123 فيلما و800 سينمائي يحولون مراكش إلى قبلة لعشاق الفن السابع

افتتاح المهرجان الدولي للفيلم اليوم بمشاركة 20 دولة.. و15 فيلما في المسابقة الرسمية

استعدادات مكثفة سبقت افتتاح الدورة الثامنة من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش («الشرق الأوسط»)
TT

تتحول مراكش، انطلاقاً من مساء اليوم (الجمعة) وإلى غاية 22 من الشهر الجاري، إلى مدينة تتحدث لغة الفن السابع، وتتحرك على إيقاع الفرجة السينمائية، كما يتحول شارع محمد السادس، الذي يضم قصر المؤتمرات الذي سيحتضن حفلي الافتتاح والاختتام، وأغلب العروض والندوات واللقاءات المبرمجة خلال التظاهرة، إلى فضاء يعج بمئات السينمائيين المغاربة والأجانب، ممن اعتاد المتفرج المغربي مشاهدتهم عبر الشاشة الفضية.

ويشهد المهتمون بالسينما، والمتتبعون لخريطتها عبر العالم، بتحول المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي ينظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، إلى موعد سنوي يلتقي فيه السينمائيون من كل بقاع العالم، حيث يستمتعون بأجمل الأفلام، ويطرحون انشغالاتهم ويتبادلون خبراتهم وتجاربهم، ويطورون مشاريع مستقبلية مشتركة، على مستوى الإبداع والإنتاج، كما يحسبون له استقطابه لأسماء بارزة، على الصعيد السينمائي الدولي، أمثال رومان بولانسكي، ومارتن سكورسيزي، وريدلي سكوت، ويوسف شاهين، ولورنس فيشبورن، وسارة ساراندون، وليوناردو دي كابريو، وآخرين.

وعلمت «الشرق الأوسط»، أن ميزانية المهرجان لهذه السنة تبلغ 60 مليون درهم (نحو 5.5 مليون يورو). ويقوم بتغطية فعاليات التظاهرة نحو 650 صحفيا ينتمون إلى 40 دولة، يقوم بتسهيل مهمتهم طاقم مكون من 14 مسؤولاً ومكلفاً التواصل.

ويعرض خلال هذه التظاهرة 123 فيلماً، من 20 دولة، هي ألمانيا والأرجنتين وأستراليا والصين والدنمارك وفنلندا وفرنسا وغواتيمالا والهند وآيرلندا وآيسلندا وإيطاليا وفلسطين وهولندا والفلبين وبولونيا وبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة، إضافة إلى المغرب.

وتعرض الأفلام المشاركة تحت عناوين كبرى، منها 15 فيلما تعرض في المسابقة الرسمية، و7 أفلام ضمن فقرة «نبضة قلب»، و10 أفلام ضمن الفقرة الخاصة بتكريم الممثلة الأميركية «سيغورني ويفر»، و6 أفلام لتكريم الممثلة الصينية ميشال يوه، و45 فيلما ضمن الفقرة الخاصة بتكريم السينما البريطانية، و7 أفلام لتكريم المخرج المصري الراحل يوسف شاهين، و7 أفلام ضمن فقرة «روسيا أندري كونشالوفسكي»، و12 فيلما، ضمن فقرة «استعادة»، التي سيكون فيها الجمهور مع روائع ألفريد هيتشكوك، وستانلي كوبريك، وجوزيف لوزي، و9 أفلام ينتظر أن تحول ساحة «جامع الفنا» إلى قاعة عرض سينمائية في الهواء الطلق، فضلا عن الأفلام المبرمجة ضمن فقرة تكريم السينما المغربية، والتي انطلق التأريخ لها بفيلم «الابن العاق» 1958 للمخرج الراحل محمد عصفور.

وإضافة إلى ساحة جامع الفنا، وقاعة الوزراء 1500 مقعد وقاعة السفراء 500 مقعد التابعتين لقصر المؤتمرات، ستستقبل معظم القاعات السينمائية الموجودة بالمدينة الحمراء، وهي «مبروكة» و«كوليزي» و«السعادة» و«ميغاراما»، العروض الخاصة بالأفلام المبرمجة.

ويشارك في دورة هذه السنة 800 سينمائي، ويقوم بالتأطير الإداري والتقني للتظاهرة أزيد من 450 متعاونا.

وعلى مستوى الإيواء، تحدث المنظمون عن 1650 غرفة ونحو 50 ألف ليلة مبيت، موزعة على الأيام التسعة للتظاهرة، وهو ما يشكل إضافة وتنشيطاً مهماً لشارع محمد السادس المعروف بفنادقه ومقاهيه الراقية، على الخصوص، مع الإشارة إلى أن الفترة التي ينظم فيها المهرجان هي فترة تعرف، عادة، انخفاضاً في عدد ليالي المبيت وأعداد الوافدين على المدينة الحمراء.

وحرض المنظمون على وضع 1200 ملصق إشهاري بمختلف أرجاء المدينة الحمراء، فضلا عن رفع الأعلام البيضاء، التي تحمل شعار التظاهرة، وهي الأعلام التي عانقت، هذه الأيام، الرايات الوطنية، التي تم رفعها بمناسبة عيد الاستقلال، الذي يخلده المغرب في 18 نوفمبر من كل سنة.

