في رمضان 2008: مسلسلات المشاهير.. اللعنة مستمرة

«أسمهان» و«ناصر» أحدث الضحايا

مجدي كامل في مشهد من مسلسل «ناصر» («الشرق الاوسط»)
TT

ما حدث مع مسلسلي «أسمهان» و«ناصر» المقرر عرضهما بعد أيام في شهر رمضان المبارك، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك تصدر مسلسلات السيرة الذاتية لمشاهير القرن العشرين قائمة أزمات الدراما العربية في السنوات العشر الأخيرة، واللافت تنوع تلك الازمات ما بين الخلاف المستمر بين الورثة والجهات المنتجة للعمل وهو السبب الأكثر انتشاراً وراء تلك الازمات، أو العوائق التي يجدها صناع المسلسل في تصويره أو تسويقه بسبب طبيعة الشخصية التي تدور حولها الأحداث. مسلسل «أسمهان» على سبيل المثال خاض اخيرا معركة إعلامية ـ لا قانونية ـ بين الأمير فيصل الأطرش ومنتجي العمل «إسماعيل كتكت» و«فراس إبراهيم» بعدما حاول الأول الإيهام بأنه نجح في استصدار قرار من وزارة الإعلام السورية بمنع المسلسل، غير أن الأمير الغاضب على سمعة عمته وعائلة الأطرش نسي ما حدث لمسلسل «السندريلا» الذي تم عرضه رغم كل الدعاوى القضائية التي واجهته، بالتالي أعلنت قنوات خليجية وعربية وغيرها استمرار التعاقد بينها وبين الجهات المنتجة، فيما لا تزال الفنانة سلاف فواخرجي والمخرج شوقي الماجري يواصلان التصوير في القاهرة مع تغيير جدول الأيام الاخيرة بعدم العودة إلى سورية تجنبا لأي صدام، تلك الأزمة كشفت أن ما يدور من خلافات بسبب مسلسلات المشاهير هي خلافات إعلامية دعائية إلى حد كبير، فلا يزال القضاء بعيدا عن تلك الأمور ولا توجد نصوص تحكمها، ومن «أسمهان» إلى «ناصر» كانت الصدمة كبيرة لمنتج المسلسل «محمد فوزي» الذي فوجئ بعدم الترحيب بشراء المسلسل من القنوات الكبرى، قبل أن تنقذ قناة nbn اللبنانية الموقف ومعها بانوراما دراما المصرية ثم تتدخل قناة «الحياة مسلسلات» في اللحظات الأخيرة وتشتري هي الأخرى حق العرض، «فوزي» لم يتوقع على ما يبدو أن الخلاف حول شخصية الرئيس المصري الراحل قد يؤثر في تقبل الفضائيات لمسلسل يروي قصة حياته، ليخلع مسلسل «الملك فاروق» مسلسل «ناصر» من عرش الدراما، عكس ما حدث في وقائع التاريخ، لكن المنتج تجاهل أيضا الصعوبات التي واجهته عند بداية التحضير للمسلسل، وتعدد الترشيحات حتى وصلت المهمة لمجدي كامل وهو ممثل جيد لكن اسمه لا يستطيع بعد مساعدة أي مسلسل على التسويق الجيد، بالتالي ينتظر «ناصر ورفاقه» أن يحقق المسلسل جذبا جماهيريا من القنوات التي اشترته لعله يقنع القنوات الكبرى على الاعتذار له بعد رمضان. وبجانب مشاكل الورثة التي منعت مسلسلات مثل «تحية كاريوكا» و«رشدي أباظة» وغيرهما الكثير، تأتي الشخصيات نفسها لتضيف الكثير إلى ظاهرة «لعنة مسلسلات المشاهير» فحتى الآن لم تتخلص «منى زكي» من شبح مخاطرة تجسيد شخصية «سعاد حسني» على الشاشة الصغيرة، فيما لم يقنع «شادي شامل» الجمهور بقدرته على تجسيد «عبد الحليم حافظ» ولم يقدم خطوات أخرى في الوسط الفني رغم مرور ثلاث سنوات على انتاج العمل، وباتت صابرين لا تزال حالة خاصة بنجاحها الكبير في تجسيد «أم كلثوم»، لكن المفارقة أن ممثلين آخرين حصدوا النجاح من تجسيد شخصيات معاصرة، لكنها لم تحظ بالنجومية في حياتها، مثل «أحمد راتب» الذي جسد «محمد القصبجي» و«كمال أبو رية» الذي تخصص في تلك الأدوار فقدم «الشاعر أحمد رامي» و«إسماعيل شبانة شقيق العندليب» وغيرهما الكثير.

