الكونغرس الأميركي يعكر أجواء «الدالي».. وعرض «شرف فتح الباب» أرضيا يغضب الفضائيات

صناع الدراما المصرية يستغربون تجاهل القنوات العربية

نور الشريف ووفاء عامر في احد مشاهد الجزء الثاني من مسلسل «الدالي» («الشرق الأوسط»)
TT

فيما لم تشهد دراما رمضان المصرية أزمات أدت لإيقاف العمل نفسه كما حدث مع مسلسلي «فنجان الدم» على «ام بي سي»، و«سعدون العواجي» على تلفزيون أبو ظبي، خرجت للعلن في الوقت نفسه أزمات من نوع آخر، وحالات من الشد والجذب بين أطراف عدة، سواء بين المنتجين أو الفضائيات أو النجوم وحتى المشاهدين والصحافيين أنفسهم. «الشرق الأوسط» تستعرض في هذا التقرير أبرز أزمات رمضان في الوسط الفني وعلى شاشات الفضائيات وهي الأزمات المرشحة للزيادة مع اقتراب الشهر الكريم من نهايته، خصوصا أن بعضها وصل لمرحلة التقاضي وتحريك الدعاوى المتبادلة. أولى الأزمات كانت إعلانا بطله الفنان الشاب كريم عبد العزيز الذي اختارته شركة مياه غازية شهيرة ليكون وجهها الاعلاني في رمضان وقدم سلسلة من الاعلانات التي اعتمدت على شهرة مسلسلات بعينها بين الجمهور، لكن أحد تلك الاعلانات استغل موسيقى مسلسل «رأفت الهجان» الشهير، واستبدل عبارة «مصر أمانة في رقبتك» بعبارة «الكوكا أمانة في رقبتك» الأمر الذي أنتج انتقادات صحافية وجماهيرية اتهمت الشركة والفنان بالاستخفاف بقيمة عمل وطني مثل «رأفت الهجان» علما بأن الاعلان نفسه يستخدم موسيقى مسلسل «الضوء الشارد» و«المال والبنون». وفيما لم يرد كريم عبد العزيز على الانتقادات، وخففت الشركة من عرض هذا الاعلان تحديداً، علق الناقد طارق الشناوي على الأزمة مقللاً من أهميتها، كون تلك الحالة ليست بالجديدة في الوسط الفني فكل فترة يظهر إعلان أو اغنية اعتماداً على شهرة عمل قديم، كما حدث مثلا مع غناء محمد سعد لأغنية «حب إيه» في فيلم «اللمبي» لكن تلك الأمور تأخذ وقتها ثم تعود للأغنية الأصلية مكانتها، بل هي تأكيد على مدى شهرة العمل أو الأغنية وتأثيره في الناس . برنامج «أحلى الكلام» أثار هو الآخر بعض الانتقادات، البرنامج مدته ثلاث دقائق فقط، ومن انتاج الفنانة مني زكي التي قررت خوض هذا المجال تحية لروح والدها الذي رحل العام الماضي. فكرة البرنامج تقوم على ان يدعو النجم بدعاء يختاره بنفسه لكن أمام الكاميرا، مع تترات تحمل أغنية مؤثرة لشيرين عبد الوهاب عنوانها «بلجأ لمين»، لكن الانتقادات ركزت على أن الممثلات يجلسن أمام الكاميرا بمكياج كامل في معظم الأحوال، وأن الكل ينظر للكاميرا ولا يرفع أكف الضراعة إلى الله، كما أن ضيف الدعاء قد يظهر بعده مباشرة في برنامج أو إعلان كوميدي، الفنان أشرف عبد الباقي الذي شارك في «أحلى الكلام» أكد حرية كل ناقد في تحديد موقفه من أي برنامج، لكنه رفض التدخل في نية الفنان الذي شارك في البرنامج وقال الدعاء لأن النية محلها القلب، والنظر للكاميرا أو وضع أي ماكياج لا يعنيان أن الله لن يتقبل الدعاء، وقال ان الدعاء الذي شارك به كان الدعاء المفضل لزميله الراحل علاء ولي الدين. بعد «أحلى الكلام» يمكن رصد أزمة جديدة عانى منها المنتجون المصريون في رمضان 2008، وهي تراجع بعض القنوات العربية عن شراء المسلسلات المصرية، ففي ما عدا قناة «أبو ظبي» اكتفت كل قناة فضائية بمسلسل واحد، مثل دبي التي تعرض «في إيد أمينة» ومسلسل «بعد الفراق» على mbc، و«قصة الأمس» على روتانا خليجية، وكان الموقف الأصعب للمنتجين المصريين الذين فقدوا رافدا قويا لتحقيق الأرباح كل عام، حتى أنه في الأعوام السابقة كان النجم المصري يؤكد عدم اهتمامه بتجاهل التلفزيون المحلي لمسلسله لأن دبي أو mbc تعرضه باهتمام، هذه الصورة اختلفت تماما، في رمضان 2008، ودون مقدمات، البعض يرى أن سببها قرار أشرف زكي نقيب الممثلين بالحد من انتشار الفنانين العرب في مصر، لكن القرار كان موجها للسوريين واللبنانيين لا الخليجيين. هناك فريق آخر يرجح كفة احتمال أن زيادة الدراما الخليجية وتطورها كان السبب والدليل على عدم وجود مسلسلات سورية أيضاً على الشاشات الخليجية بنفس الكثافة، ولم تعد الأزمة في سبب انصراف القنوات الخليجية، لكن في مواجهة المنتجين لهذا الانصراف، وكان ظهور قناة «الحياة» المصرية وقناتي «بانوراما دراما» هذا العام عنصرا قويا في دعم موقف المنتجين، لأنه للمرة الأولى توجد على النايل سات قنوات مصرية مستعدة لشراء كم كبير من المسلسلات في رمضان وبميزانية لا تختلف كثيرا عن تلك التي كانت تدفعها القنوات الخليجية، في الوقت نفسه زادت عملية الشراكة بين قطاع الانتاج في التلفزيون المصري والمنتجين المستقلين بحيث يدفع التلفزيون 30% من التكلفة مقابل الحصول على حق العرض الأرضي، لكن هذا الاتفاق قاد لأزمة أخرى بسبب حالة الانتعاش التي شهدها التلفزيون المصري قبل رمضان بأيام، حيث أطلق التلفزيون قناة «دراما رمضان» الأرضية لعرض بعض المسلسلات التي شارك التلفزيون في تمويلها مع المنتجين، لكن الأمر لم يمر بهذه السهولة، حيث اعترضت القنوات الفضائية على الأمر وأرسلت انذارات للمنتجين، والسبب يحتاج لبعض الشرح، فالتلفزيون المصري يملك ثلاث قنوات تبث الدراما في رمضان، هي الاولى والثانية الأرضيتان، والنيل للدراما وهي قناة فضائية مشفرة، لكنها تشاهد أرضيا في مصر، غير أنها لا تخضع لاتفاقات المنتجين مع قطاع الانتاج، بمعني أن الاتفاق مع منتج مسلسل «شرف فتح الباب» مثلا، أو «نسيم الروح» ينص على عرض المسلسل على الأولى أو الثانية فقط، لكن اطلاق القناة المخصصة للمسلسلات رغم أنها أرضية أغضب الفضائيات لأن المشاهد المصري وهو المستهدف من كل الحملات الاعلانية الضخمة هذا العام بات أمامه عدة قنوات أرضية تعرض المسلسلات المهمة.