وبعد 8 سنوات، حظي خلالها المهرجان بشهرة واعتراف المهتمين على المستوى العالمي، يحار المرء، اليوم، في أن يضع إجابة لسؤال إن كانت مراكش استفادت من شهرة وقيمة المهرجان، أو إن كان لها الفضل في منحه السحر والشهرة الدولية.

وتحولت المدينة الحمراء، في السنوات الأخيرة، إلى وجهة مفضلة للمخرجين والمنتجين العالميين لتصوير أفلام لعب بطولتها ممثلون مرموقون، أمثال توم هانكس وليوناردو دي كابريو وجوليا روبرتس، مع الإشارة إلى أن الأمير مولاي رشيد، شقيق العاهل المغربي، ورئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، كان قد افتتح، على هامش الدورة الماضية، المدرسة العليا للفنون المسموعة والمرئية بمراكش.

وتوقف الكثيرون عند رمزية برمجة المنظمين لفقرة جديدة لفائدة المعاقين بصرياً وضعاف البصر، من خلال عرض مجموعة من الأفلام بتقنية «الوصف السمعي»، وهي التقنية، التي يتم تبنيها لأول مرة في المغرب، وتعتمد على صوت مصاحب لأحداث الفيلم، يتولى وصف مشاهده، التي تتعذر متابعتها من خلال الصورة. وتضم هذه الفقرة، التي تعد سابقة في المهرجانات الدولية المنظمة في أفريقيا والعالم العربي، 8 أفلام، تم اختيارها وتكييفها تقنيا من طرف القناة الفرنسية الألمانية «آر تي»، ويتعلق الأمر بأفلام «غريب في قطار الشمال» و«القبض على اللص» و«الطيور» لألفريد هيتشكوك، و«الدكتور جيفاكو» لدافيد لين، و«غاندي» لريشار أتينبورو، و«غرفة تطل على منظر» لجيمس أيفوري، و«غوريلات الضباب» لمايكل آبتد، و«لوليتا» لستانلي كوبريك.

وتتميّز دورة هذه السنة، بتكريم السينما البريطانية، حيث سيكون جمهور المهرجان على موعد مع استعادة 45 فيلماً، انطلاقاً من فيلم «لو» لمخرجه ليندسي أندرسون، والذي فاز بـ«السعفة الذهبية» لمهرجان «كان» عام 1968، وصولاً إلى فيلم «قيام الريح» لمخرجه كين لوش، الذي نال نفس الجائزة عام 2006.

وقبل السينما البريطانية، سبق لمهرجان مراكش أن كرّم العديد من المدارس السينمائية العالمية، مثل السينما الإسبانية، في دورة 2005، والإيطالية، في دورة 2006، والمصرية، في دورة 2007.

ويكرّم المهرجان المغربي المخرج الروسي أندري كونشالوفسكي، من خلال تقديم سبعة من أفضل أفلامه هي «حكاية أسية كلايتشينا» (1967)، و«عش النبلاء» (1969)، و«الخال فانيا» (1970)، و«سيبريادة» (1978)، و«دائرة الحميمين» (1991)، و«منزل المجانين» (2002)، و«كلوس» (2007).

وتحت عنوان «50 عاماً من السينما المغربية»، يحتفي المهرجان بتجربة المخرج المغربي الراحل محمد عصفور، الذي يعتبر فيلمه «الابن العاق» (1958) أول الأفلام الطويلة، التي فتحت الباب أمام المبدعين المغاربة لركوب مغامرة الفن السابع. وبعد أن كرم المهرجان المغربي المخرج المصري والعالمي الراحل يوسف شاهين، حيا، خلال الدورة الرابعة من المهرجان، ستشكل دورة هذا العام مناسبة لتكريمه، بعد أشهر من رحيله، من خلال عرض سبعة من بين أفضل أفلامه، التي طبعت تاريخ السينما العربية بشكل عام، والمصرية بشكل خاص، وهي «باب الحديد» (1958) و«الأرض» (1969) و«العصفور» (1973) و«إسكندرية ليه» (1978) و«حدوتة مصرية» (1982) و«المصير» (1997) و«إسكندرية نيويورك» (2004).

وسيرأس المخرج والمنتج الأميركي باري ليفنسون لجنة التحكيم، التي تتكون من الممثل الألماني سيباستيان كوش، والممثل البرتغالي جواكيم دي ألميدا، والمخرج الإنجليزي هيو هدسون، والممثلة الإيطالية كاترينا مورينو، والمخرج الإسباني أغوستو فيارونغا، والممثلة الفرنسية ناتاشا ريغنييه، وأستاذة الأدب والفنون المغربية غيثة الخياط، والكاتبة الغينية ـ السنغالية، مريامة باري.

وينتظر أن توزع في حفل الاختتام أربع جوائز، هي «النجمة الذهبية» (الجائزة الكبرى)، و«جائزة لجنة التحكيم»، و«جائزة أفضل دور رجالي»، و«جائزة أفضل دور نسائي».