«قبلات مسروقة» أحدث أزمة في الوسط السينمائي المصري

طارق الشناوي لـ «الشرق الأوسط» : مشكلة الفيلم «أعقد» من عدد القبلات

أحد مشاهد فيلم «قبلات مسروقة» («الشرق الاوسط»)
TT

كان الوسط السينمائي المصري بحاجة لأزمة فيلم «قبلات مسروقة» لتعطي بعضاً من الإثارة على الموسم السينمائي الأخير الذي عانى من تراجع حاد في الإيرادات وعدم قدرة الأفلام التي غاب عنها نجوم الشباك على جذب الجمهور، وبينما مرت خمسة أفلام جديدة عرضت في موسم عيد الفطر بسلام، خرج «قبلات مسروقة» عن القاعدة عندما تقدم الناقد والسينارست «أحمد صالح» بطلب للرقابة على المصنفات الفنية لوقف عرض الفيلم في سابقة هي الأولى من نوعها، لانها لا تتعلق بالحقوق المادية والمعنوية للمؤلف، ولكن لاعتراضه على إضافة مشاهد وصفها بالساخنة للسيناريو الذي كتبه عن قصة للدكتور «عبد الهادي مصباح»، لكن طلب وقف العرض لم يكن مثيرا في حد ذاته فقط، بل كان للتوقيت عامل لافت لأن «صالح» تقدم بالطلب بعد أسبوعين من العرض الجماهيري للفيلم، وبعد أكثر من شهر ونصف على العرض الأول له في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، ووقتها اعترض أيضا على تلك المشاهد واكتفى بعدم حضور الاحتفال بالفيلم، الأمر الذي جعل المخرج «خالد الحجر» يتساءل عن سر التأخر في تقديم الطلب حتى مرور أسبوعين على عرض الفيلم تجارياً. وقال «الحجر» إن «صالح» غاضب من ثلاثة مشاهد تحديدا تم إضافتها للسيناريو، رغم أن هذه المشاهد من وجهة نظر «الحجر» تضيف لدراما الفيلم وإلا كانت الرقابة قد حذفتها إذا كان فيها ما يسيء، كما أن الفيلم لم يعرض «للكبار فقط» أي أنه صالح للمشاهدة من كل الأعمار فلماذا يبالغ المؤلف في ردة فعله مؤكداً أن السبب قد يكون إضافة المشاهد دون علمه لكنه في النهاية كمخرج له حق الإضافة حسب رؤيته الفنية. من جهة أخرى لم تعلق الرقابة على طلب «أحمد صالح» كون القانون لا يسمح من الأساس لأحد صناع العمل بالتقدم بهكذا طلب، فجهات أخرى خصوصا القضاء هي الفيصل في تلك الأمور، وكانت الرقابة قد «قللت» من عدد القبلات في الفيلم وقيل إنها هبطت من 105 قبلات إلى 70 قبلة فقط، الأمر الذي جعل الجمهور يقارن بين الفيلم وبين آخر أفلام عبد الحليم حافظ «أبي فوق الشجرة» الذي كان الجمهور يعد القبلات بداخله في صالات العرض ولهذا السبب لم يعرض الفيلم تلفزيونيا حتى الآن. لكن الفيلم دخل في مقارنة اصعب مع فيلم «إحنا التلامذة» الذي قدمه المخرج «عاطف سالم» عام 1959 بطولة «شكري سرحان» و«يوسف فخر الدين» و«عمر الشريف»، فكلاهما تناول أزمة الشباب الباحث عن الزواج دون مساندة مالية من الأهل، الأمر الذي يضطرهم لارتكاب جريمة، لكن الناقد «طارق الشناوي» قال إن المقارنة مع «إحنا التلامذة» تظلم الفيلم الذي شارك في كتابته «نجيب محفوظ» مشيرا إلى ان «قبلات مسروقة» فيلم «عجوز دراميا» حيث لم يقدم أي معالجة جديدة لتلك القضية، فالأحداث مفتعلة في أغلبها والعلاقات بين الأبطال من الممكن توقعها فلا توجد أي شخصية جديدة أو قضية فرعية تستحق الإشادة، واصفا الفيلم بأنه أسوأ ما أنتج «جهاز السينما» تحت إدارة «ممدوح الليثي»، متعجبا في الوقت نفسه من تراجع مستوى «خالد الحجر» الذي قدم قبل خمس سنوات فيلما مميزا هو «حب البنات» لكنه لم يعد مهتماً بالإجادة حسب رأي الشناوي الذي أضاف بأن مشكلة الفيلم ليست في القبلات التي لو حذفت كلها لن يتأثر العمل بكل تأكيد، لكن في البناء الدرامي والأسلوب الإخراجي الذي خضع لقانون «السبوبة» والدليل أن الفيلم لم ينجح تجاريا وفي الوقت نفسه فشل نقديا أي أنه «رقص على السلم». حتى في الخط المتعلق بالجريمة كان السيناريو مفتعلا بأن تورط «نيرمين ماهر» البطل «أحمد عزمي» في تصوير فيلم جنسي، وكان الأفضل أن يتورط هو في الأمر برغبته لحاجته الماسة للمال بدلاً من أن يرفض توريطه بهذا الشكل المبالغ فيه. ويعتبر المشهد بين «نرمين ماهر» و«أحمد عزمي» أحد ثلاثة مشاهد اعترض عليها «أحمد صالح» ويضاف لها مشهد بين «أحمد عزمي» و«يسرا اللوزي» حيث مارسا الحب في أحد المراكب في الهواء الطلق وسط زملائهما في رحلة جامعية، لكن المشهد لم يتضمن أي لقطات عارية، كذلك مشهد بين «باسم سمرة» و«فرح يوسف» عندما تدخل به الأخيرة إلى «مصعد» أحد الفنادق ليتبادلا القبلات، قبل أن تتحول الفتاة تدريجيا وتنجح في الإيقاع بأستاذها الجامعي الثري لتتزوجه بدلا من حبيب «المصعد» الفقير.

وفي نهاية الفيلم يتورط البطل في جريمة قتل العاهرة قبل أن تثبت براءته لكنه يدخل السجن لمدة عام، ويعود ليجد فتاته في انتظاره وكان قد تزوجها عرفيا قبل دخوله السجن، فيما عادت الفتاة الأخرى للحبيب الفقير بعد انسحاب الأستاذ الجامعي من حياتها فجأة إثر إصابته بأزمة قلبية، لينتهي طوفان القبلات المسروقة نهاية سعيدة للأبطال لا الجمهور ومؤلف الفيلم الذي ما زال معترضاً.