المنتج أحمد الجابري صاحب مسلسل «نسيم الروح» أكد لـ «الشرق الأوسط» أن حداثة التجربة وعودة المنتجين للتعاون مع التلفزيون أنتجا العديد من الثغرات التي أضرت بالمنتجين وبالتأكيد سيتم تلافيها العام المقبل، بعد ما حدث هذا العام، من استغلال لثغرات العقود، التي تنص على عرض العمل أرضيا لكن دون تحديد القنوات، لكنه لم يخف سعادته بالنجاح الذي حققه المسلسل من العرض الأرضي، بجانب عرضه فضائيا على قناتي «الحياة» و« إيه آر تي»، مشددا في الوقت نفسه على أن الفضائيات من حقها أن تغضب وأن الوصول لحل لتلك الأزمة بات من الصعب خلال شهر رمضان فكل قناة أعلنت عن برنامجها وايقاف العرض بات مستحيلاً. من جهة أخرى نجت المسلسلات المصرية من المشكلات الرقابية العديدة التي تعرضت لها في المواسم السابقة، لكن هذا لا يعني أن الرقابة اختفت تماما، كل ما حدث أن معظم المنتجين مع المؤلفين تجنبوا المناطق الشائكة قدر المستطاع أثناء تصوير تلك الأعمال، في الوقت نفسه كان حضور الرقابة بمستويات مختلفة، مسلسل «هيما» على سبيل المثال طلبت الرقابة من اسرة المسلسل حذف بعض المشاهد و العبارات، بعضها متعلق بمشاهد الشرطة وطريقة تعاملها مع البطل و غيره من السجناء، البعض الاخر له علاقة بصندوق شباب الخريجين الذى طلبت الرقابة حذف اسم الصندوق وتجهيله، حتى لا يسيء للجهات التى تدعم مشروعات الشباب، وذلك كون الصندوق تعرض لانتقادات في السنوات الأخيرة بسبب فشل معظم مشروعاته التي كان من المفترض أن تساهم في حل مشكلة البطالة، والمفارقة أن هاني أبو النصر رئيس الصندوق الاجتماعي للتنمية، اتصل بمؤلف المسلسل بلال فضل معاتباً ومتهماً بأن المسلسل يشوه صورة الصندوق ـ رغم أنه لم يذكر اسمه علانية ـ وأكد بلال فضل من جانبه أن الانتقادات التي وجهها المسلسل لا تقتصر على جهة بعينها وإنما أي جهات حكومية تسيء معاملة الشباب، ووعد بلال فضل المسؤول الحكومي بأنه سيلبي دعوته لزيارة مقر الصندوق والتعرف الى النماذج الإيجابية التي أغفلها المسلسل. أما مسلسل «الدالي» فطلبت الرقابة عدم الربط بين شخصية رجل الأعمال اليهودي «سوليمان» وبين الكونغرس الأميركي، وحذف ما يشير إلى الكونغرس، ومع ذلك تم الابقاء على العلم الاميركي وجنسية سوليمان الاميركية، الذي يؤدي دوره عزت أبو عوف، ولاحقا طلبت الرقابة تخفيف مشهد اغتيال السادات في الحلقة رقم 21، فيما تم حذف بعض العبارات من مسلسل «شرف فتح الباب» خصوصاً تلك المتعلقة بغضب العاملين في الشركة من الخصخصة واحالتهم للمعاش المبكر، وربما لو عرض المسلسل بنفس النص العام الماضي لما تم الحذف، لكن ما شهدته مصر من إضرابات عمالية هذا العام زاد من حساسية الموقف.