رغم ذلك لا يزال هناك بعض الفنانين الطامحين لتقديم شخصيات معاصرة آملين في ظروف انتاج طيبة وخلافات محدودة تسمح للعمل بالخروج للنور بعيدا عن «اللعنة الشهيرة». من جانبه يرى الناقد ماجد رشدي بأسبوعية «صباح الخير» المصرية أن مشكلة مسلسلات المشاهير الحقيقية هي رغبة صناعها في تقديم عمل لافت للانتباه بسبب شهرة صاحب الشخصية، دون التفكير في الأسس المهمة التي يجب أن تقوم عليها تلك المسلسلات، أولها الابتعاد عن الفترة الزمنية التي عاشها الشخص المشهور، وهو ما يعد استثناء بالنسبة لمسلسل «أسمهان»، كما يرى رشدي، كون الجمهور الآن لا يتذكر أسمهان ولا كيف كانت تتكلم بسبب وفاتها عام 1944 ، بالتالي المهمة ستكون أسهل مع «سلاف فواخرجي» وهو ما حدث مع «صابرين» التي لم تكن مقنعة فيما يخص وصلات الغناء، لكن الجمهور يحفظ كيف كانت تغني «كوكب الشرق»، لكنه لم يرها في بيتها وبين زملائها فنجحت صابرين في تلك المشاهد.

ويناشد «ماجد رشدي» المنتجين عدم الهرولة وراء محاولات بعض المؤلفين الاستسهال واختيار شخصيات جذابة من أجل الدعاية وفي النهاية يخرج المسلسل دون ايجابيات. من جانبه يقول محمد الرفاعي مؤلف مسلسل «بليغ حمدي» ان التصدي لتلك الأعمال يتطلب دراسة وافية من جهة، والعمل على تقديم روح الشخصية لا ملامحها الخارجية من جهة أخرى، وهو ما ساعده في مشروع مسلسل «بليغ حمدي» الذي بدأ العمل به منذ خمس سنوات تقريبا، فالعمل المرشح لبطولته «محمد نجاتي» لا يقدم صورة تسجيلية للموسيقار الراحل، وإنما حياته كما عاشها لا شيطانا ولا ملاكا، وعن تأخر تصوير العمل قرابة العام، يقول «الرفاعي» ان طبيعة هذه الاعمال تتطلب عدم التسرع، لان اختيار البطل أمر صعب، فما الحال مع 50 شخصية فنية وثقافية كانت تعاصر البطل، بالطبع المهمة ليست بالسهلة والانتظار هو الحل الوحيد بدلا من التسرع والخروج بعمل فاقد للقيمة. أما المنتج المصري «عمرو قورة» الذي تراجع في وقت سابق عن انتاج مسلسل «موسيقار الأجيال» المخصص لسيرة «محمد عبد الوهاب» فيرى أن تدخل الورثة أمر طبيعي لأن العمل الفني يرسخ في الأذهان ولا يمكن لابن أو حفيد أن يترك مسلسلا يقدم معلومات خاطئة عن أبرز فرد في عائلته حتى لو مرت على رحيله سنوات طويلة، كما أن الأسرة تساعد على تقديم معلومات وخلفيات لا حصر لها، بالتالي لا يمكن أن نطلب منها تقديم تلك المعلومات ثم نشكرها ونرفض تدخلها في باقي التفاصيل، وهو ما ينطبق أيضا على المطالب المالية التي تصل أحيانا إلى ثلاثة ملايين جنيه، لكن قورة يشكو في الوقت نفسه من التضخم الذي تعاني منه ميزانية هذه المسلسلات بسبب مطالب الورثة المادية، وبالتالي فالابتعاد عنها والالتفاف لأنماط جديدة من الدراما أفضل في هذه المرحلة من وجهة نظره على أمل تغير تلك الظروف في المستقبل القريب.