إلهام شاهين.. خالفت مفاهيم جيلها فدخلت الإنتاج

أبوظبي تقدر الفنانة المصرية

إلهام شاهين
TT

جاءت جائزة «أحسن ممثلة» التي حصلت عليها الفنانة إلهام شاهين أخيرا من مهرجان الشرق الأوسط السينمائي في مدينة أبو ظبي، لتعيد للممثلة المصرية المعروفة الكثير من توازنها السينمائي، وتغير ولو ـ قليلا ـ في المسار الذي يجبر المنتجون الفنانات الكبار على السير فيه قسراً بعد تخطي حاجز الأربعين.

جائزة إلهام شاهين التي فاجأت الجميع في الوسط الفني المصري، ما عدا هؤلاء الذين شاهدوا الفيلم وأثنوا على أدائها هناك في أبوظبي، هذه الجائزة لم تأت أبداً بسهولة للفنانة التي تألقت كثيراً في عقد التسعينات من القرن الماضي في السينما والتلفزيون، لكن يمكن القول إن إلهام دفعت ثمنها بطريق غير مباشر، عندما قررت أن تنتج لنفسها النص الذي يعيدها للسينما بعد غياب عدة سنوات، وبالفعل بعد صعوبات إنتاجية عديدة أنهى المخرج مجدي أحمد علي الشريط الذي شارك في بطولته فتحي عبد الوهاب وغادة عبد الرازق وعزت أبو عوف وحجاج عبد العظيم ولطفي لبيب ومجدي فكري وعايدة عبد العزيز ونجوى فؤاد، قصة وسيناريو وحوار هناء عطية، الذي يدور حول «فوزية»، هي امرأة غير متعلمة تدفعها ظروف الحياة إلى الارتباط أكثر من مرة بحثا عن معيل لها، غير أنها تفشل في كل مرة، فبعد أن تلد طفلا جديدا تزداد مشاكلها تعقيدا، فتضطر إلى تربية أطفالها بمفردها.

دخول شاهين مجال الإنتاج كان مغامرة لا بد منها، فأعمالها التلفزيونية في الآونة الأخيرة ظلت محصورة في إطار النجاح المتوسط، كون الشخصيات التي تقدمها تكررت إلى حد كبير، وإن تخطت ذلك الحاجز قليلا مع «قصة الأمس» الذي حقق جذبا جماهيرياً أفضل من مسلسلات السنوات الأخيرة، لكن بقيت السينما هي الملاذ الآمن لموهبة ممثلة شبهت وقت بداياتها بفاتن حمامة، لكن إلهام وجدت نفسها تسير في طريق نبيلة عبيد ونادية الجندي ومعها في الطريق نفسه يسرا وليلى علوي، حيث الفرص السينمائية تقل وبالتدريج تنعدم، بل إن حظ نبيلة ونادية كان أفضل من الجيل التالي لهما، حيث استمر وجودهما السينمائي ربما حتى وصلتا سن الستين وما يزيد، قبل أن تبتعد كلتاهما منذ ستة أعوام على الأقل بالنسبة لنادية الجندي، وفي الفترة نفسها قدمت نبيلة فيلما واحدا، ولا أمل في العودة حالياً، بينما يسرا وليلى تحاولان البقاء لأكبر قدر ممكن مستفيدتين من بعض الفرص السينمائية التي لا تزال تحمل مساحة لفنانات بدأن المشوار في الثمانينات، وخضن معارك فنية عديدة قبل أن تنطلق موجة النجوم الشباب الأخيرة وتبعدهن تدريجيا عن الصورة، وفي وقت سابق كان الشباب يدخلون في صحبة الكبار، فعلها نور الشريف ومحمود ياسين مع فريد شوقي في السبعينات، لكن الزمن تغير ولم يعد الشباب بحاجة للكبار ولو احتاجوهم فالمطلوب مجرد «سنيد» يقوي اسم الفيلم لكن من دون وجود حقيقي على الشاشة، وحتى عندما عاد الكبار في أحيان قليلة مثلما فعل أحمد السقا مع محمود ياسين في «الجزيرة»، تظل تلك العودة محددة بظروف خاصة لكل فيلم، بالتالي من يريد أن يستمر على شاشة السينما عليه إما أن يتحمل الظهور كضيف شرف، وينتظر في البلاتوه حتى يأتي النجم الجديد، أو يفعل كما فعلت إلهام شاهين التي أنفقت من ربحها في البطولات التلفزيونية على إنتاج «خلطة فوزية»، لتعوض الظلم الذي تعرضت له في آخر أفلامها «خالي من الكوليسترول» عندما أدت دور والدة أشرف عبد الباقي المعوقة ذهنيا التي تسبب وفاتها نقطة تحول في مسار الفيلم، لكن قواعد السوق وحرب شباك التذاكر لم تعط للشريط فرصة العرض الجماهيري حتى يشيد الجمهور بجرأة إلهام لتقديم مثل هذا الدور، بينما هي كانت قبل الفيلم بثلاث سنوات تقريبا تؤدي دور فتاة ليل جذابة في فيلم «سوق المتعة» مع محمود عبد العزيز.

وكان بإمكان إلهام شاهين أن تستسلم لقواعد السوق وتغرق نفسها في مسلسلات التلفزيون، لكنها على ما يبدو وجدت أن لديها مزيدا من الوقت للاستمرار على الشاشة الفضية حتى لو كان ذلك بأموالها الخاصة، لعل وعسى يتراجع منتجو هذه الأيام عن انحيازهم التام لسينما النجم ويعطون جزءا من أموالهم للسينما التي تعتمد على المضمون، حتى يعود «الكبار» مرة أخرى في أدوار مؤثرة تحفظ لهم تاريخهم وكرامتهم وتحميهم من خيارين كليهما صعب، الأول العمل كممثلين مساعدين للنجوم الشباب، أو الجلوس في المنزل منتظرين التكريم من المهرجانات المحلية. أما فرحة إلهام شاهين بخلطة «فوزية»، فقد لا تكتمل للأسف في السوق المصري، حيث لن يجد الفيلم مجالا للعرض سوى خلال الفترة التي تسبق عيد الأضحى بأسبوعين ليرفع بعد ذلك لنزول أفلام النجوم والأفلام الكوميدية، بالتالي ستنتظر شاهين الجائزة الكبرى عندما يعرض الفيلم تلفزيونيا ويراها الجمهور الكبير كما حدث مع «خالي من الكوليسترول»، إلا لو حققت شاهين المفاجأة الثانية ونجح الفيلم في فرض نفسه على الصالات واستمر لفترة طويلة بقوة «خلطة إلهام شاهين».