أما مسلسل يسرا، فنجا من الرقابة الخاصة بالتلفزيون المصري، لكن تلفزيون «دبي» خفف بعض الشيء من مشهد خيانة زوج يسرا لها، وصول شريط الخيانة إلى زملائها في العمل. ولأن رمضان يأتي كالعادة دون أن يتنبه صناع المسلسلات، ينتج التصوير في الأيام الأولى العديد من الأزمات والمواقف الصعبة والشد والجذب، مسلسل «أسمهان» على سبيل المثال، يرفض أبطاله ومخرجه شوقي الماجري استقبال أي وسائل إعلامية لضمان انتهاء العمل الذي تعرض لشبح الإيقاف ونجا منه وانتشر على عدة فضائيات منها قناة «روتانا خليجية» محققا نجاحا كبيرا، وقالت الفنانة سلاف فواخرجي لـ «الشرق الأوسط» انه وسط سعادة العاملين بالمسلسل بردة فعل الجمهور، زادت حدة القلق والرغبة في استكمال الحلقات الأخيرة من دون ثغرات وبنفس المستوى، وأكدت فواخرجي أنها أجلت كل اللقاءات الإعلامية حتى انتهاء المسلسل. أما أسرة مسلسل «بعد الفراق» فاضطرت لتغيير التترات بعد بدء عرض الحلقات الأولى لإضافة اسم الفنان الإماراتي حسين الجسمي الذي أدى أغنيات المسلسل، لأن الجسمي سجل التترات في اللحظات الاخيرة بسبب انشغاله بمرض والده الذي توفاه الله لاحقا، فتم تصميم التترات مبكرا من دون ذكر اسم المطرب. فيما اضطرت المخرجة السورية رشا شربتجي لوضع جدول اجازات للعاملين في مسلسل «شرف فتح الباب» بسبب اجهادهم الشديد في أيام رمضان الأولى والرغبة في استكمال التصوير في اجواء جيدة والانتهاء من العمل ككل قبل يوم عشرين رمضان وهو ما حدث بالفعل، لكن الفنان يحيى الفخراني طلب من الشركة المنتجة تأجيل الاحتفال بالعمل حتى انتهاء عرض كل حلقات المسلسل. وفيما ظن البعض أن أزمات مسلسل «قمر» ستنتهي بعد بداية عرض الحلقات، لكن شكاوى عديدة قدمت ضد نجمة المسلسل فيفي عبده من المؤلف عزت أدم والمخرج الأول للمسلسل هاني إسماعيل الذي تم استبداله قبل رمضان بشهر واحد نتيجة اعتراضه على تدخل فيفي عبده في تفاصيل العمل، واشتكى أدم وإسماعيل من عدم حصولهما على كامل حقوقهما المادية والمعنوية، فيما لم يلق العمل نفسه حتى الآن رضاء النقاد المصريين في تعليقاتهم الاولى على المسلسل الذي يعرض على شاشة المحور حصريا بعدما كانت فيفي عبده لعدة سنوات نجمة قناة «الراي» الكويتية.