رجاء الجداوي.. أناقة التمثيل

جمال مصر الحاضر والماضي

رجاء الجداوي («الشرق الإوسط»)
TT

رغم أنها اعتزلت عالم عروض الأزياء منذ ربع قرن ويزيد، لكن تقييم «رجاء الجداوي» كممثلة لا ينفصل في معظم الأحيان عن المهنة التي انطلقت منها وتعتبر أحد روادها في مصر، فالجداوي أبرز العارضات المصريات في القرن العشرين لا تنسى أناقتها وطابعها الخاص كعارضة أزياء وهي تقف أمام الكاميرا لتؤدي مختلف الأدوار حتى في تلك الحالات النادرة التي تؤدي فيها شخصية «سيدة شعبية من عائلة فقيرة»، لكن المفارقة الأهم أنه رغم تكرار ظهور «الجداوي» في دور السيدة الثرية لكن الجمهور لا يمل من متابعتها وكأنها فعلا في عرض أزياء، لكن في إطار عمل درامي، غير أن «الجداوي» نجحت في التنويع والبعد عن تكرار الشخصيات في معظم الأحيان رغم أن الدور في كل الحالات لسيدة ثرية من اسرة راقية ومتعلمة تجيد كل اللغات. فبينما ظهرت في رمضان الماضي في دور زوجة الوزير التي تعاني من اتهام ابنها في قضية اغتصاب من خلال مسلسل «قضية رأي عام»، كانت في التوقيت نفسه تواصل تجسيد شخصية «رقية» الأم التي تعاني من زواج ابنها المدلل من فتاة شعبية في المسلسل الكوميدي «تامر وشوقية»، لهذا لا تجد أي غضاضة في الظهور كضيفة شرف في عمل تظهر من خلاله بأسلوب جديد رغم صغر المساحة، وتقول رجاء هذا الكلام رداً على الاتهام بأنها من الفنانات المنتشرات بشدة على الساحة الفنية وتهتم بالكم لا الكيف، مؤكدة أنها بالعكس تهتم بالكيف والدليل ظهورها كضيفة شرف في أعمال سينمائية عديدة مثل «سهر الليالي» في دور والدة «حنان ترك»، ودور والدة «أحمد السقا» في فيلم «تيمور وشفيقة» وفي رمضان هذا العام تظهر في مسلسلات عدة مثل «هيما» و«جدار القلب» و«شط اسكندرية» لكنها تراهن على تفاوت مساحات الأدوار وتنوعها كما تواصل وجودها في الجزء الثالث من مسلسل «تامر وشوقية». الجدير بالذكر هنا أن «رجاء الجداوي» ورغم اعتزالها مجال عروض الأزياء لا تزال تصنف كخبيرة أساسية في كل أنشطة هذا السوق في مصر، وعضو دائم في لجان التحكيم الخاصة بمسابقات الجمال وعروض الأزياء داخل مصروخارجها. ورغم أن علاقاتها بزملائها في الوسط الفني هادئة جدا، وتتمتع بقبول كبير بين أفراد هذا المجتمع، لكن قضية واحدة هي التي تتصدى لها بقوة وتطلق التصريحات الحادة، كلما اقترب أحد من سيرة الراقصة والممثلة الشهيرة «تحية كاريوكا» رافضة تقديم مسلسل عن قصة حياتها من دون الرجوع لأسرتها، فالكثيرون حتى الان لا يعرفون أن «كاريوكا» هي «خالة» رجاء الجداوي. ولدت رجاء الجداوي عام 1938 في مدينة الإسماعيلية وكان ترتيبها الرابع بين أشقائها الخمسة، فيما كان والدها أحد كبار رجال الأعمال في المدينة أو من يطلق عليهم «الأعيان» في ذلك الوقت، وانفصل عن والدتها عندما كان عمرها أربعة أعوام فقط ورغم الانفصال ظلت العلاقة مع الأب طيبة، لكن ترسخ دور الوالدة في حياة الطفلة «رجاء»، والتي تصفها بأنها كانت سيدة عظيمة تفرغت لتربية أبنائها حتى حضرت رجاء للقاهرة مع شقيقها الأكبر (فاروق) لمنزل خالتها «تحية كاريوكا» التي تولت تربيتها وتعليمها في العاصمة، وأصرت على إلحاقها بمدرسة أجنبية هي مدرسة (الفرانسيسكان) التي لم يكن يلتحق بها سوى الأغنياء في ذلك الوقت، ولم تبخل أبداً في إنفاقها على ابني شقيقتها، لتتعلم «رجاء» في سن مبكرة الفرنسية والإيطالية وكان لوجودها في هذه المدرسة دور كبير في تعلم أصول (الإتيكيت) والنظام وهو ما ساهم في تكوين شخصيتها كفنانة وإنسانة كما ساهم وجودها بالمدرسة لمدة 11 عاماً متواصلة في الاعتماد على نفسها، فقد كانت الدراسة داخلية والخروج كان يومي السبت والاحد فقط من كل أسبوع.. وفي المدرسة تربى بداخلها من الصغر الاستقرار وعشق القراءة للأدباء العالميين باللغة الإنجليزية من دون اهمال القراءة لأدبائنا العرب، وكان في مقدمتهم معشوق البنات في هذا الوقت إحسان عبد القدوس. وكانت بداية دخولها المجال الفني كما هو معروف من بوابة «عروض الأزياء» لكن الصدفة وحدها كانت السبب في هذا التحول، عندما ذهبت مع صديقتها لحضور حفل بحديقة الأندلس لاختيار «سمراء القاهرة» وكانت المفاجأة عدم فوز أي متسابقة، ورغم أنها كانت «صغيرة ونحيفة» على حد قولها، لكن لجنة التحكيم انتبهت لها وطلبوا منها المشاركة ومن هنا كانت البداية. وحصلت على وشاح «سمراء النيل» ثم شاركت في مسابقة «القطن المصري» وهناك شاهدها المخرج «هنري بركات» ورشحها لدور صغير في فيلم «دعاء الكروان» لتكون بدايتها امام «أحمد مظهر» و«فاتن حمامة». ورغم نشاطها المكثف، خصوصا على مستوى التلفزيون، إلا أنها لم تقدم سوى مسرحيات قليلة والسبب ارتباطها بفرقة الفنان عادل إمام الذي شاركته العديد من الأعمال السينمائية، ومسرحيتي «الواد سيد الشغال» و«الزعيم» على مدى 14 عاماً. ورغم أنها تنتمي لنفس المدينة التي كان زوجها يلعب حارساً لمرمى فريقها الكروي لكن اللقاء الأول بينها وبين زوجها «حسن مختار» حارس مرمى الاسماعيلي والمنتخب في أول السبعينات تم في السودان، عندما كانت هناك ضمن فرقة الفنانة «تحية كاريوكا» وتزامن وجود الفريق المصري لملاقاة الفريق السوداني وحدث بينهما اعجاب مشترك ليتم الزواج عام 1970. ورغم نجاحها كعارضة أزياء وممثلة في كل المجالات، لكنها حققت نجاحا على مستوى آخر كإعلامية تظهر على شاشة أوربت منذ عدة سنوات في فقرة «اسألوا رجاء» ضمن برنامج «القاهرة اليوم» وهي الفقرة التي زادت من شعبيتها، خصوصا بين السيدات اللاتي يتطلعن دائماً لأناقة الفنانة «رجاء الجداوي».