، وكان والده موظفاً بسيطا في وزارة الأوقاف، لهذا تعلم حسن مصطفى الاعتماد على نفسه منذ الصغر حتى يثبت لوالده أنه اختار الطريق الصحيح فيما كان الوالد يأمل في أن يرى الابن ضابطا في الجيش في فترة كان الشعب المصري يحترم فيها الضباط بشدة بسبب ثورة يوليو. ومن المفارقات المهمة في مشواره أنه كان مرشحاً للمشاركة في مسرحية «ريا وسكينة» مع شادية وسهير البابلي بشخصية حسب الله التي جسّدها فيما بعد الراحل عبد المنعم مدبولي، لكنه طلب أداء شخصية عبد العال التي أداها حمدي احمد ثم احمد بدير وكان مقتنعا أنه مناسب له وسيقدم من خلالها جديدا، لكن حسين كمال كان مصراً على رأيه فاعتذر حسن مصطفى بدون رجعة . ومن الفترات الذهبية في مشواره أيضا، تلك التي نجح فيها في اختبار الالتحاق بقسم التمثيل بمعهد الفنون لأن الاختبار كان على يد كبار هذا الفن في ذلك الوقت مثل حسين رياض، ويوسف وهبي، وجورج أبيض، وفي تلك الفترة التقى بحبه الأول بثينة حسن التي أُعجب بجمالها وشخصيتها الهادئة، وتزوجها وأنجب منها ابنة واحدة، قبل أن يرتبط بالفنانة ميمي جمال. وخلال الدراسة عمل في الإذاعة مع الإعلامي الراحل محمد محمود شعبان الملقب بـ«بابا شارو»، وانتقل في السنة الثانية بالمعهد عام 1953 لفرقة الفنان إسماعيل ياسين وأبو السعود الابياري المسرحية، وتدرّج فيها من ممثل ثانوي إلى مساعد مخرج للسيد بدير، ثم مدير خشبة مسرح.

وعن تلك الفترة يقول: شاء حظي السعيد أن تضم الفرقة في ذلك الوقت عمالقة التمثيل الذين استفدت منهم بشكل كبير في حياتي العملية مثل عبد الفتاح القصري، استفان روستي، محمود المليجي، زينات صدقي، عقيلة راتب، عبد المنعم إبراهيم وحسن فايق، الذي كان يتقاضى مرتبا 300 جنيه، وهو الأعلى أجراً في ذلك الوقت. ورغم تقديمه للعديد من الادوار على شاشة السينما، لكنه اختار ثلاثة أفلام فقط يعتز بالمشاركة فيها هي «نصف ساعة جواز» الذي أطلق من خلاله الايفيه الشهير «يا أوحي يا أوحي»، مع الفنانة شادية ورشدي أباظة، وفيلمي «البوسطجي» و«شيء في صدري» مع شكري سرحان وهما بعيدان تماما عن الكوميديا، وكان رفض حسن مصطفى لتقديم أدوار او عبارات غير مقتنع بها يسبب له الكثير من المشاكل، أبرزها فصله من مسرحية «مطرب العواطف» لرفضه القاء ضحكة اعتبرها «سخيفة» من وجهة نظره. وعن الهجوم الذي تعرضت له مدرسة المشاغبين لدرجة تفكير الرئيس أنور السادات في منع المسرحية، قال حسن مصطفى أنه لا يزال ثابتا على موقفه من أن الفن يعرض لمشكلات المجتمع، لكنه ليس مسجدا أو كنيسة من أجل التوجيه والارشاد، وطالب الغاضبون من «مدرسة المشاغبين» بتأمل الانتاج الفني حالياً وكيف علم الأجيال الكثير من المصطلحات والالفاظ البذيئة دون أن يغضب أحد كما حدث قبل أربعين عاما مع المسرحية الشهيرة، وعن الجيل الجديد قال انه جيل موهوب لكن مشكلته تقديم أفلام بدون أي مضمون، مشيرا إلى أن الأفلام الكوميدية التي كان يقدمها مع زملائه قديماً مثل فيلم «أرض النفاق» و«غريب في بيتي» كلها كانت كوميدية لكنها مصنوعة بإخلاص ولها هدف.