هشام سليم.. في المكان غير السليم

الفنان المصري بعد 40 عاما..لايجد من يفهمه

هشام سليم («الشرق الإوسط»)
TT

يرى بعض النقاد أن موهبة هشام سليم لم تستغل حتى الان، رغم مرور ما يقرب من 40 عاما على دخوله الوسط الفني، عندما بدأ مشواره طفلا مع فاتن حمامة في «إمبراطورية ميم». هؤلاء النقاد يرون أن ابتعاد هشام سليم عن الأضواء كل فترة، وعدم اهتمامه بالدعاية لأعماله، وانشغاله أخيراً بعضوية مجلس نقابة الممثلين، وهو النشاط الذي يجمع الكثيرون على انه ضد النجومية، كل ما سبق لم يساعد بطل المصراوية على الوصول للمكانة التي يستحقها بالفعل سواء بين نجوم جيله أو نجوم الفن المصري بشكل عام. هشام سليم من جانبه يرى الصورة مغايرة، فهو يسير حسب مبادئ معينة، ولم يعد ينكر أن هناك عناصر عديدة في الوسط الفني باتت تقلقه وتحبطه في الأونة الأخيرة، رغم عودته بقوة في السنوات الخمس الماضية بعد فترة إبتعاد شهدت العمل في مشروع تجاري سرعان ما أغلقه مقتنعا بأن التأمين المادي لا يبرر تجميد موهبته التمثيلية. هشام سليم في المرحلة الأخيرة بات أقرب إلى شخصية «دون كي شوت» أو محارب طواحين الهواء حسب الأسطورة الأدبية المعروفة، فهو مصمم على السير في طريق يعرف أن هناك طرقا أقصر منه كثيراً يمكنه من خلالها الوصول لنتائج أفضل من تلك التي قد يحصل عليها عند عبور الطريق الوعرة التي اختارها، رغم ذلك هو مقتنع بالمعركة التي يخوضها بمفرده كمحارب من طراز خاص، صحيح أنه لا يكف عن التعجب والألم مما يحصل حوله، لكنه رغم ذلك لم يطلب الاستراحة أو الدخول في هدنة. على سبيل المثال، لم يستوعب هشام سليم أن عمل ملحميا مثل المصرواية يتوقف عند الجزء الأول العام الماضي، ولا تنجح أسماء أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ في دفع العمل للأمام واستكمال الأجزاء الخمسة التي أعلن عنها في البداية، بعدما لم يعد المنتجون ولا الفضائيات لديهم الصبر الكافي لانتاج أعمال تعيش للزمن كما حدث مع المسلسل المصري الأشهر «ليالي الحلمية» الذي كان سليم أحد أبرز الحاصلين على خاتم النجومية من خلاله. التعثر الذي واجه هشام سليم مع «المصراوية» لم يجعله ينجرف مرة أخرى للأعمال التجارية، فأكمل المعركة هذا العام في ظل «المحارب» المسلسل الذي لم يحصل على فرص عرض جيدة هو الآخر، وهي حالة لا يمكن عزلها عن مضمونه الذي يتناول دولة شرق أوسطية متخيلة تعاني من التدخل الاجنبي المباشر وغير المباشر، المسلسل الذي صور بين سورية ومصر وبمشاركة باسم ياخور وعلا غانم وتوقيع المخرج نادر جلال يبدو أنه يحتاج لفرصة عرض أفضل بعد رمضان حتى يصل فكر بشير الديك مؤلف العمل للناس، ومع ذلك لم يحزن المحارب القديم، مؤكدا عدم ندمه على رفض أعمال تجارية عديدة من أجل ظل المحارب انتظارا لرأي الجمهور الصادق حتى لو تأخر. ورغم أن دوره في مسلسل في «أيد أمينة» مليء بالعيوب من حيث المضمون كون صناع العمل لم يهتموا بتفاصيل حقيقية لشخصية رئيس التحرير التي يقدمها هشام سليم، لكن الممثل المخضرم نجح في تقديم الشخصية بشكل جيد مستخدما أدواته الشخصية، ووصل للناس حالة التناقض التي يعيشها بين حب الصحافية امينة درويش من جهة، وحسابات رئاسة التحرير من جهة أخرى، وهنا يجب لفت الانتباه إلى الثنائي التلفزيوني الناجح بين هشام سليم ويسرا والمفارقة أن الفنانة الشهيرة هي في الواقع زوجة شقيقه المخرج التلفزيوني خالد سليم. وإذا كان هشام سليم لازال صامداً في معركة التلفزيون والدراما، فإن قدراته القتالية في ساحة السينما لم تعد كما كانت، ربما لأنه غاب كثيرا ولم ينجح في العودة للبطولات كما فعل ابن جيله شريف منير وعندما أراد المشاركة المؤثرة في أفلام الجيل التالي له، فوجئ بتغير سخيف في أصول الصناعة التي دخلها في بداية السبعينات، فأصبح عليه أن يتدخل ويعترض ليحافظ على اسمه ـ كما يليق ـ على ملصقات الأفلام التي يشارك فيها فأثر الابتعاد حفاظا على تاريخه الذي يشمل العديد من الأفلام البارزة، في مقدمتها، عودة الابن الضال، تزوير في أوراق رسمية، لا تسألني من أنا، سنوات الخطر، اغتيال مدرسة، الأراجوز، إسكندرية كمان وكمان، يا مهلبية يا، أرض الأحلام، قليل من الحب كثير من العنف، يا دنيا يا غرامي، الناظر، خيانة مشروعة، أنت عمري و45 يوما. بالإضافة للعديد من المسلسلات الشهيرة بعد ليالي الحلمية، منها ما زال النيل يجري، أرابيسك، أهالينا، محمود المصري، أماكن في القلب. حروب هشام سليم لم تكن فقط في البحث عن الأدوار الجيدة، لكنها شملت حرباً من نوع خاص أراد منها الخروج منتصرا بإعلان انفصاله كفنان عن شهرة والده صالح سليم لاعب الكرة الشهير، والتأكيد دائما على أن نجوميته مرتبطة بموهبته فقط لا بمكانة والده في المجتمع المصري، أما آخر الحروب التي خاضها وكانت في ساحات المحاكم وخرج منها منتصراً أيضا فكانت ضد منتج مسلسل «أماكن في القلب» اعتراضاً على التعامل الأدبي معه وتفضيل بطلة المسلسل ـ زوجة المنتج.